أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - نورالدين علوش - حوار مع الدكتور حمدي عبد الرحمان حسن















المزيد.....


حوار مع الدكتور حمدي عبد الرحمان حسن


نورالدين علوش

الحوار المتمدن-العدد: 3897 - 2012 / 10 / 31 - 13:54
المحور: مقابلات و حوارات
    


حوار مع الدكتور حمدي عبد الرحمان حسن الخبير في الشؤون الإفريقية (حاوره نورالدين علوش)

الجزءالاول
س: بداية من هوالدكتورحمدي عبدالرحمان؟
- أستاذ العلوم السياسية، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ، جامعة القاهرة. وهو حاليا بمعهد دراسات العالم الاسلامي ، جامعة زايد_ كاتب متخصص في الشأن الأفريقي. وهوحائز على جائزة الدولة المصرية في العلوم السياسية عن كتاب قضايا في النظم السياسية الأفريقية والذي صدر باللغة العربية عن مركز دراسات المستقبل الأفريقي ، القاهرة ، مصر ، 1998.
- تقلد العديد من الوظائف العلمية والأكاديمية منها:عضوالمجلسالاستشاريللشبكةالسويديةلدراساتالسلاموالصراعوالتنمية- مؤسسومديربرنامجالدراساتالمصريةالإفريقيةبجامعةالقاهرة .نائبرئيسالجمعيةالإفريقيةللعلومالسياسية.بريتورياجنوبأفريقيا.(2001-2005)-مديركرسياليونيسكوللديمقراطيةوحقوقالإنسان- جامعةآلالبيتالأردن( 199-2000)
- أشرف على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه في العلوم السياسية في مصر وخارجها.كما شارك في عشرات المؤتمرات الاقليمية والدولية.
- نشر العديد من الأبحاث والكتب بالعربية والانجليزية آخرها:الاتحادالأفريقيوالنظامالأمنيالجديد،أبوظبي: مركزالاماراتللبحوثوالدراساتالاستراتيجية،سلسلةدراساتاستراتيجيةعدد 162، 2011.والاندماجالاقليميفيأفريقيا: سدالفجوةبينشمالوجنوبالصحراء،( بريتوريا: معهدأفريقيالجنوبأفريقيا،2011).
- كما أنه نشر العديد من المقالات والتحليلات في الجرائد المصرية والعربية ومواقع الانترنيت فيما يتعلق بالشأن المصري والأفريقي.

