بهروز الجاف
أكاديمي وكاتب
(Bahrouz Al-jaff)
الحوار المتمدن-العدد: 3909 - 2012 / 11 / 12 - 01:10
المحور:
الادب والفن
حدثنا عُمرُ بن الحُسين البَغداديّ قالَ:
بيْنما كنتُ أتمشّىٰ حيثُ الموتَ أخشىٰ، ببغدادَ، رأيتُ ثُلّةً من الناسِ مكوَّمةٌ عند غِراسِ، أرْخَتْ آذانَها لشخصٍ يبدو عاليَ الباسِ وهو ينهقُ: "أيّها الناسُ، اِن لم تعوا قبلاً فأنا الأفضلُ، أنا الأكملُ، أنا الأكحلُ، أنا الأجملُ، أُذكّركُمْ مَن أنا، انا من ظَنَكَ القتالُ عَيشي ففَررْتُ من الجيشِ، تَغرَّبتُ في الغربِ حتى امتهنتُ خدمةَ الكلْبِ، فحمداً للهِ على الكَرَمِ في بلادٍ لم تعرف الحَشَمِ، جعلتْني ذا جنسيتينِ، وعُدْتُ اليكم بشهادتينِ، أفضلُهما من مُرَيْدي، واستحالَ لساني لسانَ ثعبانٍ له نضْنَضةٌ ومشطورٌ لشطرينِ، يُدلي بتصريحينِ ثرثارينِ في عينِ المُكيْنِ، واستطالَ أكثرَ حتى زادتْ مواهبُهُ، فمِنَ الغَمْزِ الى اللمْزِ ومن اللحْسِ الى الدحْسِ، من الذَمّ الى الشَتْمِ ومن الشَدْقِ الى الختْمِ، فتأمّلوا واستريحوا وثِقوا بي والهمَّ أزيحوا، وستعْلوا بلادَكُمْ حيثُ أكونُ بسيطاً، في جلْبِ المسثمرينَ المخْفيّينَ وسيطاً، وبأُعطياتهم أكونُ غنياً ووجهاً لكم وطنياً، وبجيبيَ الدسْمُ أبْني مَسجِداً قريباً منكم يكونُ باسمي، اُنْهي البطالةَ بنَشرِ مَزارعي ومَصانعي، فيها تعملونَ ومنها تأكلونْ، بعضُكم حرسٌ عندي وآخرونَ الناسَ يسومونْ، أوفَدُ بينَ الحينِ والحينِ من الصينِ لبرلينَ ومن كندا لبينينَ، سأُعلمُهم مآسيكمْ عسىٰ فردٌ منهم يواسيكمْ، ولا تأسَوا ولا تَهنوا، فاِنْ جاءتْ نهاياتي سأمْضي في حِساباتي، لي ضمانٌ فهو يكفيني، ويكفي خلَفَ خلفايَ، وهو يُحييني، وأعودُ الى عهدي، الى بلدي، وأولادي، فلا دَيْنٌ لكم عِندي وطبْلي يعزفُ عن بُعدِ. ألم تَرَوني مُخلصٌ لكم؟ فاعطوني أصواتَكم." فلمّا اقتربْتُ منه فاذا هو والله حبيبي العتيقُ الهاربُ خالدُ بن شيرزادَ بن الحمزةَ، فقلتُ كيف هذا وقد كنتَ رعديداً جبانا، فاجابني:
ياحبيبي لاتقلْ كيف انتهينا عادَ فينا من يرىٰ في قَوليَ دينا
ماترى في هذه الأيامُ، صيْداً، باتَ مثلي يرْتقي في الجاهلينا
لاتَدعْ حِلمَكَ يعلو كالعليلِ نسألُ الله لكي يُشفي الأنينا
يا صديقي لاتسلْني عن ضميري أَرْتجي فيكَ رفيقاً وأمينا
اَعطِني صوتَك لانِلْت مراداً وانتهي من حيثُ ما أَبدأُ شينا
يَسرحُ الآنَ عزيزاً في بلادي كلُّ من آلَ مآلَ السارقينا
#بهروز_الجاف (هاشتاغ)
Bahrouz_Al-jaff#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