أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين عبدالله الناصر - الخلافة الإسلامية ومستقبل البحث العلمى















المزيد.....


الخلافة الإسلامية ومستقبل البحث العلمى


حسين عبدالله الناصر

الحوار المتمدن-العدد: 3881 - 2012 / 10 / 15 - 15:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إذا قادتك الصدفة إلى حديث مع أحد دعاة الخلافة الإسلامية حول أثر العلم على التقدم المجتمعى ؛ فإنّه لن يفوّت فرصة سرد أسماء مجموعة من العلماء والمفكرين الذين يتفاخر بهم العرب وينسبون مجدهم العلمى والفلسفى إلى الحضارة الإسلامية ، مثل ابن سينا وابن النفيس وجابر بن حيان والخوارزمى وغيرهم ، لكن واقع آراء الفقهاء ينفى ذالك كليّاً ويقطعه من جذوره ، هؤلاء العلماء من وجهة نظر الإسلاميين الراديكاليين هم مارقين عن الدين خارجين عن الحدود التى رسمها الشرع للبحث العلمى ، وهذة الحدود بوضوح وصراحة هى البحث فى القرآن والأحاديث ، ولكى لا نطيل الحوار فى هذة النقطة يمكنك مراجعة كتاب "حقيقة الحضارة الإسلامية" | http://dromarabolnasr.blogspot.com/2012/09/Ta5areeeeeeeef.html | للكاتب السلفى ناصر بن حمد الذى يسرد فيه الأدلة من أصول الشريعة حول تحريم العلوم الطبيعية والفلسفية ، وتصنيف أغلب العلماء الذين يتفاخر بهم مدعيى الحضارة الإسلامية على أنهم ملحدين خارجين عن الملة إستناداً إلى نصوص لا تقبل التأويل أو التشكيك ، بل ويؤكد على آراء فى الدين ويسوق حولها البراهين مثل أن الشمس تدور حول الأرض ، والأرض مسطحة .


وكيف يزدهر البحث العلمى والتقدم المجتمعى فى وسط يعتبر العلوم الطبيعية كالفيزياء والكيمياء ضرباً من السحر والتنجيم المحرم ، بل أن بعض الفقهاء أجاز قتل الكيميائى فى فتوى لا تقل جنوناً عن ذالك الذى أباح أكل لحم الجن ، لنتحدث عن مستقبل الوطن العربى الذى يتوقع له المحللون على الأرض أن يقع تحت سيطرة الميليشيات الدينية المتطرفة الساعية لإقامة ما يسمونه دولة الخلافة ، ما هو المصير الذى ستؤول إليه أنابيب الإختبار فى المعامل الفيزيائية إن وقعت الدول العربية تحت السيطرة الدينية المتشددة ؟


فى البداية أقول أنى لست متفائل ، اعذرنى عندما تتراءى أمام عينى صور كئيبة عن وطن يستورد سجاجيد صلاته من بلاد الكفار ويتعهد بمهمة ترميم بيته المقدس إلى شركات كافرة ، لا أرى أى وميض أمل أو بارقة ضوء تتأتى إن إنساق الوطن العربى إلى ما تم تسويقه إعلامياً ونفسياً على أنه حلم الخلافة ، وواقع الأمر أن التاريخ الإسلامى لم يحظ بفترة مضيئة للخلافة إلا فى فترات قوة الجيوش الإسلامية ، حيث كانت قوة الجيش تساعد فى تعزيز الفتوحات وازدياد الخراج وبالتالى إزدياد رفاهية الدولة ، أما فى العهود التى كانت الجيوش تضعف فيها وتخمد جذوة الفتوحات فقد جاع المسلمون حتى أكلوا جثث موتاهم ، وازداد الخلفاء ثراءاً حتى كسوا نساءهم بالحرير والديباج وألبسوا غلمانهم نعال من ذهب ، وبينما كان هناك خلفاء مصابين بالشذوذ الجنسى ويدفعون من خزينة الدولة مئات الألوف للحصول على غلمان المتعة كان المسلمون يتدافعون حول موائد الجوع فلا يجدون ما يسد رمقهم ، لكن تسويق فكرة الخلافة برؤية عاطفية تثير النزعة الدينية جعل المسلمون فى حالة هذيان مستمر بجمل ليس لها دليل من الواقع ؛ الخلافة قادمة ، الإسلام هو الحل ، فلا كانت الخلافة قادمة ولا أصبح الإسلام هو الحل ، ولا رؤية منهجية ولا فكر منظم ، وعندما شعروا بالخجل من إنعدام رؤيتهم ونزعتهم الواضحة إلى الشعارات الرنانة خرجوا على الثائرين العرب بمشاريع نهضة وهمية ، ليست لها أى دراسات موثّقة أو سابق تجربة ناجحة ، لكن إن كان أتباعك لا ينتظرون منك شئ فمن الطبيعى أن لا تقدم لهم شئ ، هذا هو حال المتشددين الإسلاميين الذين لا ينتظرون من قادتهم أى شئ فى الدنيا وإنما تراودهم الأحلام الجنسية حول نساء فاتنات فى الجنة ، لذالك فإن قادتهم يحصلون على الأصوات الإنتخابية والتأييد الغير مشروط ويمنحونهم فى المقابل وعود بأنهار من عسل مصفّى ، فلا تتوقع منهم مراقبة أو حساب .

