أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارشيف الماركسي - حسقيل قوجمان - من كراس ستالين حول القضايا الاقتصادية للاشتراكية - القسم الاخير















المزيد.....


من كراس ستالين حول القضايا الاقتصادية للاشتراكية - القسم الاخير


حسقيل قوجمان

الحوار المتمدن-العدد: 1128 - 2005 / 3 / 5 - 11:21
المحور: الارشيف الماركسي
    


جواب الى الرفيقين
أ?. ف. سانينا و ف. ج. فينجر
لقد استلمت رسائلكما. يمكن ان نرى منها ان كاتبيها يقومان باجراء دراسة عميقة وجدية للمشاكل الاقتصادية في بلادنا. يوجد فيها عدد كبير من الصيغ الصحيحة والمناقشات الشيقة. ولكن الى جانب ذلك توجد اخطاء نظرية فادحة. وعلى هذه الاخطاء اقترح التركيز في هذا الجواب.
1 طابع القوانين الاقتصادية للاشتراكية
يدعي الرفيقان سانينا وفينجر ان، "فقط بسبب العمل الواعي للمواطنين السوفييت العاملين في الانتاج المادي تنشأ القوانين الاقتصادية للاشتراكية." هذه الفكرة خاطئة تماما.
هل توجد قوانين للتطور الاقتصادي موضوعيا، خارجة عنا، مستقلة عن ارادة ووعي الانسان؟ الماركسية تجيب على هذا السؤال بالايجاب. فالماركسية تعتبر ان قوانين الاقتصاد السياسي للاشتراكية هي انعكاس في الفكر الانساني للقوانين الموضوعية القائمة خارجا عنا. الا ان صيغة الرفيقين سانينا وفينجر تجيب على هذا السؤال بالنفي. وهذا يعني ان هذين الرفيقين يتبنيان وضعا لنظرية خاطئة تؤكد على انه في ظل الاشتراكية يجري "خلق" القوانين الاقتصادية و"تحويلها" من جانب الهيئات الادارية للمجتمع. وبعبارة اخرى انهما يهجران الماركسية ويتخذان موقف المثالية الذاتية.
فالانسان طبعا يستطيع ان يكتشف هذه القوانين ويعرفها ويستند اليها ويستفيد منها لمصلحة المجتمع. ولكنه لا يستطيع "خلقها" ولا "تغييرها".
لنفترض جدلا اننا نقبل هذه النظرية الخاطئة التي تنكر وجود القوانين الموضوعية للنشاط الاقتصادي في ظل الاشتراكية، والتي تعلن عن امكانية "خلق" و"تغيير" القوانين الاقتصادية. فالى اين يقودنا هذا؟ يقودنا الى مجال الفوضى والصدفة، سنجد انفسنا معتمدين اعتمادا عبوديا على الصدف، واننا لا نخسر امكانية الفهم وحسب بل لا نجد طريقنا ايضا في هذا الخضم من الصدف.
وتكون النتيجة اننا ندمر الاقتصاد السياسي كعلم، لان العلم لا يمكن ان يوجد وان يتطور ما لم يعترف الانسان بوجود قوانين موضوعية ويدرسها. وبتدميرنا العلم نكون قد خسرنا امكانية التنبؤ بمسار التطورات في حياة بلادنا الاقتصادية، وبعبارة اخرى نكون قد خسرنا امكانية توفير حتى ابسط قيادة اقتصادية.
وفي النهاية سنجد انفسنا تحت رحمة مغامرين "اقتصاديين" على استعداد ل"تدمير" قوانين التطور الاقتصادي و"خلق" قوانين جديدة بدون اي فهم او اعتبار للقوانين الموضوعية.
معروفة لدى الجميع الصيغة الكلاسيكية للموقف الماركسي من هذه المسألة الذي قدمه انجلز في كتاب ضد دوهرينغ:
"ان القوى الاجتماعية الفاعلة تعمل مثل القوى الطبيعية تماما: بصورة عمياء وقسرية ومدمرة طالما لا نفهمها ونأخذها في الحسبان. ولكننا ما ان نفهمها، ما ان نستوعب عملها،اتجاهها، تأثيرها، الا ويكون الاعتماد على انفسنا لاخضاعها اكثر فاكثر لارادتنا، وبواسطتها نبلغ اهدافنا. وهذا يصدق بصورة خاصة على قوى الانتاج الحالية الجبارة. فطالما نرفض بعناد فهم طبيعة وطابع قوى الانتاج هذه – وهذا الفهم يجري ضد مزاج اسلوب الانتاج الراسمالي والمدافعين عنه – تبقى هذه القوى تعمل على الرغم منا، معاكسة لنا، مسيطرة علينا، كما بينا سالفا بالتفصيل. ولكن حالما تصبح طبيعتها مفهومة، يمكن، بأيدي المنتجين العاملين سوية، تحويلها من غول مسيطر الى خادم مطيع. ان الفرق مماثل للفرق بين القوة الكهربائية المدمرة في برق العاصفة وبين الكهرباء تحت سيطرة التغلغراف والقوس الكهربائي؛ الفرق بين حريق هائل والنار العاملة في خدمة الانسان. عند تمييز الطبيعة الحقيقية لقوى الانتاج الحالية، اخيرا، ستخلي فوضى الانتاج الاجتماعي مكانها لتنظيم اجتماعي للانتاج بموجب خطة محددة وفقا لحاجات المجتمع وحاجات كل فرد. حينئذ يحل بدل اسلوب التملك الراسمالي الذي يستعبد فيه الانتاج منتجيه اولا ثم مستملكيه، اسلوب تملك الانتاج القائم على اساس طبيعة وسائل الانتاج الحديثة؛ في المرتبة الاولى استملاك اجتماعي مباشر كوسائل انتاج لصيانة وتوسيع الانتاج – وفي المرتبة الثانية استملاك فردي مباشر كوسيلة للعيش والاستمتاع."

