أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزة خليل كلفت - الأميرة التى لا تبكى وحكايات أخرى - پليزانت ديسپين















المزيد.....



الأميرة التى لا تبكى وحكايات أخرى - پليزانت ديسپين


عزة خليل كلفت

الحوار المتمدن-العدد: 3867 - 2012 / 10 / 1 - 09:31
المحور: الادب والفن
    


الأميرة التى لا تبكى وحكايات أخرى
تأليف: پليزانت ديسپين
ترجمة:
عزة خليل كلفت
و
خليل كلفت

الطبعة الأولى، المركز القومى للترجمة، القاهرة، 2010


هذه ترجمة لكتاب
Thirty-Three Multicultural Tales To Tell
By Pleasant DeSpain, August House Publishers, Inc.
LITTLE ROCK



تنويه

ترجمت عزة خليل كلفت كل حكايات هذا الكتاب
باستثناء ست حكايات من أفريقيا ترجمها خليل كلفت





الفهرس

مقدمة المؤلف
1 ﭽو العجوز والنجار
(الولايات المتحدة الأمريكية)
2 لعبة شد الحبل
(أفريقيا)
3 طاقية الاستماع
(الياپان)
4 السباق الأخير للأرنب
(المكسيك)
5 ألكزاندر والقزم والماردة
(الدنمارك)
6 الذئب الساحر
(حكاية هندية أمريكية)
7 السينيور الثعبان ذو الأجراس يتعلم الطيران
(المكسيك)
8 وليمة العنكبوت الجد
(أفريقيا)
9 المرآة
(كوريا)
10 دامون وﭙيثيات
(اليونان القديمة)
11 الأميرة التى لا تبكى
(حكاية مُبتكرة)
12 شارب الأسد
(أفريقيا)
13 كيف غادر الناموس جزيرة كامبارا
(فيچى)
14 جريتيل الذكية
(ألمانيا)
15 آه شونج يصطاد شبحا
(الصين)
16 ذئب البرارى يسرق الربيع
(حكاية هندية أمريكية)
17 التشيريميا
(جواتيمالا)
18 عادات طبيعية
(أفريقيا)
19 الإناء السحرى
(الصين)
20 آدا والأوغاد
(هولندا)
21 البخيل
(الولايات المتحدة الأمريكية)
22 البوسانج بوهو
(الهند)
23 ﭽاك الصغير وﭽون الكسلان
(فرنسا)
24 القرع العسلى الضخم
(أفريقيا)
25 زحافة الحفيدة
(روسيا)
26 خُوان ونبات الماجواى
(المكسيك)
27 حظ الشيطان
(المجر)
28 مندوب السماء
(الصين)
29 الملك الذى يصدق كل شيء
(النمسا)
30 العنكبوت الجائع
(أفريقيا)
31 الدرس الأول
(البرازيل)
32 ﭙيدير وعفريت الماء
(السويد)
33 الماعزة والصخرة
(التبت)















إلى جارى، و لورى، و روب
إلى أخى، وأختى، وابن أختى
هيَّا نرقصْ!
پليزانت ديسپين


"الحكاية الشعبية هى الكتاب التعليمىّ الأول
لِلُغَة الصورة
وللروح".
Joseph Campbell
چوزيف كامبل
*****
"لا حاجة إلى كلمات كثيرة
لقول الحقيقة".
Chief Joseph, Nez Perce
ﭽوزيف الزعيم الهندى الأمريكى، قبيلة الأنف المثقوب





مقدمة المؤلف
منذ وقت طويل، عندما بدأتُ لأول مرة أحكى قصصا كمورد رزق، وقعتُ فى الحب مع نقاء وبساطة حكايات التراث الشعبىّ. ومع هذا الكتاب، مجموعتى الثالثة من الحكايات المتعددة الثقافات، صرتُ مقتنعا بأننا، نحن سكان كوكب الأرض، كلنا نحكى قصصا. والقصة التى نحكيها، بتنويعاتها اللانهائية، توشك أن تُولَد، وتعيش الحياة، وتعرف الحزن، وتموت، ثم تُولد من جديد. إنها قصة تطور البشر.
وتدهشنى القوة الهشة ولكن المتواصلة التى تجعل أىَّ وكلَّ حياة (قصة) واحدة، وكأنها هى نفسها. يقول بعضهم إن ما نحكيه قصص. وأنا أقول إنه النَّفَس الذى نتنفسه. ونحن نحكى القصص بكلمات. والكلمات نَفَس نقوم بصياغته فى شكل. وربما كانت تجربة الحياة الأكثر شيوعا والتى يتقاسمها الجميع هى أننا نواصل الشهيق والزفير. وهذه فى الحقيقة هى النقطة التى تبدأ عندها القصص وتنتهى.
وفيما يتعلق بهذه الحكايات المحددة، فقد قمتُ باختيارها على أساس "قابليتها للحكى"، وعالميتها، وكمالها الثقافى. فهى تُحْكَى ببساطة كما هو أسلوبى، وتشتمل بداخلها على مجال لتجربتكم وتعبيركم وأسلوبكم. وقد حاولتُ أن أوازن الكتاب بعدد مناسب من الحكايات من كل القارات الرئيسية، وضمَّنْـتُهُ الحكايات الذكية والقوية للفتى والفتاة، للمرأة والرجل، للحيوان والبشر. وهى موجَّهة لكل من المبتدئين والمحترفين من المعلَّمين والأمهات والآباء (خبراء قصص وقت النوم!)، ورواة القصص. ولأننى أستخدم كلمات "حقيقية" فإن القصص سوف تكبر مع الأطفال الذين يسمعونها أو يقرأونها. وأملى أن لا يكبروا عليها فيفقدوا اهتمامهم بها.
وقد تلقيت مؤخرا مكالمة من امرأة راشدة كانت قد سمعتنى أحكى الحكاية الروسية "زحافة الحفيدة". كانت تريد نسخة منها لصديق. "أنت راوى القصص الذى يعرف ما هى الكلمات التى ينبغى حذفها"، قالت. وكان ذلك تعليقا عميقا.
تمتعوا بقراءة ودراسة، وتقاسم هذه الحكايات، ولعلكم، أيضا تعرفون ما هى الكلمات التى ينبغى حذفها.
ﭙليزانت ديسپين
1
ﭼو العجوز والنجار
(الولايات المتحدة الأمريكية)

