|
امريكا جلبت الكوارث على العالم واليوم تقودنا لحرب مدمرة
منظمة العمل الديمقراطي
الحوار المتمدن-العدد: 1 - 2001 / 12 / 9 - 01:35
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
امريكا أعلنت الحرب - "الحرب الاولى في القرن الواحد والعشرين"، كما وصفها بوش. باغلبية ماحقة، 420 مع الى 1 ضد، قرر الكونغرس الامريكي تخويل الرئيس الامريكي كامل الصلاحيات لاستخدام القوة ضد الدول والمنظمات والجهات التي تقرر امريكا انها تدعم الارهاب. 40 مليار دولار خُصصت لتطبيق السياسة الحربية الجديدة ولاعادة ترميم الخراب الذي خلفته الاعتداءات الارهابية على قلب الولايات المتحدة في 11/9. انها حرب عمياء، تقودها الشراهة الامريكية للانتقام لآلاف المدنيين الذين ذهبوا ضحية عدو مجهول الملامح. انها حرب الانتقام للهيبة الامريكية التي طُعنت في الصميم، وبالبث الحي المباشر وعلى مرأى من العالم اجمع. الارهاب الذي تنادي امريكا "العالم الحر والديمقراطي" لمحاربته هو نفسه حليف الامس - الحركات الاسلامية المتطرفة في مركز آسيا. الارهاب الذي مارسته تلك الحركات كان مفيدا في نظر الامريكان طالما انه كان موجّها ضد الاتحاد السوفييتي سابقا وضد روسيا اليوم، ودعمها في حربها الباردة للاطاحة بالنظام الشيوعي المنافس والاستيلاء على مصادر الطاقة النفطية في منطقة نفوذه. وتجندت المخابرات الامريكية (CIA) من خلال دول اسلامية مهمة اولها السعودية والامارات وباكستان، لتغذية هذه الحركات وتسليحها في الحرب لطرد السوفييت من افغانستان في الثمانينات، ولم يكن صدفة ان كانت هذه الدول الثلاث الوحيدة التي اعترفت بحكومة طالبان. ثم واصلت دعم الاسلاميين في الحروب لعزل النفوذ الروسي في البلقان في التسعينات من البوسنة والهرسك حتى كوسوفو، ثم اخيرا في الشيشان حيث بحر قزوين الذي يعتبر اكبر مجمع في العالم لاحتياط النفط بعد السعودية. الولايات المتحدة تجند العالم كله لمحاربة الارهاب، ولكنها في الحقيقة راعية الارهاب العالمي. ان ملف الارهاب الامريكي مشبع بالدماء، فمن القاء القنبلتين النوويتين على هيروشيما ونغازاكي في 1945، الى المذابح الجماعية ضد ايران وغواتيمالا واندونيسيا، الى دعم اسرائيل في قمع وتشريد الشعب الفلسطيني، والحصار الهمجي المستمر من عشر سنوات على العراق، وتنظيمها الانقلابات العسكرية ضد الانظمة التي لا تعجبها. ارهاب طالبان وغيرها من الحركات قائم منذ سنين، ولكن امريكا لم تهب لحماية العالم منه بل تعاونت معه، ولم تتحرك ضده الا عندما اصابها هي في الصميم.
