|
لست خائفا على مصر
احمد عسيلي
الحوار المتمدن-العدد: 3909 - 2012 / 11 / 12 - 13:51
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
شهد ميدان التحرير يوم الجمعة 10 تشرين الثاني مظاهرة ضمت عدة ألاف من الاسلاميين المتزمتين و المطالبين بحكم شرع الله في مصر....و تزامن ذلك مع ظهور البعض من رجالات الدين في وسائل الاعلام المختلفة يحضون على اغلاق محلات الخمور و الكباريهات و قد اثارت هذه المظاهرات الخوف لدى العديد من الليبراليين و العلمانيين و انصار حقوق الانسان....كما اثارت فرحة العديد من المدافعين عن الدكتاتوريات و خاصة المصرية أو السورية و بدئوا يستشهدون بهذه المظاهرات كدليل على ان الديمقراطية لن تجلب الى المنطقة سوى الارهاب و الانغلاق و كأن مصر الان او سوريا لاحقا بعد سقوط نظام الاسد ستصبح افغانستان او ايران اخرى صراحة أنا لست خائفا من الديمقراطية الناشئة حديثا في مصر و لا من هذه المظاهرات التي عمت ميدان التحرير مؤخرا لعدة اسباب...أول هذه الاسباب ان الديمقراطية بشكل عام و الديمقراطية المصرية ما بعد الثورة بشكل خاص ليست قائمة على رأي الاغلبية فقط بل هي قائمة على ركيزتين اساسيتين لا تستطيع الديمقراطية السير الا على هاتين الركيزتين معا......و هما صندوق الاقتراع اولا و القضاء العادل ثانيا فالدول المصرية مرتبطة بالعديد من المواثيق و الشرائع الدولية و التي تعتبر اعلى حتى من الدستور الوطني المزمع اعتماده.....و القضاء المصري ملزم بالعمل حسب هذه المواثيق اضافة الى الدستور.. والقضاء المصري قضاء مازال محافظا على قوته و نزاهته...و لم يستطع لا النظام الدكتاتوري السابق و لا حكم الاخوان الحالي النيل من هيبة القضاء و قوته وما الغاء نتائج انتخابات مجلس الشعب الاخيرة وايضا رفض النائب العام لقرار الرئيس مرسي لاحقا بنقله من منصبه الا دليل قاطعا على مدى القوة التي يتمتع بها هذا القضاء...و بالتالي فهو يستطيع الحفاظ على حقوق الاقليات و على حقوق الانسان و عدم التعدي عليه من قبل المتطرفين الاسلاميين على فرض ان صناديق الاقتراع قد افرزت فوزا ساحقا لهؤلاء المتطرفين أما الامر الثاني المطمئن لي في هذه المظاهرات فهو ان الاخوان المسلمين و حتى حزب النور السلفي رفضا المشاركة فيها و اقتصرت هذه المظاهرات على حزب البناء و التنمية و على الجماعة الاسلامية و التي لا تشكل اي قوة انتخابية تذكر....و على كل حال لم يستطيعوا حشد الا عدد محدود من الألاف من انصارهم في هذه الجمعة أما الامر الثالث فهو ان وجود المتطرفين و الانعزاليين امر معروف في كل الديمقراطيات العريقة سواء البريطانية او الفرنسية او الالمانية لكن يبقى وجودهم غير مخيف طالما اتبعوا الاسلوب الديمقراطي بالتعبير عن آرائهم و طالما هم قوة ضعيفة غير مؤثرة على القرار و هذه الصفات كلها تنطبق على القوى الانعزالية في الحالة المصرية و ان من يشهد الحياة سواء اليومية منها او الحياة الثقافية او الفنية بمصر يدرك ان مقدار الحريات و حتى الشخصية منها قد ازدادت كثيرا في عهد الاخوان عن مستوى الحريات ايام النظام السابق فقد شهدت دور العرض مثلا الكثير من العروض السينمائية الجريئة جدا و التي لم يكن مسموح بها سابقا قبل عهد الاخوان كفيلم بار او عبدو موتة على سبيل المثال....