أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد مصارع. - الاهتراء















المزيد.....


الاهتراء


احمد مصارع.

الحوار المتمدن-العدد: 1134 - 2005 / 3 / 11 - 10:12
المحور: الادب والفن
    


كلما افترقنا تواعدنا على اللقاء .
- سنلتقي غداً في الحديقة وقت الضحى .
نمت قليلاً وصحوت ، كانت كمية الضوء الساطع تمنعني من مواصلة النوم لماذا يضحك هذا الصباح الربيعي ؟ ! شمسه تتلألؤ مخترقة ٌ غمض العيون كيف أنام وعيوني الناعسة تهبجها أنوار منعكسة على مرايا البحيرة الفراتية .
فمن غير المعقول أن تكون زقزقة العصافير ذات الصوت الساحر والشجي تواطئت هذه المرة مع ضحكات الضوء ، فالطيور تصادق الظلال الراقصة بين الأشجار الخضراء ، ربما كانت النسمات العليلة مع الدفء الهارب من برودة الليل ، خدعت الطيور ، فراحت تطلق زقزقات شرسة للغاية ...
( غريبٌ هذا التواصل والانسجام بيني وبين الطبيعة ! .... )
- دعوني أنام .... فالوقت فجر ...
-لن تنام وأنت على سطح المنزل ، اترك هذا المكان ..
- نم في غرفة مغلقة لوحدك فنحن قد صحونا ...
صرخت بقلبي – أطفال ... انتم أطفال ، ولاسبيل ! . .
كيف تفهمون ؟ ! بأي لغة ؟ ! ...
وهجرت الفراش لاعناً تلك الساعة واللحظة التي جمعتننا معاً الضوء والعصافير والنسمة الربيعية .
قررت الصحو رغم المسافة البعيدة التي تفصلني عن الضحى .
بين الرفض والأمر الواقع قررت الذهاب إلى الحديقة ،
نظرت ساخطاً فيما حولي ، فالكل ينام ، مررت بالمطبخ المهجور وغامرني شعورٌ باليأس .
- أيُّ شاي ؟ ! أيُّ قهوة ؟ في هذا الزمن الباكر ... ؟
رددت في حنجرتي كلمات ، كالآلة التي تعمل لوحدها
الحقيقة في الحديقة ،الحديقة فيها الحقيقة .
لافرق بين الساعة ، والدقيقة ..
لم تزل تصفعني الحيرة حتى تفاجأت بلقاء صديقي وهكذا التقينا في وسط الحديقة ، كنا اختلفنا في النقاش ليلة أمـــــــس ، ولكننا تلاقينا في صباح ٍ مبكرٍ ضاحكٍ منا .. أو علينا ...
بينما تواعدنا وقت الضحى ... !
لقد دخلت إلى الحديقة كما لوكنت قد تلقيت مجموعة من الصفعات ومن الباب الغربي ، بينما كان هو قد جاء من الباب الشرقي فكيف تصادف لقاؤنا في منتصف الحديقة عند نافورة الماء العريضة ، كنا نضحك حين إلتقينا .
لا أحد منا سأل الآخر عن موعد اللقاء ،
لماذا نهضنا باكرا ولم نشبع نوما.
سحبنا علب السجائر ، قدحنا الولاعات بدأنا نقصف المكان بزوابع الدخان وابتدأنا النقاش والحوار من حيث انتهينا :
- أنت قلت بأنَّ الأسلوب ، النكهة والمذاق في الكتابة لاتكون إلا َّ مع النص الأوَّل وأنت في هذا تركز كثيراً على الشخصية الفطرية الأولى وفي الفن صناعه ... لابد من إعادة الكتابة .. النص العفوي ضعيف ..
تذكرت انزعاجي من ضوء الشمس الباهر ، وحدة زقزقة العصافير ورقة النسمة الربيعية وصحت بصوتٍ عال
- اعتبرني يا صديقي لم أقل هذا ...
أجابني مستغرباً ثم مبتسماً .
- ليس هذا من عاداتك في الحوار .
ثم سألته بشكل يبعث على الحيرة .
- صديقي .. هل من عادتي الصحو المبكر ؟ ...
صمت .. ...........
ثم أردفت :
- هل تواعدنا على اللقاء فجراً أم وقت الصخى ...
تأملني أتحدث إليه كما لو كنت نائماً وأصغي إليَّ حين قلت
- لكل نهار شخصيته المميزة ياصديقي .
هل شمس اليوم مثل شمس الأمس
- لا ........
- هل ظلال الأشجار اليوم في الحديقة مثل ظلال الأمس
- لا ........
والعصافير ياصديقي ...... والنسمة ..........
- كل شيء يجري ويتغير ياصديقي أحمد
- يا أخي محمد ...... سيبقي النص الأول ...... كالحب الأول .........
كالميلاد الأول .... كـ ... كـ ......
التدخين والحوار لساعات طويلة على الخواء ورقة الهواء وطراوة الصباح ، كلها مجتمعة تقض مضاجع الجوع ، الجوع المنسي ، وحين تحرك لم تعد مرارة التدخين وحدها تكفي للنسيان .