اجراءات لرفع ملكيات المزارع الجماعية الى مستوى الملكية العامة

ما هي الاجراءات الضرورية لرفع ملكية المزارع الجماعية، وهي ليست ملكية عامة طبعا، الى مستوى الملكية العامة (الوطنية)؟
يظن البعض ان ما ينبغي عمله هو مجرد تأميم ملكية المزارع الجماعية، ان نعلنها ملكية عامة، بالطريقة التي اتخذناها في الماضي في حالة الملكية الراسمالية. اقتراح كهذا خاطئ اطلاقا وغير مقبول بتاتا. ان ملكية المزارع الجماعية هي ملكية اشتراكية ولا نستطيع معاملتها بنفس طريقة معاملة الملكية الراسمالية. فمن واقع ان ملكية المزارع الجماعية ليست ملكية عامة لا ينجم ابدا انها ليست ملكية اشتراكية.
يعتقد هؤلاء الرفاق ان تحويل ملكية الافراد او جماعات من الافراد الى ملكية الدولة هو الطريق الوحيد او على الاقل افضل طريق للتأميم. هذا غير صحيح. الحقيقة هي ان التحويل الى ملكية الدولة ليس الطريق الوحيد، وليس حتى افضل شكل من اشكال التأميم، ولكنه الشكل الاولي للتأميم، كما يقول انجلز وهو على حق تام في ضد دوهرينغ. لا شك انه، مادامت الدولة موجودة، يكون تحويل الملكية الى ملكية الدولة افضل شكل اولي طبيعي للتأميم. بيد ان الدولة لن تبقى موجودة الى الابد. مع اتساع نطاق عمل الاشتراكية الى اغلبية اقطار العالم ستضمحل الدولة وتموت، ونتيجة لذلك طبعا لا يبقى اي معنى لتحويل ملكية الافراد او جماعات من الافراد الى ملكية الدولة. فالدولة تكون قد ماتت اما المجتع فهو باق. وعليه فان وارث الملكية العامة عندئذ لا يكون الدولة التي تكون قد ماتت، بل المجتمع ذاته بشكل هيئة مركزية اقتصادية موجهة.
واذا كان الامر كذلك فما الذي يجب عمله من اجل رفع ملكية المزارع الجماعية الى ملكية عامة؟
ان الاقتراح الذي قدمه الرفيقان سانينا وفينجر باعتباره الوسيلة الرئيسية لبلوغ رفع ملكية المزارع الجماعية هذا هو بيع ادوات الانتاج الاساسية المركزة في محطات المكائن الزراعية والجرارات الى المزارع الجماعية كملكية لها، وبهذا اعفاء الدولة من ضرورة توظيف اموال اساسية في الزراعة، وجعل المزارع الجماعية ذاتها مسؤولة عن صيانة وتطوير محطات المكائن الزراعية والجرارات. يقولان:
"من الخطأ الاعتقاد بأن توظيف اموال المزارع الجماعية يجب استخدامه بالدرجة الرئيسية لحاجات قرى المزارع الجماعية، بينما يجب ان يستمر تحمل المقدار الاعظم من توظيف الاموال لحاجات الانتاج الزراعي كما كان لحد الان عبءا على الدولة. الا يكون من الاصح انقاذ الدولة من هذا العبء، علما بان المزارع الجماعية اصبحت قادرة على تحمله كليا بنفسها؟ عندئذ تكون للدولة وفرة من المشاريع توظف فيها اموالها اخذة بنظر الاعتبار خلق وفرة من بضائع الاستهلاك في البلاد؟"
ويقدم الكاتبان عدة حجج لاسناد اقتراحهم.
