أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحمّار - من أجل إحداث وزارة للشؤون اللغوية














المزيد.....


من أجل إحداث وزارة للشؤون اللغوية


محمد الحمّار

الحوار المتمدن-العدد: 3921 - 2012 / 11 / 24 - 00:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بلغة السياسة قيل لنا إنّ "الخلافة السادسة" (مقولة رئيس الحكومة الشهيرة) لا تعني "الخلافة السادسة". وبلغة الجغرافيا كاد المبحرون على أمواج المواقع الاجتماعية يصدقون ما قاله بعضهم محاكاةً لمنطق وزير خارجيتنا أنّ " تونس هي البلد الذي يأوي أكثر عدد من التونسيين". أما من خلال لغة "المجلس الوطني التأسيسي" فنكاد نؤمن أنّ فعل "أسس" لم يعد يعني نفسه وإنما أضحى يعني كل شيء عدا التأسيس. هكذا ربما سيأتي اليوم الذي ستكون فيه عبارتا "ديكتاتورية" و "ديمقراطية" مترادفتين. أو لعلنا نعيش ذلك فعليا الآن. فما أصل المشكلة وما العمل؟

إذا أضفنا إلى زلات اللسان الرئاسية والحكومية، وإلى الإنشاءات اللغوية الصادرة على لسان رموز الترويكا الحاكمة، سلسلة التسويفات الوزارية التي تمس جُل القطاعات الحساسة من تشغيل وتربية وصحة واقتصاد، سوف تكون العصارة غير بعيدة عن مدلول جُملٍ أو عناوين مثل "ليس التشغيل من مشمولات وزارة التشغيل" و "جني الزيتون عمل صالح لحاملي الشهادات العليا"، سنفهم أنّ هذه التناقضات ليست كلامية فحسب وإنما هي حقيقية ومتعلقة بالعقل الباطني لأصحابها وبالتأكيد للمجتمع الذي أفرزها.

ولو بحثنا على سبب هذه العلة لوجدناه بسرعة مذهلة: هل كان بالإمكان أن ننتظر نتيجة مغايرة لهذه النتيجة المعتلة لمّا نعلم أننا كلنا فسحنا المجال للنخبة السياسية بأن تستدرج شعبا مسلما لأن يقبل، إن بصفة مباشرة أم غير مباشرة، أن يُحكم بعنوان الإسلام لكأنه لم يكن مسلما؟ فمَثلُ ذلك مَثل من يقول لأخيه أو لجاره "صباح الخير" مرارا وتكرارا فيثير بذلك تعجبه ثم ملله ثم غضبه لأنّ صاحبه ردّ عليه السلام ولم يعد هنالك داعيا للتكرار، مما قد يتسبب في شجار بينهما، أو كمثل من يقول للأرض "دوري" وللمُغني "غنِّ". في ضوء هذا نفهم أنّ المعنى المنطوي في "وزارة التشغيل لا تعنى بالتشغيل" استنساخ لـ"إسلام التونسيين ليس إسلاما" وهكذا دواليك.

حببنا أم كرهنا نحن التونسيون، ككل العرب، كائنات ثقافية إسلامية فضلا عن كوننا، ككل البشر، كائنات لغوية. ومن سوء حظنا أننا منذ تاريخ الترخيص للحزب الديني (حركة "النهضة") بالوجود وبالنشاط العلني، بات العقل اللغوي فينا يحمل لوحده وزر نفسه ووزر العقل الديني في ذات الوقت. ذلك أنّ العلاقة الوطيدة بين الإسلام واللغة (العربية) لم تعد محل تشكيك. وبالتالي كأني بنا لم نكتفِ بمشكلات مثل الازدواجية اللغوية، والتجاذب الوحشي بين اللغة العربية الفصحى واللهجة العامية، والتجاذبات الخطيرة في داخل فضائنا اللغوي بين اللغات الأجنبية في ما بينها، وبينها وبين العربية، فأثقلنا كاهل الكيان اللغوي بمشكلات ذات طبيعة دينية حتى صار العبء اللغوي عبأين اثنين.