عاش چو العجوز بعيدا فى الريف وحده تماما. وكان صديقه الحميم هو أيضا أقرب جيرانه. وكان يبدو أنهما كبرا معا. والآن حيث ماتت زوجتاهما، وتربَّى أطفالهما وصاروا يعيشون حياة مستقلة، كان كل ما بقى لهما مزرعتاهما... وكل منهما بقى للآخر.
ولكن لأول مرة خلال صداقتهما الطويلة، حدث بينهما خلاف شديد. كان جدالا أحمق حول عِجْل ضالّ لم يكن أىٌّ منهما بحاجة إليه فى الواقع. كانا قد وجدا العِجْل فى أرض الجار وادَّعَى أنه ملكه. قال چو العجوز: "لا، لا، مادام هذا العِجْل عليه نفس علامات واحدة من بقراتى، أنا أقول إنه ملكى".
كانا رجليْن عنيديْن، وما كان أحدهما ليستسلم. وبدلا من أن يتضاربا، توقفا عن الكلام وانسحب كل منهما إلى بابه وأغلقه على نفسه بعنف! مرَّ أسبوعان دون كلمة بينهما. وبدأ چو العجوز يشعر بالبؤس.
جاء صباح السبت، وسمع چو العجوز دقة على بابه الأمامى. لم يكن ينتظر أحدا وفوجيء بوجود شاب سَمَّى نفسه "النجار المتجول" واقفا على مدخل بيته. كان يضع صندوق أدوات خشبى عند قدميه، وكان فى عينيه رقة.
"أنا أبحث عن عمل"، أوضح. "أنا بارع فى استخدام يدىّ، وإذا كان لديك مشروع أو اثنان، سيكون من دواعى سرورى أن أساعدك فى إنجازهما".
أجاب چو العجوز، "نعم، فى الحقيقة، لدىّ عمل لك. هل ترى ذلك المنزل هناك؟ هذا منزل جارى. أترى جدول الماء الذى يجرى على طول الخط الذى يفصل بين مِلْكيتينْا؟ هذا الجدول لم يكن موجودا فى الأسبوع الماضى. هو فعل ذلك ليغيظنى! "لقد ربط محراثا بجرَّاره وحفر قاع الجدول من أعلى البركة حتى خط الملكية. وبعد ذلك غمره بالماء! والآن صار يفصل بيننا هذا الجدول. أنا غاضب منه جدا! عندى فى مخزن الغلال خشب منشور، ألواح خشبية، دعامات، وكل ما تحتاج إليه لتبنى لى سياجا- سياجا عاليا- على طول جدول الماء هذا. عندئذ لن أكون مضطرا إلى رؤية مكانه مرة أخرى. وهذا سيعلِّمه!"
ابتسم النجار وقال: "سأقوم بعمل جيد لك، يا چو".
كان على الرجل العجوز أن يذهب إلى المدينة لإحضار المؤن، شد الحصان إلى عربته وغاب باقى اليوم. حمل النجار الشاب الخشب المنشور من المخزن إلى حافة جدول الماء وبدأ يعمل. عمل بكد وسرعة. قاس المسافات، نشر بالمنشار، ودق المسامير فى تلك الألواح الخشبية طوال اليوم دون توقف للغداء. ومع غروب الشمس، بدأ فى جمع أدواته. كان قد أنهى مهمته.
أوقف چو العجوز عربته المليئة بالمؤن. وعندما رأى ما بناه النجار، عجز عن الكلام. لم يكن سياجا، بدلا من ذلك، كان هناك جسر عبور جميل، مزوَّد بدرابزين وبكل شيء، يمتد من أحد جانبىْ الجدول إلى الجانب الآخر.
عندئذ فقط، عبر جار چو العجوز الجسر، مادًّا يده، وقال: "أنا آسف حقا لسوء التفاهم الذى حدث بيننا، يا چو. العِجْل لك. أنا أريد فقط أن نستمر صديقين عزيزيْن".
"احتفظْ أنت بالعِجْل"، قال چو العجوز. "أنا أيضا أريد أن نكون صديقيْن. الجسر كان فكرة هذا الرفيق الشاب. وأنا سعيد بأنه فعل هذا".
حمل النجار صندوق أدواته على كتفه وبدأ ينصرف.
"انتظرْ!" قال چو. "أنت رجل طيب. وأنا وجارى يمكننا أن نبقيك مشغولا طوال أسابيع".
ابتسم النجار وقال: "يسعدنى أن أبقى يا چو، لكننى لا أستطيع. علىَّ أن أبنى المزيد من الجسور".
وسار فى الطريق، يصفِّر نغمة سعيدة وهو ذاهب.


