داود روفائيل خشبة
الحوار المتمدن-العدد: 3902 - 2012 / 11 / 5 - 19:02
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ما العمل؟
داود روفائيل خشبة
أستميح القارئ عذرا، فها أنا أشرع فى الكتابة دون أن يكون فى ذهنى موضوع محدد أريد مناقشته ولا فكرة محددة المعالم أريد التعبير عنها، إنما يدفعنى للكتابة إحساس ممضّ بأننا، فى البلاد العربية عامة وفى مصر خاصة، أصبحنا فى وضع لا يُحتمل ولا يجوز السكوت عليه.
ما الذى أوصلنا إلى هذا الحال؟ ما نعانيه من تخلـّف حياتىّ وحضارى وفكرى ليس بالأمر الجديد، لكن الجديد أن بؤر التخلف ورؤوس التخلف أصبحت هى المسيطرة على المراكز القيادية وهى القابضة على زمام السلطة وهى المتحكـّمة فى المسار وفى المصير.
كنا من قبل نعانى من شيوع مفاهيم للدين رجعية ومتحجّرة، لكن كانت هناك محاولات، حتى من دعاة الدين، لبث شىء من الاعتدال والتعقل من خلال التركيز على العناصر الإيجابية فى التراث الدينى. دهمنا الآن تيّار جارف يغرقنا فى خضمّ أسوأ وأفتك ما فى هذا التراث. لم تعُد الدعوة للاعتدال والوسطية والاهتداء بما فى التراث من إيجابيات يجدى شيئا. استفحل المرض ولم تعُد للمُسَكنات ولا للعلاج الموضعى فائدة؛ لن ينفعنا الآن إلا استئصال الورم الخبيث! ولكن كيف؟
الإخوان المسلمون، برغم كل ما فيهم من پراجماتية ومكياڤيلية واستعداد للتواؤم مع الرأسمالية العالمية والصهيونية، إلا أنهم لا يستطيعون مجابهة السلفيين الوهابيين، بل إن الإخوان المسلمين هم من أطلقوا سُعار الأحلام الوهابية بوعودهم الانتخابية الرعناء عن تطبيق الشريعة وإقامة الخلافة التى عاصمتها بيت المقدس!
إننى لا أرى مخرجا على المدى القريب، وقد يأتى الفرج من حيث لا ندرى: قد يأتى من ثورة شعبية عارمة يؤجّجها الجوع الذى تقودنا إليه سياسات أو لاسياسيات الإخوان المتخبّطة العاجزة؛ وقد يأتى من صراع انتحارى بين الإخوان والسلفيين؛ لكن كل هذا فى علم الغيب.
إننى لا أعرف ما الذى يمكننا أن نفعل أو ما ينبغى أن نفعل على المدى القريب، أما على المدى البعيد فإنى أرى بكل وضوح أن واجب كل عاقل وكل عقلانى أن يعمل بكل وسيلة لتحرير العقول لا من الفكر المتخلـّف للأصولية الدينية فحسب، بل من سطوة كل عقيدة دينية. علينا أن ننشر الوعى بأن الدينات المؤسّسية والمؤسّسات الدينية مخلـّفات بدائية ينبغى أن يتجاوزها إنسان الحضارة.
داود روفائيل خشبة
القاهرة، 5 نوفمبر 2012
#داود_روفائيل_خشبة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