أولا. بالاشارة الى تصريح ستالين بان وسائل الانتاج لا تباع حتى الى المزارع الجماعية، يبدي مؤلفا الاقتراح اعتراضا على تصريح ستالين هذا باعلانهما ان الدولة على كل حال تبيع فعلا وسائل انتاج للمزارع الجماعية مثل بعض الادوات الصغيرة كالمناجل والمحشات والمكائن الكهربائية الصغيرة الخ.. انهما يعتبران ان الدولة، اذا كانت تستطيع بيع مثل وسائل الانتاج هذه الى المزارع الجماعية، فبامكانها ايضا بيع وسائل الانتاج الاخرى اليها مثل المكائن الزراعية الموجودة في محطات المكائن الزراعية والجرارات.
ان هذه الحجة لا يمكن قبولها. ان الدولة طبعا تبيع فعلا ادوات صغيرة الى المزارع الجماعية وهو ما يجب ان تفعله وفقا لنظام الارتيل الزراعي والدستور. ولكن هل نستطيع ان نجمع في نطاق واحد الادوات الصغيرة مع وسائل الانتاج الزراعية الاساسية مثل مكائن محطات المكائن الزراعية والجرارات، أو لنقل، الارض التي تشكل هي ايضا احدى وسائل الانتاج الزراعية الاساسية هذه في الزراعة؟ بالطبع لا. لا يمكن جمعها في نطاق واحد لان الادوات الصغيرة لا تقرر باية درجة مصير انتاج المزارع الجماعية، بينما تقرر مثل وسائل الانتاج هذه كمكائن محكات المكائن الزراعية والجرارات والارض كليا مصير الزراعة في ظروفنا الحالية.
ليس من الصعب ان نفهم ان ستالين حين قال ان وسائل الانتاج لا تباع الى المزارع الجماعية، لم يكن يعني الادوات الصغيرة بل وسائل الانتاج الزراعية الاساسية؛ مكائن محطات المكائن الزراعية والجرارات والارض. ان الكاتبان يلعبان بعبارة "وسائل الانتاج" ويخلطان امرين مختلفين من دون ان يلاحظا انهما يقعان في مأزق.
ثانيا. ان الرفيقين سانينا وفينجر يشيران كذلك الى واقع انه في الفترة المبكرة من حركة المزارع الجماعية الواسعة النطاق – نهاية 1929 و بداية 1930 – كانت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي نفسها لصالح تحويل محطات المكائن الزراعية والجرارات الى المزارع الجماعية كملكيتها، طالبة منها ان تسدد تكاليف محطات المكائن الزراعية والجرارات خلال ثلاث سنوات. انهما يعتبران انه رغم عدم تحقق شيء من هذا في حينه "نظرا لفقر" المزارع الجماعية، فالان وقد اصبحت غنية فقد يكون من المناسب العودة الى هذه السياسة، اي، بيع مكائن محطات المكائن الزراعية والجرارات الى المزارع الجماعية.
هذه الحجة هي الاخرى لا يمكن قبولها. كان فعلا قد اتخذ قرار في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي في اوائل 1930 ببيع محطات المكائن الزراعية والجرارات الى المزارع الجماعية. كان القرار قد اتخذ بناء على اقتراح مجموعة من عمال الصاعقة في المزارع الجماعية كتجربة، كمحاولة، مع فكرة العودة الى القضية في موعد قريب واعادة بحثها. الا ان التجربة الاولى اظهرت عدم صلاح هذا القرار وبعد اشهر قليلة اي في نهاية سنة 1930 الغي القرار.
