أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - خالد عيسى طه - في غياب العقاب القانوني الجسد الفلسطيني ملعبا للممارسات السادية الاسرائيلية















المزيد.....

في غياب العقاب القانوني الجسد الفلسطيني ملعبا للممارسات السادية الاسرائيلية


خالد عيسى طه

الحوار المتمدن-العدد: 1127 - 2005 / 3 / 4 - 10:41
المحور: القضية الفلسطينية
    


دردشة على فنجان قهوة
كشفت الانتفاضة الفلسطينية الاخيرة والتي تستمر منذ 28 ايلول 2000 ولغاية اليوم عن بلوغ مسار السلام المتعثر ذروته وان لابد من ايجاد سبل جديدة تستجيب لمطالب الحد الادنى للشعب الفلسطيني بما يرتكز على حق تقرير المصير واقامة دولة فلسطينية بما يتفق والشرعية الدولية . وهذا يستدعي اولا حماية الشعب الفلسطيني وحقن دمائه وادانة المحتل الاسرائيلي كأن يتم ارسال هيئة دولية محايدة مستقلة تتولى التحقيق وتلتزم بألقوانين التزاما نزيها ، وبألتالي تقديم المتهمين بأرتكاب جرائم القتل والابادة الى القضاء الدولي لكون مايرتكب من قبل الاسرائيليين جنودا او جيشا او مستوطنين يعد جرائما ضد الانسانية وجرائم حرب لاتسقط بالتقادم . ان اسرائيل التي لاتكترث كثيرا للقرارات الدولية لابل انها تترك بوصلة نهجها التفاوضي دون مرجعية محددة جاعلة اساس التفاوض غامض ضبابي ذى حمولات متناقضة . رغم ذلك فما قد يخيفها هو الشرعية القانونية واشتقاقاتها . من هنا يأتي حديثي هذا عن قوانين التجريم المختصة بألقتل.
تتدرج القوانين العقابية المعنية بجرائم القتل في احكامها بحسب طبيعة الجريمة وظروفها ان كانت جريمة مرتكبة عمدا او نتيجة فعل مود للتقل وهي في هذا المجال تنقسم الى عدة ابواب هي :

اولا: القتل عمدا ، وهو ازهاق روح انسان بقتله دون سبق اصرار او ترصد اى دون تخطيط مسبق . كأن يقتل المرء اثر مواجهة عفوية ام تكن مخططة او مقصودة ، او نتيجة حوادث آنية كألخصومات والشجارات التي قد تتصاعد حدتها لتؤدى الى القتل وتمتد هذه لتشمل حوادث الدهس وما اليها ايض . وتتراوح عقوبة هذا النمط من الجرائم بين السجن مع الاشغال الشاقة لفترات تتراوح بين عشر الى خمسة عشرة سنة وذلك تبعا لظروف وملابسات كل حادثة وما احاط بها . اما في حالة تكرار حادثة القتل او حتى الشروع بألقتل مرة اخرى فان العقوبة تتخذ حكما اشد صرامة .

ثانيا: القتل المتعمد ، وهو ذلك القتل الذى يتم مع سابق تخطيط وبقصدية متعمدة ومعد لها . لذا فقد اعتبر المشروع القانوني من هذا القتل ظرفا مشددا ، قد تؤول نصوص القانون بأحكامها الى الاعدام .

