|
في تخليق المنظومة القضائية _الجزء الثالث والاخير_
اسماعين يعقوبي
الحوار المتمدن-العدد: 3880 - 2012 / 10 / 14 - 18:36
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
_ دور الهيئات النقابية والمهنية والجمعوية في التخليق:
تلعب الهيئات النقابية والمهنية والجمعوية دورا مركزيا في تخليق الحياة العامة عموما والمنظومة القضائية على وجه الخصوص، سواء بوقوفها ضد الفساد والمفسدين والمرتشين أو بالدفاع عن الأوضاع الاجتماعية، الثقافية، المهنية، المعرفية للمنخرطين، أو تنظيم ندوات وحملات تحسيسية مفتوحة كانت أم خاصة بالأعضاء والموظفين. ولكن واقع الحال يذهب في اتجاه نخر الفساد لجل هاته التنظيمات، بل إن البعض منها يتحول بقدرة السياسي الذي خلقه إلى مزكي للفساد ومنظومته بدل المواجهة المفترضة فيه. وكدليل على ذلك، أن جل القضاة منضوون في هيئات مهنية وجمعوية، كما أن جل الموظفين منخرطون في تنظيمات نقابية وجمعوية، ونفس الشيء بالنسبة للمحامين والموظفين القضائيين والخبراء... فمن الفاسد والمفسد، ومن المرتشي، ومن يواجه الفساد ومن يزكيه؟ إن وضعا كهذا، والذي لعب فيه السياسي عبر بوابة وزير العدل، دورا حاسما في خلق تنظيمات موالية وتمكينها من ريع القطاع لتزكية وإنجاح تجربته ومخططاته، يتطلب من القاعدة المشكلة لهاته التنظيمات طرح سؤال الهوية، كما يتطلب العمل على تأسيس هيئات مهنية جادة تتحالف عموديا ولم لا الحديث عن إطار ديموقراطي تقدمي ينخرط فيه جميع الفاعلين في المنظومة القضائية وفق ما يسمح به القانون، وتكون من أولى مهامها تطهير صفوف التنظيمات والقطاع من الانتهازيين والوصوليين والفاسدين والمرتشين. _ آليات التخليق وشروط نجاحه:
حتى يتم التغلب على الوضع الحالي للمنظومة القضائية، والتي أصبحت في نظر الكثيرين محط سخرية، بل ومن طرف بعض أهل المنظومة نفسها، وجب التحرك السريع عبر طرق وآليات مختلفة، كما يجب العمل الحثيث على توفير شروط نجاح الإصلاح المنتظر. ومن بين ما يتحتم القيام به: _ حملات تحسيسية وتوعوية داخل المحاكم وخارجها، حتى يصبح الشأن القضائي شأنا عاما _ انتاج برامج اذاعية وتلفزية حول المنظومة القضائية، وتفادي الصورة التقزيمية لبعض البرامج الحالية التي تقدم المحكمة على أنها قاض ومحام ونائب وكيل الملك. _ القيام بحملات تطهيرية ضد السماسرة وشهود الزور، خصوصا أولئك الذين تتكرر اسماؤهم في مجموعة من الملفات التي لا تربطها اية علاقة، _ تعزيز الثقافة الحقوقية، _ تحديث الهياكل القضائية والادارية، _ تمكين المتدخلين في العملية القضائية والعموم من المعلومة، _ تخليق الحياة العامة، _ التكوين المستمر، _ اعتماد معايير صارمة في اختيار و انتقاء الموارد البشرية، و تسهيل ولوج كتاب الضبط الذي راكموا خبرة للمهن القضائية، _ توفير المناخ اللازم والوسائل الضرورية، _ احداث معاهد ومدارس لتكوين كل الفاعلين في العملية القضائية تكوينا اساسيا ومستمرا، _ اتخاذ اجراءات ملموسة بدل الخطاب السياسي الموسمي، _ القيام باستطلاعات الرأي لدى الراي العام لقيام مؤشرات التفاعل والتجاوب مع مخططات الاصلاح، _ تسهيل ولوج المتقاضين الى العدالة والمعلومة القضائية، وانتاج نشرات دورية بخصوص الاحكام الصادرة في ربوع المملكة، _ ضمان شفافية عمل المؤسسات القضائية والادارية، _ مسايرة متطلبات الحياة من حيث سرعة اصدار، تنفيذ الاحكام، والحصول على الوثائق والشواهد المطلوبة، _اعادة النظر في الانظمة الاساسية للمتدخلين في المنظومة القضائية، وتحديد مهامهم بشكل دقيق، حيث لا يعقل أن يبقى كاتب الضبط مثلا ورقة لملأ الفراغ والاستعمال المزاجي، _ إعادة النظر في مباشرة التقييم لبعض الفئات، حيث لا يعقل أن يبقى القاضي ورئيس مصلحة كتابة الضبط أو النيابة العامة تحت رحمة تنقيط رئيس او وكيل المحكمة في الوقت الذي نتحدث فيه عن استقلالية القاضي واستقلالية كتابة الضبط. _ تحسين الوضعية المادية لجميع المتدخلين في المنظومة القضائية وضمان حد ادنى من الأجر للمهن الحرة والشبه حرة خصوصا المبتدئين منهم، _ توفير الخدمات الصحية و الاجتماعية _ خلق هيئات جهوية للمراقبة و المحاسبة، _ تحديث المنظومة القانونية وملاءمتها مع الالتزامات الحقوقية الدولية للمغرب، _ إعداد البنايات والتجهيزات اللائقة بمكانة وسمعة المنظومة القضائية، _ اعادة النظر في الميزانية المخصصة لقطاع العدل والحريات باعتباره سلطة،
