أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - تساؤلات بريئة- الجزء الثاني














المزيد.....

تساؤلات بريئة- الجزء الثاني


حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)


الحوار المتمدن-العدد: 3901 - 2012 / 11 / 4 - 20:20
المحور: الادب والفن
    



"ماما..."
"نعم؟"
"إذا تزوّج أبي امرأة أخرى فلن أعود لزيارته." قالها ابني بنبرة صلبة إذ كنا جالسين نتناول الغداء.
لا أدري لِم سماع كلامه أصابني بالذهول، رغم أنني لم أكن غافلة عن خبر زواج أبيه الذي تردّد على مسمعي كثيرا في الآونة الأخيرة. فمنذ طلاقنا دأبت كذبابة نشيطة لا تكل ولا تمل جارتي أم سميح على طن أخباره في أذني بين الفينة والأخرى، ولو لم أكن أسكتها في كل مرة لكانت ضربتني بكل أخباره أولا بأول وبأدق تفاصيلها، إذ كانت تجمعها علاقة قريبة بوالدته منذ زمن بعيد، ولا أدري لماذا أحسست كأن علاقة المرأتين قد توطّدت أكثر وأكثر منذ أن تمّ طلاقي، وفي الواقع، لم أكن مهتمة بالموضوع.
"دعيني من أخباره، أرجوك، يا أم سميح." كنت أقول لها في كل مرة تبدأ بسرد أخباره لي. "لا أريد أن أعرف شيئا. لم أعُد مهتمة بخصوصياته. أريد أن أنسى وأسير قدما ولا ألتفت الى الماضي، ولا الى من ينتمي الى الماضي."
تأملت ابني ذي السنوات السبع طويلا، وفي داخلي إحساس أن ذلك الصغير يكبر يوما بعد يوم، ويكبر معه وعيه وإدراكه بالأمور. ثم نقلت نظري إلى أخته الكبيرة التي جلست الى يساره يطوقها الصمت. عيناها مشدوهتان في نقطة ما في صحنها، تلتمعان بتساؤلات غامضة، تتراكض، تتقافز، تتشابك، تتصارع، وصمتها يطنّ في أذني أكثر من أخبار أم سميح.
حاولت التغلب على صدمتي وقلقي حين سألته: "لماذا يا حبيبي؟"
فردّ بحزم وحِدّة: "لأنه سيحضر لنا زوجة أب، يعني شريرة، لن تحبنا، وستضربنا."
ابتسمت لسماع قوله. ذكرني كلامه بتلك القصص التي كنت أسمعها في طفولتي، أقرأها في الكتب وأشاهدها على التلفاز عن ساحرات يؤذين الأولاد الصغار وزوجات أب شريرات يضايقن البنات الصغيرات، حتى جعلتني أبحث عنهن من حولي وأتساءل بيني وبين نفسي أيام كنت طفلة: من هي زوجة أبي الشريرة التي تتحدث عنها القصص؟؟ وهل جارتنا أم عادل هي ساحرة شريرة لأنها تضايق أولادها وبناتها الصغار بصرخاتها المجلجلة وضرباتها الموجعة؟!
توجّهت الى ابني وسألته باستغراب: "ومن قال لك إنها ستكون شريرة؟ قد تكون طيبة ولطيفة. إذا جهلتَ شيئا فلا تفترض الأسوأ. ربما ستحبك... وتحبها."
دارت حدقتاه في داخل عينيه كدوّامة في بحر، ورفعت أخته نظرها عن صحنها بدهشة وحيرة. لحظات من التوتر لم ينبس أحد منهما بكلمة. كانا غارقين في تأمّل طويل بتلك الفكرة التي لم تخطر على البال.
ثم قال ابني بصوت حاسم النبرات: "لا! ستكون شريرة. أنا أعلم ذلك."
"وكيف تعلم؟"
"أعلم... لأنك أنت طيبة وهو طلّقك... وسيتزوجها هي."
ثار غضبي وقلت له مؤنبة: "ولكن أباك لم يطلقني. كم مرة قلت لك هذا الكلام؟! نحن الإثنان طلّقنا بعضنا البعض." ثم توجّهت الى أخته التي حاصرتني بعينيها اللامعتين ببريق الخوف، وأضفتُ قائلة: "ولكننا نحبكما أنتما الإثنين، وسنبقى نحبكما الى آخر يوم في حياتنا. أفهمتما؟"
الصمت الواجم خيّم علينا بعد أن سكت عنا الكلام. أكملنا غداءنا ككل يوم، ثم افترقنا وذهب كل واحد الى خلوته بأفكاره وتساؤلاته.

كفر كما
12.10.12



#حوا_بطواش (هاشتاغ)       Hawa_Batwash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحب والعاصفة 22
- أنانية أنا
- ابتسامة الصباح
- الحب والعاصفة 21
- قوة التأثير على الناس البسطاء
- الحب والعاصفة 20
- عائدون الى الروضة
- الحياة حسب ايفا ايلوز- سيد قشوع
- الحب والعاصفة 19
- أنا والفئران جيران
- الحب والعاصفة 18
- ذكرى
- غش وفوضى وخلوها بيناتنا
- الحب والعاصفة 17
- الحب والعاصفة 16
- الحب والعاصفة 15
- الحب والعاصفة 14
- الحب والعاصفة 13
- الحب والعاصفة 12
- الحب والعاصفة 11


المزيد.....




- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
- مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب ...
- فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو ...
- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - تساؤلات بريئة- الجزء الثاني