س: باعتباركم خبيرا في الشؤون الإفريقية ماهو تقييمكم للعلاقات الإفريقية – العربية؟
على الرغم من عمق الروابط التاريخية والحضارية التي تجمع بين العرب والأفارقة فان الاستعمار الغربي للطرفين استطاع تقطيع أواصر هذه اللحمة من خلال إعادةتوجيهالاقتصاداتالعربيةوالأفريقيةلربطهابالدولالأوروبية ومحاولةخلقجذورالعداءوالصراعبينشعوبالمنطقة. وهو ما اتضحبجلاءفي اظهار التناقض بين العرب والأفرقة أو بين العروبة والاسلام كما شهدتهدولمثلالسودانوموريتانياوتنزانيا. وقد تمكنت الدول العربية والأفريقية من اعادة ما انقطع في سنوات ما بعد الاستقلال تحت لواء التحرر الوطني ومحاربة الاستعمار وهي القيم التي جسدتها القمة الأفروعربية الأولى عام 1977.
بيد أنه منذ ثمانينيات القرن المنصرم اتسم الحوار العربي الأفريقي بأنه حوار الفرص الضائعة وازدادت الفجوة بين الطرفين بفعل عوامل عديدة.ومن ذلك أن الجانب العربي قد تخلى عن الأساس الأيديولوجي والاستراتيجي الذي يدعم فرضية أن الرابطة الأفروعربية هي ضرورة تحتمها المصالح المشتركة والاعتبارات الأمنية للطرفين. ولا يمكن أن ننسى كذلك أهمية متغيرات العولمة الجديدة والتكالب الاستعماري الجديد على الموارد واكتساب النفوذ في أفريقيا في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، وكذلك الاختراق الإسرائيلي لأفريقيا باعتبارها أبرز تحديات العمل العربي الأفريقي المشترك.على أن الخطورة الأكبر تتمثل في وجود عوامل نفسية ترتبط بسلبيات الماضي البعيد لا بد من تجاوزها لإعادة إحياء الرابطة الأفروعربية.إننا في العالم العربي نشير دوما على استحياء لخبرة الرق ومشاركة بعض التجار العرب فيه، كما لا نحب أن نعالج أجواء الشك والصور الذهنية السلبية المتبادلة بين العرب والأفارقة.وعلى سبيل المثال فإن التحيزات العنصرية في مناطق التماس العربي الأفريقي على طول الساحل الغربي للصحراء الأفريقية تظهر شعورا بالاستعلاء العنصري من قبل مجتمعات (البيضان) من العرب والمور تجاه مجتمعات "السودان" من الفولاني والولوف والتكولور.ولا شك أن استخدام الأسماء المستعارة التي تحمل دلالات عنصرية وصورا ذهنية سلبية عن الآخر بين الجماعات العرقية في مالي مثل الطوارق والمور والعرب والصونغاي، تعبّر في جوهرها عن أجواء الشك والإحساس بعدم الأمن في هذه المجتمعات.
وتجدر الاشارة الى أن القمةالأفروعربية الثانية التي عقدت فيسرت عام2010 أيبعدمرورنحو 33 عامامنانعقادالقمةالأولى تعكس حقيقة الفرص الضائعة في العلاقات بين الطرفين. فالقمة الثانية عكست طموحات شخصية للعقيد الليبي الراحل معمر القذافي أكثر من اعتبارها بداية حقيقية لحوار استراتيجي فعال بين الكتلتين العربية والأفريقية. وعليه فان تجاوز هذه الأزمة يتطلب منا جميعا رفع شعار "التوجهنحوأفريقيا"،وتأسيسحواراستراتيجيجديد يقومعلىركائزومقوماتجديدة،ويطرحكافةالقضاياوالإشكالياتموضوعالاهتمامالمشتركمنالجانبين. ويمكنفيهذاالسياقأنتمارسمؤسساتالمجتمعالمدنيدوراًفاعلاًفيالتأسيسلتحالفعربيأفريقيجديد.