ان الانتشار اللاحق لحركة المزارع الجماعية وتطور تكوين المزارع الجماعية اقنعت بصورة قاطعة كلا المزارعين الجماعيين وموظفي القيادة بأن تركيز ادوات الانتاج الزراعي في ايدي الدولة، في ايدي محطات المكائن الزراعية والجرارات، كان الطريق الوحيد الذي يضمن السرعة الفائقة لتوسيع انتاج المزارع الجماعية.
كلنا ممتنون للخطوات الهائلة التي يخطوها الانتاج الزراعي في بلادنا، بزيادة انتاج القمح، والقطن والكتان وبنجر السكر الخ.. فما هو مصدر هذه الزيادة؟ انه زيادة احدث الادوات التقنية، العدد الهائل من احدث المكائن التي تخدم جميع فروع الانتاج. فالامر ليس موضوع المكائن عموما؛ الامر هو ان المكائن لا يمكن ان تبقى جامدة، بل يجب استكمالها على الدوام، وجعل المكائن القديمة خردة والاستعاضة عنها بمكائن جديدة، واستبدال المكائن الجديدة باحدث منها ايضا. فبدون ذلك، يستحيل السير الى امام في زراعتنا الاشتراكية؛ وبدونه لا يمكن تحقيق الحصاد الكبير ووفرة الانتاج الزراعي. ولكن ما الذي يتضمنه تحويل مئات الوف الجرارات العجلية الى خردة والاستعاضة عنها بجرارات مزنجرة، الاستعاضة عن عشرات الوف الحاصدات الدراسات القديمة باخرى حديثة، واختراع مكائن جديدة، للمحاصيل الصناعية مثلا؟ ذلك يتضمن انفاق مليارات الروبلات مما لا يمكن استعادته الا بعد مرور ست او سبع سنوات. هل مزارعنا الجماعية قادرة على تحمل مثل هذه النفقات، حتى ولو ان دخولها قد تصل الى الملايين؟ كلا هي ليست قادرة، لانها ليست في وضع يمكنها الاضطلاع بانفاق مليارات الروبلات التي لا يمكن استرجاعها الا بعد فترة ست او سبع سنوات. مثل هذه النفقات لا يمكن ان تتحملها سوى الدولة، لانها هي وهي وحدها في وضع يمكنها ان تتحمل فيه الخسارة التي يتضمنها تحويل المكائن القديمة الى خردة والاستعاضة عنها بمكائن جديدة؛ لانها هي وهي وحدها في وضع يمكنها فيه ان تتحمل مثل هذه الخسائر لمدة ست او ثمان سنوات ولا تستعيد نفقاتها الا حينذاك.
فماذا سيكون تأثير بيع محطات المكائن الزراعية والجرارات الى المزارع الجماعية كملكية لها اذا اخذنا ما سبق بنظر الاعتبار؟ يكون التأثير تكليف المزارع الجماعية بخسائر كبيرة وتحطيمها، وتقويض ميكانيكية الزراعة، وتبطئة تطور انتاج المزارع الجماعية.
والنتيجة هي ان الرفيقين سانينا وفينجر باقتراحهما بيع محطات المكائن الزراعية والجرارات الى المزارع الجماعية كملكية لها انما يقترحان خطوة الى الوراء نحو التأخر القديم ويحاولان ارجاع عجلة التأريخ الى الوراء.
ولنفرض جدلا اننا قبلنا اقتراح الرفيقين سانينا وفينجر وبدأنا في بيع ادوات الانتاج الاساسية، محطات المكائن الزراعية والجرارات الى المزارع الجماعية كملكية لها. فماذا تكون النتيجة؟
