|
بصراحة … رأيي في أحداث مسيرة يوم الأحد
حسن محسن رمضان
الحوار المتمدن-العدد: 3889 - 2012 / 10 / 23 - 20:59
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
أعترف بأنني خلال اليوم الماضي كنت في حيرة من أمري. فهناك جانبين في نفسي يتجاذبان بعضهما البعض. فجزء مني مقتنع تمام الاقتناع بأن ما يسمى بـ “المعارضة” الكويتية هم أبطال أكبر عملية احتيال سياسي في تاريخ الكويت. فهم، على حقيقتهم، ليسوا أكثر من تكتل لأفراد مختلفي الأهواء والرغبات والأهداف، ولكن ما يجمعهم مع بعضهم البعض مصالح انتخابية فئوية عنصرية قبلية مذهبية، لا أكثر من هذا ولا أقل. فحقيقة مطالبهم هي زيادة كم الاستحواذ الفئوي على حساب الآخر المختلف، وفي سبيل ذلك يتم استخدام الشعارات السياسية وتوظيفها لصالح تلك الفئويات المتنوعة. فكيف يُعقل، في أي بلد متحضر في العالم أجمع، أن يكون العنصري الطائفي هو الذي ينادي بالحقوق المدنية؟! وكيف يُعقل أن أصحاب التطرف الديني هُم الذين ينادون بالحريات المدينة وبـ “حق الشعوب” في التشريع؟! وكيف يُعقل أن أصحاب الفرعيات القبلية العنصرية وأصحاب السلفيات الإلغائية وكوادر الإخوان المسلمين الذين يضربون مخالفيهم الآن في مصر هُم الذين ينادون بـ “الوحدة الوطنية”؟! وكيف يُعقل أن يكون ضاربي القانون بعرض الحائط عندما اختلفت مصالحهم مع هذا القانون هُم أنفسهم الذين يدافعون عن القانون؟! وكيف يُعقل أنَّ من يُخوّن كل من لا يقف معه في رأيه ويتهمهم في ذممهم وكراماتهم هو نفسه الذي يتبنى شعارات تكون كلمتي (الشعب) و (الأمة) هما البارزتان فيها؟! وكيف يُعقل أن الذي يستخدم الدستور بانتقائية فاضحة هو نفسه الذي يريد أن يدافع عن الدستور؟! وكيف يُعقل أن أصحاب عُقَد كرسي الرئاسة وأصحاب الواسطات الفئوية التي تقفز على القانون والحقوق وأصحاب الصراخ والفوضى وحلقات المصارعة في مجلس الأمة هُم أنفسهم الذين يريدون أن تكون الحكومة “شعبية”؟! وكيف يُعقل أن مَن يستخدم ألفاظ من على شاكلة (كلاب، خنازير، أحذية، حثالة ..الخ) في خطابه السياسي العام لوصف مخالفيه من الشعب الكويتي يكون هو “البطل القومي” لهذا الشعب والذي يبدو أن هناك بالفعل فئة من الشعب تمشي تحت شعاراته الذي يتبناها وألفاظه التي يستخدمها؟! بل إن تناقضاتهم السياسية واضحة جداً، كالشمس في كبد السماء، لكل ذي لب وعقل يريد أن يفكر قليلاً ويوازن ويقارن ويُقدّر. فأصبح تحدي القانون هو عنوان “البطولة” عند هؤلاء، وتجاوز أعراف أدب الحوار هو “الشجاعة” عندهم، والفوضى وأساليب الاحتيال على القانون واقتحام المباني العامة والتخريب هي “الوطنية” عندهم، ومحاولات التأثير العلني الواضح على القضاء والتشكيك في ذمم القضاة ومحاولاتهم المستميتة للطعن في ذمم وكرامات كل مَن يخالفهم جعلوها عنواناً لـ “النزاهة“، أيُعقل هذا؟! ومن الواضح أن هذا معقول جداً ومقبول عن البعض عندنا وياللغرابة والعجب في هذا الزمان الغريب العجيب. فكل شيء فيهم قد تجاوز حد التحضر، وتجاوز حد المدنية، وتجاوز حد الأدب، وتجاوز حد المعقول، وتجاوز حدود حرية الرأي والتعبير، وتجاوز كل حد من حدود الديموقراطية وأعرافها التي نرى تطبيقاتها عند الدول المتحضرة التي علمتنا شيء اسمه ديموقراطية. فكان لابد أن يقفوا عند حد، وأن يرجعوا إلى جادة الصواب، وأن يقف كل مخالف للقانون لينال عقابه العادل، وأن يكون الحد الفاصل بين المقبول وغير المقبول هو القانون ذاته، ولا شيء غيره.
