صباح محمدأمين
الحوار المتمدن-العدد: 3878 - 2012 / 10 / 12 - 00:29
المحور:
الادب والفن
في الوقت الذي بدأت القوات الأمنية التابعة لحكومة العراقية بشن حملاتها على النوادي الثقافية والأدبية لفرض المزيد من التراجع على الأنسان العراقي ومصادرة حقوقه وحرياته ، ومنها الحرية الفكرية ، أقيمت مهرجان بأسم الشباب والمثقفين الا وهي مهرجان (( أنا عراقي ، أنا أقرأ ! )) وبلا شك أن أقامة ذلك المهرجان يمكن وصفه برد الأعتبار لرواد الكتب والثقافة في شارع المتنبي أو لربما أرادت الجهات الحكومية المنسقة مع حكومة المالكي أن تقول : أنها ترعى الثقافة والفنون وتهدف الى ترسيخ القيم الثقافية وبناء الفكر الحر والعمل على تنوير الأذهان بتلاقح يلد جيلا يكتب بعدما كان مشهوراً بالقراءة ونستطيع أن نرفع شعار العراقي الجديد ((أنا عراقي أكتب وأطبع وأقرأ ..!! ))...
إن الدول التي تقيم هكذا مهرجانات تقيمها بطريقة صادقة وداعية للرعاية والأهتمام وتدفع أن لم نقل الأغلبية من المتلقيين الى أستكشاف عوالم الأدب والثقافة والأستمرار في توريدها وأقامتها لا أن تقام لأيام معدودة مما يدفعنا للتساؤل عن جدوى هذا المهرجان وملتقاه ! والتساؤل عن الهدف منه فيما اذا كانت الجهة المسؤولة تسعى أن توصل رسالة أعتذار كما بينا والتي أرى أنها غير صادقة وعلينا قرأتها حسب مفهوم حجي راضي ((..اتتتتالفريس-----ة وخيط الدكككككككككككككككم..))
تلك الحسرات والآهات والتساؤلات باتت حق مشروع لكل عراقي كي يخرج من القهر ومن منعه من معرفة كل ما يحيط به، فالأنسان العراقي عانى من القهر ومن حرمانه من معرفة ما يحيط به ويتوق الى وعي جديد يحقق ذاته ويمكنه من الأستجابة لأمال مستقبلية متجددة ويخلق أحساسا بأنهم صانعوا ثقافة عبر أعمال أبداعية تهدف الى تغيير البنى الأجتماعية التقليدية وأمكانية دخولها الى عالم الحياة المعاصرة ، فالمرحلة الجديدة التي يسايرها المجتمع العراقي أحيانا تثير قلق التصادم مع الواقع العالمي المتغيير بفعل التقنيية الحديثة ، من وسائل الأتصال الحديثة والأنفتاح المفاجئ في طرقنا التي كانت تلازمها الصمت المخيف من الكلمة ، والقلق والتضارب في بنية مجتمعنا العراقي المتأزم نفسياًوالمقهور نتيجة الحظر الفكري والتسلط الأبوي في مختلف المراحل ، الأسرية ، التربوية ، والتعليمية ، سواء في الأسرة أم في مراكز التعليم والذي لم يؤخذ له حسابات دقيقة في النشئ الصحيح سوى أتخاذه كبنك لخزين المعلومات الجامدة ..سارقة منه الحق الطبيعي من أن يقول كلمته ويثور ثورة رصينة غير فوضوية بتغيير رؤوساءه فحسب بل ثورة بتغيير البنى الأجتماعية وسلخ ذهنيته من التقاليد البالية أنسجاما مع منطق النظم الحديثة التي تكفل التحرر وتمكن النساء والرجال من التعامل أبداعيا مع العالم بأتخاذ السبل الكفيلة للتغيير والتجديد....
في خضم كلامي هذا أود أن أشير الى نجربة بناءة لنفسية وفكر طالما يحتاجه الفرد كي تبان الصحوة ..ويلتزم بجدول حسابات سلوكية لا من أجل سطوة بل من أجل الحرية بكل معانيها على سبيل التذكير والأقتداء بالنهج الصحيح والصادق بتنمية البشرية :
كنت طالبة في المرحلة الأعدادية في السبعينيات وكنت مندفعة بقرائاتي لمختلف الأوضاع ، مما أثرت بها مدرستي الفاضلة وبالتحديد السيدة التربوية الفاضلة الشاعرة العراقية ( لميعة عباس عمارة ) ، قالت لي : منزوية بي الى أحدى أركان المدرسة وأتذكر قرب الحانوت المدرسي :
أبنتي صباح كيف تجرؤين على كتابة مايدور في خلدك بأنتقادك الوضع ؟ وهل من أحد سياسي أو أديب في أسرتك يقودك الى ذلك ؟
أجبتها , وبتلك السذاجة التي اليوم أصبحت فطنة وفي حينه لمست كتفي وبكل حنان بعد جوابي هذا :
تعلمت النقد من واقعنا الذي يتحتم عليِ ركوب المخاطر من أجله لتحقيق الحرية...!!
وبعد محاورتي مع السيدة الفاضلة التي أدمجت الكثير من سلوكياتي بطعم نهجها المشرق من كتابة وتثقيف التجأت الى بنائي وأنشغالها يوميا بتصرفاتي مما دفعني أن أهذب ذاتي وفق مرضاتها ومداراتها ...
حكايتي هذه موزونة بقافية ظروفنا هذه ، الذي يتميز بتعالي البشع واللامبالاة والأهمال من لدن المؤسسات الحكومية وفي الوقت نفسه نسمع عن ميزانيات خيالية تسرق دون الصرف لجانب من البناء الفكري والتربوي الصحيح والأخذ بيد المثقفين من الأدباء برعاية أوضاعهم الصحية والمعاشية والمساهمة في الطباعة بشكل يناسب جهد المبدعيين وخاصة ذوي الفكر المهجرين....
مهرجان (( أنا عراقي أنا أقرأ )) هو محاولة تلميع بائسة لواقع متخلف مدجج بالنزعات الطائفية وهو أبعد ما تكون عن ثقافة ووعي المجتمع العراقي المقهور والمبتلى بالخرافات والممارسات المذهبية المدجن حاضره بالمخلفات السفسطائية ........وكل مانريده هو أن ندفع الجيل الجديد بخطى مستقبلية مبشرةبعقلية متحررة بعد أن تلتفت الحكومة بصدق وليس بدجل ورد الأعتبار المزيف.......
..
#صباح_محمدأمين (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