كيف قام الصنم على صانعه؟
بعد الخدمات "الجليلة" التي قدمتها الحركات الاسلامية لتعزيز التواجد الامريكي في المنطقة، قام الصنم على صانعه وانقلبت هذه الحركات على امريكتها. جاء هذا في وقت يعمّ فيه الغضب والاستياء الدول العربية والاسلامية وكافة الشعوب المضطهدة من السياسة الامريكية، التي تسعى بالجبروت العسكري لتجفيف موارد العالم وشفطها لصالح شركاتها الضخمة على حساب الاغلبية العظمى من البشرية متجاهلة مصالح الدول التي تحالفت معها بالامس. نتيجة هذه السياسة كانت ازمة اقتصادية جديدة وامراضا اجتماعية وبيئية خطيرة، وعلى رأسها البطالة والفقر والجوع والامراض واليأس في كل من افريقيا وآسيا ودول امريكا اللاتينية. ولكن الازمة الاقتصادية لم تتجاوز قلب النظام الرأسمالي وبدأت تهدد امريكا نفسها التي دخلت لركود اقتصادي عميق. الرد على هذا الوضع كان بانفجار الحركة المناهضة للعولمة في سياتل عام 99، والتي أشعلت ضوءا احمر ساطعا كان يجب ان يحذر امريكا ومؤسساتها المالية التي تتحكم بمصائر الدول والشعوب، من مغبة سياستها التي تقود العالم الى الكارثة والفوضى. ان هذه السياسة هي نفسها التي تعيق المحاولات الامريكية لبناء "التحالف ضد الارهاب" فاوروبا لها جدول عمل مختلف عن جدول العمل الامريكي، وروسيا تشعر انها المستهدفة الرئيسية من امريكا، اما الانظمة العربية فقد تضررت من التحالفات الامريكية وانحيازها لاسرائيل. من هنا، فان هذه الدول غير متحمسة للمشاركة، نظرا لتشككها في حكمة الادارة الامريكية التي اهتزت مصداقيتها الامنية. كما تخشى هذه الدول من التورط في حرب مجهولة الابعاد قد تقود لاحتداد التناقضات بين الدول العظمى المتنافسة، وتحديدا بين روسيا وامريكا مما قد يجر العالم لحرب عالمية ثالثة.
الاصولية الاسلامية ليست البديل
امريكا تهدد بجر العالم ككل لحرب مدمّرة، ولا بد من بديل يضع حدا للدمار. ان الحركات الاسلامية الاصولية المتطرفة التي تنادي بالسلفية والعودة لايام الخلافة وتستند في تطبيق برنامجها على الدعم الرأسمالي والامريكي، وتغضب وترعب امريكا عندما تحوّل امريكا الدعم عنها الى دول اخرى منافسة لها، هي حركات انتهازية لا يمكن ان تأتي بحل يبني عالما جديدا حرا ينال فيه كل ذي حق حقه، بل تكرس النظام الرأسمالي الجائر الذي تتغذى منه وتتعاون مع انظمته. وليس صدفة ان منفذي الاعتداءات على الولايات المتحدة اختبأوا ولم يكشفوا هويتهم وبرنامجهم واهدافهم. فهذه الحركات الاصولية لا تملك البرنامج البديل الواقعي الذي يمكن ان يدافع عن ملايين العمال والفلاحين والفقراء في العالم من الهجوم الامريكي المشؤوم المرتقب. ان هذه الحركات عمليا تلعب في اطار النظام القائم وتخدم مصالح اقليمية للدول التي تتحكم بها، فتارة تدعم باكستان ضد الهند، وتارة تراهن على السعودية ضد ايران، وتارة اخرى تقف مع المانيا ضد صربيا وفوق كل شيء تحارب مع امريكا ضد روسيا. المثال الحي على انتهازية هذه الحركات وقصر نظرها، هو ما نشهده في الانتفاضة الفلسطينية الحالية التي كانت محركا اساسيا أثار الرأي العام العربي والاسلامي ضد امريكا. ان النهج الانتحاري الذي تتبناه حركة "حماس" لا يمكن ان يشكّل البديل، لان حماس التي وضعت لنفسها هدف القضاء على اسرائيل خلال سنوات معدودة من خلال العمليات الانتحارية، اختارت بدل بناء بديل شعبي للسلطة الفلسطينية ان تتعاون معها رغم ان عرفات يتبنى استراتيجية مختلفة تماما اساسها التصالح مع اسرائيل، وابدى استعدادا للوقوف في التحالف الامريكي ضد "الارهاب الاسلامي". الضغط الذي يمارسه بوش من اجل عقد لقاء بين بيرس وعرفات، هدفه تحييد الموضوع الفلسطيني كي لا يشكل عقبة امام ادخال الانظمة العربية للحلف العالمي الجديد. الثمن سيدفعه الشعب الفلسطيني الذي يجد نفسه مدفوعا نحو تقديم تنازلات تاريخية عن حقوقه الوطنية الراسخة. انها حرب خطيرة لانها تعطي امريكا الصلاحية لمحاربة كل ما تسميه ارهابا، الامر الذي يعطيها هامشا واسعا لتصفية حسابات قديمة لم يتم اغلاقها بعد. انها فرصة ذهبية بالنسبة لبوش الابن لاغلاق ملف العراق الذي فتحه بوش الاب في حرب الخليج، والذي لم ينجح كلينتون في اغلاقه وحسمه طيلة السنوات الماضية بسبب تراجع مصداقية سياسة العقوبات في نظر الاوروبيين والروس.
