جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3874 - 2012 / 10 / 8 - 14:55
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هي شخصية لطالما رغبت بالتحدث عنها, كان من كتبة الوحي وقد أرسل محمد يوما في طلبه فقيل له إنه يأكل ثم أرسل ثانية وثالثة في طلبه فقيل له بأنه ما زال يأكل فدع عليه وقال(لا أشبع الله بطنه)ولد قبل الهجرة بخمسة عشر سنة ولو ولد قبل ذلك بكثير لتغير التاريخ وخصوصا الإسلام واستثمار النصر في معركة أحد التي هُزم فيها المسلمون شر هزيمة ولكن المشكلة أن أبا سفيان لم تكن لديه موهبة استثمار النصر على عادة دهاة السياسة وأصحاب الأموال واليد الطويلة,أخته هي رملة أم حبيبة بنت أبي سفيان التي تركها زوجها في الحبشة مرتدا وولت أمرها لخالد بن سعيد بن العاص فزوجها من محمد وأصدقها النجاشي مهرها على أثر تلك الحادثة لذلك يلقب معاوية ب(خال المؤمنين) ومعنى أسم معاوية ترويه لنا هذه الحادثة :كان معاوية يسمع بفارس اسمه (شريك بن الأعور) وكان يتمنى أن يراه فلما حضر إلى مجلسه قال له معاوية:
-أنت دميم جدا والجميل أفضل من الدميم وأنت شريك وليس لله شريك وأنت ابن الأعور والسليم خيرٌ من الأعور.
فرد عليه:
- وأنت اسمك معاوية وما معاوية إلا كلبة عوت فاستعوت الكلاب من خلفها, وأنت ابن حرب والسلم خيرٌ لنا من الحرب وأنت أبن أمية وما أمية إلا تصغير للأمة.ويجمع شيوخ السلفية على أن معاوية يبقى خال المؤمنين رغم أنف السبابة الذين يسبونه , ويقال بأن مصطلح خال المؤمنين ليس تبرئة وليس قداسة لمعاوية فإن عبد الله بن عمر كان أيضا خال المؤمنين وأبو سفيان جد المؤمنين وهند الهنود أكالة الكبود التي مضغت من كبد حمزة تُعد أيضا جدة المؤمنين ومحمد بن أبي بكر بن أسماء ربيب علي بن أبي طالب كان أيضا خال المؤمنين هذا المسكين الذي أحرقه معاوية في جوف حمار, وإذا صح القياس على ذلك يكون كبير اليهود وزعيمهم حيي بن أخطب(جد المؤمنين) لأنه والد صفية أم المؤمنين زوج محمد.
يعتبره كثيرٌ من المؤرخين أنه من الطلقاء ذلك أنه أسلم يوم فتح مكة ولكن هنالك عدة روايات تقول أنه أسلم سنة 7 للهجرة وكان عمره يومها 21 عاما وخاف من أبيه (أبو سفيان بن حرب) أن يظهر إسلامه، شارك في معركة اليمامة أيام ولاية أبي بكر وحربه على المرتدين تحت قيادة أخيه الأكبر يزيد بن أبي سفيان الذي مات بطاعون عمواس فكان ذلك قد لعب دورا كبيرا في توليته من قبل الخليفة عمر بن الخطاب لولاية الشام سنة 12 هجرية بعد أن كان واليا على (الأردن) وحدها, أما الحظ الثاني الذي لعب معه فهو أقدم من ذلك بكثير وهو أن التنافس بين بني أمية وبني هاشم كان أيضا على أشده قبل أن يظهر محمد على خشبة المسرح التاريخي فترك كثيرٌ من بني أمية مكة واتجهوا إلى دمشق ليعيشوا وينجبوا ويموتوا فيها وكان أكبر خلاف بينهم على قتل التاجر اليهودي(أذينة) على يد بني أمية...فوقف الهاشميون إلى جانب اليهود وطالبوا بني أمية بدفع دية (أُذينة) اليهودي بينما رفض بنو أمية الاعتراف بإنسانية اليهود وبأن اليهودي نفسا مثل أي نفس..إلخ, وفي عهد عمر بن الخطاب تنابز بنو هاشم وبنو أمية على ماكان بينهم من سفك دماء في بدر وأحد فأخرج عمر بن الخطاب من مكة والمدينة المتشددين من بني أمية إلى الشام والمتعصبين من بني هاشم إلى العراق(الكوفة) فكان بنو أمية أعرف الناس من قريش وأدراهم وأكثرهم خبرة في أهل الشام وسياسة أهل الشام لطول مدة مكوثهم فيها لذلك اختاره الخليفة عمر بن الخطاب ليكون واليا على الشام وبقي فيها حتى بعد مقتل عثمان.. وبعد مقتل عثمان بن أبي عفان طالب معاوية الثأر من قاتليه هو وعائشة وكانت موقعة الجمل الشهيرة ثم تبعتها موقعة صفين بين معاوية وعلي وبعد مقتل علي بايع الحسنُ معاويةَ على ما بايع المسلمون من قبل عمر وأبو بكر وعثمان على أن تكون الخلافة من بعده شورى بين المسلمين وليست وراثية ولكن معاوية جعلها بالوراثة واستثمر الفوز لصالحه وصالح