2
لُعبة شدّ الحبل
(أفريقيا)
ذات مرة، منذ وقت طويل، كان ذكر السلحفاة يزحف على ممر وعر فى غابة. وكان فرس النهر قد طرده قبل ذلك بقليل من النهر ولهذا فإنه لم يكن رائق المزاج. وفجأة، اندفع الفيل عبر الممر وكاد يدوس ذكر السلحفاة.
"لاحظْ أين تضع قدمك أيها الأحمق المتثاقل الضخم"، صاح ذكر السلحفاة.
لم يُرْضِ الفيل أن يُهان فأجاب: "لاحظْ أنت أين تضع قدمك، يا ذكر السلحفاة الضئيل، ولاحظْ أيضا لسانك السليط. إنه يمكن أن يورطك فى مشاكل".
"أنت لا تخيفنى. أنا أقوى مما تتصور. فى الحقيقة، أنا فى مثل قوتك"، قال ذكر السلحفاة متحديًا.
"لا، لستَ فى مثل قوتى!"، أعلن الفيل بصرخة مدوية، وأضاف: "أنت أضأل من أن تكون لك قوتى، وإذا لم تعتذر عن ادعاءاتك الحمقاء، سأدوسك بقدمى!"
"عندى فكرة أفضل"، قال ذكر السلحفاة، ممسكا بنبات متسلق متين. وأضاف: "أنا أتحداك إلى مسابقة فى القوة، لُعْبة شدّ الحبل. أنت تمسك بطرف هذا النبات المتسلق الطويل بخرطومك وسأنزل أنا إلى النهر بالطرف الآخر. سأحاول أن أشدّك إلى الماء وستحاول أنت أن تشدّنى إلى الغابة. وعندما أصرخ: "شُدَّ، أيها الحيوان القوى، شُدّ!" ستبدأ المسابقة".
"وهو كذلك"، وافق الفيل. "سيكون مسليا أن أجعل منك أضحوكة".
أمسك ذكر السلحفاة بالطرف الآخر للنبات المتسلق واختفى فى عمق الغابة الكثيفة. وعندما وصل إلى حافة النهر، نادى: "يا فرس النهر! يا فرس النهر! أخرج رأسك من الماء إذا كنت شجاعا بما يكفى!"
ببطء، طفا فرس النهر الضخم إلى السطح وسبح نحو ذكر السلحفاة، وقال: "هل تنادينى أيها الضئيل؟"
"نعم، أيها الضخم"، أجاب ذكر السلحفاة، وأضاف: "أنت طردتنى من النهر فى وقت سابق من اليوم، وأنا الآن غاضب بشدة. أنت تعتقد أنك قوى بسبب حجمك. وأنا سأثبت لك الآن أننى، أيضا، قوى".
الكلام الغاضب لذكر السلحفاة أضحك فرس النهر، فقال: "كلماتك أكبر من درعك، يا صديقى الضئيل. كيف يمكنك إثبات مثل هذا التبجُّح؟"
"بأن أتحداك إلى لعبة شدّ الحبل"، قال ذكر السلحفاة. "أنت تأخذ هذا الطرف من النبات المتسلق فى فمك وسأذهب أنا إلى الغابة وأمسك بالطرف الآخر. ستحاول أن تشدنى إلى النهر، وسأحاول أن أشدك إلى خارجه. وسأصرخ: "شدّ، أيها الحيوان القوى، شدّ!" عندما أكون مستعدا".
ضحك فرس النهر وقال: "أوافق. سيكون مسليا أن أعلمك بعض آداب السلوك".
عَضّ فرس النهر على طرف النبات المتسلق وسار ذكر السلحفاة عائدا إلى ما بين الأشجار. وعندئذ صرخ بأعلى صوته: "شدّ، أيها الحيوان القوى، شدّ!"
بدأ كل من الفيل وفرس النهر فى الشد، وأخذا يشدان، شدّا بكل قوتهما، ولكن لم يستطع أىٌّ منهما الفوز على الآخر.
"ذكر السلحفاة فى مثل قوة فرس النهر!"، فكر الفيل وهو ينخر ويشدّ بمزيد من القوة.
"ذكر السلحفاة فى مثل قوة الفيل!"، فكر فرس النهر وهو يجهد نفسه، ويشدّ بقوة أكثر.
وعندما أدرك ذكر السلحفاة أن الفيل وفرس النهر كانا يزدادان إرهاقا بشدة، صرخ: "توقفْ، توقفْ! لنعتبر أن النتيجة هى التعادل. أخشى أن يتمزق النبات المتسلق!"
كان كلا الحيوانين الضخمين سعيدين بالتوقف عن الشدّ.
جرى ذكر السلحفاة إلى الفيل، وبمجرد أن التقط الفيل أنفاسه، قال: "أنت قوى حقا، يا صديقى ذكر السلحفاة، وسأكون حريصا من الآن فصاعدا قبل أن أخطو".
عندئذ نزل ذكر السلحفاة إلى النهر، وقال فرس النهر: "أنا آسف لأننى طردتك من الماء، أيها الصديق الضئيل. أنت أقوى من أن يمزح معك أحد".
ومنذ ذلك الزمن فصاعدا، عومل ذكر السلحفاة باحترام كبير.