- أليس المشي أفضل ... ؟ يا أحمد
بكل تأكيد ياصديقي محمد .... لولا أن الحقيقة في الحديقة
- خارج الحديقة أحس بشيء ناقص .... لا أدري ما هو ؟
- ألسنا أبناءً للطبيعة ! !
- ......
تمشينا في حارات المدينة وفجأة رأيت شيئاً يستحق التنبيه .
- انظر ... انظر للأعلى .
هتف – ياإلاهي ... هذه أضخم شجرة توت رأيتها منذ بدء حياتي قلت له متحيراً .
- إنها ليست شجرة واحدة ...
أجاب على الفور – إنها واحدة
قلت – انظر التوت من عدة ألوان
أحمر وأسود ، وأبيض وأصفر ....
- غريب .... ! ...
سألته – ما وراء هذا السور الساهق يا محمد ......
أنت خبير بالبلدة ..
أجاب العرافة :
- أظنها خرابه .... خرابه يملكها أيتام .
قلت ضاحكاً
- أخي محمد ، ألسنا أضيع من الأيتام على مأدبة اللئام
أجاب بثقة – بلى والله ....
قلت – هل ندع هذه الشجرة تعيش بسلام ؟ ...
قال - لنفكر ، فأهلها بعنيزة ونحن في الديلم ..
قلت بسرعة – لنقصفها ؟
أجاب هو الآخر – بمه ؟ ......
قبل أن ينتبه لما عنيته بالقصف بالنعال ، كانت إحدى نعالي ترتفع بعيداً لتسقط خلف السور ولم تتساقط علينا أيُّ حبة توت ، وألقيت بالثاني فعلق ما بين الأغصان ولم يعد يرى ، وكنت قد أصبحت الحافي الأول ، وبينما غضب صديقي لغضبتي ، راح نعلاه يختفيان في ومضه وراء الجدار فأضحينا حفاةً معاً .
غلت الدماء في عروقه فاندفع نحو الجدار ليتسلقه وخلال لحظات كان يقف منتصباً شامخاً فوقه .
قلت في نفسي - سنسترد أحذيتنا وسنشبع من التوت الملون وفجأة قذف صديقي نفسه من أعلى الجدار ، حطَّ كالطائر هاتفاً بي .
- لنهرب ... أسرع .... لنختبئ ..
عبرنا عدة حارات بسرعة فائقة ، ركضنا مع الجوع حفاة فوق الحصى والتراب وتوقفنا نسترد الأنفاس .
وبعد صمت قلت – خيراً أخي محمد ..... !
أجاب - اللعنة على الجسارة ، والثقافة ، والأدب وقلة الأدب .
سألته – مالعلاقة بين الاثنين ؟
قال – كل العلاقة لو رأيت ما رأيتْ .
قلت – أخبرني ..
قال – يا أخي ، كانت امرأة وطفلتها الصغيرة ، رأتني الصغيرة وصرخت مفجوعة .
- أماه انظري إلى الولد يتعربش على الجدار .
وقبل أن تراني الأم ، كنا معاً هنا .
قلت مشجعاً له .
- أحسنت يا صديقي .
وتركته يستجمع أنفاسه من الجري .
بعد قليل قال
- يا أخي .... امرأة وأطفال يتامى ونعالنا الصفيقة ..
شيء لا يحتمل .
اختلفت فيما مضى كثيراً مع أخي محمد ، إلاَّ أنني هذه المرة .
أتفق معه أكثر فالرجل الفارس لاينبغي أن يراه الناس
مثل الصعلوك .... تحركه غريزة الجوع والحفاء ... حتى لو كان التوت شهياً والجوع مريراً ...
توت ملون ... أو عادي لا يهم ...
الطبيعة مازالت خلابة ، ساحرة ، حين توادعنا على أن نلتقي مساءً ، افترقنا جياعاً وحفاة .
قد نشبع من الطعام بينما شهيتنا للكلام لم تنته بعد
احمد مصارع.
الرقة- ( مجموعة قصصية: ارهاصات مربعه )



#احمد_مصارع. (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فنان أمريكي يتهم الولايات المتحدة وإسرائيل بتنفيذ إبادة جماع ...
- -الناقد الأكثر عدوانية للإسلام في التاريخ-.. من هو السعودي ا ...
- الفنان جمال سليمان يوجه دعوة للسوريين ويعلق على أنباء نيته ا ...
- الأمم المتحدة: نطالب الدول بعدم التعاطي مع الروايات الإسرائي ...
- -تسجيلات- بولص آدم.. تاريخ جيل عراقي بين مدينتين
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- السكك الحديدية الأوكرانية تزيل اللغة الروسية من تذاكر القطار ...
- مهرجان -بين ثقافتين- .. انعكاس لجلسة محمد بن سلمان والسوداني ...
- تردد قناة عمو يزيد الجديد 2025 بعد اخر تحديث من ادارة القناة ...
- “Siyah Kalp“ مسلسل قلب اسود الحلقة 14 مترجمة بجودة عالية قصة ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد مصارع. - الاهتراء