س: تراجع الدورالمصري في إفريقيامقابل تنامي دوركل من الصين وإسرائيل فماهي الأسباب في نظركم؟
من الملاحظ أن أفريقيا شهدت في نهاية الحرب الباردة نوعا من التكالب الدولي الجديد عليها بهدف السيطرة على النفط ومواردها الطبيعية وهو ما جعل البعض يصف هذه المرحلة بالتكالب الثاني قياسا على مرحلة تخاطف أفريقيا من قبل القوى الاستعمارية الأوروبية في نهاية القرن التاسع عشر. وعلى أية حال فقد اتسمت المرحلة الثانية بوجود قوى جديدة صاعدة في النظام الدولى على رأسها الصين والهند والبرازيل وغيرها حاولت أن تنافس من أجل السيطرة والنفوذ في أفريقيا. على أن الوجود الصيني في أفريقيا شهد نموا مضطردا منذ تسعينيات القرن الماضي.فالصين تستثمردعوات إفريقيةمتصاعدة مطالبةبالتوجه شرقاللتخلص من قيودالمشروطيةالسياسيةوالاقتصادية،والخاصةبالشفافيةوالحكمالرشيدالتىتفرضهاأوروباوالولاياتالمتحدة فى تعاملهامع إفريقياوقدبات النفوذالصينىواضحا فى مجالات النفط ومشروعات البنية الأساسية فى كثيرمن أنحاءإفريقياويلاحظ أن بعض عناصرالإدارة الأمريكية المؤثرين،وكذلك مراكزالبحوث والدراسات الاستراتيجية،قدأبدت انزعاجهاالشديد من تنامى الدورالصينى فى إفريقيا،حتى إنه أطلق على عام 2006 عام الصين فى إفريقيا،حيث شهد جولة الرئيس الصينى ورئيس وزرائه فى إفريقيا فضلاعن انعقادالقمةالصينيةـالإفريقية فى الصين فى العام نفسه.
واذا نظرنا لإسرائيل لوجدنا ان أفريقيا قد احتلت مكانا بارزا في الفكر الاستراتيجي الصهيوني منذ قيام اسرائيل عام 1948.وقد استخدمت اسرائيل دومادبلوماسيةالقوةالناعمة. يقول ديفيدبنجوريون في كتابه عن إسرائيل وسنوات التحدي الذي صدرعام 1962:"إنإسرائيل دولةصغيرةالحجم ومحدودةالسكان،كماأنهالاتمتلك قوةعسكريةأواقتصاديةكبرى. بيدأنها تمثل على المدى البعيد قوة روحيةخلاقة.ويمكن القول إن إسرائيل قدحافظت دوما على مراكزنفوذهاوتأثيرهافي إفريقياوالتي تتمثل في
- منطقةشرقإفريقياوحوض النيل حيث تحتفظ إسرائيل ببعثات دبلوماسيةكاملة يرأسها سفراء في كل من إرتيرياوأثيوبياوكينيا. كماأنهاتمثل ببعثةدبلوماسية فيجمهوريةالكونغوالديمقراطيةويرأس هذه البعثة سفيرمقيم في مقر وزارةالخارجية الإسرائيلية. أماباقي دول حوض النيل وهي أوغندة وتنزانياوروانداوبوروندي فإنإسرائيل تعتمدعلى سفرائهاالمقيمين في دول الجوارالإفريقية لرعايةمصالحها في هذه الدول.وعليه فإنهإذاأخذنابعين الاعتبارحقيقةالعلاقاتالمصريةالإسرائيلية الذي تم إقرارهابمقتضى معاهدةالسلام بين البلدين عام 1979 لاتضح أن إسرائيل تحتفظ بعلاقات وثيقة مع دول حوض النيل كافةباستثناءالسودان.
-منطقة الحزام الإسلامي في غرب إفريقيا.حي ث تمتلك إسرائيل بعثات دبلوماسية كاملة برئاسة سفراء في كل من الكاميرون وكوتديفواروالسنغال ونيجيريا. وفي عام 1999 تم رفع درجة التمثيل الدبلوماسي بينهاوبين موريتانياإلى مستوىالسفارة إلى أن قامت حكومةالجنرال محمدولدعبدالعزيزأوائل عام 2009 بتجميدهذهالعلاقات وطردالسفيرالإسرائيلي من نواكشوط. ومن الملاحظ أن إسرائيل تحتفظ بعلاقات جيدةمع كافة دول غرب الإفريقية الأخرى وإن كانت لا توجدبها سفارات إسرائيلية كاملة وهوالأمرالذي يعكس الأهمية الجيوسياسية لهذه المنطقة لدى صانع القرارالإسرائيلي.
- منطقةالجنوب الإفريقي إذ توجد علاقات إسرائيلية بدولة جنوبإفريقياوهي ترجع إلى مرحلة نظام الفصل العنصري. ونظراً لوجود جالية يهودية مؤثرة في جنوب إفريقيا فإن العلاقة بين الدولة العبرية وجمهوريةجنوب إفريقيا حتى في مرحلة مابعدالتحول الديمقراطي عام 1994 تتسم بالاستقراروالحيوية.
والعجيب أنه في ظل هذا التنافس الدولى على أفريقيا غابت مصر تماما بحيث لم يكن لها وجود في المشهد الأفريقي العام ولا سيما منذ محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها الرئيس المخلوع حسني مبارك عام 1995 في اديس أبابا. لقد اتبعت مصر مبارك سياسة سكونية لا تميل للتغير وكانت تابعة بالمطلق لتوجهات السياسة الأمريكية كما أنها انشغلت بالترتيب الداخلي لمشروع التوريث السياسي .

