أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - ناشطو مناهضة العولمة في سورية - البديل- العدد-16-اذار-2005















المزيد.....



البديل- العدد-16-اذار-2005


ناشطو مناهضة العولمة في سورية

الحوار المتمدن-العدد: 1132 - 2005 / 3 / 9 - 11:48
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


أن يأتي متأخراًً....
خيرٍِِ’’من أ لا يأتي.
لم يكن اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري هو ما أثار سعار الإدارة الأمريكية ضد سورية. وليس التمديد للرئيس اللبناني أميل لحود وراء قرار مجلس الأمن رقم 1559 الذي تقدمت به الإدارتين الفرنسية والأمريكية. فالمشروع الأمريكي لإعادة ترتيب وصياغة المنطقة كمدخل لإعادة صياغة العالم وفقاً لاحتياجات رأس المال الإمبراطوري الأمريكي بدأ قبل ذلك بكثير. وإذا كان احتلال العراق شكل المدخل والبداية والاختبار لتحقيق هذا المشروع. فان المراقبين لسياسة الإدارة الأمريكية بعد احتلال العراق كانوا يتساءلون ما هي الخطوة التالية؟ ومن هي الدولة الثانية في المنطقة التي سيتمدد المشروع الأمريكي نحوها؟ وكان السؤال دائماً: أيهما قبل الأخرى سورية أم إيران؟
وإذا كان البعض يرى إن المأزق الذي وجدت الإدارة الأمريكية نفسها فيه بعد احتلال العراق سيلجم إلى حين مشروعها الإمبراطوري. فإننا كنا نرى إن المأزق العراقي سيدفع الإدارة الأمريكية إلى مزيد من العدوانية والشراسة وذلك من اجل:
• في محاولة لتغطية مأزقها في العراق.
• في محاولة( ومستفيدة من الدرس العراقي) لتحقيق نصر سريع وسهل وبأقل التكاليف الممكنة دون التورط المباشر كما حدث في العراق، يرفع من معنويات الحلفاء والمترددين.
إذا كانت المقاومة التي واجهت الغزو الأمريكي بعد سقوط بغداد وحالة الفوضى وانعدام الأمن وخسارة حوالي 2000 من جنودها والاحتجاجات الشعبية العالمية التي رافقت الغزو ولا تزال حتى حول مقر البيت الأبيض من قبل المناهضين للعولمة والحرب هي العامل الرئيس في المأزق الأمريكي فإن غياب غطاء دولي "شرعي" للغزو أضاف مأزقاً جديداً للسياسة الأمريكية.
هكذا وجدت الإدارة الأمريكية في التحول الذي طرأ على السياسة الأوروبية بشكل عام والسياسة الفرنسية بشكل خاص بعد سنة من احتلال العراق الفرصة الذهبية للمضي في مشروعها.
إذا كان خزان النفط العالمي الذي تعيش فوقه شعوب المنطقة هو العامل الرئيس في تحديد المنطقة نقطة البداية للمشروع الإمبراطوري الإمبريالي الأمريكي( العولمة). فإن قيام أنظمة ديكتاتورية فاسدة ومكروهة من شعوبها على امتداد المنطقة العربية. شجع الإدارة الأمريكية وجعلها تستسهل إمكانية إعادة صياغة المنطقة.
فالوجود السوري في لبنان (العسكري والأمني) وتعاطي الأجهزة الأمنية مع اللبنانيين على مستوى مؤسسات وقوى سياسية وشخصيات وحتى أفراد بدا واضحاً انه لم يعد مقبولاً قبل التمديد لرئيس الجمهورية بزمن طويل. ومطلب سحب الجيش السوري والأجهزة الأمنية وتصحيح العلاقات السورية اللبنانية أصبحت على لسان قوى سياسية وشخصيات كانت حتى وقت قريب حليفة للنظام.
ومع ذلك تم تجاهل كل ذلك من قبل النظام السوري و مازال خطاب النظام نفسه منذ دخلت القوات السورية إلى لبنان.
إن سحب الجيش السوري من لبنان وتصحيح العلاقة السورية اللبنانية ورفع القبضة الأمنية عن كاهل الشعب السوري وقواه السياسية والاجتماعية وتصحيح علاقة الدولة مع المواطنين قد تأخر كثيراً ولكن أن يأتي متأخراً خير’’ ألف مرة من ألا يأتي.

البديل


المنتدى الاجتماعي العالمي الخامس
ممنوع دخول السوريين!

