ادريس الغزواني
الحوار المتمدن-العدد: 3905 - 2012 / 11 / 8 - 15:09
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
يعرف لويس برينو العقلية كنسق متكامل من الغرائز و ردود الأفعال الطبيعية .إن عدم تجانس الشعب المغربي يظهر على أشكال مختلفة,عرقي و لغوي و اجتماعي, وهذا لم يطرح أي مشكل .إنه يحدد أنواع مختلفة –الشلوح و العرب, القروي و المدني’ العبيد و اليهودي.لكن يجد الاهتمام بالملامح المشتركة بينهم عن طريق التوضيحات المعزولة .يستشهد برينو بعالم النفس( تين) الذي يثب أن على جميع الأعمار, الشعب يبقى كما هو, فالغرائز الخمس أو الست الكبرى التي يتوفر عليها في غاباته تلحق بهم في قصورهم و مكاتبهم .انه يطبق نفس المبدأ على ذواتهم ,لو أن المغاربة لم يكونوا شعب له وجهة نظر سياسية و لغوية و إثنية أو اجتماعية, إنهم يملكون عقلية جماعية في ملامحهم العريضة.هذه الغرائز الخمس أو الست الكبرى التي نجدها في الغابات و القصور يبتغى جردها.ما هي هذه الغرائز الكبيرة؟ إن المغاربة لديهم حساسية و انفعالية تجعلهم منبسطين.إنهم بعيدين إلى أقصى الحدود في جميع الأحوال, إنهم مندفعين,هذه السمة تهيمن على الروح المغربية, و تفسر مفارقات الكرم و البخل, الشجاعة والرعب, الشوق و العياء . المغربي يبالغ دائما في اتجاه أو أخر, حينما يظهر شعور أو رغبة في الروح الأهلية, فإنه يكتسح بشكل كامل و يقوم بإبادة تلك الروح الباقية .إن برينو يعطي أمثلة لتوضيح اندفاع المغاربة .
لتصغير الخبر المقلق, صحيحا كان أم خاطئا, نرى ساحات السوق ترتفع أو تنهار بدون عقلانية. المحلات تغلق بسيولة و بأثمنة بخسة. رفض الورقة النقدية و شراء الكميات, انه غالبا الرعب أو التحمس.التلاميذ عائدون من المدرسة, إنهم يريدون كلهم, أن يعرفوا أن يفهموا, برامجهم الدراسية ليست مشحونة بشكل كبير, الأيام قصيرة للغاية و العطل طويلة, هذا الحماس يدوم شهرا أو شهرين ثم يختف التلاميذ.
نفس السمة تتجلى في مستوى المشاعر المعتبرة من طرف برينو كانتظارات الروح الجماعية. الانتظار الأول هو الحب الخالص المتنوع الأشكال, خاصة تفاهة و رغبة الظهور.المغربي يأخذ عرس ابنته بشكل رائع أكثر من امرأته التي تحمل المجوهرات الثمينة و العديدة...كالبغلة السمينة على الأخريات .إن التفاهة ليست من احتكار المغربي, لكن هو من قام باختلافها.إنها الطريقة البعيدة المدى الراكدة معها . المغربي حساس بالتملق و يمكن الحصول عليه بكثرة عند المحبين بدون حب خالص, لكن الحب الخالص المبالغ فيه يترجم في سرعة التأثر.المغربي سريع التأثر و يتقلب بسهولة.
يعتبر الفجور كدافع أخر لنشاط المغاربة. المغربي الموجود في الجبل أو السهل, فلاح أو مدني, يبحث عن متعة حقيقية و شهوة جنسية من جميع القوى. المدني الغني يبحث عن السرور من الحمام الجيد, الرفاهية من الأرائك, الموسيقى الأندلسية, الشاي يقدم من طرف النساء السود. الفقراء يفرحون بحانات الشاي, الكيف أو الخمر.هذه السمة هي التي تفسر حضور الملايين من العاهرات في المدن.إن اللذة تفسر من جانب, بحب الربح, والطمع بالرغبة في الغنى الذي يميز جميع الطبقات الاجتماعية. الطمع الأهلي, السذاجة الراكدة تصدم الأوربيين و تتجلى تحت أشكال مختلفة ,الإكراميات للشاوش, هيمنة المضاربة في مجال التجارة, نقص ثمن اليد العاملة التي تأخذ المر دودية و ابتزاز ممثلي المخزن .هذا الذوق المفرط للمال ينتمي لطبيعة سيكولوجية المغربي .
