|
النعاج
نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 3915 - 2012 / 11 / 18 - 10:39
المحور:
كتابات ساخرة
لم يجد الوزير القطري حمد بن جاسم أفضل من لفظة النعاج لوصف زملائه، وزراء الخارجية العرب، الذين هبوا وتقاطروا من كل فج عميق، ومن كل حدب وصوب، لنصرة "أهلهم" و"أشقائهم" المستوطنين وللطلب من المقاومين الفلسطينيين وقف إطلاق الصواريخ ضد "الشقيقة" إسرائيل، التي تسعى قريباً لدخول المنظمة الإقليمية، (وهكذا سيكون اسمها وتصنيفها في الشرق الأوسط الجديد)، المسماة بالجامعة العربية. وفي الحقيقة، لا أخفيكم إعجابي الكبير ببراغماتية السيد الوزير القطري حمد بن جاسم، الذي عودنا دائما على الصراحة في مثل هذه المواقف المفصلية، والرسمية وعلى هذه المستويات الرفيعة، وتبيان حقيقة وواقع هؤلاء الذي يطلق عليهم اسم وزراء الخارجية العرب، ولا يترك مناسبة إلا ويفضح فيها سياسة العرب، وتخاذلهم وعمالتهم، وارتهانهم للقرار والمشيئة الغربية والصهيونية.
ومن اللافت جداً، أن الوزراء العرب "النعاج" قد بلعوا الإهانة الجماعية من الوزير القطري، وتغافلوا عنها، وتجاوزوها واستكانوا لها، ولم ينبس أي منهم ببنت شفا، بل صمتوا وكأن شيئاً لم يحدث، أي بالمصري: "ودن من طين وودن من عجين". لكن صفق له، وعلى نحو لافت، كثيراً وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور، في رمزية وشماتة وتشف ملحوظ ولا يخطئ، وقد ركـّزت الكاميرات، مطولاً، على تصفيقه الحار واليتيم الذي أحجم عنه بقية الوزراء في رسالة بليغة تؤكد أن الإهانة قد وصلت وفهمت جيداً، لكن ما باليد حيلة على ما يبدو. ولا أعتقد، البتة، أن الوزراء المساكين، قد أتوا لهذا الاجتماع، إلا كي يقول لهم أحد ما، بأنهم مجرد نعاج، ليس إلا، ليبرر لهم قصر ذات يدهم. وليس أشق على المرء العادي والبسيط من أن يجد من يقول له ويصفه بالنعجة، وهو لفظ فيه الكثير من الإذلال، كتعبير عن الطاعة، والخنوع وافتقاد الإرادة والمشيئة والقرار، فما بالك إذا كان هذا "المرء" وزيراً للخارجية "قد الدنيا"، يجد نفسه يـُستـَنـْعـِج، ويـُقرّع، في اجتماع وزاري منقول، على الهواء، إلى أربع رياح الأرض.
ولكن ومع الاحترام للوزير القطري، ومع الإقرار بوجود نعاج وأرانب وخراف كثيرة في مجلس الجامعة، وفي الكثير من الهيئات الرسمية العربية، لكن لم يكن هؤلاء الوزراء نعاجاً البتة في ملفات الأخوة، والأشقاء في سوريا، وليبيا، واليمن، بل كانوا كواسر ضارية مرعبة، وذئاباً جائعة متوحشة لنهش اللحم الأخوي، وطلبوا تجييش الجيوش، وإدخال الجنود، واحتلال الأوطان، وذهبوا لباريس وروما ولندن وواشنطن لطلب تدخل الناتو العسكري والفتك بالشقيق، وكانوا سباعاً مخيفة سائبة ترغي وتزبد في المحافل الدولية وترفع الصوت والعقيرة عالياً، وتقرع طبول الحرب، وتبشر بالويل الثبور وعظائم الأمور. هم نعاج في مكان، وأسود وضوار في مقام آخر، وكله رضاء واسترضاء للسيد الصهيوني وما يراه.
أكرر، وبصراحة، تعجبني صراحة وبراغماتية الوزير القطري حمد بن جاسم، الذي يفضح هؤلاء النعاج، دائماً، في كل محفل ومجلس ولا يتواني عن وصفهم بأقذع الألفاظ، وأقول : حياك الله، وإلى مزيد من فضح وتوبيخ وتقريه هذه النعاج المستكينة. وبعد فضحه لفلسفة التسول، والتوسل، التي وصف بها في وقت سابق حال "النعاج"، وللتعبير عن واقع العرب أمام أمريكا وإسرائيل، ها هو يفضح لنا منهج التنعيج الذي يسير عليه العرب في سياساتهم المزدوجة، ويقترحه على العرب كسياسية معتمدة أمام إسرائيل، لكنهم ذئاب فيما بين بعضهم البعض. ذئاب على سوريا، وعلى ليبيا، وعلى اليمن، وعلى الشعوب المقهورة والمنكوبة، وهنا لا أدري ماذا يقول هؤلاء النعاج، في الآية التالية، وهم من يرفع راية التأسلم، والتدين، وتمثيل الهو على الأرض، ولماذا يصرون على الظهور في مظهر النعاج، فيما يطلب منهم القرآن، وسنة نبيه عكس ذلك؟ "مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا". (سورة الفتح 29).
ختاماً ماذا نتوقع، كمواطنين بسطاء، من "شوية" أرانب ونعاج؟
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ربيع العرب: صراع الهمجيات الأصولية
-
حصة ثقافة قومية: غزوة بلاد الشام
-
خواطر متمردة
-
بالسكتة الكلينتونية: وفاة مجلس الكرازايات السوري
-
تركيا: الحمق الاستراتيجي وصفر مكاسب
-
هل يستحق وسام الحسن كل هذا الرثاء؟
-
سياسات سورية كارثية
-
وسام الحسن: جاييكم الدور
-
سوريا: كيماوي وعنقودي
-
تعقيباً على مقال ابي حسن: الاحتلال الأعلامي اللبناني
-
إلى من يهمه الأمر: توضيحات لا بد منها
-
الاخوان المسلمون: يا فرحة ما تمت
-
ماذا وراء التصعيد التركي؟
-
اعترافات ميشيل كيلو
-
خيبة الإخوان
-
القيادة القطرية نائمة، لعن الله من أيقظها
-
سوريا: لماذا لا يكون منصب المحافظ انتخابياً؟
-
-تفنيش- الجيش الحر
-
هل تفلح قوات الردع العربية فيما فشل فيه الجيش الحر؟
-
النكاح هو الحل
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|