ناهد بدوية
في اللحظة التي أنزلتنا فيها الحافلة في قلب المنطقة التي يعقد فيها المنتدى الاجتماعي العالمي الخامس على ضفاف نهر غوبيا في مدينة بورتو أليجري في البرازيل، بدأ سيل من الأسئلة عن سورية وعن السوريين يتوارد إلى رأسي، وفي وسط 259 خيمة و205 صالة اجتماعات توزعت إلى 11 تجمع حيث كل تجمع مخصص لمحور محدد في إطار الإحدى عشر محورا التي تم تحديدها من قبل المنظمات المشاركة، تتالت الأسئلة أكثر، وكذلك حصل مع كل فعالية من فعاليات المنتدى التي حضرتها أو التي اطلعت على مجرياتها. السؤال الأول والكبير هو أين سورية من المنتدى الاجتماعي العالمي؟؟؟ أين السوريون من هذا الإطار المفتوح لكل الحركات الاجتماعية المستقلة ومنظمات المجتمع المدني والمغلق على الحكومات والأحزاب السياسية؟؟ نستطيع أن نجد الجواب هنا تحديداً، في هذا السؤال، في شروط المشاركة في هذه التظاهرة الاجتماعية العالمية المعارضة فالمجتمع السوري بعد عقود من الشمولية لا يضم سوى طرفين، الحكومة والأحزاب السياسية والمنظمات الشعبية الملحقة بها من جهة والأحزاب السياسية المعارضة والتي اتخذت الصفة السرية في العقود السابقة من جهة أخرى, لهذا فإن المنتدى الاجتماعي العالمي مغلق على السوريين. ويمكن أن نقول أن المجتمع السوري غير موجود فعليا بالواقع في سورية فما بالك بالساحة العالمية!!! طبعا السوريون موجودون كأفراد وكم وضباب غير متمايز و المجتمع غير متعضٍ وغير منتظم في هيئات ومنظمات ونقابات مستقلة تمثله بشكل فعلي وتمثل بشكل حر المصالح المادية والشرائح الاجتماعية والمهمات المجتمعية والتوجهات والتيارات والآراء الحقيقية الموجودة فيه. باختصار يظهر لنا في المنتدى الاجتماعي العالمي عورة المجتمع السوري وحجم المصادرة التي تمت لهذا المجتمع.
الحقيقة أنه في السنوات الأربع الأخيرة ظهرت تعبيرات مستقلة في المجتمع السوري مستقلة عن الحكومة ومستقلة عن الأحزاب السياسية ولا يغير شيئا كون بعض هذه التعبيرات واقعة في دائرة التأثر بهذا الحزب أو ذاك إلا أن نظامها الداخلي وآلية عملها قائمة على أساس أنها منظمات مستقلة. هذه التعبيرات تتألف من جمعيات حقوق الإنسان ولجان المجتمع المدني ولجان المرأة المختلفة ومنتديات الحوار الديمقراطي، ومجموعات أخرى سنأتي على ذكرها فيما بعد، ويمكن أن نقول أنه يحق لهذه التعبيرات أن تشارك في المنتدى الاجتماعي العالمي على هذا الأساس. فلماذا لم تشارك هذه التعبيرات في هذا المنتدى؟ هذا يحيلنا إلى موضوع آخر وهو مناخ المنتدى المناهض للعولمة الليبرالية الجديدة. إن المنظمات والتعبيرات الجديدة في سورية والنخب الثقافية التي ساهمت في تأسيس هذه التعبيرات لم تحدد موقفها من العالم ومن الصراع العالمي وهي لم تشكل رؤية، باستثناء حالات قليلة، تتجاوز الحدود الجغرافية للمنطقة. لقد انحكمت هذه التعبيرات بلحظة نشوئها التي سيطرت عليها فكرة مناهضة الاستبداد والمطالبة بالديمقراطية وهو مطلب يتصدر فعلا أوليات الوضع في سورية. هذا الظرف أدى إلى حجب النخب السورية والتعبيرات التي أسستها عن مساهمتها في صياغة رؤية وموقف من العالم ومن القضايا المثيرة للجدل فيه. لا بل يستطيع المرء أن يلحظ أن البعض من النخب السورية قد أسقطوا أربعين سنة من التاريخ العالمي والتحولات الاقتصادية النوعية التي جرت فيه وعادت إلى الخيار الآخر الذي كان مطروحا في سورية منذ أربعين سنة وهو الخيار الاقتصادي الليبرالي! في الوقت الذي يقول العالم كله بشقيه الرأسمالي والمعارض بأن هذا الخيار قد انتهى وأن الخيار الوحيد المطروح أمام كل البلدان من قبل الرأسمال هو خيار العولمة الليبرالية الجديدة وسيطرة الشركات العابرة للحدود على اقتصاد العالم، وتخفيض دور الدولة ودور القرار المحلي إلى أدنى مستوى، وتحديد مركز القرار الاقتصادي والسياسي خارج الحدود القومية!!!!
هذا الفرض لخيار وحيد، والذي صاغته أقلية العالم الممثلة لمراكز القوى المالية، هو الذي أطلق حركة المعارضة العالمية التي اتخذت اسم مناهضة العولمة في أواسط عقد التسعينيات، وبدأت تنتظم في منتديات اجتماعية منذ العام 2000 حين عقد المنتدى الاجتماعي الأول في بورتو أليغري في معارضة المنتدى الاقتصادي العالمي (دافوس). وكي تشارك تعبيراتنا الجديدة في هذه التظاهرة العالمية، يجب أن نسألها: ما هو موقفها من العولمة الليبرالية الجديدة؟؟ وإذا كانت كلمة العولمة ملتبسة وتعني عند الكثير من السوريين نقيض الانغلاق الذي عانوا منه لعقود طويلة، يمكن أن نصيغ السؤال بتحديد أكبر وذلك من خلال السؤال عن رأيهم من القضايا الأساسية التي طرحت في المنتدى الاجتماعي العالمي الخامس. ما هو الموقف من المنتدى الاقتصادي العالمي (دافوس) وما ينتج عنه من استراتيجية لأصحاب رؤوس الأموال العالمية، ومن قرارات الG8، ومن منظمة التجارة العالمية؟ ما هو موقفهم من قضية إلغاء ديون العالم الثالث ما هو تحليلهم للأزمة المالية العالمية وأية بدائل يقترحونها لمحاربتها؟ ما هو تصورهم للنظام الديمقراطي العالمي؟ وما هو تقييمهم للهيئات العالمية الحالية مثل الأمم المتحدة؟ ما هي إسهاماتهم في التنمية المستدامة والديمقراطية وحقوق الإنسان والتنوع والمساواة، ووسائل الإعلام، الثقافات وبدائل الاحتكار الإعلامية والثقافية والهيمنة الثقافية والسلطة السياسية، المجتمع المدني والديمقراطية، وسبل مواجهة العسكرة في العالم؟. هل هم مع الضغط من أجل فرض ضرائب على التعاملات المالية المضاربة؟ وما هي استراتيجيتهم في سبيل مكافحة الفقر في العالم؟ ما هي رؤيتهم في المسألة الزراعية والإصلاحات الضرورية التي تطالب بها الحركات الفلاحية والاجتماعية، هل هم مع الزراعة التصديرية أم مع السياسة الزراعية الهادفة إلى تحقيق السيادة الغذائية للشعوب؟ هل سيشاركون في الحملة التي أقيمت في المنتدى الخامس من أجل الإلغاء الكامل والفوري للديون الخارجية للدول التي تعرضت لكارثة تسونامي؟.
ربما نجد في الأسئلة السابقة بعض القضايا التي طرحت من قبل هذه التعبيرات المدنية الجديدة، مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان والمجتمع المدني. ولكن حتى موضوع الديمقراطية نجد الكثير يرددها ولن يستطيع الإسهام مثلا في ورشة العمل التي حضرتها حول الديمقراطية والتي دار الحوار فيها عن الديمقراطية التشاركية والديمقراطية المباشرة، كبحث عن بدائل للديمقراطية التمثيلية السائدة بالعالم واكتشفت أننا نحن السوريين نخاف من أي انتقاد للديمقراطية التمثيلية كي لا تتخذها السلطات ذريعة ضد الديموقراطية بشكل عام، وهي تفعل ذلك دائما. والأهم من ذلك أن هذا الانتقاد يذكرنا بالديمقراطية الشعبية سيئة الصيت.
وهكذا نرى أننا حتى في الموضوع المسيطر عندنا ليس لدينا ما نقدمه للعالم. بالإضافة إلى أن تعبيرات المجتمع المدني عندنا، كي تشارك ينبغي أن تحدد موقفها وهويتها بشكل واضح من العالم، فهل هي جزء من المجتمع المدني في العالم الملحق بالرأسمال العالمي وسياسات الدول الكبرى الإمبريالية، أم هي جزء من المجتمع المدني العالمي المعارض والذي يناضل من أجل عالم بديل وأفضل؟.
بقي موضوع هام طرحه بقوة التجمع العالمي لمناهضة الحرب في المنتدى الاجتماعي العالمي الخامس وهو معارضة الحرب وعسكرة العالم وضد القواعد العسكرية الأمريكية ومعارضة الاحتلال الأمريكي للعراق. إن هذا الموضوع يمكن أن يتقاطع مع مهام لجان مختلفة أسست في السنوات الأخيرة وهي لجان المقاطعة ومناهضة الصهيونية ونصرة العراق...الخ وكان يمكن لها أن تشارك في الفعاليات المتعددة التي أقيمت في هذا الإطار. ولكن حتى هذه اللجان محصورة بشعار واحد وهو رفض الاحتلال عندنا دون أي مساهمة بالمعركة الدائرة حاليا ضد العسكرة العالمية ودون تشكيل رؤية شاملة واتخاذ موقف واضح من الصراع العالمي وهنا يمكننا أن نسأل هل يمكن أن تنشط ضد احتلال منطقة أخرى في العالم كما يفعل الآن العالم كله حين يخرج إلى الشارع ضد الحرب في العراق وفلسطين؟ ربما الموقف الرافض للاحتلال جعلها تتقاطع مع الموقف المعارض لزعامة العولمة أي للولايات المتحدة الأمريكية وهذا ما دفعها إلى الذهاب إلى المنتدى الاجتماعي العربي الذي أعلن عن تأسيسه في 6 كانون الثاني الماضي. لقد كانت مسألة تأسيس المنتدى الاجتماعي العربي قضية ضرورية كي يحقق حضور هذه المنطقة الغائبة في هذه التظاهرة العالمية.
إن ما ذكر أعلاه عن غياب أو ضعف التمثيل المجتمعي في المجتمع السوري ينطبق على بلدان الوطن العربي بشكل أو بآخر، وهذه مشكلة جوهرية من المفيد أن تطرح كقضية ملحة في المنطقة العربية. وهي تفسر الملاحظة الدائمة في كل المنتديات الاجتماعية عن الحضور الضعيف للمنطقة العربية وهنا يمكن أن نلحظ الحضور الفلسطيني الكبير فيها وهذا يفسره غياب الدولة وظهور هيئات مجتمعية تحاول تمثيل هذا الشعب والقيام بالكثير من مهام الدولة على الأرض في الأراضي المحتلة، بالإضافة إلى التعاطف الكبير من قبل المعارضة العالمية مع القضية الفلسطينية الذي أدى إلى نشوء صلات عالمية واسعة مع الفلسطينيين، أدت إلى حرص مختلف الهيئات والمنظمات على دعوتهم دائما. وقد بدا أن الوجود العراقي آخذ في التنامي في هذه التظاهرات العالمية لنفس الأسباب. وقد كان للعراقيين حضورهم المعقول في المنتدى الاجتماعي العالمي الخامس. يوجد تجربة هامة في المنطقة العربية وهي المنتدى الاجتماعي المغربي هذا المنتدى الذي عقد اجتماعه الثاني بحضور 1500 شخص في المغرب وعدد كبير من المنظمات كان حضوره واضحا في المنتدى الاجتماعي العالمي الخامس. وهي تجربة ينبغي الاستفادة منها حقا. وقد شاركت شبكة المنظمات العربية في الكثير من الفعاليات التي نظمتها وقد حضرت إحداها وكان موضوعها "الإصلاح الديمقراطي في الوطن العربي" ولكن يبقى على هذه الشبكة التنسيق مع المنتدى الاجتماعي العربي الذي تأسس في القاهرة لأنها تجاهلته تماما في ورشات العمل التي أقيمت من أجل نقاش المنتديات الاجتماعية الإقليمية وكيفية التنسيق فيما بينها. وهنا نرى أن ما يأخذ على المنتدى الاجتماعي العربي بأنه لم يحضر ولم يشارك بتحضير فعاليات للمنتدى الاجتماعي العالمي الخامس.
من المواضيع الهامة التي أخذت مكانها في الحوارات الدائرة وهي الاستراتيجية الجديدة للمنتدى الاجتماعي العالمي التي دعا إليها المنظمون البرازيليون إلى لا مركزية أوسع عن طريق عقد عدد من المنتديات في نفس الوقت في بلاد مختلفة، مع مزيد من التشديد على المواضيع النوعية في كل واحد منها. وقد تم اقتراح أن يكون عام 2006 هو عام المنتديات الإقليمية والقارية وستكون فعاليات المنتدى الاجتماعي العالمي منتشرة في أكثر من منطقة في وقت واحد، وموزعة على 3 قارات هي أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا، وذلك من أجل إتاحة الفرصة لأكبر عدد ممكن من المشاركين للوصول والتواصل والمشاركة.
ويعود المنتدى الاجتماعي العالمي للانعقاد في عام 2007 في أفريقيا ولم تحسم حتى الآن الدولة الأفريقية التي سيعقد فيها ونحن نعتقد أن انعقاده في دولة عربية كالمغرب سيعطي قضايا المنطقة زخما أكبر باعتبار أن البلد المضيف دائما يضفي سمته عليه فقد كانت السمة برازيلية في بورتو أليجري وكانت هندية وآسيوية حين عقد المنتدى الاجتماعي العالمي في مومباي_الهند في العام الماضي. وهذا ما تسعى له فعلا الجهات المنظمة للمنتدى الاجتماعي العالمي عندما ارتأت ضرورة تنقّل المنتدى في مختلف أنحاء العالم.
لقد دارت سجالات بين وجهات نظر مختلفة في المنتدى حول علاقة السياسي بالمجتمعي وهل يمكن الفصل والنضال على الصعيد الاجتماعي دون الخوض في السياسي. وكذلك كانت هناك خلافات بين الراغبين في عملية أكثر تنظيما تكون أشبه بأمم متحدة للمجتمع المدني في العالم، وأولئك الذين يريدون أن يبقى المنتدى فضاء متعددا للقاء والحملات ومنبرا للمناقشات لا تتخذ فيه قرارات.
وهنا يمكن أن نتطرق إلى الهاجس الديمقراطي الذي يحكم منظمي المنتدى والذي حكم أيضا طريقة الإعداد وتنظيم المنتدى الخامس فقد تم تصميمه من خلال عملية تشاركية كبيرة، من "الأسفل إلى الأعلى". كل النشاطات المتضمنة تم اقتراحها من قبل المشاركين، ولم يطرحها احد من المنظمين، الذين كانوا سابقا يختارون المواضيع والضيوف المتحدثين للمحاضرات الموسعة، عدد الأنشطة الإجمالي للمنتدى الخامس سجل 2500 حدث، وهو رقم لم يسجل من قبل. وقد أوقف المنتدى تقليد دعوة ضيوف متحدثين الذين كانوا في السابق يتمتعون بتغطية كاملة لنفقاتهم، استخدمت النقود التي تم توفيرها لخلق صندوق تضامن لتحمل تنقلات المندوبين من المجتمعات الفقيرة والنائية جغرافيا والمصاريف الأخرى. وقد تم تشجيع المنظمات المشاركة هي الأخرى لخلق صناديق تضامن خاصة بها. وقد كان هناك بعض الآراء التي تشير إلى أن غياب الأسماء الشهيرة أضعف من حضور المنتدى الإعلامي. بالرغم من أن بعض الأسماء الشهيرة شاركت في فعاليات المنتدى مثل فانغاري ماتاي من كينيا الحائزة على جائزة نوبل للسلام لعام 2004، والقس البرازيلي ليوناردو بوف، والأديب البرتغالي خوزيه ساراماغو الحائز على جائزة نوبل في للآداب.
أخيراً لقد كنا نحن، ناشطو مناهضة العولمة في سورية، موجودين في المنتدى الاجتماعي الرابع والخامس ليس لأننا الأفضل ولكن لأن مجموعتنا اهتمت منذ البداية بالحركة العالمية المناهضة للعولمة، وحددت موقفها من العالم، وتتابع أخبار هذه النشاطات وسجلت نفسها في مجموعة المشاركين في المنتدى الاجتماعي العالمي. و هنا أدعو المثقفين السوريين المعنيين بالقضايا المذكورة أعلاه، وكذلك التعبيرات المدنية المختلفة إلى محاولة الاشتراك والمشاركة في المنتدى الاجتماعي العربي وفي كل النشاطات لهذه الحركة الاجتماعية العالمية والتي يمكن المشاركة الفردية فيها أيضا. فنحن والعالم بحاجة للمساهمة النوعية من المثقفين في الصراع والسجال الدائر عالمياً ونحتاج لمشاركة واسعة للمجتمع.
موقع المنتدى الاجتماعي العالمي www.forumsocialmundial.org.br
*******************************
بورتو أليغري 2005:

