|
الظواهر الدينيّة حاضرة بقوّة في التاريخ..!
سنان أحمد حقّي
الحوار المتمدن-العدد: 3920 - 2012 / 11 / 23 - 12:46
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الظواهر الدينيّة حاضرة بقوّة في التاريخ..! ردٌّ على تعقيب الأستاذ حميد كركوكي المحترم إن أهم مميّزات المفكّر الماركسي أنه مفكّر واقعي وواقعيّته هي نتاج أحد خواصّه الأساسيّة وهي الموضوعيّة وهما أي الواقعيّة والموضوعيّة معا ناتج إيمانه بأولويّة المادّة و تعني في الأدب الماركسي كما ذكرنا مرارا كلّ ما هو خارج وعينا ومستقلّ عن إرادتنا وحيث أن مبحث السياسي الأساسي هي العلوم الإجتماعيّة كعلم الإجتماع والإقتصاد والتاريخ والفلسفة فضلا عن الفنون والآداب والقانون والبنى الفوقيّة على اختلافها فإن ما يُعرف بالماديّة التاريخيّة ( بتصويب من الأستاذ جاسم الزيرجاوي في مناسبة سابقة وجدت أن التسمية الصحيحة هي التاريخيّة الجدليّة لأن التاريخ هو مادّة الباحث في العلوم الإجتماعيّة بدلا عن المادّة بمعنى أولويات العلوم الطبيعيّة وعلى النهج الجدلي) ولذلك فإنه يتحتّم على الباحث العلمي عندما يتناول مكونات المجتمع عبر التاريخ أن لا يُهمل شيئا من تلك المكونات بقصد، خصوصا قبل أن يُهمل بغير قصد فالعالم عندما ينظر إلى طاولة المختبر ويجد أمامه عشرين متغيّرا فإنه لا يجوز له أن يحذف جزافا بعضها أو حتّى واحدةً منها وإلاّ أصبح بحثه يُثير السخرية والتندّر ( كالذي يعمل على إصلاح المكائن ويستخرج نصف مكونات الماكنة بادّعاء منه أنها فائضة عن الحاجة) أستاذنا العزيز إن أي قارئ للتاريخ البشري يجد ببساطة أن الظواهر الدينيّة صاحبت كافة مراحل التاريخ الإنساني منذ الخليقة أو بالتحديد منذ ظهور الإنسان على حد علمنا ومنذ بدء التاريخ بالتأكيد وسبق وأن كانت اهم محرّكات المسار التاريخي على عموم سطح الكرة الأرضيّة وبأشكال متنوّعة ومتغيّرة وأن حذف هذه الظواهر جملة وتفصيلا وإلغائها من البحث والدراسة لا يمت إلى الواقعيّة ولا إلى الموضوعيّة بصلة ٍ البتّة ، ولو إلتمسنا العذر للمفكر والفيلسوف العبقري كارل ماركس في إقتصاره على البحث في المجتمع الأوربّي في ظل العهد الصناعي أو أوج التطور الصناعي فإن تاريخ العالم برمّته ما يزال يضجّ بمختلف الحركات الدينيّة العلنيّة والسريّة وأما التي يغلي أوارها تحت الأرض فهي أضعاف مضاعفة لما فوقها ولم يحدث بعدُ و أن إنزوت تلك الظواهر في زوايا جانبيّة من التاريخ لكي نعتبر أن أهميتها ضئيلة ولا تُذكر وكلّما خبا أوارها عادت لكي تستعر مرّة أخرى وفي مختلف بقاع العالم بضمنها القارّة الأوربيّة التي لم تعد تُشكّل مركز النشاط الفكري العالمي كما كانت خلال القرون الثلاثة الماضية بسبب تضاؤل عدد سكانها واضمحلال عدد مفكريها البارزين وتضاؤل النشاط الفلسفي وتراجع إنتاجها المادّي عموما عمّا كانت عليه في القرن التاسع عشر أو الثامن عشر أو حتّى مطلع القرن العشرين. إن مهمة الإيمان من الكفر أو الإلحاد ليست هي مهمة الشيوعيين الأساسية كما وضّحنا في مضمون مقالنا أعلاه فاستشراف إمكانيّة بناء مجتمع يخلو من الإستغلال والإستعباد وإعادة توزيع الثروة والعمل بنظريّة فائض القيمة وأيلولة وسائل الإنتاج إلى العمال وغير هذا لا يتعلّق لا من قريب ولا من بعيد بالإلحاد أو الكفر والتي هي الدعاوى التي تنادي بوجود عالم آخر بعد عالمنا هذا وأن الناس سيخرجون من قبورهم مرّةً أخرى بعد أن يُصبحوا عظاما نخرةً وترابا فهذه دعاوى لا تتعلّق ببناء مجتمع يُتيح للإنسان أن يغدو منارا للعلم والتحصيل ويقضي على مآسي المرض والجوع والتخلف. إن دعوة الإشتراكيّة والشيوعيّة وجدت لها صدى في مختلف بقاع الأرض واستبشرت بها مختلف الشعوب