|
الحج والدوران حول حجر اسود
سامي الذيب
(Sami Aldeeb)
الحوار المتمدن-العدد: 3897 - 2012 / 10 / 31 - 02:34
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
واجب النهي عن المنكر --------------- لا أسمح لنفس أن اقول ما نسب إلى ابن المقفع عن الطائفين حول الكعبة: "ولا واحدٌ من هؤلاء يستحق اسم الانسانية إلا هذا الشيخ الجالس - واشار الى جعفر بن محمد - اما الباقي فرعاع و بهائم". ولكن ما نراه من مظاهر الحج لا يمكن أن يلقى تأييد ذي عقل. وإن اتبعنا ما يقوله القرآن ذاته، وجب على من يرى المنكر أن ينهى عنه: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر).
الحج لمن يستطيعه ------------ كنت في مصر عام 1976-1977 لأحضر رسالة الدكتوراه. وكنت أبدأ يومي بالتصبيح على رجل بسيط بملابسه التقليدية يبيع الصحف والجرائد على الرصيف. وكنا نتبادل أطراف الحديث واستمتع بلهجته المصرية الجميلة. وفي يوم أخذ بيده عدداً من مجلة المصور التي كان رئيس تحريرها أنيس منصور، وقد وضع هذا الأخير على الغلاف صورته وهو يقبل الحجر الأسود فقال معلقا: "شوف هذا الكافر يريد أن يظهر نفسه متدين فيصور نفسه أمام الحجر الأسود على مجلته". وبشيء من المرارة رفع يده إلى السماء يدعو: "ربي ارزقني مال حتى أزور بيتك". فسالته: "هل تريد أن تحج؟"، فأجاب بنعم. فقلت له: "عندي أسلوب ادلك عليه حتى تحج من دون فلوس. اسمع مني: خذ أول عمود كهرباء على هذا الشارع وطوف حواليه سبع مرات واستعمل فلوسك لإطعام أولادك والله سوف يحسب لك هذا الطوفان حجاً مبروراً". وخفت من أن أكون قد بالغت في كلامي خاصة أني مسيحي وأتدخل فيما لا يعنيني. غير أن هذا الرجل البسيط فاجأني بالموافقة على قولي: "كلامك صحيح!" وأظن انه بات تلك الليلة مرتاح الضمير. ورغم أني استعملت التهزير في كلامي، إلا أني كنت في توافق مع النص القرآني الذي يطالب المسلمين بحج "بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلا". والحج مفروض مرة واحدة في حياة الإنسان وليس كل سنة. ولكن هل يعمل المسلمون بهذا الحكم؟ كم واحد منهم يستدين لكي يقوم بالحج ويحرم عائلته من احتياجاتها الأساسية؟ وقد قرأت أن حالات الطلاق تكثر بعد الحج بسبب الضائقة المالية التي يقع فيها الحجاج. والأغرب من ذلك أن دولاً إسلامية ومن بينها مصر توزع مبالغ مالية على بعض المسلمين لكي يقوموا بالحج (الحج على نفقة الدولة)، بينما تلك الدول لا تقدم الخدمات الضرورية الأخرى على ما يرام. فبدلاً من دفع مبالغ للحجاج كان حري بها أن تصلح المطبات في الشوارع وتحسن الخدمات الصحية للمواطنين.