خاتمة:
ان التقدم في الاصلاح وإنتاج بديل عن الوضع المأزوم، يتطلب فهما ورؤية كاملة ومتكاملة من طرف المسؤولين أولا ثم من طرف الفاعلين ثانيا. وهاته الرؤية المتكاملة تغنينا من السقوط في إنتاج خطاب مزدوج وممارسة بعيدة كل البعد عما نروجه من خطاب. وهكذا، ففي الوقت الذي نتحدث فيه استقلالية القضاء وعن تبويء كتابة الضبط المكانة اللائقة بها ضمن مخطط شامل للإصلاح، والذي لم يكن مطلبا جديدا، بل يعود الى عقود خلت، لا نفهم موقفين صريحين غريبين: الأول وهو الصادر في السنة الماضية حين عملت وزارة العدل ومعها مجموعة من الفرق البرلمانية على تعويض كاتب الضبط بأي شخص من الحضور في الجلسة: فما هي الصورة التي نريد إيصالها للمواطن، وهل قدرنا حجم الضرر الذي لحق سمعة القطاع جراء إجراء متهور كهذا؟ ثم تصريح لرئيس الحكومة المغربية الذي يقول فيه: عفا الله عما سلف. فما المطلوب من القاضي أمام هذا التصريح، وهل يمكن الحديث عن استقلالية للقضاء بعده؟ إن رغبة الإصلاح ليست هي الإصلاح، فالإصلاح صراع مصالح، صراع مواقع، صراع تاريخ وجغرافيا...، فهل نقدر فعلا ثمن الإصلاح أم ستنضاف جولات الحوار من أجل إصلاح منظومة العدالة إلى أرشيف الممملكة المليء بمذكرات الإصلاح ومشاريعه التي لم تر النور يوما؟
#اسماعين_يعقوبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في تخليق المنظومة القضائية _الجزء الثاني_
-
في تخليق المنظومة القضائية _الجزء الأول_
-
محاولة لفهم مواقف وتناقضات الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدا
...
-
محاولة لفهم مواقف وتناقضات الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدا
...
-
محاولة لفهم مواقف وتناقضات الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدا
...
-
محاولة لفهم مواقف وتناقضات الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدا
...
-
بنكيران بين مطرقة المخزن وسندان المطالب الشعبية
-
من قانون الإرهاب إلى قانون الإضراب
-
أعطوا الوقت الكافي للحكومة الملتحية
-
العمل النقابي بقطاع العدل بين الضرورة النضالية والضرورة السي
...
-
العمل النقابي بقطاع العدل بين الضرورة النضالية والضرورة السي
...
-
العمل النقابي بقطاع العدل بين الضرورة النضالية والضرورة السي
...
-
العمل النقابي بقطاع العدل بين الضرورة النضالية والضرورة السي
...
-
العمل النقابي بقطاع العدل بين الضرورة النضالية والضرورة السي
...
-
السياسة في المغرب: لعبة الشطرنج
-
سراب الحكم: رئاسة الحكومة من طرف العدالة والتنمية بالمغرب
-
النقابة بدون سياسة كسيارة بدون مقود
-
الشرفاء بين الحقيقة والوهم: شرفاء سيدي بويعقوب نموذجا -16-
-
القضاء بالمغرب: من قضاء في خدمة المواطن الى مواطن في خدمة ال
...
-
حول معركة قطاع العدل بالمغرب: توضيحات لا بد منها _ وجهة نظر_
المزيد.....
-
السودان يكشف عن شرطين أساسيين لبدء عملية التصالح مع الإمارات
...
-
علماء: الكوكب TRAPPIST-1b يشبه تيتان أكثر من عطارد
-
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
-
مصادر مثالية للبروتين النباتي
-
هل تحميك مهنتك من ألزهايمر؟.. دراسة تفند دور بعض المهن في ذل
...
-
الولايات المتحدة لا تفهم كيف سرقت كييف صواريخ جافلين
-
سوريا وغاز قطر
-
الولايات المتحدة.. المجمع الانتخابي يمنح ترامب 312 صوتا والع
...
-
مسؤول أمريكي: مئات القتلى والجرحى من الجنود الكوريين شمال رو
...
-
مجلس الأمن يصدر بيانا بالإجماع بشأن سوريا
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|