|
خارطة التنوع والتعدد في المجتمع العراقي ودورها في رسم الخارطة السياسية /1
عبد الستار الكعبي
الحوار المتمدن-العدد: 3871 - 2012 / 10 / 5 - 17:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
خارطة التنوع والتعدد في المجتمع العراقي ودورها في رسم الخارطة السياسية /1
يعد العراق موطن اقدم الحضارات فقد بدات على ارضه قبل بضعة الاف سنة وظلت متعاقبة على مدى عدة الاف من السنين وتنوعت الشعوب التي سكنت ارضه واستقرت فيه وساهمت في بناء حضارته وانشاء دوله منهم السومريين والاكديين والاشوريين والفرس والترك والعرب وغيرهم. وقد ساعدت ظروف معينة، دينية وثقافية ولغوية وسكانية، على ان يشكل الجنس العربي في العراق في الوقت الحاضر اكثرية السكان يليه الكرد وتشاركهم القوميات الاخرى واهمها الكلدواشوريون والتركمان. والصورة الحالية للمجتمع العراقي تبين انه مجتمع تعددي والاساس في تحديد التعددية فيه القومية والمذهب والدين فالشعب العراقي يتكون من العرب الشيعة بنسبة تبلغ اكثر قليلا من (55%) والعرب السنة بنسبة تبلغ اكثر قليلا من (22%)، أي ان نسبة العرب تبلغ تقريبا 78%، ثم الكرد وبنسبة (19%) تقريبا وتشكل هذه المكونات ومعها التركمان غالبية اسلامية كبيرة تزيد قليلا عن (97%) وتتوزع النسبة الباقية ومقدارها (2.5%) قوميا ودينيا على المسيحيين والصابئة والايزدية والشبك المسلمين . وبذلك تكون مكوناته الاساسية هم العرب الشيعة والعرب السنة والكرد تليها في العددية السكانية وبفارق كبير التركمان والكرد الفيلية والمسيح والصابئة والايزدية والشبك واقليات اخرى ضئيلة جدا. ومما يميز التعددية في العراق هو التنوع داخل المكون الواحد فالمسلمين ينقسمون الى شيعة وسنة ويتوزع هذا الانقسام المذهبي على التنوع القومي فالشيعة فيهم العرب والكرد والتركمان والسنة ايضا فيهم العرب والكرد والتركمان و ينقسم المسيحيون عرقياً ولغوياً وكنيسياً الى عدة طوائف منهم الاشوريين والسريان والكلدان والارمن والكنائس الشرقية والغربية وغير ذلك. ومن سمات التعددية في العراق ان عوامل التفريق الى مكونات هي في ذات الوقت عوامل جمع ووحدة فالمكونات العراقية متخالطة كثيرا ومتداخلة ومندمجة مع بعضها بشكل واضح وتجمعها روابط متعددة فانقسام المجتمع قوميا الى عرب وكرد وتركمان يجعله يتوحد من جهة اخرى فالكرد مثلا ينقسمون الى شيعة وسنة وشيعة الكرد يجتمعون مذهبيا مع شيعة العرب وشيعة التركمان وكذلك الامر بالنسبة لسنة الكرد فهم يجتمعون مذهبيا مع سنة العرب والتركمان. والرابط الديني والمذهبي يولد روابط اخرى كالتزاوج المتبادل بين المنتمين الى المذهب الواحد من القوميات المختلفة التي يجمعها الدين الاسلامي كالتزاوج بين شيعة العرب والكرد والتركمان وكذلك التزاوج بين سنتهم او بين المنتمين الى المذاهب المختلفة من القومية الواحدة كالتزاوج بين الشيعة والسنة من كل من العرب والكرد والتركمان. وكذلك يجمعهم اداء العبادات واحياء المناسبات الدينية من قبل المسلمين من مختلف القوميات والمذاهب. واذا كانت الروابط الدينية غير موجودة بين المسلمين والمسيحيين والصابئة والايزدية فانهم مندمجون نفسيا وثقافيا ووظيفيا واجتماعيا ومناطقيا ومتخالطون فيما بينهم. كما ان مساهمة الجميع بشكل او باخر في اقامة حضارة العراق المجيدة وصنع تاريخه العريق وكذلك الماسي والمعاناة الحياتية اليومية والمصالح والمناسبات الوطنية والاجتماعية والتاريخية المشتركة تعتبر روابط اضافية تعمق العلاقة بين تلك المكونات. وهكذا فان الاختلافات القومية او الدينية او المذهبية بين مكونات المجتمع العراقي لاتعتبر مانعا من الاندماج باشكاله المتنوعة الا قليلا جدا فهي لم تمنع المختلفين من الاشتراك في مشاريع اقتصادية او ممارسة ذات المهن او العيش في مناطق موحدة او التوجهات الثقافية المتماثلة وغيرها. ومن جهة اخرى فان تلك المكونات تتوزع بشكل واضح على الخارطة الجغرافية للعراق فسكان الشمال هم في الغالب الكرد السنة مع اقلية مسيحية ويسكن المنطقة الغربية العرب المسلمون السنة مع اقلية من العرب المسلمين