أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - هوامش أولية في جينيالوجيا الكتابة














المزيد.....

هوامش أولية في جينيالوجيا الكتابة


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 3909 - 2012 / 11 / 12 - 21:17
المحور: الادب والفن
    


ان انتقال الكتابة من مجال الى آخر هو انتقال، بالضرورة، من عصر الى آخر ، ;ومن حالة الى أخرى ، وفي خضم هذا الانتقال تتم انتقالات لا حصر لها داخلنا، سواء وعينا بذلك أم لم نع .
ان الانتقال من الكتابة على الصخور ولحاء الشجر الى الكتابة على أوراق البردي وجلد بعض الحيوان ، جعل الانسان ينتقل من طور الكتابة المتوحشة والمتنقلة ،الى الكتابة الحميمية والمستقرة ، وعندما انتقل الى الكتابة على الورق كان ذلك انتقالا الى الأنسنة والتدوين ، فالورق أصبح أكثر أمانة من الحجر ووريقات البردي ، كما أن تقليص حجم أداة الكتابة من الحجر الحاد الى ريش الطيور أو القصب الغليظ ، الى ريش الديوك ، والى القصب الدقيق بما تتطلبه حجم الورقة ، ادخل الانسان في طور جديد ، هو ما يمكن أن نسميه طور الامتلاك . اذ كلما صغرت أدوات اشتغالنا ، كلما أحسسنا بامتلاكنا اياها أكثر ,
ان مختلف هذه التطورات لعبت دورا مهما في تغيير نظرة الانسان وعلاقته بالكون ومكوناته ، فكلما تقلصت حجم أدوات الكتابة ،كلما ازداد الانسان افتتانا بذاته وقدرته وارادته , من هنا يأتيفهمنا لمقولة نيتشه حين يربط بين الكتابة وامتلاك الارادة والسلطة ،لأن الكاتب كانسان مفكر وخصب الخيال يدخل في طور جدلية العلاقة بينه وبين العالم الخارجي ، فتتغير معادلة الاستلاب الخارجي ،كذرة من ذرى الكون الى كون يحتوي كل الذرى ، ينتقل في تعامله من المحيط الأكبر الذي يحتويه الى المحيط الأصغر الذي يصير موضوع احتواء الانسان ,وبسيطرة الانسان على أدوات الكتابة ،استطاع أن يسيطر على الكون ، وبعدما كان يصدر عن الواحدية ،بدأيصدر عن التعددية ،كما هو حاصل اليوم , فتغير العلاقة بين أدوات الكتابة وبين الكاتب ، هو تغير في الدلالةوفي الرؤية ،
واذا كانت الفلسفة اليونانية وقبلها الفلسفة الفرعونية والهندية والصينية ؛اذا صح اعتبارها فلسفة من وجهة نظر ميتافيزيقة ،قد ارتبطت بالعالم الماورائي ، فان من اسباب ارتباطها بهذا العالم هو تلك العلاقة البدائية بين أدوات الكتابة والذات الكاتبة ،خاصة وأن اكتشاف الانسان لذاته وما حوله كان ما يزال في طوره الجنيني ، وشساعة العالم وغموض ظواهر الكون ،بالاضافة الى لوازم الكتابة التي كانت ضخمة ، فأوراق البردي كانت مثلا ترتب مع بعضها لتصل الى أكثر من عشر أمتار ، فيما نسميه اليوم ورقة ، ولنا أن نتصور حجم القلم وحجم الحروف والكلمات ، امام هذا السيناريو لم يكن أمام الكاتب الا أن يفكر فيما هو اكبر منه ابتداء ببحثه عن تفسير للوجود أو انتهاء في بحثه في السياسة ، ومن ثم كانت أغلب كتاباته مرتبطة بآلهة ، اذ لكل ظاهرة عظيمة آلهة ،فللريح آلهة وللبحر آلهة وللسماء آلهة ...وهكذا ، فهو لايفسر الكون والظواهر الا من منطلق الآلهة ,
ومع المسلمين الذين كان القرآن ككتاب مفسر لماهية الوجود ولعلاقة الانسان بواجد الوجود أو واجبه ،تغيرت العلاقة بين الكاتب وبين تفكيره ، خاصة وأن انتقال الكتابة من جلد الحيوان الى الورقة ،قد ساعده على تركيز فكره وعبقريته فيما هو مرتبط به ، فسؤال الله أصبح محسوما ،وبقي سؤال تثبيت سلطة الانسان في الأرض فازدهرت العلوم التي ورثها عن اليونان وأضاف علوما جديدة ومبتكرة ,
واذا كان للتاريخ مكره وثغراته التي يملأها احيانا كثيرة بعيدا عن رقابة الانسان ، اذ لم يستطع العرب والمسلمون اتمام رسالتهم ،وهذا حال الرسال الكونية ، لابد ان ينخرط الجميع في صياغتها ، وادخال التحسينات عليها، وها هي الآن تنفلت الكتابةمن اوربا ، التي استطاعت أن تغير معادلة الكتابة وسؤالها عن المعنى ،وقد كان لابتكار المطبعة دور حاسم في نقل الانسانية من طور البداوة الفكرية، _وان نشأت في المدينة ،الا انها كانت مدينة بدائية ،_ الى طور المدينة الوجودية ، ولم يعد الانسان يرضى بامتلاكه من قبل قوى مهيمنة ، خاصة وأن العلاقة بين الله والانسان أصبحت محجوزة عند بعض الانسان ، وكان لابد من ثورة جديدة تعيد للانسان ذاته وحقيقته وسلطته وقوته ,
وتغيرت بذلك كل علاقات الانسان ، وأصبح لزاما عليه قلب المعادلات القديمة ، فنحن اليوم لا نتعرف مثلا على الله انطلاقا من واحديته ،بل انطلاقا دلالة التنوع والتعدد عليه ، كما أن الانسان لم يعد مرتهنا لوحدة الكون أو واحدية القطب ، بل الكون نفسه في مفهومه القديم اصبح جزءا من كون أشمل ، لا يمكن تجاوز الانسان لمعرفته ، والا نفينا وجود هذا الانسان نفسه ,
وها نحن نزداد الآن تشظيا وتعددا ،بفعل هذا الانقلاب الذي لايزال في بدايته ،على مفهوم الكتابة وعلى تحول أدواتها التي غدت أدوات رقمية ،متجاوزة مرحلة القلم والورقة ، وقد تصل التطورات والاكتشافات القائمة حاليا ،الى بلورة نوع من الكتابة الفكرية ، وحينها ستنتقل الانسانية من طور اكثر تحكما في المجال والمآل .
ولابد هنا من الحفر على مختلف التفاعلات التي تنتجها الكتابة وأدواتها في الكاتب ، وتلك الاختراقات التي تحدثها عملية الكتابة في المشتغل عليها ، وقليلون من يستطيعون امتلاك القدرة على مطاردة انفلاتاتها وتحولاتها وامحاءاتها وجميع انحرافاتها .وهذا موضوع سنعمل على محاولة استقصاء التواءاته وتعرجاته .



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنت تعدد النساء
- الشعر والشاعر
- الشريعة الاسلامية والهوية الضائعة
- قدر نائم...
- الدستور المغربي أو التقليدانية الدستورية
- التربية السياسية والمجتمع الناضج
- عبد الله العروي وانكشاف المثقف اليساري
- هذا فراق بيني وبينك
- سوريا وخروج اللعبة من يد النظام


المزيد.....




- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - هوامش أولية في جينيالوجيا الكتابة