مجدى زكريا
الحوار المتمدن-العدد: 3867 - 2012 / 10 / 1 - 21:08
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
تساءل رجل سويسرى فى ال28 من عمره : " تسع وأربعون حبة منوم فى الفنجان, هل اتناولها ام لا ؟ ". لقد تخلت عنه زوجته وتركه اولاده,. فتملكته كابة شديدة. لكن بعد ان تناول الجرعة, قال لنفسه لا, لا اريد ان اموت. ولحسن التوفيق, نجا ليخبر قصته. فالنزعات الانتحارية لا تؤدى دائما الى الموت.
قال ألكس كروزبى الذى يعمل فى مجال مكافحة الامراض والوقاية منها بشأن محاولات انتحار المراهقين : " اذا استطعتم تأخير محاولة الانتحار ولو بضع ساعات, يمكنكم الحؤول دون حدوثها. فتدخلكم يمنع عددا كبيرا من الاشخاص من النجاح فى مسعاهم وينقذ حياتهم ".
وفيما كان البروفسور هيساتشى كوروساوا يعمل فى مركز الطوارئ والانقاذ فى كلية الطب فى اليابان. ساعد مئات الاشخاص الميالين الى الانتحار على استعادة رغبتهم فى الحياة. نعم, ان التدخل بطريقة ما يمكن ان ينقذ حياة الكثيرين. فأى عون يلزم ؟
كما ذكر فى المقالة السابقة, يقول الباحثون ان 90 فى المئة من الذين انتحروا كانوا مصابين باضطرابات نفسية او يعانون مشاكل تتعلق باستخدام استعمال المواد المسببة للادمان. لذلك, تقول ايف ك. موشتثتسكى من المعهد الوطنى للصحة العقلية فى الولايات المتحدة : " ان الامل بالقضاء على انتحار الاشخاص من كل فئات الاعمار يتوقف على معالجة الاضطرابات العقلية والاضطرابات المتعلقة باساءة استعمال المواد المسببة للادمان ".
لكن المؤسف ان الذين يعانون من هذه الاضطرابات لا ينشدون عادة المساعدة. ولم لا ؟ " بسبب نظرة النحامل الشديد فى المجتمع ". كما يعلق خبير يابانى من معهد الطب النفسى ويضيف قائلا : " انه بسبب هذا التحامل, حتى الاشخاص الذين يدركون نوعا ما انهم يعانون علة نفسية يترددون فى طلب مساعدة فورية.
لكن البعض لا يردعهم الخجل. فثمة مذيع مشهور يدعى هيثروشى اوغاوا قضى 17 سنة يعد ويقدم برنامجا تليفزيونيا فى اليابان, اعترف علنا انه يعانى الكابة وانه وصل الى شفير الانتحار. قال اوغاوا : " تشبه الكابة الزكام ". فأى كان يمكن ان يلتقطه, كما اوضح, لكن شفاءه ممكن.
يقول بيلا بودا, المسؤول الصحى المقتبس منه سابقا : " عندما يكون الشخص وحيدا مع مشاكله, يراها عادة اضخم بكثير مما هى عليه ولا يرى املا فى حلها ".
لا تسمحوا لنفسكم بأن تتخبطوا وحدكم فى بحر من المشاكل الشخصية الساحقة. ابحثوا عن شخص يمكنكم الوثوق به وتستطيعوا ان تبيحوا له بمكنوناتى قلبكم. لكن قد تقولون, لا يوجد احد استطيع التحدث اليه. كثيرون يخالجهم شعور مماثل, كما يقول الاختصاصى فى الصحة العقلية الطبيب ناووكى ساتو. ويذكر ساتو ايضا ان المرضى قد يتجنبون الافضاء بمشاكلهم الى اخرين لأنهم لا يرغبون فى اظهار ضعفهم.
فالى اين يمكن ان يلجأ المرء لايجاد اذن صاغية ؟ فى اماكن كثيرة, يمكن اللجوء الى مراكز مكافحة الانتحار او الى الخدمات الهاتفية للمساعدة على حل الازمات او الى اى طبيب ذى صيت جيد يعالج المشاكل العاطفية. لكن بعض الخبراء يعترفون ايضا بمصدر اخر للمساعدة _ الدين, فكيف يمكن يساعد ذلك ؟
يعلمنا الكتاب المقدس ان الحياة هبة من ابينا السماوى واننا لا نملك حق ايذاء انفسنا او انهاء حياتنا عمدا. ويعلمنا ايضا عن المحبة التى يكنها الله للجنس اليشرى فلديه اذنان صاغيتان ليسمع لكم حين تسكبون قدامه قلوبكم. وعيناه تجولان فى كل الارض, لا لتجد الاخطاء فى الناس بل ليتشدد مع الذين قلوبهم نحوه. يؤكد لنا : "لا تخف لأنى معك. لا تتلفت لأنى الهك. قد ايدتك وأعنتك بيمين برى ".اشعياء 41 عدد 10.