المقاومة الواسعة لليبرالية
على مفترق الطرق

حسان خالد
انعقد المنتدى الاجتماعي الخامس في بورتو اليغري في سياق من هجوم واسع تشنُّه الليبرالية الجديدة ضد المكاسب الاجتماعية، وذلك فيما أُُعيد انتخاب بوش لولاية رئاسية ثانية وفيما تستمر الحرب العراقية. وبالمقابل، فإن المنتدى الخامس الذي يُمَثِّل واحدا من أهم الحركات المناهضة لليبرالية الجديدة، قد أحرز تقدُّما ملموسا على مسار مقاومة الليبرالية الجديدة، ما يضع المنتدى أمام مهام جديدة في مجال التنسيق، بعد مرور هذا العدد من السنوات التي مرت على انعقاد أول منتدى في بورتو أليغري في العام 2001:

لقد جاء المنتدى، بما حشده من جموع قاربت 155 ألف مشارك قَدِموا إلى عاصمة مناهضة العولمة |للمرة الرابعة من 135 بلدا، وبما عَقَدَه من نشاطات ناهزت 500 حلقة دراسية واجتماعا واستمرت أربعة أيام، ليجدد انطلاقة الحركة الاجتماعية المناهضة للعولمة في العالم، و ليفنِّد الآراء التي كانت زعمت أن المنتدى بعدما هاجر إلى مومباي في العام الماضي 2004 حيث عَقَد ملتقاه السنوي الرابع، قد بدأ يلهث وتظهر عليه بوادر الاستنفاد. إن القائلين بأن المنتدى فَقَدَ ديناميته ودخل في مرحلة النهاية يجدون في تدهور الأوضاع الدولية، والصعوبات التي تواجه السياسة التي تسير عليها حكومة لولا في البرازيل، ذريعة لتبرير أحكامهم هذه، لاسيما أن حالة التدهور، كما الصعوبات إياها، ذات تأثير سلبي على التعبئة المجتمعية والسياسية. لكن الحقيقة على نقيض من ذلك. فالمنتدى الرابع في مومباي، هو - كما يقول عمانوئيل فاليرشتاين ( ماركسي يُعنى بدراسة تاريخ أنماط الإنتاج الاقتصادي والتشكيلات المجتمعية ) - "خطوة واسعة إلى الأمام يقطعها المنتدى على مسار تناميه. فهو خلال خمس سنوات أصبح المحرِّك الرئيس على الساحة العالمية" ("القوة المتنامية للمنتدى الاجتماعي العالمي "، عن موقع باسك ريد نيت على الانترنيت). أما المنتدى الخامس في بورتو أليغري فإنه يسجِّل انطلاقة جديدة للمنتدى الذي شهد مشاركة واسعة من البرازيل وأمريكا اللاتينية، وإن هذه الانطلاقة وثيقة الصلة بالأوضاع السياسية الاجتماعية لأمريكا اللاتينية، وإليها يُعزى، برأي اليسار الماركسي، أحد أسباب هذا النجاح.
إن الأوضاع المجتمعية لأمريكا اللاتينية تعاني بشدة من شراسة الليبرالية الجديدة، حسبما يلاحظ المحلل السياسي والكاتب فرانسوا سابادو ("مستقبل قوي"، "روج" الصحيفة الأسبوعية الناطقة باسم العصبة الشيوعية الثورية، 3 شباط/فبراير 2005). فمن حالات التمرد في بوليفيا إلى حركة المحرومين من الأرض في البرازيل، ومن حركة البيكيتيروس (كلمة من أصل إيطالي وتَعني الساهرين على حسن سير الإضراب عن العمل) والصراع الذي يخوضه السكان الأصليون في الأرجنتين، إلى المسيرة الثورية في بوليفيا وفنزويلا، تعيش أمريكا اللاتينية حالة عميقة من انعدام الاستقرار السياسي. الأمر الذي ترجم عن نفسه عبر الانتصارات الانتخابية التي أَحرزها لولا في البرازيل، وفرينتي أمبليو (جبهة واسعة لليسار) في الأرغواي، وكريشنر (زعيم حركة البيكيتيروس) في الأرجنيتن، فضلا عن انتصار مؤيدي بقاء الرئيس الفنزويلي شافيز على المعارضين في الاستفتاء.
يعود إذاً النجاح الذي كُتِبَ للمنتدى الاجتماعي العالمي الخامس إلى حد كبير إلى السياق السائد في أمريكا اللاتنينية، حيث تقود الهجمة الليبرالية الجديدة، وما يرافقها من سياسة عدوانية قوامها التدخل ومبدأ الحرب "الوقائية "، من جهة، إلى زعزعة الاستقرار السياسي والمجتمعي، كما تشير في الوقت نفسه، ومن جهة ثانية، إلى مرحلة جديدة من العودة إلى السياسة قوامها مقاومة الهجوم الليبرالي. فقد أدَّت هذه المرحلة الجديدة من تاريخ أمريكا اللاتينية، والتي تَجْمَع بين التعبئة الانتخابية ووصول حكومات اليسار إلى الحكم، إلى انعقاد مئات من حلقات النقاش السياسي المجتمعي في منتدى بورتو أليغري حول هذه المسألة، كما يلاحظ فرانسوا سابادو (المصدر السابق). إن ذلك يُترجِم – على حد قوله - عن مرحلة جديدة من الراديكالية والتجديد السياسي للحركات الاجتماعية والسياسية في أمريكا اللاتينية. إذ إن تجمُّع بورتو أليغري الأخير كان إطارا لاستقطابين اثنين ما بين لولا وشافيز. فالرئيسان، بصرف النظر عن الدبلوماسية ومصالح الدول، يُمَثِّلان سياستين اثنتين. ذلك أن لولا قرَّر أن يَتقولب في الإطار الليبرالي، ويحترم معايير الأسواق المالية والمؤسات الدولية. أما "العهد" الذي قطعه شافيز فقد "حرِّر" - كما قال أحد المناضلين الفنزويلِّيين - طاقات الشعب في فنزويلا. إن الصدام بين شافيز والأمبريالية، وما أنجزه من تدابير مجتمعية، ومساندته للتعبئة الجماهيرية والتنظيم الذاتي، يُشَكِّل اليوم مرجعية لليسار الراديكالي وركيزة يعتمد عليها. وكان اللقاء الحماسي الذي خُصَّ به شافيز من قِبَل المُجتُمِعين، والانتقادات المُوجَّهة ل/لولا، أحد العلامات البارزة في هذا المنتدى.
ويعتقد فرانسوا سابادو أن نجاح المنتدى الاجتماعي العالمي الخامس في مقاومة المحاولات الرامية إلى حصر المنتديات في إطار مؤسساتي، والتي كانت مارستها مجموعة قوى، كبعض الحكومات الليبرالية الاجتماعية في أمريكا اللاتينية، وقوى الديمقراطية الاجتماعية في أوروبا، يعود إلى دينامية الوضع في فنزويلا. هذا الوضع الذي ساهم – على حد قوله – في صد هذه المحاولات.
على هذا النحو، فإن النقاش في المنتدى تمحور حول محورين رئيسين. برنامج النشاط المجتمعي السياسي من جهة، وتنظيم المنتديات من جهة ثانية.
فمن جهة، تمحورت مناقشات مناهضي العولمة حول رسم "خطة عالمية عاجلة" لتحقيق انتصارات جزئية وتحريك دينامية جديدة ضد النظام الليبرالي. هذه الخطة تعقد صلة الترابط الوثيق بين الأهداف المجتمعية، كحق العمل والتأمين الاجتماعي وحظر التسريح من العمل، وبين المطالب العامة الرامية إلى تمويل هذه الأهداف المجتمعية، كالضريبة على رأس المال، وإلغاء الديون، والسيطرة الشعبية على المياه والموارد الطبيعية، والقضاء على تخريب البيئة، والدفاع عن السيادة الغذائية، ودعم النضال من أجل الحقوق الديمقراطية وضد كل أشكال التمييز.