ثالثا: القتل في نطاق تجاوز حق الدفاع المشروع عن النفس عند وقوعه . كأن يتمثل حجم الدفاع عن الذات استخدام المدفع الرشاش ازاء هجوم بالحجارة او اعتداء بألعصي . ومثال ذلك الحالي الواضح اسلوب تعامل جيش الاحتلال الاسرائيلي الذى لايتوانى عن استعمال الرشاشات الثقيلة وسلاح الدبابات لابل وحتى الطائرات الحربية احيانا وبكل قسوة وشراسة ، لمواجهة متظاهرين عزل الامن سلاح الايمان بعدالة قضيتهم وبحقهم في الحياة الكريمة على ارض وطنهم الذى اغتصبه عفوة ذلك المحتل . اما وسيلتهم الدفاعية الوحيدة فهي حجارة صغيرة اين منها ترسانة السلاح الاسرائيلية التي تحرق الاخضر واليابس غير آبهة بألدمار الذى تحدثه في البيوت الآمنة التي تقصفها دون رحمة ولا بقتلاها وجلهم من الاطفال الذين يشكلون مانسبته ثمانية وستين بألمائة من الشهداء .
لقد حدد التشريع القانوني لهذا النمط من القتل عقوبات تتراوح بين خمس الى ثماني سنوات حبس بدون اشغال شاقة . وهذا مشروط بعدم توفر القصد ، بمعنى عدم وجود رصد وتخطيط وسابق تصور واصرار عند وقوع هذا التجاوز لحدود حق الدفاع الشرعي وضمن ظروفه . وبطبيعة الحال فان ذلك يتنافى تماما مع تصرف الجنود الاسرائيليين والجهات الموجهة لهم بحكم قيامهم بألقتل العمد المعد والمخطط له . لذا فانني ارى بأن مايصح تطبيقه على هذه الوقائع هو مايتصل حكما بجريمة القتل مع سبق الاصرار . ومبعث هذا الراى ومؤداه تواجد افراد الجيش الاسرائيلي في شوارع المدن والمناطق الفلسطينية وهم مدججون بكامل اسلحتهم وعدتهم قبل قيام المظاهرات والاحتجاج برمي الحجارة . كما انهم يبادرون بأطلاق النار والبطش والقمع للحيلولة دون تأجج المظاهرات رغم كونها ذات طابع احتجاجي سلمي غير مسلح لم يجد الفلسطينيون غيرها سبيلا لرفض مايفرض عليهم قسرا وما يحرمون منه ظلما . لقد اضطر ابناء الشعب الفلسطيني للجوء الى الوسيلة الاحتجاجية الوحيدة المتوفرة لديهم والاستمرار فيها منذ اندلاع انتفاضة الاقصى بأعتبارها فعل مقاومة واحتجاج يصر على استمراريته وادامته بدمائه حتى يتحقق التحرير او ان يفنى دونه . في اعتقادى ان اصحاب القرار في اسرائيل لايتفهمون دلالات الانتفاضة الفلسطينية الراهنة وأبعادها لجهلهم انتفاضات الشعوب لانهم لم يمروا كشعب بتجربة من هذا النمط وعلى هذا القدر من الفداء . وهم بألنهاية مغتصبون ومحتلوم وليسوا ثوريون مناضلون على الرغم مما تعرضوا له في تاريخهم منذ نبوخذنصر البابلي الى هتلر ودزرائيلي . كانوا يرتضون الخنوع والتخفي ويؤثرونه على التصدى والمقاومة . ولعل هذا مبعث حيرتهم وقسوة ردود افعالهم ازاء انتفاضة الاقصى ، فقد اصبح جليا امام اعينهم بأنها ليست انفعالا طارئا مؤقتا فحسب بل هي خزان غضب هائل ، ما ان يفرغ حتى يعود للامتلاء اثر تشييع جنازة شهيد او عقب الصلاة في جامع او مواجهة في شارع ، فكل ذلك وقود يديم الزخم الثورى للانتفاضة وهي حالة تفاجيء العالم كل يوم بما يتعذر على المتابعين استيعابه ولربما لسوف يتعذر على المؤرخين الاحاطة به