في هاته الحالة هل من مخرجٍ للاختلال الفكري والسياسي والتواصلي الذي فضحه الأداء اللغوي المرتبك غير مجاراة المشكلة وذلك بمواجهتها على الجبهة اللغوية ومغادرة الجبهة الإسلامية عن طواعية ابتغاء تحريرها من تجاذبات وضغوط شتى؟ قد تكون هذه فرصة للعود إلى قواعدنا سالمين وذلك لأنّ الواجهة اللغوية تتمتع في الآن ذاته بامتيازات ثلاثة مقارنة بالواجهة الدينية:

أ. التعبيرعن الديني مضمون في اللغة.
ب. القداسة اللغوية نسبية وبالتالي فاللغة تخضع للتجربة الممنهَجة أكثر مما يفعله الدين.
ج. للغة علمٌ حديث (الألسنيات) يعنى بها وبتطورها وبوظائفها على عكس الدين الذي احتار علماؤه المعاصرون في تأصيله في العصر الحديث. إذن قد يكون الجهاز اللغوي أداة فعالة لإدارة التديّن وبالتالي لإدارة الحياة العمومية للمتدينين، فضلا عن كونها أثبتت جدارتها بإدارة حياة البشر كافة بصرف النظر عن العامل الديني.

بكلام آخر، لمّا تشتغل اللغة سويّا فكل شيء سيشتغل سويّا بما في ذلك التديّن بالإسلام (وبغير الإسلام). فاللغة عُرفت منذ القِدَم بأنها فقط أداة للتخاطب وللتواصل. ثم في العصر الحديث صارت تعتبر أيضا فكرا أي موقفا وسلوكا. وليس هنالك ما يمنع اللغة اليوم من أن تصبح أداة إدارية. من هذا المنطلق نعتقد أنّ إحداث وزارة للشؤون اللغوية في بلدنا، وفي كل بلد عربي آخر، سيكون له أثر محمود على السياسة الكبرى للبلاد وللوطن العربي كافة إن لم نقل سيكون للوزارة دور الريادة في تسيير شؤون العباد تضاهي أو تفوق في الخطورة وفي النجاعة دور الوزارة الأولى. على أية حال نرجو أن لا تكون "وزارة اللغة" زلة لسان أو لغوا.




#محمد_الحمّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل وحّدتنا صواريخ غزة؟
- الجبهة والتحالف في تونس: قطب ثالث بلا منهاج؟
- مشهدٌ من الوفاق ولا العيش 23 سنة أخرى في الأنفاق
- اعطوا الشباب مشروعيةً يعطيكم ثورة حقيقية
- جبهة شعبية دون تطبيع العلاقة مع الدين؟
- الله رب (النهضة) وربنا جميعا
- ما البديل عن أسلمة المجتمع؟
- ألاَ تجوز النظرية المادية في الإسلام؟
- هل نحن مجتمع ضال؟
- الشرط الأساس ليجتازَ اليسارُ خط التماس
- أنا سني غير معتزلي إذن أنا أفكر
- أيُشترط أن نكون معتزلة لنقدّم العقل على النص؟
- أضعف الإيمان أن نستردّ مكانة الحيوان الناطق
- لو لم تكن الديمقراطية، هل تكون الخلافة الحرة؟
- -النهضة- و صورة المسلم الأبله
- المطلوب تجفيف ينابيع الهيمنة الغربية على الوطن العربي
- الحالة المدنية: مواطن
- النخب خارجة عن موضوع الثورة، والتجديد الديني ضرورة تاريخية
- هل مثقفونا عربإسلاميون أم مستقطَبون؟
- شباب تونس نحو البديل السياسي للعالم الجديد


المزيد.....




- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحمّار - من أجل إحداث وزارة للشؤون اللغوية