من الملاحظ أن الموضوعات الرئيسة التي تتمحور حولها الاجتماعات العامة للمنتديات قد لحق بها تطور ملموس. ففي معركة سياتل كان الموضوع الرئيس يدور حول إرغام منظمة التجارة العالمية على التوقف ومنعها من إنجاز مزيد من التقدم. أما الآن، فإن منظمة التجارة العالمية تشكِّل برأي المنتدى الاجتماعي العالمي – على حد قول برليشتاين – خطرا أقل أهمية. ورغم أن الليبرالية الجديدة هي الشغل الشاغل للمنتدى الاجتماعي الأوروبي، فإن هذه الأخيرة نجحت في ممارسة نفوذها بصورة ملموسة على الدولة البرازيلية. صحيح أن اجتماع دافوس الذي كان يُعقد بصور متأنية مع منتدى بورتو أليغري لم يحظ من المنتدى هذه السنة إلا باهتمام ضئيل، إلا أن الهدف الوحيد الذي سَدَّدَت إليه كل حلقات البحث والاجتماعات هذه السنة نيرانها هو جورج د بليو بوش؛ كما يقول فاليرشتاين الذي يَنقل في هذا المعرض عن ائتلاف من النساء الباكستانيات قولهن :"يجب اجتثاث كل ما زرعه بوش في العالم كله" .
هذا عن التوجُّهات السياسية العامة. أما فيما يتعلق بمسائل التنظيم الداخلي للمنتديات الاجتماعية العالمية، فإن العودة للسياسة دخلت إلى صلب وظائف وآليات المنتدى. فهو عُني في مناقشاته وجلساته، بصورة ملموسة وباهتمام كبير، بمسائل ذات صلة باستراتيجية المنتدى الاجتماعي العالمي وحركة مناهضة العولمة، وبرسم مسار للحركة والمنتديات. وكانت مسألة التنظيم في مقدمة الموضوعات الاستراتيجية. فقد وَجَّهَت الحركات الاجتماعية تحدوها ضرورة التحكُّم بمبادراتها وبالتنسيق فيما بينها، مناقشاتها نحو مسألة تنظيم المنتديات واستشفاف تشكيلات لها في المستقبل. هذه المسألة هي التي ستحظى على الأرجح من الآن فصاعدا باهتمام أكبر في أعمال المنتدى، لأن المنتدى الذي بدأ بصورة شبه تلقائية في العام 2001، وهو كان ولازال "تعدُّدِيا" أو متعدِّد الأصوات، ومتنوعا ومعاديا للانغلاق الطائفي والجنسي وغير حكومي وغير حزبي، يقف اليوم أمام السؤال التالي: ما هو مستقبل اللامركزية في حركة بدون تنظيم مراتبي وانضباط تنظيمي ؟
يَستنتج فاليرشتاين من قراءته للسنوات الخمس من تاريخ المنتدى الاجتماعي العالمي (المصدر السابق) أن المنتدى الذي بقي خلال السنوات السابقة صيغة أصيلة به ومختلف غاية الاختلاف عن الحركات التقليدية المُحكمة التنظيم، كالأممية الشيوعية على سبيل المثال، يواجه اليوم عددا من المشكلات التي ظهرت في صلب العمل ومن خلاله. والمشكلات الثلاث الأهم هي:
1- حالة التوتر التي نشبت بين الذين كانوا يلحُّون على الحفاظ والتمسك بصيغة منتدى مفتوح، وبين الذين كانوا يريدون للمنتدى أن يتحوَّل إلى حركة الحركات، أو بالأحرى، وفي خاتمة المطاف، أممية جديدة. 2- افتقار المشاركة الآسيوية والأفريقية ومن أوروبا الوسطى إلى الحجم الكافي. 3- خلافات فيما يتعلق بالبنية الداخلية وتمويل المنتدى الاجتماعي العالمي. وكانت هذه المشكلات موضع دراسة في منتدى بومباي التي عُقِدَ فيها أول منتدى بعيدا عن بورتو أليغري.
لنلاحظ أن مسألة الحزبية كسقف أعلى لتنظيم المنتدى، والتنسيق كحد أدنى له، كانت ألقت بظلالها على المنتدى الرابع في مومباي، وهي ستتابع المنتدى ما بعد الطبعة الرابعة ل/ بورتو أليغري، وفي اجتماعاته المقبلة 2007. وعلى سبيل المثال، فإن فاليرشتاين يعود بذاكرتنا في ما يتعلق بمشكلة الخلاف مابين دعاة الحزب والمركزية وأنصار المنتدي المفتوح إلى الماضي القريب، وذلك عندما نُقِل المنتدى الاجتماعي العالمي إلىمومباي، أي من بلد كالبرازيل حيث تَدعَم أكثرية الحركات، بهذه الدرجة أو تلك من الدعم، حزب العمال، دون أن تطالب بوجوده الرسمي، إلى بلد تنقسم فيه الحركات إلى كثرة من الأحزاب التي تُعتََبَر منظمات جماهيرية رئيسة واساس. هناك في مومباي، رفضت اللجنة التنظيمية استبعاد الأحزاب من المنتدى الاجتماعي الرابع. وهناك أيضا، اشتدّت حدة الخلافات من جراء تعذر الاتفاق حول مسألة العنف. وكانت حركة ماوية صغيرة نَظَّمَت منتدى مضادا، تحت اسم "مقاومة بومباي 2004 ". وهي عَقَدَت منتداها هذا بالقرب من المنتدى الاجتماعي العالمي منددة به متهمة إياه بأنه خليط من التروتسكيين والديمقراطين الاجتماعيين، والمنظمات الجماهيرية الإصلاحية، والمنظمات غير الحكومية المُمَوَّله من شركات متعددة الجنسيات؛ وباختصار من حيث هو وهم لنشر الثورة المضادة، ومن أجل الحض على الإحجام عن العمل. وانتقد هؤلاء الماويُّون فكرة المنتدى المفتوح باعتباره "حوار عبر التلفزيون". لكن الماويين لم يجتذبوا أكثر من 2 بالمائة من المشاركين في منتدى مومباي. فما كان من المشاركين في منتدى مومباي إلا أن ردّوا على اتهامات الماويين هؤلاء فيما يتعلق بنشاط المنتدى الاجتماعي العالمي بأن أعادوا إلى الأذهان أن المظاهرات التي عمِّت العالم أجمع ضد الحرب في العراق بتاريخ 15 فبراير 2003 هي من تنظيم وإيحاء المنتدى الاجتماعي العالمي. وبالمحصِّلة فإن كل المشاركين في منتدى بومباي خلصوا إلى نتيجة مؤداها أن المنتدى لا يزال منتدى مفتوحا، وإن كان ثمة ما يدعو على وجه الضرورة إلى توفير الوسائط حيث يتَّسع المنتدى بين صفوفه لمجموعات تريد القيام بعمل مشترك. وكان عُقِدَ اجتماع للحركات التي التقت ضمن منتدى مومباي، والتي اعتمدت قرارا يدعو إلى العمل المشترك، وذلك على نحو ما حدث بالفعل مع تنظيم يوم عالمي للتعبئة بتاريخ 20 مارس 2004 الذي يوافق تاريخ الغزو الأمريكي للعراق.
وعلى مسار متَّصل بمسألة الحزبية هذه، فإن مسألة ثانية ذات صلة وثيقة بالأولى شَقَّت لنفسها طريقا هذه السنة إلى المنتدى الاجتماعي الخامس، ألا وهي العلاقة بين تغيير العالم واستلام السلطة. إذاً كيف لنا أن نُغَيِّر العالم من غير استلام السلطة ؟ وهل يتحوَّل أم لا هذا السديم المجتمعي من المنظمات غير الحكومية إلى حزب يطالب بالسلطة السياسية لتغيير العالم، وتشييد عالم من نمط آخر ؟ يقول توماس لوماهيو (محرر الحركات المجتمعية في صحيفة لومانيتيه، لسان حال الحزب الشيوعي الفرنسي.
،"البورتو أليغرية، خطر أم فرصة مؤاتية"، 31 كانون الأول/يناير2005). إن الوضع في المنتدى مرشح على وجه الاحتمال للإنفجار، وبوجه خاص على صعيد القمة، وفي هيئات التنسيق، وبين آباء الحركة أنفسهم. فالمنتدي يَتنازعه تياران، أحدهما يريد برنامجا مركزيا، والآخر يطالب بمضاعفة عدد اللقاءات الأفقية الواسعة وغير الإجبارية، أحدهما صاحب منطق يدعو إلى استلام السلطة، والآخر صاحب دينامية لسلطة مضادة أو موازية. إن الحلول التي يُقدِّمها الطرفان جوابا على المشاغل التي يتقاسم الجميع همومها متعارضة - على حد قوله - هذا، إن لم تكن متناقضة.
إن المنتديات في شكلها التنظيمي الحالي تستمد، في إحدى إجابتها على مسألة العلاقة بين تغيير العالم والسلطة، من الصعوبات التي تُواجه لولا في البرازيل، مبررا لاستمرار المنتديات على حالها التنظيمي دون تغيير، أو دون المطالبة بالمركزية الحزبية والسلطة السياسية؛ لأن الصعوبات التي تواجه لولا تُبيِّن برأي أحد الطرفين بأن التغيير لا يمر فقط عن طريق استلام السلطة. وعلى النقيض من هذا الرأي، فإن فنزويلا في عهد شافيز تُبَيِّن - حسب الرأي الثاني - مدى الأهمية الحاسمة التي يحملها الميدان السياسي في تغيير العالم. إذ كيف لنا أن نُنجِزَ على سبيل المثال الإصلاح الزراعي من غير استلام السلطة ؟ إن الحركة بهذا المعنى مطالبة – على حد قول هذا الفريق - بمساندة أي حزب يدعو إلى إلغاء ديون العالم الثالث، أو يعارض الحرب في العراق.