صحيح انكم تواجهون حالات تجعلكم تشعرون بوحدة تامة وبأن موتكم لن يهم احدا. لكن تذكروا : هناك فرق شاسع بين الشعور بالوحدة وكونكم فعلا وحيدين. ففى ازمنة الكتاب المقدس مر النبى ايليا بمرحلة من الكابة. وخاطب الله : " قتلوا انبياءك بالسيف فبقيت انا وحدى ". نعم, لقد شعر ايليا بوحدة تامة - وذلك لسبب وجيه. فقد قتل الكثير من اصدقائه الانبياء, وسلط السيف فوق عنقه , وقضى فترة هاربا لينجو بحياته. لكنه لم يكن ابدا وحيدا.
هنالك اشخاص يهمهم امركم. عائلاتكم واصدقائم وما تعزوه فى هذه الحياة. حتى لو خذلكم كل انسان ناقص, فهنالك من لن يترككم ابدا. قال الملك داود الذى عاش قديما : " ان ابى وامى قد تركانى فالرب يضمنى ". نعم ان الله يهتم بكم. فلا تنسوا ابدا انكم اعزاء فى عينيه.
ان الحياة هبة من الله, صحيح انها قد تبدو احيانا عبئا اكثر منها هبة. لكن هل يمكنكم ان تتخيلوا شعوركم لو منحتم احدا هدية قيمة فرماها قبل ان يستعملها ؟ نحن البشر الناقصين بالكاد بدأنا نستعمل هبة الحياة. فالكتاب المقدس يقول عن الحياة التى نعيشها اليوم انها ليست الحياة الحقيقية فى نظر الله. ففى المستقبل القريب سننعم بحياة ذات قصد تمنحنا اقصى درجات الاكتفاء والسعادة.
قد يمضى بعض الوقت قبل ان تستعيدوا كاملا رغبتكم فى الحياة.فواظبوا على الصلاة الى اله كل تعزية, الذى بعذينا فى كل ضيقتنا. وسيمنحكم الله القوة اللتى تحتاجون اليها. فالحياة بالتاكيد تستحق العيبش.
هل يسامحنى الله على تفكيرى فى الانتحار ؟
لا احد اليوم مستثنى من الاحداث المجهدة فى الحياة او الكابة. من الملاحظ ان بعض الرجال والنساء الامناء فى ازمنة الكتاب المقدس عبروا بشدة عن مشاعر سلبية ازاء الحياة. فرفقة زوجة الاب الجليل اسحق, التى كانت مرة مكتئبة جدا بسبب مشكلة عائلية قالت " مللت حياتى ". وايوب الذى عانى خسارة كل شئ فى الحياة قال " قد كرهت نفسى حياتى ". وصرخ موسى مرة الى الله " اقتلنى قتلا ". كما ردد النبى يونان مرارا " موتى خير من حياتى ". وقال مرة ايليا احد انبياء الله " قد كفى الان يارب خذ نفسى ".
فهل ادان الله هؤلاء الافراد بسبب الطريقة التى كانوا يشعرون بها ؟ كلا, حتى انه ابقى تعابيرهم فى الكتاب المقدس. لكن من الحيوى الملاحظة ان لا أحد من هؤلاء الامناء ترك مشاعره تقوده الى الانتحار. " فلنقترب اذا بحرية كلام من عرش النعمة, لكى ننال رحمة ونجد نعمة للعون فى حينه ". - عبرانيين 4 عدد 16.
كيف يمكنكم مساعدة شخص ميال الى الانتحار :
تنصح مراكز مكافحة الامراض والوقاية منها فى الولايات المتحدة : " كونوا مستمعين جيادا ". دعوه يعبر عما يجيش فى صدره. لكن فى حالات كثيرة يكون الشخص الميال الى الانتحار منطويا على نفسه ومتحفظ فى الكلام. فاعترفوا بحقيقة الالم او اليأس الذى يعانيه. وقد تنجحوا فى جعله يبوح لكم بمكنونات قلبه اذا ذكرتم بلطف بعض التغييرات التى لاحظتموها فى تصرفه.
وحين تصغون, اظهروا التقمص العاطفى. من المهم ان تؤكدوا للشخص ان حياته تهمكم وتهم الاخرين ايضا. دعوه يعلم كم سيسحقكم موته, انتم والاخرين . وساعدوا الشخص على الادراك ان خالقه يهتم به.
ينصح الخبراء ايضا بالتخلص من كل ما يمكن ان يلجأ اليه الشخص للأنتحار - وخصوصا الاسلحة النارية. واذا بدا الوضع خطرا, فقد ترغبون فى تشجيع الشخص على طلب مساعدة طبية. وفى الحالات القصوى, قد لا يكون امامكم من خيار سوى اللجوء الى الخدمات الطبية التى تعنى بمثل هذه الحالات الطارئة.
#مجدى_زكريا (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