رابعا: الموت او القتل الناجم عن الضرب المبرح الشديد والذى يطلق عليه قانونا الضرب المغضي الى الموت . حيث ارسى المشرعون اساسه ونصوصه بوضوح كما اغنى الفقهاء هذه النصوص شرحا ودراسة . ولعل ابسط تعريف له هو الضرب الشديد الذى يحيل المجني عليه جثة هامدة سواء تم ذلك على يد الجاني ، او ان المجني عليه فارق الحياة فيما بعد وهو تحت العلاج الطبي من جراء ذلك الضرب . كما يشمل ذلك الضرب بأليد المجردة او بألعصا بشرط الا تكون اداة جارحة والا تنتقل الحالة من الضرب المفضي الى الموت الى حالة القتل العمد اى المتقصد الى ذلك يتعين على القاضي الذى ينظر في الدعوى التأكد والوثوق من كون سبب الوفاة هو الضرب وليس بسبب علة اخرى مثل الاصابة بالسكتة القلبية او لكون المجني عليه يعاني من امراض تسبب الوفاة حتى وان لم يتعرض للضرب .
قد يتسائل القارىء لماذا هذه المقدمة القانونية المطولة ! والجواب يكمن في ماقام به المستوطنون الاسرائيليون قرب خان يونس مؤخرا بخطف صبي عربي فلسطيني وضربه ضربا مبرحا حتى الموت . وقد هزني مرآى الصبي وهو يرفع يديه الصغيرتين الى البارى عز وجل مستغيثا به من همجية الصهاينة المغتصبين . هكذا التقط هؤلاء البرابرة طفلا بريءا لم تذكر الاخبار مقارعته اياهم او حتى حمله للحجارة للتصدى لهم وانما اختطفوه وقتلوه لتفريغ غلهم وحقدهم ودون تحديد بل لمجرد الارهاب والاجرام . ليس هذا فحسب بل لم يشر الى عدد المشتركين في مأدبة الافتراس البشرى هذه التي اجتمع عليها سرب لئام قتلة تباروا في نهش ذلك الجسد البرىء الغض كما تنهش الذئاب فريسة سهلة سائغة .
وليت الامر وقف عند هذا الحد لقلنا ان القانون سيردع هؤلاء الجناة في واحة الديمقراطية والقانون في الشرق الاوسط كما يحلو للاعلام الغربي والاسرائيلي معا نعت اسرائيل به .
لقد تناقلت الانباء ، وبألسخرية ، حكم المحكمة الاسرائيلية العليا على هؤلاء الجناة بالحبس البسيط لمدة ستة اشهر لاغير معللة حكمها "العادل" هذا بجهل الجناة لما آل اليه الضرب اى الموت ، ووجدت في ذلك ظرفا مخففا . الا ليت شعرى هل كان لهذه المحكمة ان تحكم بألمثل ان كان الطفل اسرائيليا ؟

انني لااروم الخوض في حديث الدم البرىء المسفوح او في غلاوته ورخصه لانني ادرك كما يدرك كل ذى عين ترى وضمير حي بأن دم اي حيوان مهما صغر في بريطانيا وفي الغرب عموما لهو اغلى من دم اى شهيد فلسطيني او عربي . الم يجب سكروكروفت في مقابلته التلفزيونية بعد اعوام من حرب الخليج الثانية بأن حياة جندى امريكي واحد تستحق ان تبيد لاجلها مليون عراقي . فما هو وجه الغرابة اذن فهذا عربي وذاك ايضا عربي ودمائهما في قاموس الاستعمار والصهيونية مهدور في الوقت الذى تبلغ عقوبة لمرتكبي الضرب او القسوة ضد الحيوانات دفع غرامة باهضة مع السجن .
ان التعامل بمعيارين امر مسلم به بل اصبح براهة لم تعد تثير او تستفز المشاعر ، انما علة زعلي هو تبرير الحكومة الاسرائيلية للقتل تبريرا يفوقه بشاعة ، ومفاده عدم تصور الجناة للنهاية المميتة التي ادى اليها ضربهم لطفل بسنوات عشر اجتمع عليه مستوطنون يحيون حياة شبه عسكرية تدربوا عليها لكونهم ظهير الجيش الاسرايلي . عدم تصور النهاية واستمرارهم في الضرب وهم يرونه يفارق الحياة ! ان كان هذا تسويغ المحكمة للقتل فما بالنا بنهج شارون اذا ؟