وكيف يكون لنا مستقبل واعد أو حتى عادى فى البحث العلمى إن إنعدمت لدينا آليات المحاسبة والمتابعة ، هذا ما نتوقعه من الحكومات الطامحة لتنفيذ مشروع الخلافة المزعوم ، لأن عدم طاعة ولى الأمر "الحاكم" فى الرؤية الإسلامية الراديكالية يعتبر ضرباً من الخروج عن الملة ، وأحد أشكال الهرطقة الفكرية ، وتضج كتب الأحاديث النبوية بعبارات تمنع الخروج عن الحاكم وتحرم ذالك قطعياً ، بل إنه فى أزهى عصور الخلافة كان رفض البيعة سبباً كافياً لإهدار الدم .


وعلى إمتداد التاريخ قتل الخلفاء والولاة ورؤساء الجند آلاف الباحثين فى مختلف المجالات بتهمة الكفر ومعارضة الخليفة ، من هؤلاء ابن المقفع الذى قطعت أطرافه أمام عينه لأنه أتى بفكرة الأخلاق المجردة ، أى الأخلاق الغير مرتبطة بأى دين ، قال ابن المقفع أن الإنسان الذى يتشكك عقله فى كل الأديان ولا يصل فى أى منها إلى يقين قاطع عليه أن يطبق الأخلاق المجردة التى تتفق عليها كل الأديان والفلسفات الفكرية المعتدلة ، فلا يسرق ولا يزنى ولا يقتل ولا يكذب ، وعندما وصل ابن المقفع إلى هذة الفكرة تم إعتقاله من قبل جند "الخليفة" وتنفيذ حكم الإعدام البشع بحقه ، وهؤلاء الباحثين فى الكيمياء الذين كان يتم قتلهم بتهمة ممارسة السحر الأسود ، وحتى الباحثين فى المجالات الدينية كان يتم قتلهم إن تطرقوا إلى المواضيع الحساسة مثل فى الناسخ والمنسوخ ورحلة الإسراء والمعراج ، لذالك فإن البحث العلمى أبداً لم تكن له منطقة آمنة يتحرك فى إطارها .

لكن ما البحث العلمى إن افتقد الأمان ؟ ــ لا شئ !

البحث العلمى فى حد ذاته ليست له قوة عسكرية تحميه من تغوّل السلطات الحاكمة ، إلا أن تُسن له الشرائع وتوضع له القوانين التى تمنح الباحثين حريتهم وتكفل لهم المجال البحثى الواسع الآمن ، وهذا بالضبط هو مالم يتحقق فى أى عصر من عصور الخلافة من أولها لزوالها ، لذالك فإن التشدق بشعارات حرية البحث العلمى فى عصور الخلافة الإسلامية هو مجرد هراء فكرى وإدعاءات ليس لها من الواقع أى دليل ، وبوادر عودة هذة العصور السوداء يتجلى أمام أعيننا الآن فى كلمات شيوخ الوهابية المصريين الذين يكفّرون ويهدرون دم المفكرين والباحثين ، وهذا دليل على أن الرؤية المتشددة هى نفسها فى كل العصور ولا تخضع لأى تعديل أو تقويم وإنما هى نسخ من بعضها تتكرر ومياه متشابهة من بعضها تتعكّر .

