|
الديمقراطية والثورة المضادة(الثورقراطية)
محمود هادي الجواري
الحوار المتمدن-العدد: 3894 - 2012 / 10 / 28 - 01:56
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
الديمقراطية والثورة المضادة (الثورقراطية ) في القرن الواحد والعشرين ، لم يعد مصطلح الثورة كلمة مستساغة لأذان الشعوب، ولأنها ببساطة تعني التغيير بالعنف والقوة ، لذا اختفت هذه اللفظة من قاموس المصطلحات السياسية العصرية،ولربما لاعتبارات حضارية حيث أن التطورات العلمية والثورة المعلوماتية وخاصة الوسائل الحديثة في التواصل الاجتماعي الفاعل والسريع ، كان سلاحا أمضى من وسائل الهجوم التقليدية والتي كانت تقتصر على مشاركة إعداد بسيطة .. الوسائط الحديثة وبغضون ثوان تستطيع أن تجمع ألافا من المتظاهرين إذا لم اقل الملايين وفي غضون دقائق معدودة ،، هذه الحشود الجماهيرية المفاجئة بحضورها تستطيع أن تشل أية حركة دفاعية أو أية محاولة تقوم بها السلطات كردة فعل مضادة تجعل من السلطة مكفوفة الأيدي وخاصة أن العالم أصبح ما يشبه القرية الكونية الصغيرة ،، كل حدث بسيط يمكن نقله وبغضون ثوان قلائل إلى دول العالم المختلفة وبذلك يكون العالم على مرآى ومسمع مما يحدث للشعوب التي تمارس فيها كبح لحقوق الإنسان ..ولعل من أسباب حجب طاغية العراق لوسائل الأعلام والاتصال المتعدد ووسائط النقل ألتلفازي الفضائي ، كان من الأمور التي أطالت في فترة حكم الطاغية وبذلك استطاع أن يحجب العالم عما يجري في العراق من الممارسات اللانسانية التي كان الطاغية يمارسها علنا إمام الشعب العراقي مع السرية التامة في كتم الجرائم .. هنا لست بصدد الثورة المعلوماتية التي استطاعت أن تحد من الثورات التي تتسم بالعنف ، ولكن هل اختفت الممارسة الثورية المتسمة بالعنف في أيامنا هذه ؟؟نحن نعلم أن المنطقة العربية والعراق على وجه التحديد شهد الكثير من الثورات التي كانت تستنهض كل الطاقات وتشحذ الهمم من اجل التغيير ولست الآن في معرض ذكر تلك الثورات من حيث الأسباب التي قامت من اجلها أو الجهات التي دعت إلى الهيضة الجماهيرية ،، الكثير من تلك الثورات استطاعت من تحقيق أهداف القائمين عليها والداعين لها وكثير منها فشلت ومات فاعليها قتلا أو إعداما ..ولكن عندما ننظر إلى نتاج تلك الثورات فإننا سنلاحظ أن هناك قاسما مشتركا بين جميع تلك الثورات إلا وهو تحقيق الهدف الذي لا يتعدى المحاولة في أضعاف السلطة أو إسقاطها ،، أي إن الأهداف تنحصر في إزالة العناصر الحكومية المتصدية واجتثاثها وكان الانتقام هو سمة من سمات تلك الفترات التي انتعشت فيها المحاكمات السريعة حيث كانت المشانق معدة سلفا فمن لم يحالفه الحظ من الهروب فالمشنقة تنتظر من سيعتليها هذا إذا سلم من القتل الشنيع حيث يتم جر جثث قادة السلطة ومسئوليها في الشوارع والأزقة إعلانا بالانتصار ..ومن المعلوم إن كثرة الثورات وفي بلاد ما على هذه المعمورة أنها تحدث و لأسباب فسرية تجبر المواطن على النفور من الواقع المزري والمأساوي حيث إن الفساد الإداري والمالي والكبت وهضم الحقوق والظلم كلها عوامل رئيسة في الدفع بالجماهير للمطالبة بحقوقها ، ولما كانت تلك الدول بعيدة كل البعد عن الممارسات الديمقراطية فان الأسلوب الثوري العنيف سيكون البديل من اجل التغيير المرجو ..هذا ما يختص في مفهوم الثورات التي تطالب بالتغيير وفي غياب الانمطة الديمقراطية وهي حلول طبيعية ولعدم توفر البدائل وخاصة إذا عجزت تلك السلطات من فتح قنوات للحوار ومع الجهات التي تطالب في تحقيق العدالة الاجتماعية …إذن يسأل السائل ما هو مفهوم الثورة المضادة ؟؟ وكيف تحدث وأين ومتى .. نعم الدول التي عاشت الثورات الحقيقية ،،إي التي حملت شعارات من اجل الجماهير ، هي قليلة جدا ومنها على سبيل المثال الثورة الفرنسية والتي كانت مناشداتها الإنسان وحقوق الإنسان ، فلماذا تمييز هذه الثورة عن باقي الثورات وخصوصا في المنطقة العربية أو العراق على وجه التحديد ،،، نقول إن الثورة الفرنسية كانت مشاركة جماهيرية حقيقية ، حيث شاركت فيها جميع القوى الفاعلة ، وجمعت في حشودها ألافا من الكتاب والعلماء والمثقفين ولم تقتصر على المطالبة بتوفير لقمة العيش وإنما المطالبة بالعيش الرغيد ولكل إنسان دون تمييز عن الأخر .. إي أنها تعد من أرقى الثورات الإنسانية وعلى وجه التحديد .. فليس من بين أولئك المحتشدين كان مشاركا من اجل اعتلاء ناصية السلطة وإنما كانت المشاعر والآمال متوحدة في اختيار الشرائح المناسبة لتولى السلطة والتصدي لها والخلاص من الحقب التي شهد فيها الإنسان الضيم والتعسف ، وهنا نسأل ممن عاصر الثورات العربية هل انه شاهد مثل هذا التسامح والإيثار؟؟