رشا نور
الحوار المتمدن-العدد: 3907 - 2012 / 11 / 10 - 11:13
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
تطالعنا كل يوم المواقع العربية والإسلامية بعشرات المقالات التى تطالب علمائنا الأجلاء بتطوير وتجديد الخطاب الديني، والذين يرون أن الأمر جد خطيراً وصار قضية حتمية فرضتها عوامل طارئه ضاغطه مرتبطه بسبب ما يتعرض له الإسلام اليوم فى كل بقاع الارض من هجوم شرس يضعه على المزالق التى تنزل به إلى عمق الأنحدار والزوال، وذلك بعد أن أكتشف العالم المتحضرعورات الإسلام وسخافاته وتناقضاته وبشرية كاتبه وعنصريته الفجة وشذوذه البين وأنه لا يقل خطراً عن النازية بل وأخطر .
... و قديماً كان يساء فهم قضية تجديد لغة الخطاب الدينى وتكفير مثيرها تحت حجة " بدعة الحداثه " و" موجات التغريب ( نسبة إلى الغرب ) " التى تعصف بالثوابت المتأصلة و تُكسر أساسات الموروث السلفي للأمه ... وهذا ماحدث بالفعل مع المرحوم الدكتور / نصر حامد أبو زيد الدكتور بكلية الأداب جامعة القاهرة قسم اللغه العربيه ، فعندما تقدم بأبحاثه للحصول على درجة أستاذ فى سنة 1995 وكانت اللجنة مُشكلة من أساتذة جامعة القاهره وكان من بينهم المتطرف د.عبد الصبور شاهين الذى أتهم في تقريره د / نصر بالكفر، وتلقى الشيخ / يوسف البدري الإتهام ... و قام برفع قضية الحسبة المعروفة التى إنتهت بهروب د / نصر وزوجته وتركا مصر إلى المنفي بسبب رسالة الدكتوراه التى تدور حول فلسفة التأويل (دراسة في تأويل القرآن عند محيي الدين بن عربي ) ... والسؤال الذى لا بد منه هو :
هل المطلوب هو تجديد الخطاب القديم أم البحث عن خطاب جديد ؟
وماهى تلك الخطوات المنهجيه التى ينبغي أن نسلكها للخروج بخطاب ديني جديد وليس متجدد ؟
فكل محاولات تجديد الخطاب الديني بائت وستبوء بالفشل الذريع لوجود تلك النصوص الموروثه المقدسه، وهى نصوص مجنونه التي تجعل الإسلام عقيدة توتاليتيريا (Totalitarianism) دموية لا تختلف إطلاقاً عن النازية أو الفاشيستية إذ يجمعهم هدف واحد وهو الهيمنه على العالم باى ثمن، والتوتاليتيريا هى أبشع أشكال الحكم المبني على إخضاع الفرد للدولة والسيطرة الصارمة على جميع مظاهر حياة الأمة وطاقتها المنتجة، على أساس أفتراضات ايديولوجية تحكمية معينه تعلنها الزعامة فى جو من الأجماع المفروض بالأكراه على السكان كافة ، وكان هذا الأصطلاح يطلق على التنظيم النازي والنظام الفاشيستي ...
فنصوص القرآن تفرز مُسلم مريض مشوه بالنرجسية والإنحسار فى الذات والتعالي والتشامخ على كل مخالف لعقيدته بل ورافض لكل سبل التعاون مع الآخر الذى هو شريك الأسرة العالمية والوطن والمصالح، وكل مايهمه هو الهيمنة والسيطرة على الارض ليكون للإسلام الحاكمية والكلمة العليا ..
