أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - إمبريالية أفلاطونية!














المزيد.....


إمبريالية أفلاطونية!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3881 - 2012 / 10 / 15 - 14:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


جواد البشيتي
كم مرَّة سمعناها من رؤساء الولايات المتحدة، أو من المرشَّحين لرئاستها، وكان آخرهم المرشَّح الرئاسي الجمهوري رومني؛ وأعني بها العبارة الأفلاطونية المثالية، عبارة "القِيَم والمبادئ (والمُثُل)"، والتي يُنَوِّعون تَعْيينها بكلمات ومفردات من قبيل "الديمقراطية (أيْ القِيَم والمبادئ الديمقراطية)"، أو "الأخلاقية"، أو "الإنسانية"، أو "الحضارية"؛ فالقوَّة العظمى في العالم، والتي هي "إمبريالية" الجوهر والماهية، بالمعنيين اللينيني والكاوتسكي، إنَّما "تقود" العالَم، ولا "تَحْكُمه"؛ وهي "تقوده" بـ "المُثُل"، أو بـ "قوَّة المثال (الديمقراطي والأخلاقي والإنساني والحضاري)"؛ وبـ "قيادتها المثالية" له إنَّما تقيم الدليل على أنَّ "الفكر (الوعي، الرُّوح)" هو (وحده) الذي يَحْكُم العالَم؛ وإفراطاً في "المثالية"، وتفريطاً في "المادية (الدنيئة الخسيسة)"، يُعْلِن قادة وزعماء هذه الدولة، التي فيها، وبها، انتهى التاريخ، أو بلغ خاتمته السعيدة، مُحَيِّياً فوكوياما، ومن قَبْلِه هيجل، أنَّ الولايات المتحدة لا تَقِف، في سياستها الخارجية، إلاَّ مع مَنْ يشاطرها القِيَم والمبادئ نفسها؛ وأنَّها، من ثمَّ، تَقِف ضدَّ كل من لا يشبهها، أو يماثِلها، في قِيَمها ومبادئها.
إنَّها "الدِّيانة الرابعة"، التي جَبَّت ما قَبْلها من ديانات سماوية وأرضية؛ فـ "المصالح (وإذا ما كانت من ماهية مادية على وجه الخصوص، كالمصالح الاقتصادية)"، وعلى أهميتها (التي لا يُنْكرها سياسيان عاقلان) في عالَم السياسة "الواقعي"، ليست هي التي تَحْكُم سياستها الخارجية، أو تتحكَّم فيها؛ ذلكَ لأنَّ الولايات المتحدة ما كان لها أنْ تَجْعَل "التاريخ" في ذِمَّة التاريخ لو لم تُمَكِّن لقِيَمِها ومبادئها (السامية، والتي تسمو حتى عن السماء نفسها) في أرض السياسة، مُهَذِّبةً، ومُعَقْلِنَةً، ومُؤَنْسِنَةً، ومُرَوْحِنَةً، المصالح، ونزاعها؛ فيا له من عالَمٍ جميلٍ بهيج هذا الذي تتوفَّر الولايات المتحدة على خَلْقِه (لنا) من طريق "قيادتها المثالية" للبشر كافَّة!
وهذه "المُهِمَّة (التاريخية الكونية) الجليلة العظيمة" التي أسندها التاريخ إلى "روما الجديدة"، قَبْل أنْ يَلْفُظ أنفاسه الأخيرة بين يديها المباركتين، والتي تنوء بحملها الجبال، ستُنْجَز لا محالة، وعلى يديها؛ فالولايات المتحدة، وبصفة كونها الدولة الأكبر من العالَم كله، والتي لِكِبَرِها الرُّوحي ضاق بها التاريخ نفسه، تُؤمِن بما "آمن" به آينشتاين إذ قال؛ لكن في لهجة ساخِرة: "إذا عارَضَ الواقع فكرتكَ فإنَّ عليكَ، عندئذٍ، أنْ تُغيِّره"!
ولقد خاضت الولايات المتحدة (بما تتحلَّى به من سِعَة النَّفس، وضيق الأفق) هذه "التجربة الآينشتاينية"؛ فإنَّ إيمانها بأنَّ قِيَمها ومبادئها ومُثُلها تَعْلو ولا يُعْلى عليها، وبأنَّ "الفكر" يَحْكُم العالَم، حَمَلَها على أنْ تُغَيِّر، أو تسعى في تغيير، كل واقعٍ أَمَرَتْهُ بالسجود لفكرها، فأبى واستكبر؛ فـ "الواقع" لن يكون "صائباً"، ولا "شرعياً"، إنْ عارَض (أو عانَد) فكرها، الذي بـ "ميزانه الذَّهبي" تَزِن "واقعية" كل "واقع"!
وإذا كانت مادية الماديين تُلْزِمهم أنْ يُعدِّلوا ويُغيِّروا أفكارهم بما يجعلها متوافِقة، أو أكثر توافقاً، مع "الواقع"، فإنَّ مثالية "القوَّة المثالية العظمى في العالم (وفي التاريخ)" تُلْزِمها أنْ تُعدِّل، أو تُغيِّر "الواقع نفسه"، بما يجعله متوافِقاً، أو أكثر توافقاً، مع أفكارها، التي لم تَكْشِف لنا بَعْد (وربَّما لن تَكْشِف لنا أبداً) عن "مَصْدَرها (الذي لا ريب في سماويته)"!
