|
في مواجهة الصلف الاسرائيلي
عدنان الصباح
(ADNAN ALSABBAH)
الحوار المتمدن-العدد: 1126 - 2005 / 3 / 3 - 11:22
المحور:
القضية الفلسطينية
أغبياء هم أولئك الذين يتنازلون عن ركوب ظهرك حين ينحني صامتا، وتلك هي حالنا مع الإسرائيليين والأمريكان منذ اتفاق اوسلو وحتى اليوم وهي حالة تذكر بذلك المثل العربي القائل (صحيح لا تقسم ومقسوم لا تأكل وكل حتى تشبع) فحتى قبل أن تطأ أقدام منظمة التحرير ارض الوطن وموال امن إسرائيل ومواطنيها لا ينفك يعزف في تل أبيب والبيت الأبيض دون أن ينبس أحد ببنت شفة عن امن المواطن الفلسطيني ناهيك عن امن أراضيه التي قسمت أولا بين ألف وباء وجيم وظللنا مسئولون عن كل عمل عسكري ضد أي إسرائيلي على وجه الأرض وحتى تلك التي تجري بسبب صرا عات العصابات الإسرائيلية بعضها ببعض دون أن نعطى فرصة السيطرة حتى على الماء الذي نشربه أو الطرق التي نمشي عليها، كان على رجل الأمن الفلسطيني الذي يرغب بالانتقال من منطقة غلى أخرى أن يتنازل عن سلاحه وسيارته وبزته العسكرية أو أن يبلغ الإسرائيليين مسبقا إذا رغب بملاحقة مجرم فار من وجه العدالة أو حتى ملاحقة أعضاء المقاومة الوطنية من سائر الفصائل، وكل عملية جرت ضد الجيش الإسرائيلي أو ضد منشآت إسرائيلية أيا كان منفذها ومن أي جهة جاء وحتى قبل أن يتضح الموقف كانت عجلة الإعلام الإسرائيلي تدور بسرعة فائقة لتتهم السلطة الفلسطينية بالتقاعس والإهمال وعدم القيام- بواجبها- في قمع المقاومة الوطنية ضد الاحتلال الإسرائيلي الذي لم ينتهي أبدا للأراضي الفلسطينية.
رجل الأمن الفلسطيني كان عليه حتى يتفادى نقيصة الاتصال بالإسرائيليين ان يستخدم الحمير والجمال وان يتنكر بأزياء مدنية حتى يصل إلى ضالته وخلال تلك الفترة قد تكون أجهزة الأمن الإسرائيلية وراء إبلاغ المشبوهين المطلوب اعتقالهم بالخبر ليتمكنوا من الاختفاء وإظهار عجز السلطة الفلسطينية شبه المطلق.
ظل هذا الحال قائما إلى أن جاءت انتفاضة الأقصى وصبت إسرائيل حمم جيشها وكل ما تملك من عتاد وأسلحة وطائرات ودبابات وصواريخ ضد السلطة ومؤسساتها وفي مقدمتها مؤسساتها الأمنية فلم تبق سجنا واحدا إلا ودمرته حتى دمر نظام المحاكم والسجون والقضاء بشكل عام وأطلقت سراح كل المعتقلين أيا كان سبب اعتقالهم لتتركهم يسرحون ويمرحون ودون أن تكون هناك أية إمكانية لدى السلطة الفلسطينية لإعادتهم إلى خلف القضبان وقد اضر ذلك كثيرا بأمن المواطن الفلسطيني من كافة أوجه الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، والأخطر من ذلك أن عصابات المافيا الإسرائيلية خلقت لها أجنحة في أوساط الفلسطينيين امتهنت السرقة وتسويق المسروقات وراجت تجارة الأسلحة بما شكل نوعا من الخلط بين سلاح المقاومة وسلاح الجريمة وكان واضحا ضلوع أجهزة الأمن الإسرائيلية في ذلك لتسهيل إيصال ذخيرة وأسلحة ومسروقات مفخخة للمقاومين وبذا تمكنت إسرائيل من استخدام عالم الجريمة لصالحها مرتين الأولى باستخدامه ألاستخباراتي وفي الحرب على المقاومة الوطنية والثاني في ضرب البنية الاجتماعية ومنظومة القيم لدى المجتمع الفلسطيني وقد جعل ذلك من اللصوصية ظاهرة شبه علنية تجد من يجاهر بها بل ويدافع عنها ويحاول أيضا الخلط بينها كسلوك وبين المقاومة كسلوك، وغني عن القول أن ذلك شكل مأساة في الأوساط الفلسطينية سيعاني منها الشعب الفلسطيني لأمد طويل قبل أن يتمكن من التخلص من انعكاساتها وتأثيراتها السلبية.