ويتحير المسلم البسيط الأمين على دينه حين يقف أمام العدالة كأرهابى قاتل والسبب أنه نهل وأتبع هذا المنهج السلفي الأصولي فتحول لمجرم قاتل مستبيح ومستهين بقيمة الانسان، ولن نجد أصدق من بن لادن والدكتور/ إيمن الظواهرى (حفيد شيخ الأزهر السابق الشيخ الظواهرى) وزمرة السلفيين وغيرهم من الجماعات الإسلامية فى أظهار هذه الإفرازات القرآنية والسنة المحمدية وصحيح الدين ... والدليل، على سبيل المثال لا الحصر تلك النصوص القرآنيه التى تتحدث عن ما يلي :
1 – الولاء والبراء :
الولاء والبراء معناه محبة المؤمنين وموالاتهم، وبغض الكافرين (غير المُسلمين) ومعاداتهم، والبراءة منهم ومن دينهم :
أ – عدم أتخاذ اليهود و النصارى أولاياء من دون الله :
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ " (سورة المائدة 5 :51)
ويقول بن كثير فى تفسيره للنص :
" ينهى تبارك وتعالى عباده المؤمنين عن موالاة اليهود والنصارى, الذين هم أعداء الإسلام وأهله ـ قاتلهم الله ـ ثم أخبر أن بعضهم أولياء بعض, ثم تهدد وتوعد من يتعاطى ذلك, فقال {ومن يتولهم منكم فإنه منهم} الاَية. قال ابن أبي حاتم: حدثنا كثير بن شهاب, حدثنا محمد يعني ابن سعيد بن سابق, حدثنا عمرو بن أبي قيس عن سماك بن حرب, عن عياض أن عمر أمر أبا موسى الأشعري أن يرفع إليه ما أخذ وما أعطى في أديم واحد, وكان له كاتب نصراني, فرفع إليه ذلك, فعجب عمر وقال: إن هذا لحفيظ, هل أنت قارىء لنا كتاباً في المسجد جاء من الشام ؟ فقال: إنه لا يستطيع, فقال عمر: أجنب هو ؟ قال: لا بل نصراني. قال: فانتهرني وضرب فخذي, ثم قال: أخرجوه, ثم قرأ {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء} الاَية, ثم قال: حدثنا محمد بن الحسن بن محمد بن الصباح, حدثنا عثمان بن عمر, أنبأنا ابن عون عن محمد بن سيرين, قال: قال عبد الله بن عتبة: ليتق أحدكم أن يكون يهودياً أو نصرانياً وهو لا يشعر. قال: فظنناه يريد هذه الاَية {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء} الاَية, وحدثنا أبو سعيد الاَشج, حدثنا ابن فضيل عن عاصم, عن عكرمة, عن ابن عباس أنه سئل عن ذبائح نصارى العرب, فقال: كل, قال الله تعالى: {ومن يتولهم منكم فإنه منهم} " .
ويقول الجلالين فى تفسيره للنص :
" (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء) توالونهم وتوادونهم (بعضهم أولياء بعض) لاتحادهم في الكفر (ومن يتولهم منكم فإنه منهم) من جملتهم (إن الله لا يهدي القوم الظالمين) بموالاتهم الكفار " .
ولنسمع ماذا يقول الشيخ الشعروي وهو الفكر الإسلامي المستنير :
http://www.youtube.com/watch?v=nLtp2iurF9M
http://www.youtube.com/watch?v=nLtp2iurF9M
وهذا غير ما يقول الطبري والقرطبي البغوي ..... فى تفسيرهم للنص .
ب – لا تولوا حتى آبائكم وأخوانكم :
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آَبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ " ( سورة التوبة 9 : 23 )
وقال بن كثير فى تفسيره للنص :
** يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتّخِذُوَاْ آبَآءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَآءَ إَنِ اسْتَحَبّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلّهُمْ مّنكُمْ فَأُوْلَـَئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ * قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَآ أَحَبّ إِلَيْكُمْ مّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبّصُواْ حَتّىَ يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ تعالى بمباينة الكفار به وإن كانوا آباء أو أبناء, ونهى عن موالاتهم إن استحبوا أي اختاروا الكفر على الإيمان, وتوعد على ذلك كقوله تعالى {لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الاَخر يوادّون من حادّ الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار} الاَية, وروى الحافظ البيهقي من حديث عبد الله بن شوذب قال: جعل أبو أبي عبيدة بن الجراح ينعت له الاَلهة يوم بدر وجعل أبو عبيدة يحيد عنه فلما أكثر الجراح قصده ابنه أبو عبيدة فقتله فأنزل الله فيه هذه الاَية {لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الاَخر يوادّون من حادّ الله ورسوله} الاَية. ثم أمر تعالى رسوله أن يتوعد من آثر أهله وقرابته وعشيرته على الله ورسوله وجهاد في سبيله فقال: {قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها} أي اكتسبتموها وحصلتموها {وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها} أي تحبونها لطيبها وحسنها, أي إن كانت هذه الأشياء {أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا} أي فانتظروا ماذا يحل بكم من عقابه ونكاله بكم ولهذا قال {حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين}. "
2 – إقتل الذين أوتو الكتاب من قبلك أى اليهود والنصاري حتى تُشفي صدور المؤمنين :
" قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ " ( سورة التوبة 9 : 14) ... فكيف نجمل هذه القنبلة المنزوعة الفتيل وهل يمكننا تفسيرها بان المولى عز وجل يقصد اليهود والنصارى فى عصر محمد فقط ونسرد الأسباب، أم نقول أن اله الإسلام كان يقصد نوعاً من المزاح مع أهل الكتاب ومعنى النص " لاَعِبوهُمْ يُدلْلهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُفرحِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ مَعاً وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ " .. أنها نصوص خطيرة منقوعة بكل آليات الشر ضد اليهود والنصارى، وحتى لا أطيل عليك عزيزى القارئ أكتفى بهذه النص وهو قليل من كثير يملء القرآن وكتب السنة والتفاسير فيكفي أن تعرف أن الفاتحة التى يرددها المسلم فى اليوم عشرات المرات والتى تقول " الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (1) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (3) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (4) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (5) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ (6) غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7) ( سورة الفاتحة 1 : 1-7 ) ، فأسمع ماذا يقول بن كثير فى تفسيره للآية رقم ( 7 ) من الفاتحة قال : " قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى {غير المغضوب عليهم} قال: هم اليهود {ولا الضالين} قال النصارى هم الضالون " وهذا بأجماع كل مفسرين وفقهاء الأمة .
