أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - ميشيل نجيب - الثقافة الزائفة فى مجتمعات اليوم














المزيد.....

الثقافة الزائفة فى مجتمعات اليوم


ميشيل نجيب
كاتب نقدى

(Michael Nagib)


الحوار المتمدن-العدد: 3901 - 2012 / 11 / 4 - 20:00
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


يتفق الجميع على أن التغيير الحقيقى ينجح عندما تكون هناك رغبة كبيرة للمجتمع فى إحداث التغيير، ورغبته فى معرفة طرق جديدة لتغيير أحواله، لكن ذلك يعتبر من المستحيلات فى مجتمعات لا تفكر بنفسها بل تركت التفكير للآلهة ولرجاله المقدسين حيث الثبات على ثقافة الآلهة وتراثهم هو الطريق الحقيقى للمؤمن وغير ذلك من ثقافات كافر ضل طريقه أى كل من يبحث عن التغيير، لأن المؤمن ينفذ ويطبق إرادة الإله وليس إرادة نفسه وما يصلح أو لا يصلح من حلول لمشاكله اليومية التى لا دخل فيها للآلهة ولا يستطيع أى إله أن يكذب على تابعيه بأنه قادر على إيجاد حلول للبطالة ونقص الغاز والبنزين والخبز والتعامل مع عصر التكنولوجيا ولغته وثقافته الأفتراضية وغير ذلك الكثير مما يختص بالإنسان ولا يحتاج إلا لثقافة الإنسان حسب زمانه وعصره الذى يعيش فيه.
الحالة الثقافية التى يعيشها المثقفين العرب تنبئ بأن على المثقفين ديون ثقافية كثيرة، وهى ديون يدينون بها للأجيال الحاضرة التى تعيش فى تخلف وفقر وركود وتصحر ثقافى، نتيجة للثقافات الظلامية والثقافات التى تعيش فى عباءة الحكام والأنظمة وتعمل على إبداع ثقافة تتفق والنظام الذين يتبعونه ويعملون فيه طبقة المثقفين الموالين للسلطة، لأن المجتمع الثقافى فى أيامنا هذه لا يمتلك مفكرين لديهم طاقات إبداعية تقدم فكر يحرر عقول أفراد المجتمع من ثقافته الظلامية الموروثة التى تتغلغل يوماً بعد يوم بأستخدام عصا الإرهاب الدينى من مصير العذاب والقتل فى الدنيا وفى الآخرة بجهنم والجحيم الأبدى.

تلك الثقافة الزائفة التى لا تعبر عن قيم وثقافة الإنسان المعاصر، ستظل سائدة ومسيطرة على تلك العقول التى يُزرع فيها وتتربى وتنشأ على الخوف من غيبيات دكتاتور يتفنن ويبدع فى أختراع طرق وأساليب تعذيب غاية فى القسوة بلا رحمة، ثقافة التعذيب الأبدية هذه التى يعاقب بها الإنسان الذى يعيش بالكاد مائة سنة والغالبية تموت فى الستينات والسبعينيات من حياتها، أى ثقافة غير منطقية بأن يعاقب الإنسان على خطأ محدود بعذاب أبدى غير محدود، وثقافة الأديان الغيبية هذه لو تفكرنا فيها قليلاً لأكتشفنا زيف منطقها وضعف حجتها، لأننا لو أفترضنا حاكم يقول لنا فى خطبه وبياناته لشعوب دولته بأنه غفور رحيم ويطلب منهم أن يحبوا أعداءهم ويباركوا لاعنيهم ويصلوا من أجل المسيئين إليهم، ثم نكتشف أنه يحذرنا بعد ذلك بأن من يسئ إليه أو يكفر به ستنتظره نار جهنم أو الجحيم تلك النار الأبدية التى سيلقى فيها إلى أبد الأبدين، هل تلك الثقافة زائفة أم منطقية الحدوث لهذا الحاكم العادل أم الظالم؟
فالتخلف الثقافى الذى نعيشه اليوم نابع من قول المفكرين بالثوابت الثقافية الموروثة والتى أكتفوا بها وساروا على دربها، لذلك توقف إبداعهم وأوقفت مناهج التعليم التلقينية ملكة الإبداع فى نفوس الملايين، وأصبح التفكير والتحليل خطيئة كبرى يدان عليها البشر بل يدينون أنفسهم لان ثقافته الزائفة ترهبهم فكرياً وتصيب عقولهم بالتوقف عن التفكير حتى لا يقعوا فى المحظور الذى طالما حذرهم منه رجال الأديان أى الوقوع فى الخطيئة ضد أقوال الآلهة الغيبية وحتى لا يصبحوا أعداء لتلك الآلهة ويكون مصيرهم فى جهنم الظلمة الخارجية هناك يكون البكاء وصرير الأسنان والعذاب الأبدى.