تكون النتيجة اولا ان المزارع الجماعية تصبح مالكة للادوات الاساسية للانتاج؛ وهذا يعني ان وضعها يكون وضعا استثنائيا، وضعا لا يشاركها فيه اي مشروع اخر في بلادنا، اذ، كما نعلم، حتى المشاريع المؤممة لا تمتلك ادوات انتاجها. كيف، وباي اعتبار من اعتبارات التقدم والتطور يمكن تبرير هذا الوضع الاستثنائي؟ هل يمكن ان يقال ان مثل هذا الوضع سيسهل رفع ملكية المزارع الجماعية الى مستوى الملكية العامة، وانه سيسرع انتقال مجتمعنا من الاشتراكية الى الشيوعية؟ اليس من الاصح القول ان مثل هذا الوضع لا يمكن الا يحفر واد اعمق بين ملكية المزارع الجماعية والملكية العامة، ولا يقربنا الى الشيوعية بل بالعكس يبعدنا عنها؟
وتكون النتيجة ثانيا توسيع نطاق عمل التداول السلعي، لان كمية هائلة من ادوات الانتاج الزراعي ستدخل في نطاقه. ماذا يتصور الرفيقان سانينا وفينجر – هل يحسبان ان توسيع نطاق التداول السلعي يسرع من تقدمنا نحو الشيوعية؟ اليس من الاصح القول ان تقدمنا نحو الشيوعية لا يمكن الا ان يتأخر بذلك؟
ان خطأ الرفيقين سانينا وفينجر الاساسي يكمن في واقع انهما لا يفهمان دور واهمية التداول السلعي في ظل الاشتراكية؛ انهما لا يفهمان ان التداول السلعي لا ينسجم مع الانتقال المنتظر من الاشتراكية الى الشيوعية. واضح انهما يتصوران ان الانتقال من اللاشتراكية الى الشيوعية ممكن حتى مع وجود التداول السلعي، وان التداول السلعي لا يكون حجر عثرة في سبيل ذلك. هذا خطأ فظيع ناشئ عن عدم هضم الماركسية بصورة كافية.
لدى انتقاد انجلز "الكومونة الاقتصادية" لدوهرينغ التي تؤدي وظيفتها في ظروف التداول السلعي في كتاب "ضد دوهرينغ" يظهر بصورة مقنعة ان وجود التداول السلعي يؤدي حتما ب"كومونات دوهرينغ الاقتصادية" المزعومة الى اعادة نشوء الراسمالية. واضح ان الرفيقين سانينا وفينجر لا يتفقان على ذلك. وهذا لسوء حظهما. غير اننا، نحن الماركسيين، نتمسك بوجهة النظر الماركسية بأن الانتقال من الاشتراكية الى الشيوعية وبالمبدأ الشيوعي بأن توزيع المنتجات حسب الحاجات يعيق اي تبادل سلعي وعليه يعيق تحويل المنتجات الى سلع ومعها تحويلها الى قيمة.
هذا يكفي بصدد مناقشة اقتراح الرفيقين سانينا وفينجر.
ولكن ما الذي يجب عمله من اجل رفع ملكية المزارع الجماعية الى مستوى الملكية العامة؟
ان المزرعة الجماعية نوع غير اعتيادي من المشاريع. انها تعمل على الارض التي اصبحت عامة منذ زمن بعيد، وليست ملكية المزارع الجماعية. وعليه فان المزرعة الجماعية ليست مالكة الارض التي تزرعها.
اضف الى ذلك تعمل المزرعة الجماعية بادوات انتاج هي ملكية عامة، ليست ملكية المزارع الجماعية. وعليه فان المزرعة الجماعية ليست مالكة ادوات انتاجها الاساسية.
اضف الى ذلك ان المزرعة الجماعية مشروع تعاوني؛ انها تستفيد من عمل اعضائها وتوزع دخلها بين اعضائها على اساس وحدات العمل اليومي؛ انها تمتلك حبوبها التي تتجدد كل عام وتدخل في الانتاج.