س: بعدانفصال جنوب السودان عن السودان, ألاترون معي بان الأمن القومي لمصرفي مهب الريح وخاصةمع ارتباط القيادةالجنوبية بالكيانالصهيوني؟
ج: لا شك أن انفصال الجنوب يمثل خصما استراتيجيا من قدرات السودان في معادلة التوازن الاقليمي ولاسيما في العلاقة الثلاثية المصرية الاثيوبية السودانية.ولذلك رأى البعض ان انفصال الجنوب يصب في صالح تزايد المكانة الاقليمية للدول الافريقية وعلى رأسها اثيوبيا وكينيا وأوغندة . فدولة الجنوب دولة حبيسة ولا مجال لها الامن خلال ميناء بورتسودان في الشمال أو الموانىء الكينية في الشرق الأفريقي.
وعلى أية حال لابد من التعامل الواقعي مع الكيان الدولي الجديد في الجنوب والسعي لتوطيد العلاقة المصرية به من خلال استخدام ادوات القوة الناعمة المصرية واستخدامها في عملية بناء دولة الجنوب من أجل كسب عقول وقلوب ابنائها وعدم ترك المجال مفتوحا على مصراعيه للدول الطامعة في النفوذ وعلى رأسها اسرائيل. إن مصر ما بعد الثورة تحتج الى رؤية جديدة للدفاع عن مصالحها في اطار هذه المتغيرات الدولية الجديدة وعليها الا تعيد انتاج نفس سياسات النظام السابق أو التفكير بنفس عقليته عند تناول قضايا السودان وأفريقيا بشكل عام.
س: من تداعيات انفصال جنوب السودان تهديدالأمن المائي لمصر, فماهي الاقتراحات للدفاع عن الأمن المائي المصري؟
ج: أولا ازمة مياه النيل مطروحة قبل انفصال دولة الجنوب وهناك اتفاقية عنتيبى الاطارية التي وقعت عليها دول الحوض باستثناء مصر والسودان والكونغو الديموقراطية . وعليه فان هذه الاتفاقية تنتظر موافقة برلمانات الدول الموقعة عليها من اجل التصديق ودخولها حيز التنفيذ. وخطورة هذه الاتفاقية انها تحرم مصر من حقوقها التاريخية في مياه النيل كما أنها تعطي دول المنبع الحق في استغلال موارد النهر دون اذن مسبق من مصر. وعليه فان مصر بحاجة ماسة لا عادة التفاوض حول ملف مياه النيل التي تعبث فيه قوى دولية واقليمية غير خافية من أجل احتواء النفوذ المصري في أفريقيا وممارسة ضغوط سياسية على الارادة السياسية المصرية. أما بالنسبة لجنوب السودان فهي عكس كثير من الدول النهرية الأخرى لا تعاني شحا في الموارد المائية وانما تحظى بوفرة مائية وهو ما يدفع لضرورة التعاون المائي بين القاهرة وجوبا واقامة المشروعات المائية التي تعطلت زمن الحرب الأهلية في الجنوب. ومن ثم يمكن تعويض الفاقد في موارد النهر الواصلة لمصر من خلال زيادة الموارد المائية القادمة من جنوب السودان.
س: بعدنجاح ثورة 25 ينايروتغييرالقيادةالسياسية ماهومستقبل العلاقات المصرية – الإفريقية؟
لقد عبرنا عن رؤية مصر الجديدة تجاه افريقيا في أكثر من موضع لأن مصرالثورة بحاجة الي بناءاستراتيجية كبرى للتوجه الجديد صوب افريقيا, ولن يتأتي ذلك إلامن خلال تشكيل هيئةعلياللشئون الأفريقية تكون تابعة مباشرة لمؤسسة رئاسةالجمهورية.
يبدوأن أخطرالتحديات التي تواجه مصربعدرحيل مبارك تتمثل في أمنهاالمائي حيث قررت دولة بوروندي في فبراير 2011 التوقيع علي اتفاق التعاون الإطاري لدول حوض النيل اليذي تم التفاوض بشأنه منذعام. 1999 ولتجاوزأخطاءالماضي في التعامل مع ملف مياه النيل ينبغي اتخاذمايلي:
-التعرف علي وفهم التطورات التي شهدتها دول أعالي النيل منذ نهاية فترةالحرب الباردةا.
-تجاوزالمنظورالأمني في التعامل مع قضاياالسودان ودول حوض النيل. ا.
-اعادةالاعتبارللعلاقاتالمصريةالإثيوبيةباعتبارأن إثيوبيامن دول الأركان الأساسيةلمصر.
ه.
ويمكن تصورعددم نالمداخل التصحيحيةلإعادةالاعتبارللوجه الإفريقي المصري ومنذلك, تأسيسرؤيةإستراتيجيةجديدةتعتمدعلي التخطيط السليم واستخدام قوةمصرالناعمة من أجل تحقيق المصالح الحيوية لمصرفي إفريقياعلي المدي البعيد. وتغييرالصورالذهنيةوالقوالب الجامدةالتي تميزالإدراك المتباد ل بين المصري من جهةوالأفارقة من جهةأخري. وكذلك تأسيس شراكةإستراتيجية بين مصروإفريقيا. إذيلاحظ أنالقوي الدوليةالصاعدة في النظام الدولي مثلالصين والهندوالبرازي لوحتي الدول الإقليميةالكبري مثل تركياوإيران وإسرائيل تتدافع جميعهاعلي إفريقياوتؤسس لعلاقات إستراتيجيةكبري مع الدول الإفريقية. فضلاعن تحقيق الأمن الغذائي وتأمين مياه النيل..