3
طاقية الاستماع
(الياپان)
ذات مرة عاشت امرأة فقيرة كانت تزور بوفاء كل صباح مزار ملاكها الحارس. كانت مخلصة جدا إلى درجة أنه ذات يوم ترك لها ملاكها الحارس هدية على شكل طاقية صغيرة خضراء.
لبستْ الطاقية، ولدهشتها الشديدة! كانت قادرة على فهم ما تقوله الطيور، والحيوانات، ونباتات الغابة. "إنها طاقية استماع!" صاحت فى سعادة.
عند ذلك، حط طائران من طيور أبو الحناء على غصن قريب وبدآ يتحادثان:
"حالة شجرة القيقب، محزنة للغاية. " قال أحدهما.
"صحيح جدا"، أجاب الآخر. "سمعتُها تبكى مرة أخرى فى الليلة الماضية. هل تعرف القصة وراء حزن الشجرة؟"
"نعم" قال الطائر الأول. "كنت موجودا يوم حدث ما حدث. قطع عمدة المدينة شجرة القيقب لتوسيع مكان ليبنى فيه بيتا للشاى فى حديقته ولسوء الحظ، لم ينتزع الجذور، وهذا هو السبب فى أن الشجرة مازالت تبكى من الألم. هى ليست ميتة ولا حية. إنها باقية فقط تحت بيت الشاى".
"أهذا هو السبب فى أن العمدة ضعيف جدا ومريض؟" سأل الطائر الآخر.
"نعم"، قال الأول. ألقت شجرة القيقب عليه سحرا شريرا. فى اليوم الذى ستموت فيه الشجرة أخيرا، سَيُحْمَل العمدة أيضا إلى قبره".
عند سماع كل هذا، أسرعت المرأة المسكينة وقامت بتغيير شكلها لتبدو مثل طبيبة متجولة. سارت حتى باب منزل العمدة الكبير وطاقية الاستماع فوق رأسها ماتزال. رحبت زوجة العمدة بالطبيبة بسرور. وطلبت منها أن تفحص زوجها، وأضافت أنها بالفعل جربت كل العلاجات المعروفة ولكن بلا فائدة.
"متى بنى زوجك بيت الشاى فى الحديقة؟" سألت الطبيبة.
"فقط السنة الماضية"، أجابت زوجة العمدة.
"وزوجك مريض منذ ذلك الحين؟"
"نعم"، قالت. "كيف عرفت؟"
"إنها موهبتى الخاصة"، أجابت الطبيبة. "قبل أن أفحص زوجك، أريد أن أتناول كوبا من الشاى فى الحديقة."
"بالطبع"، أجابت. "سأملأ الإبريق".
ذهبت الطبيبة المزيفة إلى بيت الشاى وجلست فى هدوء وسرعان ما سمعت أنينا خافتا من تحت الأرضية.
"أهذه أنت. يا شجرة القيقب المسكينة؟" سألت فراشة تحلِّق داخلة بيت الشاى. "هل تشعرين بأىّ تحسن اليوم؟"
"لا... أشعر أننى أسوأ بكثير... فى الحقيقة، سأموت قريبا، وعندما أموت، سيموت العمدة أيضا، سأحرص على هذا".
"أرجوكِ لا تموتى"، قالت الفراشة.
"لا، لا تموتى ... لا تموتى ..." رددت الصدى أزهارُ الحديقة.
أسرعت الطبيبة إلى جوار فراش مرض العمدة وقالت: "إذا أردت أن تعيش، أهدم بيت الشاى على الفور! واتجه بعد ذلك إلى شجرة القيقب التى ماتزال جذورها تحته. ساعد الشجرة على أن تنمو قوية من جديد".
وافق وطلب من خادمه أن يهدم بيت الشاى. شفى العمدة المريض واعتنى بشجرة القيقب بنفسه. وسرعان ما بدأت ترسل إلى الهواء براعم خضراء ناضرة.
"سأعيش"، هتفت الشجرة أخيرا.
"شجرة القيقب ستعيش!" صاحت الحديقة.
فى غضون أيام قليلة كان العمدة يشعر بأنه أفضل كثيرا، وبعد أسبوعين فقط، شُفى واستعاد قوته من جديد.
منح العمدة الطبيبة المتجولة حقيبة كبيرة من الذهب، وبطاقية الاستماع ماتزال على رأسها، مضت المرأة التى كانت فقيرة ذات يوم فى طريقها وعلى شفتيها ابتسامة رقيقة.