أحفاده من بعده واشترى من الشاعر كعب بن زهير صاحب قصيدة البردة عباءة محمد التي أهداها محمد لكعب بن زهير ليلبسها كل خليفة أموي يجلس على عرش الخلافة, وهو أول ملك أو خليفة عربي ينشأ بلاط الخلافة على شاكلة البيزنطيين وحكم دمشق عشرين عاما لذلك كان خبيرا في شئون الدولة والسياسة وكان المؤرخ الشهير ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع معجبا به إعجابا شديدا في إدارته -ومما قاله فيه: أقام في سلطانه وخلافته عشرين سنة ينفق من بضاعة السياسة، التي لم يكن أحد من قومه أوفر فيها منه يدًا، من أهل الترشيح من وَلَدِ فاطمة وبني هاشم، وآل الزبير وأمثالهم".. -لشئون البلاد وفي يده السخية وقد استغل السيولة المالية في شراء ذمم الناس وموالاتهم له فكان نظام الحكم لديه نظام شمولي تسيطر فيه الدولة على كافة مفاصل الحياة تماما كما تسيطر أجهزة المخابرات اليوم على السيولة المالية وحركة التجارة والبيع والشراء وتنظيم الجيوش النظامية وهو أول من قام بتوظيف(حاجب) للخليفة لأنه أخذ درسا من مقتل علي واستفاد منه,وهو أول من أسس في الإسلام الشرطة المدنية والحرس الجمهوري الذي يحرسه وأسس أول جهاز مخابرات في الإسلام فكان يعرف كل شاردة وواردة تحدث وخصوصا حركة الحسن بن علي والحسين ورسائله مع أهل الكوفة...إلخ, وكان معاوية بن أبي سفيان أول من أسس الدولة الوراثية أو الخلافة بالوراثة عُرف عنه أنه شديد المكر والدهاء أكثر من مكر ودهاء عمرو بن العاص, ومعروف بمثل الشعرة لقوله( بيني وبين الناس شعرة إن أرخوها مددتها وإن مدوها أرخيتها) وما زال قوله هذا ومثله هذا إلى اليوم دارجا بين الناس يعمل به أغلب أهل السياسة والثقافة ,مات عن عمرٍ يناهز على الثمانية وسبعين عاما سنة 60 للهجرة.
وكان يسرق المال في الشام ويرسلها إلى أبيه في المدينة والقصة مشهورة عن إرساله للمال والديباج وقيد ٌكان يقيد به هرقل الناس وحين وصلت تلك البضاعة إلى المدينة لأبيه وضع عمر بن الخطاب يده عليها وصادرها وقال له هذه ليست لك بل هي لبيت مال المسلمين ولا يجوز لأبنك أن يسرقها في الشام وأنت تسرقها هنا,وبالرغم من أن السنة يعتبرونه كاتب الوحي غير أن جمهرة كثيرة لا يعتبرونه صاحبا عدولا لمجرد أنه كاتب وحي والأمثلة كثيرة على ذلك وخصوصا عبد الله بن سعد الذي ارتد وهدر محمد دمه,ويقال بأن معاوية لم يكن كاتب وحي للنبي بل كان كاتب رسائل وليس كاتب وحي,وحين كتب عباس محمود العقاد سلسلة العباقرة رفض أن يكون معاوية عبقريا على غرار عمر وعلي وخالد,وإنما جعله(في الميزان) على أن الشواهد كلها تقول أنه كان عبقريا يعرف لعبة النبوة وصدقها من كذبها لذلك سفك دماء الصحابة وقتل من قتل وحارب من حارب ولم يأبه لا بالجنة ولا بالنار الموعودة,أعتبره أنا مَلكا وليس خليفة,ومن مثالبه أي عيوبه أنه كان يبيع الأصنام ويتاجر بالهند وكان يشرب الخمر ويبيعها ليتاجر بها وكل مثالبه ترويها (الرافضة)وقد ضعفها جميعها الإمام أحمد بن حنبل,وقيل بأن النبيذ الذي كان يشربه معاوية وهو نفس نوع النبيذ الذي كان يشربه محمد النبي وهو ليس مسكرا وذكره الإمام أحمد بن حنبل من أن الصحابة كانوا ينبذون في الأوعية ذكر ذلك ابن قيم الجوزي في كتابه الطب النبوي كما ثبت ذلك في صحيح مسلم على أن الأحناف فرقوا بين النبيذ وبين الخمر على أساس أن الخمر تخامر العقل وتذهب به,وقال محمد لرجلين بعثهما إلى اليمن حيث سألوه عن شراب يصنع من العنب والزبيب والشعير فقال لها:اشربا ولا تسكرا, وعلى هذا النهج مشى معاوية, وذكر محمد بن مسلمة الأنصاري أنه ذُكر في مجلس معاوية قتل كعب بن الأشراف اليهودي فقال رجل يهودي في المجلس: لقد غدر محمد بكعب, فقال محمد بن سلمة لمعاوية كيف تتركه وقد سب محمد ووصفه بالغادر ولم تقتله وإنما اكتفيت بإخراجه من المجلس!, وخرج اليهودي وتبعه بن مسلمة من خلفه وقد قصرت خطاه عنه ولم يبلغه ليقتله.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.