فما الذي تمتلكه المزرعة الجماعية اذن؟ اين هي ملكية المزرعة الجماعية التي تتصرف بها بملء الحرية، وفقا لمشيئتها؟ ان ملكية المزرعة الجماعية هذه هي منتجاتها، المنتجات الزراعة الجماعية؛ الحبوب، اللحوم، الزبدة، الخضروات، القطن، بنجر السكر، الكتان، الخ.. بدون ان نأخذ في الحسبان البنايات والاقتصاد الشخصي للمزارعين الجماعيين في قطعهم البيتية. والواقع هو ان كميات كبيرة من هذا الانتاج، فائض انتاج المزرعة الجماعية، ينزل الى السوق ولذلك يدخل ضمن نظام التداول السلعي. هذا الظرف بالذات هو الذي يمنع رفع ملكية المزارع الجماعية الان الى مستوى الملكية العامة. وعليه من هذه النقطة بالذات يجب ان تبدأ عملية رفع ملكية المزارع الجماعية الى مستوى الملكية العامة.
من اجل رفع ملكية المزارع الجماعية الى مستوى الملكية العامة ينبغي اخراج فائض انتاج المزارع الجماعية عن نطاق نظام التداول السلعي وادخاله ضمن نظام تبادل الانتاج بين صناعة الدولة والمزارع الجماعية. هذه هي النقطة.
ليس لنا لحد الان نظام متطور لتبادل الانتاج ولكن توجد بدايات لمثل هذا النظام بشكل "متاجرة" المنتجات الزراعية. فمنذ امد طويل، كما نعلم، جرت "متاجرة" منتجات زراعة القطن وزراعة الكتان وبنجر السكر ومنتجات اخرى من انتاج المزارع الجماعية. حقا لم تجر "متاجرتها" بصورة كلية ولكن فقط بصورة جزئية، ولكن جرت "متاجرتها" على كل حال. من الجدير بالذكر، بالمناسبة، ان كلمة "متاجرة" ليست كلمة سعيدة ويجب الاستعاضة عنها بعبارة "تبادل الانتاج". ان المهمة هي توسيع بدايات تبادل الانتاج هذه الى كافة فروع الزراعة وتطويرها الى نظام واسع النطاق، الذي في ظله لا تستلم المزارع الجماعية لقاء انتاجها تقودا فقط بل كذلك المنتجات التي تحتاجها بصورة رئيسية. ان مثل هذا النظام يتطلب زيادة كبيرة من البضائع المخصصة من المدينة الى الريف، ولذلك يجب عدم الاخذ به بدون اي تسرع خاص وفقط لدى مضاعفة انتاج المدينة. ولكن يجب الاخذ به بلا انحراف ولا تردد، خطوة بعد اخرى، بتقليص نطاق عمليات التداول السلعي وتوسيع نطاق عملية تبادل الانتاج.
مثل هذا النظام، تقليص نطاق عملية التداول السلعي، يسهل الانتقال من الاشتراكية الى الشيوعية. زد على ذلك يجعل بالامكان ادخال الملكية الاساسية للمزارع الجماعية، منتجات الزراعة الجماعية ضمن النظام العام للبرمجة الوطنية.
هذا يشكل وسيلة فاعلة حقيقية لرفع ملكية المزارع الجماعية الى مستوى الملكية العامة في ظروفنا الحالية.
هل يكون مثل هذا النظام مفيدا لفلاحي المزارع الجماعية؟ لا شك انه سيكون كذلك، لان فلاحي المزارع الجماعية سيستلمون المزيد والمزيد من المنتجات من الدولة مما يستلمونه في ظل التداول السلعي، وباسعار ارخص كثيرا. يعلم الكل ان المزارع الجماعية التي تعقد مقاولات تبادل الانتاج ("المتاجرة") مع الحكومة تستلم افضليات اعظم بما لا يقاس من المزارع الجماعية التي لا تعقد مثل هذه المقاولات. فاذا امتد نظام تبادل الانتاج الى جميع المزارع الجماعية في بلادنا فان هذه الفوائد تصبح متوفرة لجميع فلاحي المزارع الجماعية.
ي. ستالين
28 ايلول 1952