4
السباق الأخير للأرنب
(المكسيك)

منذ زمن بعيد، كان الأرنب معروفا بأنه عَدَّاء سريع. رغم أنه خسر ذات مرة السباق الشهير مع السلحفاة. وعلى أىّ حال، كان ذلك منذ زمن بعيد جدا.
كان الأرنب يحب أن يتفاخر بسرعته الخاطفة وهذا هو السبب فى أن الضفدعة أصابها الملل من هذا التفاخر، فتحدَّتْهُ إلى سباق جديد.
وافق الأرنب وأراد أن يكون السباق بعد ظهر ذلك اليوم. قالت الضفدعة: "من طبيعتى أن أعوم فى الماء وليس أن أجرى على الأرض. سأحتاج إلى ثلاثة أيام لأتدرب على الجرى".
(أنا متأكد أنك لعبت لعبة النطة من قبل، وتعرف أن الضفدعة لا تجرى مطلقا فى الحقيقة. وبدلا من ذلك تنط أو تقفز من مكان إلى الآخر).
وكان الأرنب واثقا جدا من أنه سيفوز حتى أنه ترك الضفدعة تختار طريق السباق. قررت الضفدعة أنه سيكون طريفًا للغاية أن يكون السباق عبر حشائش المستنقع الطويلة من سفح التل على طول الطريق الهابط حتى النهر.
خلال الأيام الثلاثة التالية استدعت الضفدعة الذكية كل الضفادع التى تعيش على النهر وتكون فى نفس حجمها. كان عددها حوالى 400 من الضفادع! أوقفتها صفا بين الحشائش الطويلة، كل ضفدع على بعد قفزة جيدة، من التل إلى النهر. قفزت الضفدعة وقالت له إنها مستعدة لبدء السباق.
"حسنا"، قال الأرنب، "والآن سأثبت مرة وإلى الأبد أننى أسرع مخلوق على قيد الحياة".
وقفا فى وضع الاستعداد، جنبا إلى جنب. لوح فأر الخشب بذيله فى الهواء ثم نزل به إلى الأرض بفرقعة. انطلق الأرنب مثل طلقة! أفسح ممرا خلال الحشائش الطويلة بسرعة كبيرة حتى بدا وكأن هناك رياحًا قوية تهبّ.
كان قد جرى لمسافة بعيدة قبل أن ينظر وراءه ليرى كم كان يسبق الضفدعة. نظر من طرف عينه فوجد الضفدعة تقفز من الحشائش إلى جانبه مباشرة. حينئذ قفز الضفدع التالى أمامه ثم اختفى فى الحشائش. بعد ذلك قفز الضفدع التالى قفزته الطويلة، وهكذا على طول الصف فى الطريق إلى النهر.
لم يدرك الأرنب ماذا يحدث وظن أنها كانت نفس الضفدعة التى بدأ معها السباق. شمشم الأرنب بأنفه، ألقى بأذنيه الطويلتين إلى الوراء، وجرى أسرع من أىّ وقت مضى .
"الآن، سأكسب" قال. "ما من ضفدع يستطيع أن يجرى بسرعة كهذه!"
قفزت الضفدعة من العشب أمامه بالضبط. أصبح الأرنب أكثر تحمسا وطار مثل السهم عبر الأرض.
كان النهر قريبا فى الأفق، وأعطى الأرنب للمرة الأخيرة كل ما فى وسعه من قوة ليكسب. لكن الضفدع كان يتقدمه دائما بقفزة. وعند خط النهاية، كان الضفدع هو الذى قفز نحو النهر صائحا: "أنت بطيء جدا، يا صديقى!"
كان الأرنب أسرع من أن يستطيع التوقف فطار متقلبا فى الهواء. وسقط فى النهر بصوت طرطشة مرتفع!
كان الأرنب متعبا جدا حتى أنه كان قادرا بالكاد على إخراج نفسه من الماء. وفى النهاية رقد على ضفاف النهر، مقطوع الأنفاس تماما، محبطا، ومشبعا بالماء.
ومر زمن طويل قبل أن يسمع أحد الأرنب يتفاخر بقدرته على الجرى مرة أخرى.