الجزءالثاني
- تواردت الأخبارحول تدخل عسكري أمريكي وفرنسي محتمل في شمال مالي لمواجهة القاعدة فلماذاهذاالاهتمام الكبيربمالي؟وماهي المصالح الخفيةهناك؟
من الواضح أن فرنسا ومعها الولايات المتحدة تنظر إلى كل من مالي والجزائر والصحراء الغربية وموريتانيا باعتبارها الضلع الأضعف في المثلث الأفريقي للحرب على "الإرهاب". وقد بات واضحاً اليوم أن إدارة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي مارست دوراً مهماً في الإطاحة بنظام الرئيس أمادو توماني توري بانقلاب عسكري في 22 مارس 2012.لقد انزعجت باريس من عجز حكومة باماكو وعدم قدرتها على مواجهة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي الذي ما فتئ يختطف رهائن فرنسيين.
ولم يعد سرا أن أجهزة الاستخبارات الفرنسية عملت على عقد صفقة مع الحركة الوطنية لتحرير أزواد -وهي ذات طابع علماني- من أجل إضعاف النظام الحاكم في باماكو، وإفساح الطريق أمام ظهور حكومة قوية تأخذ على عاتقها مهمة محاربة التيارات الإسلامية "الجهادية" في شمال البلاد.على أن السحر سرعان ما انقلب على الساحر، حيث فشلت الإستراتيجية الفرنسية فشلاً ذريعاً. إذ عوضاً عن قيام الحركة الوطنية لتحرير أزواد بمواجهة الحركات الإسلامية "المتشددة" نجدها تفقد نفوذها تدريجياً على أرض الواقع، ولم يكن بمقدورها إلا التحالف مع الحركات "الجهادية" مثل جماعة "أنصار الدين" و"حركة التوحيد والجهاد".وبعد نحو خمسة أشهر من القتال، استطاع متمردو الطوارق تحرير شمال مالي بالكامل من سيطرة القوات الحكومية، وهو ما أصاب الحكومة الفرنسية وحلفاءها الغربيين بالذعر الشديد.
ولعل السؤال الذي واجه حكومة الرئيس فرانسوا هولاند منذ البداية تمثل في إشكالية أزمة مالي وكيفية مواجهتها.وكانت الإجابة هي حتمية تغيير الإستراتيجيات والسياسات الفرنسية المتبعة، ودعم الجهود الدولية من أجل التدخل الدولي بقيادة الجماعة الاقتصادية لغرب أفريقيا المعروفة اختصاراً باسم "الإيكواس".ومن المعلوم أن فرنسا -وكذلك الولايات المتحدة- لا تستطيع المشاركة بقوات تدخل على الأرض لاعتبارات عديدة، لعل من بينها وجود رهائن فرنسيين في شمال مالي.
وعلى أية حال، تستطيع فرنسا تقديم المساعدات اللوجيستية والاستخباراتية اللازمة لأية غارة دولية تستهدف إمارة أزواد الإسلامية. وتحاول باريس جاهدة توفير غطاء المشروعية الدولية من خلال استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يسمح بتدخل قوات أفريقية من أجل الحفاظ على وحدة وسيادة دولة مالي.
ولا شك أن أي تدخل خارجي لا يأخذ بعين الاعتبار طبيعة الواقع السياسي والاجتماعي المعقد في شمال مالي سوف يفضي لا محالة إلى مخاطر تفاقم الأزمة، بالإضافة إلى تقويض الأهداف السياسية والأمنية التي تسعى القوى الإقليمية والدولية إلى تحقيقها من جراء استخدام القوة العسكرية في التعامل مع ثورة الطوارق. وربما يفسر ذلك تردد الجزائر في الموافقة على عملية عسكرية واسعة في شمال مالي حيث أنها تختلف مع الأمريكان في تعريف معنى التطرف الاسلامي وهو ما يعني ضرورة الاخذ بعين الاعتبار المطالب المشروعة لثورة الطوارق.
- هل تتفق مع الذين يقولون بان أمريكا أزاحت فرنسا عن مواقع نفوذهاالقديمة؟
لا أتفق مع هذا الرأي فقد حدث اعادة توزيع للأدوار فالولايات المتحددة تدفعها اعتبارات السيطرة على النفط والموارد الطبيعية الأفريقية ومحاربة الارهاب واحتواء النفوذ الصيني المتصاعد في أفريقيا. ولهذا نجد قيامها بتأسيس الأفريقوم أي قيادة عسكرية جديدة في أفريقيا كما أن لها وجود عسكري واضح في شرق أفريقيا ولاسيما قاعدة جيبوتي التي تحتفظ بأكثر من ألف فرد من المارينز. ويلاحظ أن الولايات المتحدة ترغب في الحصول على 25% من احتياجاتها النفطية من أفريقيا ولاسيما منطقة خليج غينيا بحلول عام 2015. وفي المقابل لاتزال فرنسا تحتفظ بالرابطة الفرنكفونية التي انعقدت قمتها الأخيرة في الكونغو الديموقراطية . وترى القيادة الفرنسية أن فرنسا بدون افريقيا سوف تفقد مكانتها الدولية وهو ما يدفعها للحفاظ على روابطها الأفريقية ولكن وفقا لأسس جديدة وقد اتضح ذلك بجلاء من تدخل فرنسا ولو عسكريا للحفاظ على مصالحها الأفريقية كما بينته نماذج تشاد ومساندتها لنظام ادريس دبي ومساهمتها عبر الغطاء الدولي في الاطاحة بنظام لوران جباجبو في كوت ديفوار وقيادتها للجهود الدولية من اجل المحافظة على مصالحها في مالي.

