محمد المراكشي
الحوار المتمدن-العدد: 3902 - 2012 / 11 / 5 - 21:06
المحور:
كتابات ساخرة
ينتابني مرات الشعور بالألم للشعراء القدامى الذين اشتهروا بحب عفيف نشأ في عذرة فسموه عذريا..كما ينتابني الشعور ذاته لنا في زمن اختلطت فيه أنواع الحب كما اختلطت نوايا المحبين !
لو أن جميل بن معمر عاش بيننا الآن ،في زمن الفيسبوك و التويتر،تراه كان سيحب بثينة البدوية الرائعة الجميلة بمقاييس صحراء لم تمسس عذريتها سحب النت !! و لو أن بثينة ذاتها ،جاءت في زمن الويب كام تراها كانت ستأبه لقائل الشعر في جمالها لو لم تجمعهما جلسات شات طويلة وفارغة !!
فعلا فالزمن غير الزمن ، و الشعراء ايضا غير الشعراء..و الأكثر فظاعة أن المحبين أضحوا غير المحبين ! فالزمن الذي يجن فيه قيس بليلاه و يعتل جميل ببثينته ،ويشدو عنترة بكلام مقفى لعبلته ماعاد له مكان بيننا.. ترك مكانه لعشاق من نوع آخر..
عشاق الحب العذري عندنا قد ينقلبون في اية لحظة لتصبح ليلى أو بثينة أو عبلة في لحظة ضحية للنحر في الشارع العام ! فيتحول الحب ذاك من عشق ووله إلى جريمة ما كانت على بال قيس و لا عنترة !
عشاق الحب العذري عندنا ، حولوا الكلام المهموس إلى حبيباتهم عبر الفضاء الافتراضي إلى حب افتراضي فقط ! لا يخرج إلى الواقع إلا لينكشف طرفاه ! طرف يتلاعب بالمشاعر عبر النت ،وطرف يسقط ضحية للويب الكام !!
اظن اننا لا نستحق تاريخنا في العشق العذري ، إذ حولتنا الآلة الجهنمية للنت إلى عبدة للتمتع البعدي بالجسد ، وتمتيع الاخرين بصوره و آهاته! حولتنا إلى هواة للفضائح ومشاريع مجرمين !!
لكن التاريخ يحتفظ للذين لم يعرفوا "حضارتنا" الزائفة بقيم الحب النبيل التي صمدت معها أسماء قيس و عنترة و المجنون ، وصور جميلاتهم اللواتي لا تماثلهن حبيباتنا في الجمال المتخيل على الأقل !
يظل هؤلاء أحياء إلى الأبد ، بينما نظل نحن بلا حب إلى أن نتعلم معنى الحضارة ونعرف معنى الحب وموقع عذرة !!!
#محمد_المراكشي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