عامر هشام الصفّار
الحوار المتمدن-العدد: 3920 - 2012 / 11 / 23 - 14:50
المحور:
الادب والفن
يوميات طبيب: قصتان قصيرتان جدا
أزرقاق:
الأن بدأت الساعة تقترب من التاسعة صباحا. رنّ هاتفي الجوال واذا بالممرضة الشابة سارة على الخط.
- دكتور..هل تتذكر السيد توماس جيفرسون؟
- تفضلي يا سارة
- توماس ليس على ما يرام..يضيق تنفسه وضغطه بدأ ينخفض.
كنت قد تحدثت مع أبنة السيد توماس قبل يومين حيث قدمت لزيارته في المستشفى من كندا. يا ترى ماذا حدث اليوم؟.
بعد قليل كنت قرب مريضي، أسمع أصواتا مزعجة يصدرها صدره أينما وضعت سماعتي، في حين راحت أطراف أصابعه تتلون بالأزرق الباهت دلالة أنخفاض مستوى الأوكسجين عنده.
مثل طير جريح سقط من أعالي السماء، يفتح مريضي عينيه ويغلقهما، كأنه يسألني هل هي النهاية؟ سؤال أراه على وجوه الجميع هنا في الردهة..بعد ساعة رحت فيها أزرقه بكل ما عندي من أدوية، وأضع قناع الأوكسجين على وجهه، سمعته يسأل زوجته وأبتسامة خفيفة على محياه: هذا طبيبي لا زال هنا، لِمَ لا يذهب ليرتاح؟!.
ضمور دماغ
دخلت ردهة المستشفى في العاشرة صباحا هذا اليوم. كنت قبل ساعة قد زرت مريضا في بيته مقعدا، ووصفت له مضادا حيويا لألتهاب الرئة. السيدة مورين مريضة جديدة في الردهة، تذهب وتجيء لابسة ثوبها الأخضر الجديد، وحاملة حقيبتها النسائية وكأنها ستذهب لموعد مع حبيب. مورين تريد أن تخرج من المستشفى، والممرضة جاكلين معها، تهدّأ من روعها وتطلب المساعدة في أبقائها في ردهة الطابق الخامس في المستشفى. في الخارج كانت الغيوم محمّلة بمطر ينتظره الجميع، وبرق ثم رعد سمعته من بعيد.
رحت اسأل مورين : سيدتي ما أسمك؟
لم تجبني، حاولتْ ولم تفلح . ما هو تاريخ الولادة؟ هل لك أن تطرحي 7 من 100 سيدتي مورين .. هل أجهدتك؟
عندما زارني صديقي البروفسور كان أول سؤال له عن مريضتي وضمور الدماغ والخرف عندها وخطتي للعلاج. تضحك مورين من بعيد وهي تذكّرنا جميعا أنها تنتظر عزيزا عليها على موعد للعشاء وأنها ستخرج من هذا السجن شئنا أم أبينا. المطر يهطل الآن وصوت الرعد يملأ المكان
#عامر_هشام_الصفّار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