يبقى في موضوعنا مفهوم الثورة المضادة فهل لهذا المصطلح من حضور فاعل ألان … نقول وللأسف الشديد نعم .في الثورات التي نطلق عليها اليوم الربيع العربي ، والعراق قد سجل سابقة في تثبيت هذا المصطلح الطارئ على الساحة السياسية والممارسة الديمقراطية ذات الشعارات الفضفاضة،، الديمقراطية التي نقلت ألينا والتي نطير بها بلا رؤوس ونرقص على أنغام الموت الجماعي ،، لم تأتنا كردة فعل جماهيرية استطاعت بإرادتها من تحقيق هذا المكسب الإنساني ،، هي ليست ولادة ثورة ولو كانت عنفيه وكأنها كانت تضع في الميزان لبيان الصواب من الخطأ،، العراق لم يشهد مفهوم الثورة العنيفة أو حتى السلمية في التغيير ليرسي قواعد ونظم على برامج ومناهج واستنادات جديدة ، وإنما كان التغيير بإرادة فاعل لاتهمه من أمر العراق والعراقيين في شئ.. وهبنا منهاجا لا نعرف له مثيلا.. فتارة اجتثاث ممن كان مشاركا في حكم الطاغية ، وأخرى إعادة البعثتين وعلى أعلى درجات المخابرات الصدامية ،،والسير على ذلك المنهج ألصدامي في منح الرتب إلى أناس لم ينتموا إلى أي جيش سري أو علني ، إعادة فدائي صدام ،، كل هذه الإحداث ناهيك عن تواجد الدوائر البعثية عقلا وتطبيقا في الإدارة التي أصبحت فاسدة حتى النخاع ،،، وأكثرها خطرا ترشيح البعض إلى السلطة التشريعية والتنفيذية وبعلم مسبق إن المرشحين هم من العبثيين الصداميين وهم ألان في سدة الحكم مع استبعاد مع السبق والترصد إلى المعارضين ممن عاشوا في الاكسيلات والمنافي والدفع بالمقربين إلى التصدي للمسؤوليات دون استحقاق يذكر .. من هنا يكون العمل بأسلوب الثورة المضادة والتي تعني العودة إلى المربع الأول في تقتيل ممن تم اختيارهم إلى مواقع المسئولية وكانوا لا يزالون يمتون الصلة بأقطاب النظام السابق المتواجدين في الاكسيلات والمنافي والذين بحوزتهم أموال الشعب التي سرقوها عند إعلان ساعة الصفر في احتلال العراق وهربوا ،، نستنج مما أوردنا في كتابتنا إننا كشعب محكوم علينا آن لا نمتلك إرادتنا ولا نريد تطهير أنفسنا من الدرن حتى لو علمنا أننا لا نصلح في إدارة الأمة ..كل ما أوردناه هو ليس لناجيج الموقف الشعبي الذي هو الأخر يقف اليوم منذ هلا ويتساءل هل هذا ما صبرنا عليه ؟؟ وهل هذا ما كان مأمولا ؟؟ إذن الدعوة السلمية إلى الإصلاح والتغيير هي سمة صائبة وصحيحة في التغيير المنتظر وما نحتاج إليه هو التسامح والإيثار وهذا هو نصف الطريق إلى تحقيق مكسب الديمقراطية ..
#محمود_هادي_الجواري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
معادلة التغيير في العراق والاصلاح المؤجل
-
الاولمبياد الوجه الاخر للسياسة
-
الصراع في البحرين انساني وليس طائفي
-
الكهرباء في العراق جزء من الفوضى السياسية والاقتصادية
-
الاقتصاد العراقي يعيش فوضى الجهل المقصود
-
لعبة الامم .. والدمى الصغار
-
هل ان قانون الاحزاب هو الحل في العراق ؟؟
-
في العتمة بين السياسة والاقتصاد ينمو الفساد
-
المعادلات الاقليمية والدولية .. العراق تحت الضوء
-
المسائلة والعدالة بين الجاني والمجنى عليه
-
حقوق المرأة بين الدين والدنيا
-
فلم ابطاله على قيد الحياة( الانتفاضيون القصص المذهلة)
-
تتكلم الاصنام من مكانها
-
هل بقيت الثقة بأحد..اسحبوها مني
-
زيف السياسة وتضليل الحقيقة
-
الظلم في العراق .. رمز لا يموت
-
عندما تكون الحكومة من اكبر عناصر ملوثات البيئة
-
العراق الدولة....صانع للصراع ... ام متصارع عليه؟؟؟؟
-
الطبقة العاملة في العراق وقصور الرؤيا
-
القمم العربية واسرائيل القمم
المزيد.....
-
روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة.
...
-
مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
-
مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ
...
-
من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا
...
-
ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا
...
-
قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم
...
-
مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل
...
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب
...
-
واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب
...
-
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال
...
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|