- لكن هناك الصين الخصم العنيد استطاع الدخول إلى الكثير من الدول الإفريقية فكيف نجحت في غزوالقارةالسمراء؟فإلى متى ستبقى إفريقيا الحلقة الأضعف في الاستراتيجيات الدولية؟
- أولا الصين ينظر اليها على انها دولة نامية وليس لها تجارب استعمارية في افريقيا كما انها من جهة أخرى غير معنية بقضايا حقوق الانسان او ما يدخل في فقه المشروطية السياسية التي يفرضها الغرب في تعامله مع بعض النظم الأفريقية. ولعل ذلك يبين لنا لماذا رفعت بعض الدول الأفريقية ولاسينا المحاصرة منها غربيا مثل السودان وزيمبابوي شعار " التوجه شرقا" نحو الصين.
- الصين تستخدم قوتها الناعمة في مساعدة الأفارقة في مشروعات تنموية حقيقية مثل بناء الجسور والطرق وخطوط السكك الحديدية والسدود والأبنية الحكومية بتكلفة أقل من الشركات الأوروبية. كما انها تقوم بإعطاء منح دراسية وتعليمية للطلاب الأفارقة للدراسة في الصين وفي نفس الوقت ترسل خبراءها في كافة المجالات لتدريب الأفارقة.
لا شك ان هذا التدافع الثاني على أفريقيا بعد انتهاء الحرب الباردة من اجل السيطرة على مواردها يجعل أفريقيا التي لاتزال تعاني من الاستبداد السياسي وفشل مشروعات الدولة الوطنية وهو ما جعل شعوبها تعاني من ويلات الفقر وعدم الاستقرار وغياب الأمن بمفهومه الاجتماعي ضعيفة استراتجيا في اطار النظام العالمي الحالي الذي يؤمن بقيمة التكتلات الكبرى وبأهمية القوة العسكرية والاقتصادية. أضف الى ذلك غياب الارادة لدى النخب الافريقية الحاكمة وهو ما انعكس على نظام أمنها الجماعي المتمثل في الاتحاد الأفريقي والتنظيمات الاقليمية مثل الجماعة الاقتصادية لغرب أفريقيا( الايكواس) أو منظمة الايجاد في القرن الأفريقي أو السادك في جنوب افريقيا.