5
ألكزاندر والقزم والماردة
(الدنمارك)
ذات مرة، جلس رجل فقير اسمه ألكزاندر تحت شجرة فى أعماق الغابة يأكل وجبته البسيطة المكونة من عصيدة وخبز. سار نحوه قزم ضئيل منحنى الظهر، ذو لحية طويلة بيضاء وسأل، "هل استطعت أن توفّر قطعة نقدية لرجل عجوز؟"
"ليست عندى قطع معدنية"، قال ألكزاندر بأدب، "ولكنْ مرحبا بك لتشاركنى وجبتى".
كان القزم جائعا وبسرعة أكل نصف الطعام. ثم خبط قبعته الغريبة الشكل خبطة خفيفة، وصفق بيديه المليئتين بالعقد، واختفى!
سرعان ما سمع ألكزاندر خطوات رعدية ثقيلة طاخ طاخ طاخ! كانت تتجه نحوه مباشرة ماردة ضخمة، ضخمة بقدر ما كانت قبيحة.
"أنت فى غابتى"، صاحت بغضب.
"أنا فقط أمرّ من هنا"، أجاب ألكزاندر. "أنا لا أقصد أىّ أذى".
"وأنا لا أقصد أىّ أذًى عندما آكلك!"
"أرجوكِ لا تفعلى!" صاح ألكزاندر. "عندى زوجة وخمسة أطفال. فكرى فى كم سيكونون تعساء إذا قتلتِنى".
"فى هذه الحالة"، زمجرت الماردة المتوحشة. "سنلعب لعبة. سأعطيك ثلاث فرص لتختبئ منى. إذا وجدتك فى الثلاث مرات، ستذهب إلى كرشى!"
استدارت وسارت بعيدا. وكأنما بصورة مفاجئة ظهر القزم العجوز وقال: "لا تخفْ يا ألكزاندر، سأساعدك على أن تختبئ".
استخدم القزم فأسه ليقطع شريحة كبيرة من اللحاء من شجرة مجاورة. ثم دفع ألكزاندر داخل الشجرة ووضع اللحاء فى مكانه مرة أخرى.
وسرعان ما جاءت الماردة حاملة فأسا ضخما على كتفها. وهى تتمتم: "آااه، سأقطع شجرة، سأقطع شجرة".
سارت فى اتجاه شجرة ألكزاندر وقطعتها بضربة واحدة، وأخرجته.
"خسرت مرة"، ضحكتْ وذهبتْ.
ظهر القزم مرة أخرى وقال: "لن ندعها تكسب بهذه السهولة، تعالَ معى".
أخذ ألكزاندر إلى حافة الغابة. وهناك وجدا بحيرة مليئة بالبوص المجوف. انتزع القزم عودا من البوص من الوحل وخبط به ألكزاندر فى كتفه. وفى الحال تقلص إلى حجم نملة! وضعه القزم داخل عود البوص وغرزه مرة أخرى فى الطين.
لم يمض وقت طويل حتى جاءت الماردة حاملة سكينة كبيرة. وهى تتمتم. "آااه، سأقطع البوص، سأقطع البوص". بعد أن قامت بتقطيع البوص إلى شرائح، التقطته وهزته هزة قوية. بووم! سقط ألكزاندرعلى الأرض وعاد إلى حجمه الطبيعى.
"خسرت مرتين"، ضحكتْ. "المرة القادمة سأقْلِبُكَ فى كرشى". وذهبتْ بعيدا.
بدأ ألكزاندر يبكى. ظهر القزم وقال: "لا تحزن ما تزال لدينا فرصة".
صفق بيديه فتحول ألكزاندر إلى سمكة كبيرة تتخبط على الأرض. ألقى به القزم فى البحيرة وقال: "اسبحْ بعيدا، يا صديقى".
سارت الماردة وهى تحمل حوض غسيل ضخما على ظهرها وسنارة صيد السمك على كتفها. "آااه، سأصطاد سمكة، سأصطاد سمكة".
وضعت الحوض فى الماء وتسلقت إلى داخله. ثم ابتعدت عن الشاطئ وألقت سنارتها.
وقف القزم على حافة البحيرة ونفخ ثلاث نفخات هائلة. هبت عاصفة وعوت الرياح عبر المياه الهائجة. تقاذفت الأمواج الوحشية حوض الغسيل هنا وهناك، وبدأت الماردة تتوسل طالبة الرحمة! انقلب الحوض، وغرقت الماردة وهبطت إلى قاع البحيرة، ولم تظهر مرة أخرى أبدا.
خمدت الرياح وأصبحت المياه هادئة. سبحت السمكة إلى الشاطئ وصفق القزم بيديه مرتين. وعاد ألكزاندر إلى هيئته مرة أخرى.
"شكرا لأنك جعلتنى أتقاسم وجبتك معك يا ألكزاندر"، قال القزم، واختفى.
ذهب ألكزاندر إلى بيته وحكى لعائلته قصة نجاته بأعجوبة. ولم ير القزم مرة أخرى أبدا.