3 – قتال غير المسلمين فى كل بقاع الأرض للدخول فى الإسلام أو يدفعون الجزية عن يد وهم صاغرون أى أذلاء حقراء :
فالقرآن يقول : " قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ " (سورة التوبة 9 : 29) ... وفى ( سورة البقرة 2 : 193 ) " وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ " ...
ويقول أيضاً فى ( سورة آل عمران 3 : 19 ) " إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ " ... ويأكد فى ( سورة آل عمران 3 : 85 ) " وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ " ...
4 – القتال للقتال والحجج واهية :
أسمع ماذا يقول الشيخ محمد حسين يعقوب عن أسباب قتل اليهود فى القرآن :
http://www.youtube.com/watch?v=_X8dhrzQCHY&feature=related
http://www.youtube.com/watch?v=_X8dhrzQCHY
ومن هنا فنحن أمام هذه النصوص المجنونة والصريحة التى لا تحتاج إلى تأويل أو تفسير ... و الملزمه للمُسلم المؤمن بالقرآن بالنظر للذين " أوتوا الكتاب من قبله من اليهود والنصارى " بنظرة الكاره والحض على قتالهم فماذا نقول عند تجديد وتجميل هذه الخطاب؟ ... وماذا سيفعل الفقهاء والمسئولين عن التجديد و التجميل مع وجود هذا الكم المرعب من النصوص المجنونه الكفيله بحرق العالم أجمع؟ ، مع ما أفرزته تلك النصوص فيهم من عمي البصيره ومحنة العقل التي تعتريهم ... ألا ترون معي أنه سينطبق عليهم المثل الشعبي الدارج الذى يقول: " عمياء وكحلت مجنونة " وكما قال الكتاب : " أعمى يقود أعمي كلاهما يسقط فى الحفره " ... فالأجدى هو نسف " حمامك القديم " أقصد النص الموروث كله ، ونسخه نصاً وحكماً ولنا أسوة حسنة فى إله الأسلام حينما كان ينسخ ويبدل ما يشأ من وحيه وهو الذى قال عن نفسه : " مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " (سورة البقرة 2 : 106 ) فاليوم يمتلك المسلم الحق فى تغير وتبديل القرأن لأنه صار ملكاً خاصاً وذلك بعد مرور 1433 سنه من الدفاع المستميت من أجله ، وبعد أن ضحى بأبيه وأبنه وكل غالي لديه فداءً ليحافظ على هذا الذكر المجنون ، و مازالوا يموتون من أجله ...
فالتجديد والتجميل لا ولن ينفع وغير مُجدى ... بل البحث عن الجديد هو الحل ... وهو أن تنسى ما هو وراء وتمتد لما هو قدام وتسعى نحو الهدف وهو أن تعلن أنضمامك فى المنظومه العالميه المتحضرة والمتجهة نحو التقدم وأن تقف تحت مظلة المواطنة العالمية الرائعه بأحترام الآخر المختلف معك فى اللون والجنس والعقيده واللغه وقتها سيعرف العالم الإسلامى معنى الحريه والأخاء والمحبة الكاملة وبالتالى الرخاء من خلال هذه الأسره الأنسانية .
رشا نور
#رشا_نور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