بالدفع إلى الحد الأقصى, التفاهة و الفسق و الطمع يحدثون فردا نية مبالغ فيها .المعلمين يكتمون إسرارهم غيرة. القبائل و العائلات يأخذون استقلالهم و لا يفكرون في المصلحة المشتركة.المجتمع الأهلي يغيب الانسجام أيضا. الجماعات بارزون تحت ضغط الحكومة. هذا الشعب يملك كل ما تحتاج له امة ,إدارات و فلاحة و تجارة كافية و فنون و مدارس .العائق الوحيد يكمن في روحه الخاصة.
إن السمة المهيمنة على الذكاء المغربي هو الذاكرة .الأحكام, العلماء ليسوا في حاجة إلى شفرات, كل شيء عندهم في الرأس. إنهم موسوعات قانونية حية, لكنه يتحدث عن ذكاء مستقبل, و الذي كل ما يحفظ يأتي من الخارج و ليس كل ما يجمع و ينشئ.المغربي استقبالي و خيالي . حينما يكتب معاهدة حقوقية فانه يعطي ألف من التفاصيل الملموسة و ليس فكرة عامة.حينما يكتب التاريخ فانه يعطي التواريخ و الوقائع بدون أن يشغل باله بجرد سطر لتبيان حركة...
المغربي متدين بإفراط في جميع الأوقات, انه يعيش في عالم مهيمن من طرف القوة الخارقة. الأرواح و العين و البركة.الفلاح يرفق أعماله بالاحتفالات التي تهدف إلى تفضيل القوى الخفية. التاجر ينطق بصيغ التقوى قبل فتح محله.المغربي يبحث عن النشوة و يعود بسهولة إلى التصوف.إن ممارسة الإسلام مشروطة بالغرائز القديمة للبرابرة .انه يوجد دين بربري لا يظهر في الاختلافات الدينية المتبناة في الدول منذ الحقبة الوثنية.إنها تركز على المشاكل الملموسة, قوى الخير و قوى الشر و الأضرحة و الفأل الجيد.يبقى الله في المجرد و بعيد ولم يشغل بال البرابرة من اجل الحياة المستقبلية.
تدبير الاختلاف الثقافي
راسل برينو الفرنسيين و الأوربيين المقيمين بالمغرب, و دعاهم لمعرفة عقلية الساكنة لاحترامها و أخذها بعين الاعتبار في حياتهم اليومية. إنه نشر في هذا المعنى كتيب صغير يلخص ماذا يجب معرفته في أعرافهم.ويتمظهر الهدف, في مسح الأحكام المسبقة و التحذير من سوء الفهم و نصح الفرنسيين بأخذ مواقف مناسبة للتبني بالنسبة للمغاربة. و سنقول مرة أخرى للباحث الموظف بأنه لم يكتف بالدراسات التأملية و إنما مكانته تكمن في الدفع لإنتاج معرفة مفيدة .إنه المشكل الكبير المطروح بالنسبة لمن يحكم .و يتبين أولا في تجنب التنافر بغية إحداث تعاون ثنائي, و عمل جماعي, و توزيع المهام لتصحيح الأنشطة,ونضع في الحسبان المميزات السيكولوجية للجماعات المختلفة.
لقد أقنع برينو رغما عن الاختلافات الثقافية, الفرنسيين و المغاربة ليكونوا شركاء في تحديث دولتهم.إن المثل الشعبي الموجود على الصفحة الأولى من كتيبه الصغير يترجم مثاليته(المحلوبة حليب و المعصورة دم) إن برينو لم يتقدم كملاحظ خارجي يريد معرفة المجتمع المغربي لكنه تورط في العلاقات التي تربط الفرنسيين بالمغاربة.على طول الكتاب انه يستعمل ضمير المخاطب الجمع .انه يكرر نفس سمات المغاربة مصاحبة غالبا بنصائح عملية.و يذكر بماهية المتدين العميق و يشير إلى أن اسم الله غالبا ما يستشهد به في الصيغ الأدبية.
#ادريس_الغزواني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