علي سلامة
الحوار المتمدن-العدد: 3878 - 2012 / 10 / 12 - 17:05
المحور:
القضية الفلسطينية
كم هي جميلة غزة
يحكى أن : كم كانت غزة جميلة بمكنونها وظاهرها ، فمنزلك الذي شيدته بجهدك وعرقك ومالك الذي أفنيت شبابك في جمعه وادخاره لا تملكه إلا من الداخل ، أما خارجه فلا تملكه ، فالجدران الخارجية ملك لآخرين ، فكل يوم ترى عليه رسوما وخطوطاً ودعايات وألواناً مختلفة من الصور رغم أنفك ، لا يحق لك أن تنبس ببنت شفه حول ملكيتك لجدارك الخارجي ، أو تعترض على من استغل هذا الجدار ، لأن ذلك سيعرضك لسيل من التهم والافتراءات التي قد تفقدك حياتك ، أقلها الخيانة العظمي والجاسوسية لعدو الوطن .
نعم الجدار من حق الأقوى ، يكتب عليه ويرسم عليه ما يرغب ، ويريد من شعارات ودعايات ، قد تكون ضدك ، أو ضد أبناء شعبك ، لكنها مغلفة بشعارات براقة مثلما تدس السم في العسل ، ظاهره عسل ، وفي جوفه سمم زعاف ، وقد تزال هذه الشعارات بعد قليل من كتابتها ، ليكتب غيرها ، وصاحب الجدار يقطر حسرة وألماً ، لأنه لا يجرؤ على التدخل أو إبداء الرأي ، ولا حول له ولا قوة ، قد يحاول إزالة ما شوهته تلك المنشورات ليجمل حائط بيته ، ويضفي عليه لوناً بديعاً ومنظراً خلاباً ، فيناله الويل والثبور وعظائم الأمور ، لأنه المعتدي على ذوي الجاه والسلطان ، فقد كان يقلقهم ذلك ويقضي على مستقبلهم السياسي ، فقوتهم وتجارتهم هي الشعارات لا غير .
يحكى أن أحدهم كان يرغب في تزويج ابنه فطلب من أحد العمال طلاء جدار بيته وزخرفته بما يتناسب وهذه المناسبة ، وتم الاتفاق على الأجرة وجلب المواد اللازمة لذلك ، وفي نهار اليوم التالي بدأ العامل في تنظيف الجدار ليبدأ الطلاء الجديد ، ولكنه فوجئ أثناء العمل بمطرقة تنهال على رأسه فخر صريعا دون إمهال .
تجمع الناس حول العامل المسكين ونقلوه إلى المستشفى جثة هامدة ، ولم يستطع أحد من الناس أن يتفوه بكلمة واحدة خشية الوقوع في يد الجدد .
أما صاحب البيت فقد اختفى منذ ذلك الحين ، وظهر بعد سبعة أيام فاقد النطق والبيان لا يجيب عن أسئلة الناس، ولا يتحدث مع أحد سوى رفع سبابتيه ، وكأن لسان حاله يقول : حسبي الله ونعم الوكيل على من ظلمني .
#علي_سلامة (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