"التجربة"، أيْ تجربة السياسة الخارجية للولايات المتحدة، لم تأتِ، على وجه العموم، إلاَّ بما يقيم الدليل على أنَّ مصالح القوَّة العظمى في العالَم غير متصالحة مع القِيَم والمبادئ التي تنادي بها، وتدعو غيرها إلى أنْ يشاطِرها إيَّاها، حتى تُسْبِغ عليه نعمتها السياسية والعسكرية والاقتصادية والمالية؛ ونحن في العالَم العربي كُنَّا (وما زِلْنا) شهوداً على أنَّ الأعداء الألداء (في واقعهم السياسي والثقافي والحضاري..) لقِيَم ومبادئ الولايات المتحدة، والتي هي قِيَمٌ ومبادئ تَكْمُن جميعاً، أو جلها، في حاجات البشر كافَّة، هُمْ الذين أنعمت عليهم، وقوَّت شوكتهم، وسهرت على حمايتهم؛ وكأنَّها تريد أنْ تقول، بلغة مادية واقعية، هذه المرَّة، إنَّها تَقِف مع من يُصالحِ مصالحها الإمبريالية ولو ناصَبَ قيمها ومبادئها (الديمقراطية والأخلاقية والإنسانية والحضارية) العداء.
ولَمَّا ثار الشعب السوري طَلَبَاً للحرية، وانتصاراً للقِيَم والمبادئ الديمقراطية، "انتصرت له" الولايات المتحدة إذ حَذَّرت بشار الأسد من مغبَّة قَمْع شعبه بالسِّلاح الكيميائي أو البيولوجي، وكأنَّها لا تَعْتَرِض على القمع والقتل والتقتيل، وإنَّما على أداة من أدواته!
و"انتصرت" لشعوب أخرى انتصاراً بدا متوافِقاً مع قِيَمها ومبادئها؛ لكنَّ هذا الموقف ما كان له أنْ يبدو على هذا النحو لو لم تكن مصالحها الإمبريالية متوافِقَة، شكلاً ومؤقَّتاً، مع تلك القِيَم والمبادئ؛ لكن ما أنْ دَخَلَت مصالحها في نزاعٍ مع قِيَمها ومبادئها حتى انحازت إلى مصالحها في هذا النزاع؛ فهي، وعلى ما أثبتت التجربة، تَزِنُ كل قِيَمها ومبادئها بميزان مصالحها الإمبريالية.
أمَّا الفلسطينيون فلن يُشاطِروا الولايات المتحدة قِيَمها ومبادئها إلاَّ إذا فَهِموا "الديمقراطية"، التي ينبغي لهم الأخذ بها، على أنَّها، في جوهرها وأساسها، الاعتراف (أيْ اعترافهم هُمْ) بإسرائيل على أنَّها دولة يهودية (خالصة) يَخُصُّ إقليمها "الشعب اليهودي" فحسب!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متى نتعلَّم ونُجيد -صناعة الأسئلة-؟!
- حتى يتصالح نظام الصوت الواحد مع الديمقراطية!
- من يتحدَّث باسم الشعب في الأردن؟!
- -سؤال الإصلاح- في الأردن الذي ما زال بلا جواب!
- جهاد -حزب الله- في سورية!
- المتباكون على -الربيع العربي-!
- معركة -كامب ديفيد- في سيناء!
- طهران إذْ غَيَّرت تقويمها للتهديد الذي تتعرَّض له!
- جامعات لوَأْدِ النِّساء!
- لِمَ الاعتراض على هذا الحل للأزمة السورية؟!
- البابا في شرحه الفلسفي ل -حرِّيَّة التعبير-!
- -وسطيون-.. -سلفيون-.. -جهاديون-.. -تكفيريون-..!
- -النووي الإيراني- يتمخَّض عن -هيروشيما سوريَّة-!
- جواد البشيتي - كاتب ومُفكِّر ماركسي - في حوار مفتوح مع القار ...
- كَمْ نحتاج إلى -التنظيم الذاتي المستقل-!
- هل تأتي على يَدَيِّ مرسي؟
- لله يا ناخبين!
- كاوتسكي حليفاً لبشَّار!
- البنك الدولي يقرع ناقوس الخطر!
- مرسي مُتَرْجَماً بالفارسية!


المزيد.....




- -أكسيوس-: وزراء عرب يعارضون في رسالة إلى واشنطن إجلاء الفلسط ...
- 4 احتمالات.. سيناريوهات -اليوم التالي- في غزة تتصدر لقاء نتن ...
- البعثة الأممية تكشف عن تشكيل لجنة استشارية تمهيدا لجولات حوا ...
- الدوحة: إسرائيل لم ترسل وفدها المفاوض لإجراء محادثات المرحلة ...
- الخارجية الروسية تتهم USAID بالتلاعب الإعلامي وتجاهل جرائم ا ...
- الشرع: إجراء انتخابات رئاسية بسوريا سيستغرق 4-5 سنوات
- ملامح المرحلة الجديدة من الصراع بعد الطوفان
- ترامب يعتزم توقيع أوامر تنفيذية جديدة
- مهرجان للأضواء في كوبنهاغن.. المدينة تشعّ نورا يكسر رتابة ا ...
- حادث عرضي وليس تخريبًا: السويد تكشف أسباب قطع كابل بحري في م ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - إمبريالية أفلاطونية!