ما البديل؟
ان البديل للخروج من الازمة ليس باربعة آلاف شاب يائس ومستعد للانتحار على المباني الامريكية. ان مهمة دحر هذا النظام الذي لا يزال يتمتع بقوة هائلة عسكرية ونووية للدفاع عن امتيازاته ووجوده، هي مهمة الطبقة العاملة تحديدا في الدول الصناعية، بالتحالف مع الفلاحين والمثقفين، وهو التحالف الذي بدأ بالتبلور في الحركة المناهضة للعولمة. انها مهمة اممية تحتاج الى حشد طاقات جماهيرية وصوغ برنامج سياسي فكري متكامل يتجاوز الفوارق الدينية والقومية، ليشمل اوسع الصفوف في العالم حتى يكون كفيلا بالرد ثم ببناء العالم الذي سيعقب انجاز التغيير. ان الشعب الفلسطيني لن يتحرر من الاحتلال الا من خلال حدوث تغيير جذري في موازين القوى العالمية. فلا التحالف مع امريكا ولا تبني الافكار الاسلامية الغيبية التي لا علاقة لها بالواقع العالمي والاقليمي الذي نعيش فيه، يمكن ان يجلبا الحل. ان اهم نقطة ضعف في الانتفاضة الحالية هي عدم وجود استراتيجية واضحة لبناء حلفاء على الصعيد العربي والدولي. اننا اليوم امام فرصة ذهبية لاعادة النظر في الطريق الذي سلكه الشعب الفلسطيني الذي تأرجح، منذ اوسلو، بين الاستسلام وبين العمليات الانتحارية، دون ان يطرح برنامجا واقعيا ثوريا بعيد المدى للتخلص من الاحتلال. اننا في حزب دعم (منظمة العمل الديمقراطي) حذّرنا من ان العولمة الرأسمالية ستجلب الحروب لان الشعوب لا يمكن ان ترضخ للمصالح الغربية والامريكية على حساب حقوقها القومية والانسانية، وقلنا ان اتفاقات السلام التي تحاول امريكا فرضها على الفلسطينيين لاحكام سيطرتها على الشرق الاوسط ستقود الى كارثة. ان دورنا لنصرة شعوبنا المضطهدة ان نكشف طبيعة هذا النظام الرأسمالي وكافة الانظمة المتعاونة معه، وتوعية وتنظيم الجماهير العاملة لإحداث تغيير جذري في العالم وجلب الثورة الاجتماعية والاقتصادية الاشتراكية لخدمة الانسان وبناء الغد، وليس العودة بالبشرية الى نظام سلفي يعيدنا للاقطاعية ويكرس بالتالي النظام القائم.
منظمة العمل الديمقراطي - دعم، 20 ايلول 2001
#منظمة_العمل_الديمقراطي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دراجون يرتدون زي -سانتا كلوز- يجوبون شوارع الأرجنتين.. لماذا
...
-
فيديو: افتتاح مراكز لتسوية وضع عناصر -جيش الأسد- في دمشق
-
الدفاع الروسية: تحرير بلدتين في خاركوف ودونيتسك والقضاء على
...
-
صحة غزة: الجيش الإسرائيلي ارتكب 4 مجازر جديدة بالقطاع
-
تقرير المكتب السياسي أمام الدورة الخامسة للجنة المركزية
-
رغم الخسارة التاريخية أمام أتلتيكو.. فليك راضِِ عن أداء برشل
...
-
خامنئي: أمريكا والكيان الصهيوني يتوهمان أنهما انتصرا في سوري
...
-
يسرائيل كاتس: لن نسمح لـ-حزب الله- بالعودة إلى قرى جنوب لبنا
...
-
الشرع: لبنان عمق استراتيجي وخاصرة لسوريا ونأمل ببناء علاقة ا
...
-
-حزب الله- يكشف عن -المعادلة الوحيدة- التي ستحمي لبنان
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|