ثم اني لم اسمع و لم أقرأ ابدا عن كازينو او محل بيع خمور او استديو تصوير او خشبة عرض مسرحي او صالة سينمائية قد اغلقت او انها بطريقها للإغلاق في ايام الاخوان طبعا هذا لا يعني ان الامور كلها بخير و انه ليس على الليبراليين المصريين سوى الاستسلام للاسترخاء و الخمول الذي ميز عملهم خلال الفترات السابقة فانا اعلم ان القوى الاسلامية تتحين الفرص لأسلمه الدولة.......لكن ليس الان على الاقل...و هذا ما عبر عنه الناطق باسم جماعة الاخوان محمود غزلان حين عاتب المتظاهرين الذين تجمعوا يوم الجمعة و قال (الشريعة قضية الاخوان المسلمين التي يحيون من اجلها و لكن هل من المصلحة الان ان يكون النص على تطبيقها بمنتهى الصراحة و الوضوح, ام نقبل بدستور يفي بغرض تطبيق الشريعة و ان اراد الشعب تعديله في المستقبل فله ما اراد) و هذا يعني ان الاخوان ليسوا مستعجلين على موضوع تطبيق الشريعة الان و ان كان هذا هدفهم على المدى الطويل و حين يمسكون تماما بزمام السلطة و هنا يأتي دور القوى الليبرالية و اليسارية لإنشاء تحالف موحد ضد الاسلاميين و زيادة العمل في الشارع المصري من اجل تثقيفه و ادخاله في عصر التنوير كي يبتعد عن تلك القوى الظلامية و اعتقد ان الوقت لم يفت بعد....و ان الانسان المصري العادي مازال متمسك بتراثه الحضاري العريق و باسم مصر كمكان لكل حركات التحرر و التنوير و كعاصمة شرقية للفنون و الآداب و لكل الحراك السياسي و الفكري في المنطقة لذلك و من خلال التحليل الدقيق لهذه المظاهرات المطالبة بتطبيق الشريعة و من خلال معرفتي بمصر و بالإنسان المصري اقول اني لست خائف ابدا على مصر........
#احمد_عسيلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النظام السوري و السياسة الامريكية في المرحلة القادمة
-
العلمانيون و النكسة الثالثة
-
ماذا لو لم يسقط النظام السوري خلال 6 اشهر
-
خارطة المأساة السورية
-
سورية و معركة الامعاء الخاوية......لماذا؟
-
قراءة نفسية لانتفاضة المسلمين ضد الفيلم المسيئ
-
هل من مستقبل للعلمانية
-
الثورة السورية و اللغة-ا-الحيونة
-
في مفهوم (الاب الاوروبي)
-
المثقف و البيك اب
-
الثورة السورية و الكاريزمات القزمة
-
خطة عنان.........و خيارات النظام السوري
-
الوطن ........و اثر الفراشة
-
د.اياس حسن و يوتوبيا المثقفين في الساخل السوري.......دراسة م
...
-
الدولة السورية و مجهر الثورة
-
المجتمع السوري يعود الى حلبة الصراع
المزيد.....
-
رئيس الوزراء الفرنسي يعتزم إقرار الميزانية في التفاف على الب
...
-
إعلان حالة التأهب الجوي في خمس مقاطعات أوكرانية
-
زيلينسكي: سيتعين علينا الانتقال إلى المفاوضات مع روسيا بعد ل
...
-
الجيش الأمريكي يكشف هوية الجندية في المروحية التي اصطدمت بطا
...
-
إسبانيا.. إقالة السفير الإسباني في بروكسل لسبب غريب
-
سفير روسيا في الدنمارك: موسكو لن تسمح بتحويل البلطيق إلى بحر
...
-
-أجمل كلمة في القاموس-.. ترامب يفرض رسومًا جمركية على المكسي
...
-
وسائل إعلام: ترودو يعقد اجتماعا طارئا بشأن رسوم ترامب
-
ترامب يوقع أمراً بفرض رسوم جمركية على السلع المستوردة من كند
...
-
فنزويلا تفرج عن 6 مواطنين أمريكيين بعد لقاء مبعوث ترامب بالر
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|