وما يؤكد أيضاً على المصير الغير مضئ الذى ينتظر البحث العلمى فى الوطن هو حالة العبودية للنص الدينى ، فى الوقت الذى يتسم فيه العلم بالتغير والمرونة ، نرى القائمين على الدولة بلحاهم الطويلة وقد وضعوا عقولهم فى حالة من العبودية للنص الدينى الجامد ، فلا حرية للبحث العلمى إلا إن وافق هذا النص ، وفى واقع الأمر فإن البحث العلمى نادراً ما يوافق هذا النص ، وكيف نحصل على بحث علمى متقدم إن كان تدريس أحدث النظريات العلمية ممنوع فى الوطن بقوة النص المقدس ، والبحث فى تاريخ الإنسان ممنوع بقوة النص المقدس ، والنص المقدس يقع تحت حماية أشخاص يحفظونه ولا يفهمونه ، يحفظون التفاسير ولا يستخدمون كتلة اللحم التى تقع فوق أكتافهم فى فهم النص وإدراك مرونته ، أبشر بأن الداروينية سوف تمر بعصرها الذهبى وربما تضمحل وتأتى بعدها نظرية أخرى ولكنها لن تمر على وطننا العربى لأن البحث فيها حرام ، وربما خرج علينا أحد المتذاكين بالعبارة التى أحفظوة إياها فى الكتاتيب الدينية : "العلم يثبت خطؤه كل يوم !" ؛ وفى الحقيقة أن مرونة العلم لا تعنى أنه خاطئ ، وإنما هى نقطة تحسب للبحث العلمى لا عليه ، المرونة هى التى تجعل من كل النصوص العلمية أفكار قابلة للتغيير ولا تقع تحت مربع التقديس ، أما التفكير الدينى الرجعى فإنه يضع كل شئ فى دوامة القدسية التى تجمّده وتمنع عنه المرونة ليتحول مع الوقت إلى كتلة منفرة من الهراء الذى لا يناسب العصر ، بينما العلم يتشكل وفقاً لدرجة التقدم العقلى للمجتمع ككل ، وإن تحقق الوهم الجماعى بإقامة خلافة إسلامية فإنه من الطبيعى أن تتسلط أساليب التفكير التى تخضع للنص على أساليب التفكير التى تخضع للحقائق ، ولا أمل إن حدث ذالك فى أى تقدم علمى

سامحنى إن كانت رؤيتى غير متفائلة ، وما أتمناه حقاً أن تكون هذة الرؤية قاصرة وغير حقيقية وأرى من يقف أمامى ليصفنى بضيق الأفق الذى يم يستطيع تقدير الأمور ، لكن إلى أن يحدث هذا فعلينا أن نعى جيداً المخاطر التى نواجهها من الغوغائيين والحنجوريين وأتباع مذاهب التأثير النفسى الخادع وإستغلال الدين كاسم تجارى .

عمر أبوالنصر
14/10/2012
5.37 PM

رابط كتاب حقيقة الحضارة الإسلامية : http://dromarabolnasr.blogspot.com/2012/09/Ta5areeeeeeeef.html



#حسين_عبدالله_الناصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحبيب بورقيبة | طاح الباى !!
- العلاقة بين الثورتين السوريَّة والبحرينية
- العلاقة بين الليبرالية والدين
- أزمة العنصرية فى سوريا ما بعد بشار الأسد
- كلمة السر علياء المهدى
- توقّف لحظة !
- المثقفين يخدعونكم
- لماذا أرفض مادة -الإسلام دين الدولة- ؟


المزيد.....




- ترامب يوقع مرسوما بفرض عقوبات على الجنائية الدولية
- بيسكوف: لم تناقش روسيا والولايات المتحدة تنظيم لقاء بين بوتي ...
- وزير الدفاع السوري: منفتحون على استمرار الوجود العسكري الروس ...
- سياسي عراقي: انسحاب القوات الأمريكية من البلاد قد يتأخر
- -الغارديان- : ترامب سيضطر إلى مراعاة مصالح روسيا والصين
- الخارجية الأمريكية: نقل الفلسطينيين إلى خارج غزة سيكون مؤقتا ...
- خلافات بشأن حكومة لبنان: اجتماع لعون وسلام وبري ينتهي بلا تص ...
- الطيران الإسرائيلي يشن غارات على جنوب لبنان وشرقه رغم اتفاق ...
- دعوة للانتباه.. مسار ضم وتهجير الضفة بدأ
- جوا وبحرا.. كاتس يدرس السماح لسكان غزة بالسفر عبر إسرائيل


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين عبدالله الناصر - الخلافة الإسلامية ومستقبل البحث العلمى