كان ذلك كله جانب أصيل في نفسي وفي قناعاتي، ولكن الحقيقية أيضاً أنه كان هناك جزء آخر يصارعه في نفس الوقت بعد أحداث مسيرة يوم الأحد الماضي. فعلى الرغم من أن حقيقة العدد الذي خرج في تلك المسيرة كان مبالغاً فيه جداً من جانب أفراد هؤلاء الذين اشتركوا فيها (يقولون: مئة أو مئة وخمسين ألف، وعند وليد الطبطبائي مئتين ألف، ولك أن تتخيل، مجرد أن تتخيل، هذا العدد، لو كان حقيقياً وليس خيالاً جامحاً، في شوارع الكويت ماذا كان سوف يحصل أو ماذا سوف يكون المشهد؟ بينما الحقيقة هي أن العدد لم يتجاوز الخمسة وعشرين ألف على أكثر تقدير هذا مع احتساب المجاميع المكررة التي كانت تنتقل من مكان لآخر)، فعلى الرغم من المبالغات المتعمدة الواعية من جانب هؤلاء في أعدادهم، فإن ضربهم بالعصي والهراوات قد عزّ علي جداً. ففي النهاية، وعلى رغم الخلاف الشديد، وعلى الرغم من قناعتي بأن أغلبهم مخدوع بشعارات زائفة من جانب تلك الرؤوس المتلونة فيما يُسمى بـ “المعارضة”، فهؤلاء إخواني وأخواتي، يُهينني ما يُهينهم وإنْ كانوا في يومٍ ما وقفوا مصفقين لمن يُهين مخالفيهم، ويؤذيني ما يؤذيهم وإنْ كانوا في يوم ما وقفوا مساندين لكل ما يؤذي مخالفيهم. فوقفت حائراً بين قناعاتي التي سطرتها أعلاه، وبين نفسي التي أبت أن تقبل ما تعرض له إخواني وأخواتي ممن يخالفونني الرأي. كان يجب أن يقف هذا الاستهتار من جانب من يسمون أنفسهم بـ “المعارضة” عند حد، وكان يجب أن يعرفوا أن للدولة والقانون “حق”، إنْ أهانوهما، فسوف يؤخد من شوارب رجالهم، كذا هو الحال في كل دولة ديموقراطية أصيلة عريقة في الديموقراطية شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً، ولكنه يعزُّ علي جداً إهانتهم بالصورة التي رأيناها في المسيرة. ولكن لا حل، على ما يبدو، إلا في وضع الأمور في نصابها الصحيح وإلا غرقنا جميعاً، نحن وهم.
#حسن_محسن_رمضان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كلمة قصيرة لمن يخاف -ثورة- في الكويت
-
لأنكم مجتمع يمثل شذوذاً في كل شيء
-
حتمية الصدام بين المنهج السلفي والدولة المدنية
-
ميسون سويدان ... أيتها الرائعة
-
أيها السياسيون الكويتيون العباقرة … يا أيها الشعب
-
باغافاد غيتا – المعرفة السرية القصوى
-
التدليس في الخطاب الإعلامي الديني ... محمد العوضي كنموذج
-
إشكالية النص المسيحي وشخصية يسوع
-
مَنْ كتب الإنجيل؟
-
في نقد الطب الإعجازي المسيحي والإسلامي
-
حوادث أكل لحوم البشر في التاريخ الإسلامي
-
شذوذ مفهوم الوطنية في الذهنية العربية
-
في إشكالات السيرة النبوية
-
في إشكالية العصمة النبوية
-
من إشكالات المجتمع الكويتي
-
هل لا تزالون أمة ً أمّية؟
-
رسالة يهوذا، الذي خان المسيح، إلى الحُكام العرب
-
إشكالية اغتصاب المرأة في الفقه الإسلامي
-
مقالة في أن العلمانية تحمي الدين من احتمال الاستبداد
-
إلغاء ملتقى النهضة وزيف شعارات الحرية
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|