ملاحظة : بهذا ينتهي هذا الكراس الذي كتبه ستالين شهورا قبل وفاته يستطيع القارئ الكريم جمع الحلقات حسب تسلسلها للحصول على الكراس كاملا. ان هذا الكراس من اهم الوثائق الماركسية بعد كتابة منهاج الحزب الشيوعي السوفييتي اذا لم يكن اهمها. اذ انه يحتوي على معلومات لم تتطرق اليها الادبيات الماركسية الكلاسيكية مثل انقسام السوق العالمية وحركة السلام العالمي والتعايش السلمي والتمييز بين عدم حتمية الحرب العالمية وحتمية الحروب بين الدول الراسمالية وشروط تحول المجتمع الاشتراكي الى مجتمع شيوعي. وهذا ما دفعني الى كتابة "ستالين كما افهمه" وهو كتاب صدر باللغة الانجليزية لتوضيح الكثير مما جاء في هذا الكراس وكيف ان الخروشوفيين خرقوا جميع ما اوصى به ستالين في هذا الكراس لكي يستطيعوا اعادة الراسمالية الى الاتحاد السوفييتي. ارجو ان يكون هذا الكراس عاملا مساعدا على فهم الماركسية بشكلها الحقيقي.
حسقيل قوجمان



#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاحظات حول رايي في الحزب الشيوعي الاسرائيلي سنة 1962
- من كتاب ستالين حول القضايا الاقتصادية للاشتراكية
- عودة الى قرار تقسيم فلسطين - 2
- عودة الى موضوع قرار تقسيم فلسطين 1
- حول الطبيعة التقدمية لحزب البعث السوري
- من كراس ستالين حول القضايا الاقتصادية - جواب الى الرفيق الكس ...
- الجالية اليهودية في العراق سابقا
- من كتاب ستالين حول المسائل الاقتصادية للاشتراكية
- حول موقف الاتحاد السوفييتي من قرار تقسيم فلسطين
- هل اسرائيل ديمقراطية؟
- كتاب ستالين حول القضايا الاقتصادية للاشتراكية
- جواب الى الاخ خالد بهلوي
- كتاب ستالين حول القضايا الاقتصادية للاشتراسية
- داوود الصائغ ودوره في الحركة الشيوعية العراقية
- كراس ستالين حول القضايا الاقتصادية للاشتراكية - الحلقة الثان ...
- الحياة الثقافية في سجون العراق
- الى الاخوة في اتحاد الجمعيات المندائية
- الطبقة ام الحزب؟
- كتاب ستالين عن المسائل الاقتصادية - الحلقة الاولى*
- حول مجزرة بشتآشان


المزيد.....




- هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال ...
- الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف ...
- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...
- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»


المزيد.....

- مقدمة في -المخطوطات الرياضية- لكارل ماركس / حسين علوان حسين
- العصبوية والوسطية والأممية الرابعة / ليون تروتسكي
- تحليل كلارا زيتكن للفاشية (نص الخطاب)* / رشيد غويلب
- مَفْهُومُ الصِراعِ فِي الفسلفة المارْكِسِيَّةِ: إِضاءَةِ نَق ... / علي أسعد وطفة
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 5 :ماركس في عيون لينين / عبدالرحيم قروي
- علم الاجتماع الماركسي: من المادية الجدلية إلى المادية التاري ... / علي أسعد وطفة
- إجتماع تأبيني عمالي في الولايات المتحدة حدادًا على كارل مارك ... / دلير زنكنة
- عاشت غرّة ماي / جوزيف ستالين
- ثلاثة مفاهيم للثورة / ليون تروتسكي
- النقد الموسَّع لنظرية نمط الإنتاج / محمد عادل زكى


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الارشيف الماركسي - حسقيل قوجمان - من كراس ستالين حول القضايا الاقتصادية للاشتراكية - القسم الاخير