حتى الآن يغمض الفلسطينيون عيونهم عن تلك المخاطر المحدقة بهم كمجتمع بكل معنى الكلمة، ولا يعير احد من الفلسطينيين أدنى اهتمام إلى أشكال الضجيج العالية التي ترتفع داخل المجتمع الإسرائيلي حول المخاطر التي تهدد منظومة القيم لديهم والبنى النفسية والسلوكية لأبنائهم الجنود ويجهد علماء النفس والباحثين والأكاديميين والكتاب والفنانين الإسرائيليين أنفسهم في إيجاد السبل الكفيلة بدرء المخاطر المحدقة بهم جراء حياة العنف التي يسلكها أبنائهم ضد الشعب الفلسطيني، بينما يمارس الفلسطينيون لعبة ضحك على ألذات بوجود بعض البرامج الهزيلة حول تأهيل الأطفال والأسرى وما شابه وهي بشكل عام برامج لا يتعدى حجم المستفيدين منها عدد الإداريين العاملين بها أو بعض المستشارين الأجانب القادمين لتنفيذها، ولا احد يرفع يده حتى الآن ليدق على الخزان طالبا من الآخرين الانتباه لما يدور، بل إن البعض يعتقد أن الحديث عن ذلك إضرار بمسيرة المقاومة والقضية الوطنية، بينما يدمر أطفالنا ويتم تأهيلهم بكم هائل من الأمراض السلوكية والنفسية وتنتشر أمراض في أوساط شبابنا سندفع ثمنها لاحقا.
من جانب آخر فإسرائيل ترفع عقيرتها بالصراخ هجوما علينا وكان من واجبنا حماية امن من يحتل بلادنا بينما لا تصدر صورة واضحة ومتكاملة من طرفنا للعالم لتوضح حجم الجريمة التي ترتكبها إسرائيل بحق موضوعة الأمن وكذبها المتواصل بهذا الشأن وحادثة عملية تل أبيب الأخيرة هي النموذج الأكثر فظاظة بهذا الشأن فدير الغصون القرية التي خرج منها منفذ العملية تخضع للسيطرة العسكرية الإسرائيلية ولا يمكن لرجل امن فلسطيني أن يصل إليها، وكذا الطريق من بيته إلى تل أبيب مزروعة كليا بحواجز الجيش الإسرائيلي وأجهزته الأمنية المتطوره ومع ذلك عجزت إسرائيل بكل ما لديها من إمكانيات عن منع ذلك الشاب من تنفيذ عمليته كما عجزت عن فعل ذلك مع من سبقوه فكيف يحق لها أن تطالب الفلسطينيون الذين لم يحصلوا منها سوى على وعود باهتة سيئة أن يقوموا بحماية أمنها وهي تمنع رجال الأمن من حمل سلاحهم أو التنقل على الطرقات أو حتى إدارة مكاتبهم وهم أنفسهم عرضة للاعتقال والتنكيل من قبل قوى الأمن الإسرائيلية.
المطلوب تحرك فلسطيني واسع مسلح بخطاب إعلامي واضح ومباشر ومحدد بكل لغات العالم لرفض التهمة والمهمة، رفض تهمة خرق الهدنة ورفض مهمة حماية امن المحتل على الأرض التي يحتلها، وليكن الشعار واضحا اخرجوا من أرضنا لنحميها ولا حماية لمجرم على ارض جريمته ولا داعي لان يجهد الفلسطينيون والعرب أنفسهم في إعلان براءتهم من تهمة عملية تل أبيب وعليهم جميعا أن يتذكروا أن شيئا لم يتغير .
#عدنان_الصباح (هاشتاغ)
ADNAN_ALSABBAH#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صواريخ غاندي
-
قوة الضعف الواعي
-
المرأة والحريات المنقوصة
-
خارج الأولويات
-
إلى الرئيس محمود عباس
-
حكماء لا أمناء
-
ايها الديمقراطيون اتحدوا
-
الإعـلام وحماية حقوق الانسان
-
بصدد أولويات الأعلام الفلسطيني
-
لكي لا تقولوا فرطوا
-
غاندي ومهمة فحص العتاد
-
مذبحة صالح بلالو
-
دولتان بلا حدود
المزيد.....
-
مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
-
السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون-
...
-
مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله
...
-
اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب
...
-
محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
-
مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
-
من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
-
خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال
...
-
هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
-
قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|