الحج مرة واحدة في الحياة ----------------- هذا الأمر يذكرني بإمرأة عجوز فقيرة من الضفة الغربية جاءتني يوما لتخبرني بأنها تستعد للقيام بالحج للمرة الخامسة. فاستغربت الأمر. من أين لها كل تلك الفلوس؟ والأغرب من ذلك كله إني علمت أن أحد أبنائها - وكان رفيقي في المدرسة وأنا صغير - يعيش في ضائقة مالية خانقة وعنده عدد كبير من الأطفال يعيلهم بمشقة كبيرة. فأشرت على المرأة العجوز أن تعطي المال لابنها بدلاً من صرفه في الحج خاصة أنه مطلوب منها الحج فقط مرة واحدة في الحياة. فإذا بالمرأة العجوز تنهال بالمسبات على إبنها وكأنه ليس إبنها. فقلت لها: "لا فائدة في حجك إن كان هذا هو تصرفك، فلا تتعبي نفسك فإن الله لن يتقبل حجك". ومن المؤكد أن حجاً مثل هذا للمرة الخامسة يدخل ضمن ما يسمى بالتبذير والقرآن يقول في هذا المجال أن المبذرين هم إخوان الشياطين. فإن أنت تريد معرفة كم للشياطين إخوة إذهب الى مناسك الحج وأسال كم منهم يقوم بالحج لأول مرة، لرأيت أن كثيرا منهم يحج للمرة الثانية والثالثة والرابعة والخامسة فيصرف المال بدلا من استعماله للخير. وكان حري بالدول الإسلامية منع الحج لأكثر من مرة وتشجيع الناس على منح ما يتوفر لهم من مال لعمل الخير مثل بناء المصانع والمستشفيات والمدارس والمياتم وإعالة المحتاجين.
تكديس الناس في الحج في عدة أيام ---------------------- أختلف المسلمون في تحديد ألوقت الذي يمكن فيه القيام بشعائر الحج. فمنهم من فهم أن الحج ممكن خلال الأربع أشهر الحرم وهي رجب وذو القعدة وذو الحجة ومحرم (أنظر اسماعيل الكبيسي http://www.ismailkibsi.org/?p=633 ). ومنهم من جعل الحج من أول شهر شوال إلى يوم العاشر من ذي الحجة. والغريب في الأمر أن الحج في زمننا أصبح محدودا في العشر أيام الأولى من شهر ذي الحجة. وقد أدى ذلك إلى تكديس أكثر من مليون شخص سنوياً في مكان ضيق مع صعوبة في التنقل بين أماكن الحج والطوفان حول الكعبة وتعسف في زيادة أسعار السفر والطعام والتنقل والمأوى. وتكاد كل سنة تحمل لنا أخبار كوارث بسبب هذه الضيقة وابتزاز من شركات نقل الحجاج. ولا أريد أن أتكلم هنا عند عيد الأضحى الذي يصاحب الحج والذي يتم فيه ذبح الحيوانات بأعداد كبيرة بدلاً من التبرع بأسعارها للمؤسسات الخيرية. وهناك أشرطة كثيرة تبين المشاهد المقرفة لتلك العملية، هذه بعضها http://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=XLRRu7uwJ70 http://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=gJX7Fs2aCWg http://www.youtube.com/watch?v=3WBMgJG4tzY&feature=relmfu وكل ذلك لذكرى رجل غبي اسمه ابراهيم كان يريد أن يضحي بإبنه فأستبدله الله بكبش وفقا للتوراة. ويسمون هذا يوم عيد، بينما كان من الأفضل تسميته يوم حداد على غياب العقل.
تقبيل حجر أسود لم يبقى منه إلا بضع حصوات ------------------------------ وربما أكثر الأمور مخالفة للعقل هو تقبيل حجر أسود نسجت المخيلة الإسلامية حوله الخرافات والأساطير حتى جعلته حجراً من الجنة، وكان قد تعرض للسرقة من قبل القرامطة لأكثر من عشرين عام، ومن حجر كبير قطره حوالي 30 سنتمتر لم يبقى منه الآن سوى ثمان حصوات صغيرة جدا في حجم التمرات ويحيط بها إطار من الفضة بشكل فرج. وكان هذا الحجر يمثل إلها عند العرب قبل الإسلام وكانت النساء تدور حوله عاريات وتفرك فروجهن به وتسكب عليه دم الحيض تيمنا. فما معنى وضع ما تبقى منه في شكل فرج؟ وما معنى وضع المسلمين رؤوسهم فيه؟ هل هذه وسيلة للتنفيس عن الكبت الجنسي؟ أنظر شكل هذا الحجر الآن: http://www.2mfm.org/pictures/img501.htm
لا ادعو الناس إلى الكفر ولكن للتعقل ----------------------- أنا لا ادعو الناس إلى ترك العبادات أو الأساطير الدينية ولكن إلى التعقل على قدر الإمكان. فأنا اعتبر الأساطير جزء من طبيعة الإنسان. فحتى الشعوب الأكثر تقدماً علمياً وفكرياً وفلسفياً لها أساطيرها وخرافاتها الدينية، ولولا الحاجة لتلك الأساطير لما أوجدها الإنسان. وكل منا يذهب إلى السينما ليرى فيلما رغم معرفته أنه مجرد تمثيل. وأنا لا أنكر أن هناك فائدة في الصلاة والصوم والحج، ولكن المشكلة تكمن في عقلنة التصرفات. فلكل إنسان قدر من الجهد لا يمكنه أن يتعداه. فإما أن يصرف جهده في الصلاة والصوم والحج أو في أمر آخر. وقد يكون أحد أسباب تأخر العالم العربي والإسلامي في جميع المجالات هو إعطائه أهمية كبرى للتدين والعبادات.