وفي هذه الأجواء الساخنة، ثارت ضجة حول النداء الذي صََدَرَ من صفحتين اثنتين في نهاية المنتدى عن عدد من أعلام مناهضة العولمة، من أمثال لوموند ديبلوماتيك (الصحيفة الشهرية)، وإغناسيو راموني، وآتاك، وبرنار كاسين، وآخرون، وذلك تحت عنوان :"بيان بورتو أليغري : إثنا عشر اقتراحا من أجل عالم من نمط آخر وممكن". وكان له – على حد قول لوماهيو من صحيفة لومانيتيه - وقع القنبلة. إن هذا البيان يُعلِن، حسبما أعلنه إغناسيو راموني أحد أباء الحركة ومن الموقعين عليه، عن ولادة "البورتوأليغرية" التي تأخذ شكل قاعدة ل/"العقد" (أو الإجماع) consensus. هذا العقد أو هذا الإجماع الذي يطالب بصورة مُلزِمَة الخصم الليبرالي بإلغاء ديون بلدان الجنوب، وفرض ضريبة دولية على التنقلات المالية، وحق العمل والضمانات الاجتماعية، وتنشيط التجارة المتكافئة مقابل التبادل الحر، والسيادة الغذائية، والنضال ضد كل أشكال التمييز، الخ. وكان برنار كاسين اقترح أثناء انعقاد المنتدى الاجتماعي العالمي في مومباي مقولة "عقد بورتو أليغري" كنقيض" لعقد واشنطن" أو دافوس. وهو عاد ليوضِّح، في تعليق له على بيان بورتو أليغري، أنه والموقعين على البيان يريدون "أن يدفعوا باتجاه تسريع الترجمة السياسية لمقترحاتنا. إن الآخرين يطالبوننا بالتغيير، ولا يجوز لنا أن نُخَيِّب آمالهم". ويشير لوماهيو إلى أن البيان سيثير على الأرجح حساسية النقابات الأوروبية وفي أمريكا اللاتينية لأن هذه الأخيرة متمسكة بالمنتديات الاجتماعية من حيث هي حيز اجتماعي مفتوح، وليست أيضا معنية باعتماد قرارات. ولم يُوَقِّع على بيان "البورتوأليغرية" من بين المؤسسين البرازيليين للمنتديات الاجتماعية العالمية سوى أمير صادر. وجاء في صحيفة المنتدى تيرا فيفا (الأرض الحيَّة) في اليوم التالي على صدور هذا البيان، في مقال مُغفل التوقيع، هذا التضجر الفظ: "إن الموقعين ليسوا سوى مشاهير قدامى لا يحتملون على أنفسهم الذوبان في الجماهير التي كانوا قادوها في الماضي بأنفسهم".
وثمة مسألة تنظيمية لن تلبث أن تواجِه المنتدى، ألا وهي البنية الداخلية للمنتدى الاجتماعي العالمي. بل، هي كانت موضوعاً لنقاش مفتوح في العام 2002 عندما شُيِّدَ مجلس دولي من 150 عضوا كان وَقَعَ الخيار عليهم من بين المُنَظَّمين. هذا المجلس وإن كان – على حد قول فاليرشتاين – تتوفر فيه صفة التمثيل إلى حد بعيد، إلا أنه غير مُنتَخَب. وهذا المجلس من حيث بنيته يدلل أن للمنتدى نظاما للمراتب. فأين هي الديمقراطية إذاً ؟ لاسيما أن المجلس يعتمد قرارات هامة، من أمثال تلك التي تُقَرِّر مواقع المنتديات، وجلساته العامة، حيث تلمع النجوم – على حد قوله -، ومن هي الجهات المُستَبعَدَة. هذا، وإن كانت أكثرية اللقاءين تُقَرَّر بصورة عمودية من القاعدة إلى أعلى الهرم. ففي بومباي على سبيل المثال، عُقِدَت أكثر من 50 طاولة مستديرة وحلقة بحث في وقت واحد معا، وبصورة ذات استقلال ذاتي بعضها عن بعضها الآخر. علما أن الرأي استقر في الجلسات التي خاضت في تحليل بنى المنتدى الاجتماعي العالمي على المطالبة بأوسع انفتاح ممكن فيما يتعلق باتخاذ القرارات، حيث يُتاح للمشاركين التأثير في قرارات المجلس الدولي دون أن يتحول المنتدى إلى بنى ذا مراتب. ويقول فالينشتاين في تعليق له على المسألة: إن الموضوع ليس يسيراً، إلا أن النقاش العلني متوفر.
وفيما يتعلق بمسألة التنسيق التي تحتل أكثر فأكثر حيزا أكبر من حيث أهميتها، فقد ظهر في منتدى بورتو أليغري – حسبما يلاحظ بيير روسي Pierre Rousset محرر الحركات الاجتماعية في صحيفة روج Rouge الناطقة باسم العصبة الشيوعية الثورية في فرنسا ("نجاحات جديدة ورهانات جديدة"، 10 شباط/فبراير 2005) - تعبير أو مصطلح جديد في قاموس مناهضة العولمة، ألا وهو الالتئام أو التغرية agglutination. ما يشير – على حد قوله - إلى أن منهجية المنتديات من حيث عملها وتفكيرها يتغير مع مرور الوقت وتراكم التجربة. فقد حُدِّد أحد عشر محورا أو ميدانا بعدما عُقِدَت مشاورات واسعة مع منظمات القاعدة، بما يكفل للمحاور الرئيسة الكبرى شفافية كافية. ثم طُُلِب إلى كل الحركات أن تتحقَّق عما إذا كانت مبادراتها قابلة للاندماج في زمرة أكبر من المبادرات، وذلك لتعزيز الحوار والتعاون والتنسيق، فظهر تعبير "التغرية" أو"الالتئام". إذ كان على كل فرع أن يحاول الربط بين الأفكار واقتراحات العمل والحملات، وذلك لتوثيق الصلة بين النقاش والتعبئة، أو بين الفكر والعمل.
أما فيما حضر، وبصورة فورية وعاجلة، فإن المنتديات الاجتماعية تشهد في مسارها حالة من التوسُّع في جميع أنحاء العالم. وفي مثل هذا التوسُّع جواب مفيد على مشكلة المشاركة الضعيفة من حيث الحجم للقارات الأفريقية والآسيوية. إن المنتديات، وبعد ما قاومت الصدمة المضادة لاعتداءات 11 سبتمبر 2001، تراها اليوم تضاعف من فكرها الهجومي الذي عَبَّرت عنه لأول مرة عند ولادتها في العام 2001. إذ هاهي في بورتو أليغري تُطلق يد المجتمعات حرة من أي قيد مركزي، فتنطلق إلى الهجوم وتُقَرِّر عقد منتديات اجتماعية لها في جميع أنحاء العالم خلال العام 2006، كل على حدة وعلى صعيد إقليمي، وذلك بدل انعقاد منتدى اجتماعي عالمي واحد جريا على المعتاد في كل سنة ؛ على أن يعقد المتندى الاجتماعي العالمي السادس في العام 2007 في إحدى البلدان الأفريقية (على الأرجح جنوب أفريقيا أو كينيا)، ومنتدى أمريكا اللاتينية في فنزويلا، والأفريقي في المغرب. وكان المنتدى الاجتماعي العالمي قرَّر عقد ملتقاه الرابع في مومباي يحدو في ذلك تطلعاته إلى توسيع إطاره الجغرافي.
بهذا المعنى، فإن المنتدى الاجتماعي العالمي يسير نحو الاستعاضة عن التعبئات الكبرى والعامة، وبالأحرى العالمية التي تلاحقت في السنوات الماضية، بتعبئات ذات خصوصية وفكرة أو موضوعة واحدة رئيسة، كإلغاء ديون العالم الثالث، ومناهضة كل أشكال التمييز، والحرب في العراق. وإذا كان مثل هذا التحول لا يخلو من محاسن، إلا أنه يستدعي بالمقابل تعزيز اللقاءات المشتركة، لأن هذه الأخيرة هي وحدها التي تجتمع فيها كل النضالات من جميع الجبهات. وفي الوقت نفسه، فإن المنتدى يتجه نحو تعزيز دور المنتديات الإقليمية بالمقارنة مع المنتدى العالمي، وذلك مراعاة منه للمعطيات الراهنة لمناهضة العولمة الليبرالية في العالم. إذ تميل النضالات حاليا نحو الراديكالية على المستوى القومي، أو الإقليمي على الصعيد القاري، كمسألة فنزويلا في أمريكا اللاتينية، والدستور الأوروبي والخدمات في أوروبا.