الشيعة وعلى العكس منها المنطقة الجنوبية التي يسكنها غالبية شيعية مع اقلية سنية. واذا كانت بعض المناطق والمحافظات تتسم بوضوح سيادة المكون الواحد سواء الشيعة او السنة او الكرد فان المناطق والمدن الواقعة بينها تسكنها مكونات تمثل واحة متنوعة الزهور للعراقيين من كل الاطياف اي انها مناطق مشتركة فمحافظتي نينوى وكركوك يسكنهما خليط من المكونات المتنوعة وبنسب متفاوتة فيهم العرب السنة والشيعة والكرد السنة والشيعة والتركمان السنة والشيعة والمسيحيين ومثلهما محافظة ديالى التي يسكنها الشيعة عرباً وكرداً وتركمانا والسنة عرباً وكرداً وتركمانا ويسكن الايزيديون والشبك في بعض اقضية محافظة نينوى ويتوزع الصابئة بشكل اساسي في العاصمة بغداد ومحافظة ميسان وتضم محافظة البصرة مزيجا سكانيا من مختلف الاديان والمذاهب والاعراق بينما يسكن في العاصمة بغداد خليط متنوع يمثل جميع المكونات العراقية دينيا ومذهبيا وقوميا. ويمتاز سكان المناطق الجغرافية المتنوعة في العراق وكذلك كل مكون بعدة مميزات ضمن تفاصيل الحياة اليومية تختلف عنها في المناطق والمكونات الاخرى وقد تشترك معها في بعضها ومنها الملابس والعلاقات الاجتماعية والثقافة الشعبية والفولكورية واللهجة الشائعة بما يزيد من مساحة التنوع في المجتمع العراقي. وعلى الرغم من اشتراك المكونات العراقية مع بعضها ببعض عوامل واسس التعددية فانها تختلف في عوامل واسس اخرى فالكرد يشتركون مع العرب الشيعة والسنة بالانتماء الى الاسلام ديناً وامة ومع الشيعة بالمظلومية الكبيرة التي وقعت عليهما من الانظمة المتعاقبة التي حكمت العراق ويشتركون مع السنة في اعتناق المذاهب السنية ويختلفون عن الشيعة والسنة بالانتماء القومي واللغة والمصالح الخاصة والعلاقات الدولية والطموحات القومية السياسية. هذه المقالة مستلة من كتابي (الديمقراطية التوافقية العراق انموذجا ) الذي صدر عام 2011 في بغداد عبد الستار الكعبي
#عبد_الستار_الكعبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدستور الدائم في العراق اعلان رسمي للصراع والتقسيم
-
الديمقراطية التوافقية في العراق / الفساد المالي والإداري
-
دور الشعب العراقي في اصلاح العملية السياسية
-
الديمقراطية التوافقية في العراق / استقلالية الموقف العراقي
-
سلبيات الديمقراطية التوافقية في العراق - التدخل الأجنبي
-
الديمقراطية التوافقية العراق انموذجا /11: سلبيات التوافقية -
...
-
الديمقراطية التوافقية العراق انموذجا /10: سلبيات التوافقية -
...
-
الديمقراطية التوافقية العراق انموذجا / 9: سلبيات التوافقية
-
الديمقراطية التوافقية العراق انموذجا / سلبيات التوافقية : ضع
...
-
الديمقراطية التوافقية العراق انموذجا/7. نماذج من السلوك الحك
...
-
الديمقراطية التوافقية العراق انموذجا / 6. رأي بعض كبار المسؤ
...
-
الديمقراطية التوافقية العراق انموذجا / الفرق بين الديمقراطية
...
-
الديمقراطية التوافقية العراق انموذجا/ 4. اسباب التوافقية
-
الديمقراطية التوافقية العراق انموذجا/ شروط التوافقية
-
الديمقراطية التوافقية العراق انموذجا /2. التوافقية في لبنان
...
-
الديمقراطية التوافقية العراق انموذجا /1. مفهوم ونشوء الديمقر
...
-
من أجل إسلام معتدل...الإصلاح الإسلامي ضرورة شرعية وتاريخية
المزيد.....
-
الملكة رانيا تهنئ الأمير هاشم بعيد ميلاده العشرين
-
انتشال 30 جثة حتى الآن لضحايا كارثة مطار ريغان في واشنطن
-
الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف في كورسك
-
فوائد -مكملات الحمل- في تقليل مضاعفات الولادة
-
ماذا نعرف عن وحدة الظل في كتائب القسام المسؤولة عن تأمين الر
...
-
-مخاوف من سيطرة دينية على الحكم في سوريا- - جيروزاليم بوست
-
سانا: الرئيس أحمد الشرع سيلقي خطابا موجها للشعب السوري مساء
...
-
شاهد: فرحة أسرة الأسيرة أغام بيرغر بعد أن أفرجت عنها حماس
-
انهيار صخري في أعماق كاليفورنيا يكشف أسرار تكوّن القارات
-
سر -طبيب الموت- ولغز -عاصمة التوائم-!
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|