مجرد فكرة أطرحها على قرائي لكي يبدوا رأيهم فيها.
#سامي_الذيب (هاشتاغ)
Sami_Aldeeb#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مسلسل جريمة الختان 90: الختان كعمليّة تمييز بين الذكور والإن
...
-
مسلسل جريمة الختان 88: الكبح الجنسي ببتر الغلفة والبظر والشف
...
-
مسلسل جريمة الختان 88: الكبح الجنسي بشبك الفرج أو إخاطته
-
سامي الذيب أستاذ أصول الشريعة؟
-
خروف إبراهيم الخرفان
-
مسلسل جريمة الختان 87: الكبح الجنسي وحزام العفّة
-
مسلسل جريمة الختان 86: الختان وكبح النزوات الجنسيّة
-
مسلسل جريمة الختان 85: الختان والدين من وجهة علم الاجتماع
-
سامي الذيب، حدد موقفك
-
ما زرعناه في مدارسنا نجنيه اليوم حصرما مر المذاق
-
احتجاج من احد قرائي على مقالاتي اليومية عن الختان
-
مسلسل جريمة الختان 84: الختان علامة تمييز ومخالفة
-
مسلسل جريمة الختان 83: الختان وتأثير الثقافة الغالبة
-
مسلسل جريمة الختان 82: الختان والتأثير المهني
-
مسلسل جريمة الختان 81: الختان والتأثير الإجتماعي
-
لمن تكتب يا سامي؟
-
الختان: سؤال للقراء
-
مسلسل جريمة الختان 80: الختان والتأثير العائلي
-
مسلسل جريمة الختان 79: تحوّل الشذوذ الفردي إلى تصرّف جماعي ث
...
-
مسلسل جريمة الختان 78: وسائل معالجة بتر الذات الشاذّة
المزيد.....
-
دانيل ليفي لـCNN: إذا كان ترامب يعتقد أن دول الخليج ستدفع تك
...
-
خبير إسرائيلي يقوّم خطة ترامب للسيطرة على غزة وترحيل الفلسطي
...
-
حديقة حيوانات أوريغون تحتفل بولادة فيل صغير جديد بعد 20 شهرً
...
-
الأمن الروسي: احتجاز 4 نساء جندتهن المخابرات الأوكرانية لتنف
...
-
بريدنيستروفيه تؤكد استمرار عملية حفظ السلام الروسية
-
جندوا الثعابين والعقارب وجعلوا الأرض تطلق النار على الغزاة!
...
-
الرئيسان الإماراتي والفرنسي يبحثان تعزيز العلاقات الاستراتيج
...
-
هيئة الإذاعة البريطانية تعترف بتلقي تمويل من الـUSAID
-
مباشر: خطة إسرائيلية لتسهيل مغادرة سكان غزة وروبيو يزور تل أ
...
-
غالانت يكشف تفاصيل هجوم البيجر على حزب الله وإدارة الحرب بغز
...
المزيد.....
-
الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2)
/ عبد الرحمان النوضة
-
الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2)
/ عبد الرحمان النوضة
-
دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج
/ توفيق أبو شومر
-
كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
كأس من عصير الأيام الجزء الثاني
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية
/ سعيد العليمى
-
الشجرة الارجوانيّة
/ بتول الفارس
المزيد.....
|