وبات من المسلَّم به أن حركة مناهضة العولمة الليبرالية في العالم هي اليوم وحدها الأقدر من غيرها من الحركات السياسية والاجتماعية على تعبئة المجتمعات في جميع القارات. يشهد على ذلك تنامي حجم الأعداد المشاركة في نشاطاتها عاما بعد عام، وتَفوُّقها على الأحزاب والنقابات في تعميق جذور النضالات المجتمعية المناهضة للاقتصاد الليبرالي وسياسته العسكرية. اصحيح أن حجم المشاركة، من الناحية التنظيمية، يختلف من بلد مُضيف إلى آخر. وعلى سبيل المثال فإن حجم المشاركين كان في لندن أقل منه في باريس أو جنوى. "إلا أن الحجم، وإن لم يكن واحدا في كل مرة ينعقد فيها منتدى اجتماعياً، فإنه – حسبما يلاحظ بيير روسي - أكثر ثباتا من حملات التعبئة الاجتماعية التي تقودها النقابات والأحزاب في هذا البلد الصناعي أو ذلك، أو مثيلاتها من التعبئات الاجتماعية المعادية للحرب؛ هذا إن لم يُسَجِّل حجم المشاركة في المنتديات الاجتماعية العالمية ارتفاعا ملحوظا. علمًا أن هذا الحجم يتوقف هو نفسه في التحليل الأخير على عدد المنظمات التي تشارك في الإعداد للمنتدى، ومدى تنوعها ودرجة تمثيلها للحركة الاجتماعية. فللمنتديات إذاً خصوصية من حيث آلية عملها ووظائفها ".
من السابق لأوانه أن تَحْسم المنتديات الاجتماعية فيما حضر موقفها من مشكلة الانفتاح الواسع للمنتديات على التعددية والتنوُّع بعيدا عن التحزب والتعصب والانغلاق الاجتماعي، فهذه المشكلة وثيقة الصلة بمعطيات المرحلة الراهنة.فالمؤسسون الأوائل يعتقدون - كما يقول فاليرشتاين (المصدر السابق) - أن فكرة المنتدى المفتوح تُعتَبَر أحد مفاتيح المنتدى الاجتماعي العالمي. وهم يقولون، لدعم رأيهم هذا بالحجج، إن الابتعاد عن هذه الصيغة يقود إلى إبعاد ونبذ هذا وذاك من المنظمات أو الأفراد، ويجعل من المنتدى الاجتماعي العالمي حركة مغلقة إضافية بين غيرها من الحركات المُغلقة. ولضمان صيغة الانفتاح هذه، فإن القاعدة المُؤَسِّسَة استَبعَدَت "تمثيل الأحزاب" و "المنظمات العسكرية". إلا أن التوصُّل إلى حل لم يكن يسيرا، لأن العديد من الأحزاب، كما حركات الحرب الشعبية، تسيطر على مختلف أشكال المنظمات الجبهوية. والحال، إن مسألة مشاركتها لا تزال موضع أخذ ورد، لأن كثرٌ من الأعضاء لا يرون سببا كافيا لطرد الأحزاب، لاسيما أن أيا منها لا يسيطر أو يتحكَّم بالمنتديات، وأن بعض منظمات الحرب الشعبية، ومنها أنصار زاباتا في المكسيك، يحظون بتعاطف وتأييد كثرٍ من المشاركين الذين يعتبرون حركة زاباتا نموذجا يُحتذى به.
وحتى إشعار آخر، فإن حركة مناهضة العولمة تمارس اليوم دور البديل التعويضي لما لحق بأحزاب اليسار والنقابات العمالية من جمود أحيانا وترهل أحيانا أخرى. إذ إن الانفتاح الواسع للمنتديات هو الذي يستجيب حتى الآن بصورة أفضل للمعطيات الراهنة للنضال المجتمعي، مادام هو يتيح انعقاد تجمُّعات اجتماعية، تسعى إلى عقد علاقات التضامن والتجمع بين مناضلين من قطاعات مجتمعية واسعة التنوع وتعددية، وذلك فيما كفت الحركة العمالية في البلدان الصناعية عن ممارسة دور القطب الذي يستقطب كل الغاضبين على النظام الرأسمالي، وفي ما كف أيضا النضال المسلح في بلدان العالم الثالث عن ممارسة دور العمود الفقري لحركات المقاومة الاجتماعية؛ حسب ما يلاحظ روسي (المصدر السابق). ورب متسائل يتساءل هنا عما إذا كانت المنتديات ستحظى بمثل هذا التجاوب من قِبَل اليسار الشيوعي بوجه خاص لو كانت أحزاب ونقابات الشيوعيين قادرة على استقطاب الثائرين ضد الليبرالية الجديدة !!؟ بل والأهم من هذا وذاك، أن المنتديات تُشَرِّع الأبواب أمام السياسة عندما تصبح سلطات الأحزاب السياسية موضعا للمراجعة أو الأخذ والرد. فضلا عن هذا كله، فإن هذه المنتديات، وإن كانت تحشد أعداداُ كثيفة من المجتمع المدني، إلا أنها تبقى من حيث وظائفها دفاعية في تصدِّيها للهجمات الليبرالية العسكرية والمعادية للديمقرطية. وهي مع ذلك، وفي الوقت نفسه، وبصورة نقيضة، تَسمَح للأجيال الجديدة أن تُعبِّر بصورة هجومية عما تحمله معها من بدائل.
إن السياسات الليبرالية الجديدة والمعادية للديمقراطية َتَشْهَد في الوقت الراهن حالة من الشمولية ليس لها مثيل في الماضي. فقد عمَّت مجتمعاتنا دون تمييز ظواهر الخصخصة، وتحرير الأسواق والقوانين التي تُطلق الحرية لرأس المال، والحرب "الوقائية"، وأيديولوجية "مناهضة الإرهاب". وهذه كلها، يتقدَّمها الحرب والعنف بجميع أشكاله، الإمبريالي والسلطوي والأصولي، تبدو وكأنها أقراط معلقة على أذني العولمة الليبرالية. ولما كانت مجتمعاتنا دون تمييز فيما بينها تقاوم هذه الظواهر، فإنها بحاجة إلى تشييد جبهة مشتركة دولية للمقاومة والبدائل. وها هو المنتدى الاجتماعي العالمي يُواجه إذاً، في مسعاه إلى تشييد مثل هذه الجبهة الشاملة، متغيرات ذاتية لحقت بعمله وتنظيماته. وهي تستجيب للمعطيات الواقعية للصراع. فلا هي بحد ذاتها سلبية، ولا هي ناقوس خطر يؤذن بنهاية المعركة ضد الليبرالية الجديدة. والحال، إن المسار نحو تشييد مثل هذه الجبهة ليس، في ضوء بورتو أليغري 2005، أمرا بسيطا. فالمنتدى يقف اليوم، كما وَقَفَ بالأمس سابقه في بومباي، بحركة مناهضة العولمة الليبرالية في العالم أمام مفترق طرق. فإذا كانت المخاوف في ضوء منتدى بومباي من التفكك الذي قد يَلحَق بمسيرة المنتديات والتعبئة الشاملة لمجتمعات العالم خفية، فإن الأصوات التي ارتفعت مع منتدى بورتو أليغري، ومنها على سبيل المثال بيان البورتوأليغريه، تشير إلى أن تطور الصراع الذي تخوضه حركة مناهضة العولمة بعد مرور ما يزيد عن خمس سنوات من تاريخها يُملي عليها تطوير تنظيماتها نحو مزيد من التسيُّيس، حيث تستطيع المنتديات مواكبة الصراعات المناهضة لليبرالية وسياستها العسكرية في تطورها. فإذا كان اتجاه الحركة نحو اللامركزية ينطوي برأي أنصار المركزية على مجازفة تُنذِر منذ الآن بتفككها، وما يتبع ذلك من ضعف في قدرتها على المقاومة الجماعية للعولمة الليبرالية، فإن الطرف الآخر يعتقد أن المنتديات العالمية تستمد قوتها من شكلها الحالي.
إن الصراع وحده هو الذي سيهدي مسيرة المنتديات الاجتماعية العالمية وهي تقف على مفترق الطرق هذا، وفيما تعتريها المخاوف من التفكك أمام اختيار الطريق، إلى المسار النضالي الذي يسير بمعركتها إلى المقاومة، ومن ثم الانتصار.

