عامر هشام الصفّار
الحوار المتمدن-العدد: 3881 - 2012 / 10 / 15 - 11:22
المحور:
الادب والفن
1
منذ ثمانية أيام والسيدة سيمون مريضة في هذه الردهة بمستشفى المدينة الجامعي. كانت قد جاءت مع أبنها البكر بعد أن شكت من آلام مبرحة في الخاصرة. رحت أشرح لها نتائج الفحوصات وخطتي للعلاج، وهي تنظر في وجهي غير راضية، فألم الخاصرة لم يترك لها رغبة في أي شيء. أخرجت اللاصق المزيل للأوجاع من ثلاجة أدوية الردهة ووضعته بيدي على جلدها مباشرة.
في صباح هذا اليوم لم أتعرّف على مريضتي سيمون. هي تبتسم لي وترفع ابهامها الأيمن دلالة الراحة. وجدتها بعد هنيهة وهي ترسم لوحة ملّونة لورود حديقتها. وقعّت اللوحة وكتبت في الأهداء: أردت أن أقول شكرا لك بطريقتي الخاصة".. بقيت طوال اليوم أتذكّرها أمي، طوبى لتربتها..ألم السنين تحملّته بصبر أيوب.
2
أفتح باب غرفتي وأصيح أسمه بصوت مسموع: السيد جون مكارثي..ينهض رجل طاعن في السن من بين المرضى الذين أمتلأت بهم قاعة الأنتظار، يلتفت نحوي ويجر عكازه الجديد جرّا كأنه مربوط الى حجر ثقيل. يمشي بتؤدة وممرضة شابة تقوده، لم تفارق محياها أبتسامة خفيفة. يتهالك على كرسيّه بجانب منضدتي، وأنا أنظر في أوراقه ونتائج الفحوصات. صورة بالأسود والأبيض وجدتها صدفة بين الأوراق له وهو شاب بملابسه العسكرية يقف مع فتاة بعمر الزهور تلبس ثوب الزفاف. جون يفتقد زوجته التي ماتت قبل شهور قليلة. لم أجرؤ ان أقول له أن سرطان المثانة عنده يتقدم. رحت أبحث في قاموسي عن كلمات، تذهب عنه الحسرات وتقرّبني من هدفي الصعب. علمت البارحة أن الممرضة الشابة هي أبنته الخامسة من زواج ثالث.
#عامر_هشام_الصفّار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