إن قصور أفكار المجتمع الثقافى وسجنه فى ثقافة غيبية غير منطقية تلغى طموحه ورغبته فى التقدم نحو ثقافة جديدة تنبع من المجتمع ومشاكله وقضاياه المعاصرة، ثقافة حقيقية واقعية تنشد تحرير عقول مجتمعات بأكملها تحجرت وتصحرت لا ترى أبعد من أنفها، لأن الثقافة فى مجتمعاتنا أصبحت مجرد حبر على ورق تتحول عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة التى سيطرت عليه السياسة الأيديولوجية إلى فكر هابط ليس لديه جديد بل فكر يسترجع الماضى ليقدمه لجمهور يعيش الأمية التعليمية ومتعطش ليستمر فى جموده الثقافى والفكرى الذى يمارسه أدعياء الفكر والثقافة الزائفة التى مرجعيته دائماً هى الغيبيات الدينية.
بناء ثقافة وطن يعنى بناء ثقافة مجتمع متكامل من أقتصاد وإجتماع وسياسة وتعليم وتربية، ومع أرتفاع البناء ترتفع قيمة الثقافة الإنسانية التى تعبر بصدق عن مدى تقدم أو تأخر هذا المجتمع أو ذاك، ورأينا ثورة الأتصالات التى فضحت واقع الثقافة فى بلادنا وأننا مجرد مجتمعات مستهلكة لثقافات الغير رغم الدعوات التى تروج إلى أن ثقافة الغرب تعمل على غزو شعوبنا وتتآمر عليه.. إلخ، ويتذرعون بأن العولمة أدخلت مفاهيم مزيفة على الثقافة والمجتمع، مما يجعلهم يعيشون حاضرهم على إبداعات ومنتجات الغرب الحديثة، لكنهم غائبون فى ماضيهم ليفتخروا بأمجاد آبائهم وأجدادهم وثقافتهم التى لا يعلوها ثقافة.
إن إزدهار الثقافة يعنى إزدهار المنظومة التعليمية التى لا تقوم على تعليم أبجديات اللغة فقط بل تعليم أبجديات المعرفة المعاصرة، التى تبصره بأن هناك مستقبل تصنعه حداثة العقل وهناك مستقبل يصنعه تخلف النقل، حداثة العقل معناها أستخدام العقل فى صنع المعاصرة وما تحتاجه من علوم وفنون وآداب وأقتصاد، لكن تخلف النقل يعنى التمسك بالماضى والأفكار التقليدية التى تمجد ثقافة السابقين وترفعها فوق ثقافة المعاصرين، وهذا يعنى أن هناك تيارات سياسية وفكرية وإعلامية تخدم كل منها الآخر تعمل على سرقة مستقبل البشر متى توفر لهم المناخ المناسب عندما ينشغل المجتمع بكثرة مشاكله، ويفقد حريته فى التفكير وقدرته على كشف المتلاعبين بحاضره ومستقبله.

الآن ليس هناك أكثر من خيار أمام من يريد تحديث إنسانيته، بل أن الخيار الوحيد هو تحرير العقل من ثقافته الزائفة التى تشده إلى الخلف وتجعله يكفر بواقع العصر وعلومه ومكتسباته، الحرية هى طريقنا إلى بناء ثقافة حقيقية واقعية تنتمى إلى الإنسان وينتمى الإنسان إليها، بعيداً عن قيود غيبية تحاصر عقولنا بأفكار الماضى التى لا مكان لها فى عالم اليوم، وحرية الأختيار يمتلكها كل إنسان يمتلك عقله.



#ميشيل_نجيب (هاشتاغ)       Michael_Nagib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المنتدى الإجتماعى وأستمرار الفقر والتخلف
- طوفان الغضب محاولة لتفسير التفسير
- الهوس الدينى المتجدد
- الفضيحة الإيرانية و الرئاسة المصرية
- الحرية وطريق التحرر
- لا طائفية بدون سماح النظام
- الإرهاب وسطوة الفكر الدينى
- سيناء بين الحقيقة والتضليل
- غزوة الإخوان التقاعدية
- ترشيد البشر لتوفير الكهرباء
- ظلام الديموقراطية الجديدة
- دولة مصر ودولة الإخوان
- علاء الأسوانى والوقاحة العنصرية
- تحية واجبة إلى شعب مصر
- نوال السعداوى وجائزة العقل
- المواطنة والثورة الجريحة
- العمال والجهل بالثورات
- جمعة تخريب المصير
- إهانة العقل فريضة
- كل ثورة وأنت طيب


المزيد.....




- -لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د ...
- كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
- بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه ...
- هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
- أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال ...
- السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا ...
- -يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على ...
- نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
- مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
- نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - ميشيل نجيب - الثقافة الزائفة فى مجتمعات اليوم