شباط/فبراير 2005
نداء للمشاركة

من التجمع العالمي المناهض للحرب
للمنتدى الاجتماعي العالمي الخامس، بورتو أليغري، البرازيل
ترجمة: ناهد بدوية
بعد انقضاء سنتين على غزو العراق، تتزايد المعارضة للحرب في الولايات المتحدة، وفي دول التحالف، وفي كل أنحاء العالم، بشكل أكبر من السابق.
لقد بدا جلياً أن كل التبريرات المقدمة لخوض هذه الحرب عبارة عن أكاذيب. لقد قتل أكثر من 100.000 عراقي، وأكثر من 1.500 جندي من قوات التحالف. نحن نقف اليوم في لحظة حرجة، حيث أن الإدانة العالمية للحرب وعجز الولايات المتحدة عن إخضاع المقاومة في العراق، تشيران إلى أن هناك فرصة حقيقية لوقف هذه الحرب.
الآن هو الوقت المناسب لتقدم الحركة المناهضة للحرب لا لتراجعها. إنه الوقت المناسب للتصعيد لا للاستسلام. إن هزيمة القوات الأمريكية في العراق ستكون نصرا لكل من ناضل ضد العدوان الأمريكي في كل أنحاء العالم.
نحن نطالب بوضع نهاية لاحتلال العراق وفلسطين.
نحن نطالب الولايات المتحدة الأمريكية بالكف عن مهاجمة إيران وكوريا الشمالية وسورية وكوبا وفنزويلا وغيرهم من البلدان. يجب أن نؤكد على الأخطار من نشوب حرب عالمية. خاصة في أمريكا اللاتينية حيث تهدد الولايات المتحدة الأمريكية بالتدخل في أكثر من بلد فيها.
نحن ندعو إلى يوم عالمي للعمل ضد الحرب في 19/20 آذار، لنطالب بالخروج الفوري للقوات العسكرية من العراق، ولا حروب بعد الآن.
نحن ندعو لإطلاق موجة متزايدة من المظاهرات الحاشدة، والعصيان المدني، وكل أشكال الاحتجاج الأخرى في كل أنحاء العالم.
العراق
نحن نطالب بالانسحاب الفوري للقوات المحتلة وندعم كل الجهود التي تبذل من أجل عودتهم إلى بلادهم.
نحن ندعم كل الجهود في سبيل تنظيم الجنود و معارضي الرأي وعائلات العسكريين ضد الحرب.
نحن ندعم حملات معارضة الجندية والمطالبة بتأمين اللجوء السياسي للفارين من الجندية.
نحن ندعم حق الشعب العراقي في مقاومة الاحتلال وفي نفس الوقت ندين قتل المدنيين الأبرياء.
نحن ندعم الجهود الرامية إلى تفهم الطيف الواسع للمقاومة المدنية والسياسية والمسلحة في العراق وذلك في سبيل تعزيز حملاتنا وجعلها أكثر قوة.
نحن معنيون بتعميق وسائل الاتصال والتضامن مع شعوب الشرق الأوسط.
نحن نطالب بوضع نهاية للقواعد الأمريكية في كل أنحاء العالم، وندعم الجهود الرامية إلى إلغاء الأسلحة النووية، ومنع تجارة الأسلحة، وكل الجهود الرامية إلى نزع العسكرة.
نحن ندعم الجهود الرامية إلى وقف الاستعمار الاقتصادي للعراق من قبل الشركات والمؤسسات المالية العالمية. سوف نصعد حملتنا ضد استغلاليي الحرب هؤلاء، عبر المقاطعة والأفعال المباشرة.
نحن ندعو إلى الاحتجاج ضد بوش وحلفائه أينما حلوا.
فلسطين
نحن نساند نضال الشعب الفلسطيني في سبيل العدالة وتقرير المصير ودولة مستقلة ذات سيادة عاصمتها القدس، وتنفيذ حق العودة وذلك بالاستناد إلى قرار الأمم المتحدة رقم 194.
ندعو المجتمع الدولي لفرض عقوبات سياسية واقتصادية على إسرائيل، متضمنا ذلك حظر التسلح عليها.
نحن ندعو الحركات الاجتماعية للتحرك من أجل التعرية والمقاطعة بحيث تهدف هذه الجهود لإجبار إسرائيل على تنفيذ القرارات الدولية، وتنفيذ الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية لوقف بناء الجدار غير الشرعي وإزالته، ووقف كل سياسات الاحتلال والفصل العنصري.
نحن نساند الناشطين الإسرائيليين المناهضين للاحتلال والصهيونية والذين يشاركون في هذا النضال.
نعود ونؤكد على النداء من أجل اليوم العالمي لمناهضة الحرب في 19/20 آذار ولموجة من الاحتجاج لوقف الحرب وإنهاء الاحتلال.
لبعث خطط التظاهرات في 19/20 آذار راسل على الايميل [email protected] , [email protected] من أجل المزيد من المعلومات راسل على الايميل[email protected]