6
الذئب الساحر
(حكاية هندية أمريكية)
منذ زمن بعيد، كان الهنود الأمريكيون من قبيلة ذوى الأقدام السوداء ينتقلون من مخيم الصيف إلى مخيم الشتاء فى أحد الأعوام. وبينما كانوا ذاهبين، هاجمتهم عصابة من محاربى قبيلة الغراب، وقتلوا العديد من ذوى الأقدام السوداء وأسروا كجارية شابة من القبيلة اسمها "الجالسة بجوار الباب".
ربطوها بحصان وأخذوها إلى مخيم الغراب على نهر الحجر الأصفر. أجبروا الجالسة بجوار الباب على القيام بأعمال شاقة جدا، وإذا حدث واشتكت ذات يوم، كانوا يضربونها ولا يعطونها أىّ طعام تأكله. كان الرجل الذى أسرها يقيدها فى الليل ويجعلها تنام إلى جوار زوجته. ولكن الزوجة كانت طيبة القلب وحاولت أن تظهر العطف على الجالسة بجوار الباب. ورغم أنهما كانتا تتحدثان بلغتين مختلفتين، كانتا كلتاهما تفهمان لغة الإشارة. وذات يوم أخبرت الزوجةُ الجالسةَ بجوار الباب أن المحاربين قرروا قتلها. وكان عليها أن تهرب فى تلك الليلة.
عندما كان زوجها غارقا فى النوم، قطعت الزوجة السيور المصنوعة من الجلد غير المدبوغ من يدىْ وقدمىْ الجالسة بجوار الباب. وأعطتها حقيبة صغيرة بها لحم مجفف يسمى الپيميكان وطلبت منها أن ترحل بعيدا وبسرعة، لأن من المؤكد أن المحاربين سيحاولون الإمساك بها فى الصباح.
جَرَتْ الجالسة بجوار الباب ومشت وجَرَتْ مرة أخرى حتى بدأت الشمس تشرق. وعندما تعبت جدا، زحفت إلى داخل كهف صغير وسقطت فى النوم. ظلتْ هناك ثلاثة أيام أخرى. وفى النهاية كفَّ محاربو قبيلة الغراب عن البحث. وأصبحت حرة.
وفى ذلك الحين، أصبحت قوة الجالسة بجوار الباب وطعامها أيضا على وشك النفاد. وبدأت رحلة العودة الطويلة إلى موطنها. والأسوأ أنها اكتشفت أن ذئبا كبيرا يتبعها.
مشت الجالسة بجوار الباب ليلتين ويوما قبل أن تسقط على الأرض الباردة، راغبة فى الموت. كان الذئب يتابعها من ورائها مباشرة، منتظرا هذه اللحظة بصبر. اقترب منها بحذر وتشمم يديها. استطاعت الجالسة بجوار الباب أن تشم رائحة فروه غير النظيف ورائحة فمه النتنة. وأخذت تصلى من أجل موت سريع. ولدهشتها الشديدة، لم يغرز الذئب أسنانه الصفراء فى حلقها. بدلا من ذلك، رقد إلى جانبها ليبقيها دافئة وآمنة. وفى الصباح جرى مبتعدا، فقط ليعود بعدها بوقت قصير ساحبا نصف عجل جاموس مذبوح للتو. طبخت الجالسة بجوار الباب اللحم وأكلته مع الذئب. وفى اليوم التالى، استعادت قوتها.
مشى الذئب بجوارها باقى رحلة العودة. وعندما وصلت إلى مخيم الهنود ذوى الأقدام السوداء، كان الناس متشوقين لرؤيتها، وكانوا متأثرين بوجود صديقها الجديد. حكت لهم كيف أنقذ الذئب حياتها، وأضافت: "هناك انجذاب سحرىّ قوىّ بيننا. وأنا سأسميه الذئب الساحر".
فهم الناس كلامها وآمنوا بالرباط السحرى أو الانجذاب السحرىّ الذى يمكن أن يوجد بين حيوان وإنسان. وقرر مجلس الكبار أن الذئب يمكنه البقاء فى القرية والعيش مع الجالسة بجوار الباب. حتى كلاب المخيم كان عليها أن تترك الذئب فى سلام. وبقى مع صديقته البشرية إلى أن ماتت، بعد ذلك بأعوام عديدة. وعندئذ ترك القرية ولم يره أحد مرة أخرى.








7
السنيور الثعبان ذو الأجراس يتعلم الطيران
(المكسيك)
ذات مرة، تحدث السنيور الثعبان ذو الأجراس مع صقريْن جالسيْن على صخرة فى وسط الصحراء.
"سئمتُ الزحف على بطنى فوق الرمل الساخن. أريد أن أطير فى الهواء مثلكما. لا بد أنه إحساس جميل أن تطفو عاليا فوق العالم! قد أكون ثعبانا فى جسدى، ولكننى فى قلبى طائر!"
شعر الصقران بالأسف على الثعبان ذى الأجراس وأرادا أن يبهجاه. "الطيران جميل، يا أخى الثعبان"، قال الطائر الأصغر، "ولكن البقاء على الأرض جميل أيضا، لا يمكن أن تأخذ قيلولة وأنت فى السماء".
"كم أنت محقّ"، وافق الصقر الآخر."وإلى جانب ذلك، الكل يخشاك على الأرض، سنيور ثعبان. أنت تحكم الرمال".
"ولكنى أريد أن أطير"، أجاب الثعبان. "فقط مرة واحدة، أريد أن أشعر بالرياح على ذيلى، أريد أن أرى مملكة الجوّ بالكامل".
فكر الصقران طويلا وجديا فى المشكلة. وفى النهاية، قال الأكبر: "رغم أنه من المستحيل أن تطير مثل طائر قد نستطيع أن نأخذك فى جولة فى السماء".
"سى سى!" (أىْ، نعم نعم!) صاح الثعبان. "من منكما سيحملنى على ظهره؟"
"لا يا صديقى، " قال الطائر الكبير، "أنت أثقل من أن يحملك واحد منا فقط ". لا بد من وجود طريقة لنحملك كلانا فى رحلة جوية".
"نستطيع أن نفعل ذلك بعصا!" هتف الصقر الصغير، "سأذهب لإحضار واحدة".
وسرعان ما عاد الطائر الصغير بجذع صبار رفيع وطويل، جففته الشمس وكان خفيف الوزن وقويا فى نفس الوقت. أمسك كل طائر بطرف من الجذع فى فمه، ووقفا معا على الصخرة. زحف السنيور الثعبان ذو الأجراس صاعدا على جانب الصخرة وانضم إليهما فى القمة.
"عُضَّ وسط العصا، بأنيابك الطويلة، يا أخى الثعبان، وتشبَّثْ بها جيدا!" قال الصقر الكبير.
رفرف الطائران ببطء بأجنحتهما السوداء الكبيرة وصعدا عاليا فى الهواء، يحملان العصا والسينيور الثعبان معهما. أمسك الثعبان بالعصا بإحكام بأنيابه بينما جسده الطويل يتمايل بخفة فى الهواء. كانت تجربة مبهجة حقا! كان هذا ما يتمناه دائما.
عندئذ بالضبط، كان السنيور النسر يطير فى مكان قريب. وقرر أن يمرح قليلا مع عدوه القديم، "لماذا لاترفرف بأجنحتك، يا أخى الثعبان؟ ذلك الريش الغريب الذى ينمو من ذيلك! هل تطير دائما وفى فمك عصا؟" وبَّخه السنيور النسر.
ثم حَطَّتْ يمامة صغيرة على جذع الصبار، قريبا من رأس الثعبان، وقالت، "لا تغضب، سنيور ثعبان. النسر يريدك أن تفتح فمك وتسقط على الأرض".
نظر الثعبان إلى اليمامة نظرة شريرة، وللحظة نسى أين كان، تغلبت عليه طبيعته الأصلية وفتح فمه واسعا ليلتهم اليمامة.
إلى أسفل، أسفل، أسفل سقط يتلوى ويتقلب ويطير فى الهواء أسرع مما كان يتصور أنه ممكن. هبط وسط نباتات تين شوكى بخبطة قوية!
استغرق السنيور الثعبان ذو الأجراس أياما عديدة ليتعافى من مغامرته، ومع كل شوكة ينزعها من جلده، كان اهتمامه بالطيران يغدو أقل فأقل.