لابد لي هنا من الاشارة الى مخالفة قرار المحكمة وتبريرها للتشريع العقابي الدولي والى ما استقر عليه الفقه والقضاء واستند عليه ، وذلك بناءا على مايلي :

ا- ان الاستمرار في ضرب الضحية وهي تنازع ينفي عدم ادراك الجناة وقوع الوفاة او توقع وقوعها كما ورد في حيثيات المحكمة الاسرائيلية .

ب- عدم جواز تحميل النص القانوني حمولات تتجاوز حدوده. فهو يمنع الضرب بأى شكل كان ويجعل الاستمرارية به مدعاة لانتقاله من حدود عقوبة الظن والشدة الى عقوبة الضرب المؤدى الى الموت نتيجة الاستمرار في فعل الضرب . ودلالة الاستمرار على الضرب في راى في هذه الحالة هي وجود نية مبيتة لقتل المجني عليه وعن قصدية جلية عمد اليها الجناة ليشفوا غليل حقدهم من خلال ازهاق روح هذا الطفل وهو ماحدث تحديدا .

وعليه فان قرار المحكمة الاسرائيلية مردود شرعا وقانونا وفقها. كما ان عقوبة الاشهر الستة ماهي الا عقوبة رمزية لاتنطوى على اى ردع بل على العكس فهي تشجع بقية المستوطنين الحاقدين على اتيان نفس الفعل الاجرامي لادخال الهلع والرعب في نفوس ابناء الانتفاضة . ولكن انى لهم ذلك فأجواء القنوط وحالات اليأس والتشاؤم التي سبقت اندلاع الانتفاضة قد تغيرت ولن يعود التاريخ ا لى الوراء . ولابد ان يظل مشعل الانتفاضة حصينا مادام هناك شعب مقاتل واطفال بواسل وحجارة .

ابو خلود



#خالد_عيسى_طه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يهود العراق .. لايحتاجون من يرحب بهم في الوطن .. العراق ولكن
- بقعة سوداء في تاريخ العراق المعاصر اذا استمروا على تهجير الم ...
- دهاليز السياسة تؤدي الى مخالفات لاتكون في مصلحة البلاد
- يخطأ المطالبون بجعل الشريعة الاسلامية مصدرا وحيدا للدستور
- العراق بنى قصورا من الرمال وجاء الاحتلال ليهدمها
- دردشة على فنجان قهوة - كيف استطاع صدام حسين تجاوز واحتواء قد ...
- الطريق الامثل في معاملة البعث في العراق
- شروق أم غروب للحركة النقابية
- صوت من أجل العدالة


المزيد.....




- سقط من الطابق الخامس في روسيا ومصدر يقول -وفاة طبيعية-.. الع ...
- مصر.. النيابة العامة تقرر رفع أسماء 716 شخصا من قوائم الإرها ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى يستخدمها -حزب الله- لنقل الأ ...
- كيف يؤثر اسمك على شخصيتك؟
- بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل حاخام في الإمارات
- حائزون على نوبل للآداب يطالبون بالإفراج الفوري عن الكاتب بوع ...
- البرهان يزور سنار ومنظمات دولية تحذر من خطورة الأزمة الإنسان ...
- أكسيوس: ترامب يوشك أن يصبح المفاوض الرئيسي لحرب غزة
- مقتل طفلة وإصابة 6 مدنيين بقصف قوات النظام لريف إدلب
- أصوات من غزة.. الشتاء ينذر بفصل أشد قسوة في المأساة الإنساني ...


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - خالد عيسى طه - في غياب العقاب القانوني الجسد الفلسطيني ملعبا للممارسات السادية الاسرائيلية