***********************

دافوس هذا العام

يسار دريوسي
ككل عام في مثل هذا الوقت بدأت في السادس والعشرين من الشهر المنصرم أعمال منتدى دافوس الاقتصادي بمشاركة / 2250 / من ابرز شخصيات المال والسياسة في العالم
وأنهى أعماله بتوصيات وقرارات تؤكد إن أصحاب رؤوس الأموال هم من يقرروا سياسة العالم وان دور الدول يزداد اضمحلالا إن لم يكن فقد جل أهميته.
وعلى الرغم من ان شعارهم لهذا العام كان " تحمل المسؤولية في القرارات الصعبة " وفي البداية لم نكن نعي قدر المسؤولية لهذا العام !!! ولكن حرصا منهم على إفهامنا, لم تمض ساعات قليلة حتى قامت الدنيا ولم تقعد عندما اقترح الرئيس الفرنسي تخصيص ضريبة لمكافحة الإيدز عبر شريط فيديو بث فيه خطابه ( عدد الذين يتلقون العلاج حسب تقرير الأمم المتحدة ارتفع في الأشهر الستة الأخيرة ليصبح / 700 / ألف وهذا لا يمثل الا 12% من مجموع 5.8 مليون شخص يعاني منه وطبعا 90% من متلقي العلاج من الدول الغنية )
فقد اعتبرت قطاعات المال السويسرية " التي تستفيد من الضرائب غير المسددة على الودائع باعتبارها سرية " اعتبرت إنها غير ملزمة بالتخلي عن جزء من أرباحها وان هذا الاقتراح يعني أنها بنوك تحوي أموال غير مشروعة.
أما رئيس الوزراء الاسترالي فقد اخرج الزير من البير عندما أعلن أن المشكلة تكمن في البلدان النامية فهي لا تريد تحرير ما تبقى لديها من عوائق للتجارة وبالتالي لا تريد الانخراط في العولمة على الرغم من إن هذا حسب تعبيره أفضل وأكثر جدوى من البحث عن كيفية دعم وسائل تنمية الدول الفقيرة !!
وهذا مثال واضح عن نظرة الدول الغنية لموضوع التنمية فهم يريدون تجارة حرة تماما أما عادلة !!؟ ربما هذا ليس من القرارات الصعبة التي تنطحوا لها لهذا العام !!!؟
أما الحالم باستعادة أمجاد الإمبراطورية التي لم تكن تغيب عنها الشمس " بلير " فلم يكن همه مناقشة الأمور التافهة من تنمية وأمراض ومجاعة..... بل كان جل اهتمامه منصب على الدفاع عن السياسة الأمريكية في العالم وأعطى ملخصاً واضحاً وصريحاً للديمقراطية فقد جاء في خطابه بالحرف: " لا توجد ديمقراطية غربية وإنما ديمقراطية واحدة يجب أن يلتزم بها العالم " هذه أل يجب ؟؟ !! هي الشكل الحقيقي لديمقراطيتهم أي " ابدأ من حيث تريد ولكن يجب أن تنتهي إلى حيث أريد "
أما المضحك المبكي لهذا العام فكان توزيع الجوائز على أسوأ الشركات فمثلا:
جائزة أفضل مسيء للبيئة كانت من نصيب مؤسسة رويال دوتش شل التي رفضت تحمل مسؤوليتها في الكوارث البيئية في منطقة دلتا النيجر عام 1956
و جائزة افضل مسيء لحقوق العمال فقد ذهبت لمؤسسة داوكيميكال لرفضها تحمل مسؤوليتها تجاه عمالها من ضحايا كارثة بهوبال الهندية التي راح ضحيتها فقط 20 ألف عامل.
وكانت هناك جوائز أخرى مثل أفضل متلاعب بالضرائب وأسوأ شركة في الحفاظ على قوانين العمل......
وفي سويسرا حيث يعقد المنتدى رفضت السلطات إعطاء رخصة مسيرة في الشوارع وصولا للبرلمان تنديدا بالمؤتمر على الرغم من إنها سلمية " ربما هذا يشوه شكل الديمقراطية البليرية " ما حدا بالمتظاهرين إلى التجمع في إحدى ساحات برن وسط إجراءات أمنية مشددة وكان شكل التظاهرات لهذا العام مميزاً فاجأ الأمن من حيث الشكل فقد شمل عروض مسرحية وغنائية تسخر من المنتدى والعولمة المتوحشة وعرضاً ساخراً لمشاكل العالم من أمراض وجرائم وحروب وإدمان وبطالة واعتبروا أن النظام العالمي الجديد نظام قائم على المحميات والمستعمرات وطالب بإنهاء الاحتلال الأمريكي للعراق وانسحاب القوات الأجنبية فورا كما طالب الأمم المتحدة بعدم الاعتراف بأي حكومة تنتخب تحت الاحتلال و طالب بهدم جدار التمييز العنصري في فلسطين وضمان حق تقرير المصير للمواطنين في جميع أنحاء العالم
أما اللافت للانتباه هذا العام في المنتدى فهو دعوته المنظمات المناهضة للعولمة للحوارو إصدارهم قبل المؤتمر ما سمي بـ " مبادرة مراقبة العالم " بدا فيه واضحا إنهم يحاولون امتصاص نقمة العالم والمنظمات المناهضة للعولمة حيث خلص التقرير إلى أن الحكومات والمؤسسات الاقتصادية لم تحقق سوى نصف ما وعدت به، فعلى سبيل المثال حصل قادة العالم في مجال السياسية والأمن على نقطتين فقط من اصل عشر نقاط وفي مجال محاربة الفقر " وربما الفقراء " حصلوا على أربع نقاط ! أما في مكافحة الجوع " وربما الجائعين " حصلوا على ثلاث نقاط وفي تحسين مستوى التعليم على ثلاث وفي الحفاظ على البيئة أيضا ثلاث وعلى أربع في تطوير الصحة.
**********************



#ناشطو_مناهضة_العولمة_في_سورية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إعلان ملتقى بيروت الدولي حول استراتيجية حركات مناهضة الحرب و ...
- البديل-12-
- بيـــــــان
- لا للعنف...... نعم للحوار
- الانتفاضة الفلسطينية في عامها الرابع،
- الوثيقة الاساسية من أجل عالمٍ أفضل... .نناهض العولمة
- بيـــــان معاً في مواجهة العدوان


المزيد.....




- من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا ...
- ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا ...
- قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم ...
- مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل ...
- وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب ...
- واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب ...
- مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال ...
- -استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله- ...
- -التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن ...
- مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - ناشطو مناهضة العولمة في سورية - البديل- العدد-16-اذار-2005