مع خالص تحياتي
د حمدي عبدالرحمن



#نورالدين_علوش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع الدكتور محمد عثمان الخشت حول الثورات العربية
- حوار مع الناقد المغربي الدكتور محمد بوعزة
- حوار مع المفكر السياسي الدكتور عصام عبد الشافي
- حوار مع الاكاديمي التونسي محسن الخوني
- حوار مع الدكتور منير كشو
- حوار مع الناقد المغربي الدكتور فريد الزاهي
- حوار مع الدكتور رحال بوبريك
- حوار مع الاستاذ الباحث سمير بلكفيف
- حوار مع البروفسور موسى معيرش
- حوار خاص مع الدكتور احمد الطريبق
- حوار مع الدكتور مراد قواسمي
- حوار مع الاكاديمية التونسية ام الزين المسكيني
- حوار مع الدكتور هيثم مزاحم
- حوار مع الدكتور عامر عبد زيد الوائلي
- الدكتور عادل حدجامي
- حوار مع الدكتور عادل حدجامي
- حوار مع الدكتورالبارز عبد الحليم عطية
- حوار مع الدكتور يوسف بن عدي
- حوار مع الدكتور عبد القادر بوعرفة
- حوار خاص مع الناقد العراقي الدكتور رسول محمد رسول


المزيد.....




- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...
- محكمة مصرية تؤيد سجن المعارض السياسي أحمد طنطاوي لعام وحظر ت ...
- اشتباكات مسلحة بنابلس وإصابة فلسطيني برصاص الاحتلال قرب رام ...
- المقابر الجماعية في سوريا.. تأكيد أميركي على ضمان المساءلة


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - نورالدين علوش - حوار مع الدكتور حمدي عبد الرحمان حسن