لتتخلّص من الظلم والقهر والفقر والإحتراب والتناحرالمتواصل ، ولكن أقطاب الرأسماليّة العالميّة لم يرق لهم هذا النداء كما هو معلوم ويحدث أن يكون بين المجتمعات الأوربية والشرقيّة ولا سيما الشرق الإسلامي جدار قوي وصلب يُشكّل حاجزا عقائديّا جرّب الغربيون إختراقه بكل الوسائل ومنها النزاعات المسلحة ألاّ أنهم لم يُفلحوا كلّيّا بما يُملي إرادتهم عليها وفي حقبة محددة وجدوا أن نظريات الإشتراكية والشيوعية تجد صدى واسعا وتتغلغل بقوّة في الشرق بسبب الظلم والقهر الإجتماعي وبسبب التخلف متعدّد الأشكال فألصقوا على وجه عملتها الآخر أهدافا ليست من مهامها الأساسيّة وهو الإلحاد فإن لم تُفلح الشيوعيّة فإن الإلحاد سيُفلح أو يُفلحا معاً وغاية عدد من الدعاة التبشيريّين أن يُخرجوا الناس من أديانهم حسب. إن المبادئ الإشتراكيّة والشيوعيّة مبادئ إجتماعيّة إقتصادية تتعلق كما قلنا بتوزيع الثروة وتطبيق نظرية فائض القيمة وحق الشغيلة في تملّك وسائل الإنتاج بهدف توفير العيش الكريم واللائق للمواطنين فما علاقة هذا كلّه بيومٍ يخرج الناس فيه من الأجداث ينسلون؟ فمن يؤمن بهذا اليوم ومن لا يؤمن عندما يرتضون النظام الجديد فإنهم لا أثر لهم في المسيرة التاريخيّة من حيث هذا الجانب ، بل أن كثيرا من المؤمنين قد يُصبح لهم تأثير إيجابي لأنهم تلقّوا تعاليم صارمة ويتحلّون بانضباط عالي أو بتعظيم شأن التضحية في سبيل المجموع وما إلى ذلك مما هو ضروري لبناء المرحلة الجديدة أستاذنا العزيز لقد كتب كثير من الشيوعيين البارزين في موضوعة (الدين أفيون الشعوب ) وكيف أنها صيغت بشكل بعيد عمّا كان ماركس يعنيه ومن هؤلاء سكرتير الحزب الشيوعي العراقي الحالي نفسه الدكتور حميد مجيد موسى وغيره كثير وفي مقالنا المتقدّم أوضحنا جانبا مهما من توضيح معنى الدين في هذه العبارة من حيث ممارسته لبيع صكوك الغفران أو من حيث كونه شكل من أشكال الدين الآخرالذي تُمارسه بعض أطراف الكنيسة في أوربا ومن حيث كونها أحد أرباب العمل الرئيسيين وملاّكي الأرض المباشرين كما لم يتبيّن لأحد أن ماركس كان قد قدّم بحثا مهما في هذا المجال بل ربما كان يجد أن الدين مبحث منفصل عن بحوثه في رأس المال والإقتصاد ماعدا جوانب محدودة أوصى فيها بنقد الأديان وهذا أمر مشروع وعلى المفكرين أن يُمارسوه باعتبار الظواهر الدينيّة ظواهر موضوعيّة أو واقعيّة أي موجودة وحاضرة بقوّة في التاريخ الإنساني ولكن ربما صاحبها كثير من الخرافات والأساطير كشأن معظم العلوم المهمة كالكيمياء التي كانت مصحوبة بكثير من الخرافات حتّى خرجت الكيمياء من معطف السيمياء على أيدي العلماء المعاصرين. أرجو مخلصا أن تتقبّلوا وافر تقديري واحترامي
#سنان_أحمد_حقّي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عودةٌ إلى الشيوعيّة والأديان..!
-
نعم ، لي فيها ألف ناقةٍ وألف جمل..!
-
كيف يتم تطبيق الشريعة؟
-
وعاءُ العقل والعلم و وعاء العمل ..!
-
إسلاموفوبيا..!؟
-
منتجوا الثقافة ، نُقّادا..!؟
-
ترجمة جديدة لقصيدة لوركا - الزوجة الخائنة -
-
ماركسيون وعلمانيون ..لا تبشيريون..!
-
قصيدتان في المطر..!
-
ومن -الحلول- السهلة ما قتل..!
-
نظريّة الفوضى توطئة مترجمة عن الإنكليزيّة ***
-
أكلُّ من أمسكَ بالدفّ هو المغنّي..!
-
هل قُتلوا بالصعقة الكهربائيّة؟
-
وجاءت جرادةٌ وأخذت حبّةًً ً وخرجت..! *
-
(فار التنّورُ) بين البيان وبين الصرف وعلم الإشتقاق..!
-
قولٌ في الفصاحة..!
-
بين عصرالمسرح وعصرالطابعة 3D..!
-
هل يوجد فكرٌ يساريٌ إصلاحيّ..؟
-
شكلُ الحريّة..لونُ الحرّيّهْ..!
-
إلى ذات التنورة النيليّة والسماء الزرقاء..!
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|