8
وليمة العنكبوت الجد
(أفريقيا)
ذات يوم، أخذ العنكبوت الجد يراقب باهتمام فيما كان النحل يقوم بتجميع كمية هائلة من حبوب اللقاح الذهبية من الأزهار لصنع العسل منها. سأل: "لماذا كل هذا العسل؟"
"من أجل الوليمة، الوليمة"، أجاب النحل بطنين.
"أية وليمة؟ متى ستكون؟ أين ستكون؟"، سأل العنكبوت الجد بنفاد صبر.
كان النحل أكثر انشغالا من أن يردّ على كل أسئلته فواصل عمله.
"سأسأل النمل"، قال العنكبوت الجد لنفسه. "النمل يعرف كل ما يحدث حولنا هنا".
أخذ يجرى عبر شجيرات الغابة وأحراشها بأسرع ما كان يمكن لأرجله الثمانى أن تحمل جسمه السمين، وسرعان ما وصل إلى تل النمل. كان جيش النمل يزحف فى صفوف طويلة، بعضه يخرج إلى الغابة وبعضه الآخر يعود إلى المستعمرة. وكانت كل نملة تحمل حبة أرز، أو ورقة نبات خضراء ريانة، أو فُطْرًا شهىَّ المذاق، أو تُوتًا حلوا.
"لماذا كل هذا الطعام؟"، سأل العنكبوت الجد.
"من أجل الوليمة، الوليمة"، قال النمل.
"وليمة مَنْ؟ أين ستكون؟ متى ستكون؟"، سأل بإلحاح.
واصل النمل زحفه، وكان أكثر انشغالا من أن يردّ على أسئلة حمقاء.
جرى العنكبوت الجد إلى الشجرة التى كان يقيم فيها واندفع يهز الجذع. وهناك قام بنسج بيت عنكبوت ثقيل بين فرعين وبدأ، مستعملا غصنا صغيرا تغطيه أوراق ناعمة، فى نقر رسالة إلى أحفاده العديدين المبعثرين فى كل أنحاء الغابة.
"عودوا إلى البيت حالا، عودوا إلى البيت حالا ... جدكم يريد منكم العودة إلى البيت حالا ...".
انتقلت الرسالة بسرعة وبنفس السرعة جاءت عناكب صغيرة مسرعة من كل ركن فى الغابة لترى ماذا أراد جدها.
"مَنْ الذى يقيم وليمة؟ ومتى وأين ستجرى إقامتها؟"، سأل العنكبوت الجد.
"إنه الأسد، يا جدى"، قال عنكبوت من الجانب الغربى من الغابة. "إنه يقيم حفل زفاف خلال يومين أو ثلاثة".
"إنها أنثى الفيل، يا جدى”، قال عنكبوت من الجانب الشرقى من الغابة. "إنها تحتفل بعيد ميلادها فى وقت ما فى الأسبوع المقبل".
"إنه القرد، يا جدى"، قال عنكبوت من الجانب الشمالى من الغابة. "إنه يقيم وليمة لأصدقائه فى غضون أيام قليلة فقط".
"إنها أتان الوحش، يا جدى"، قالت عنكبوتة من الحافة الجنوبية للغابة. "إنها تحتفل بعيد ميلاد صغيرها".
"ماذا؟"، صرخ الجد. "أربع حفلات فى نفس الأسبوع؟ ياله من شيء مثير! ما ألذ هذا! ولكن أىّ واحد من هؤلاء سيبدأ أولا؟ هل ينبغى أن أسافر شرقا، أم غربا، أم شمالا، أم جنوبا؟"
فكر العنكبوت الجد لحظة ثم بدأ فى نسج أربعة خيوط طويلة ناعمة كالحرير. وربط طرفا من كل خيط حول وسطه السمين، وأعطى كل واحد من العناكب الأربعة التى أخبرته عن الولائم طرفا من كل خيط.
"اربطوا هذه الخيوط حول خصركم، تماما كما فعلت أنا، ثم عودوا إلى بيوتكم. وكلما سمع أحدكم أن حفلة ستبدأ، عليه أن يجذب الخيط بقوة وسأعرف فى أىّ اتجاه سأسافر. وبشيء من الحظ، سأكون قادرا على حضور كل الحفلات الأربع!"
وافقت العناكب الصغيرة على أنها خطة رائعة وعادت إلى بيوتها فى أربعة أركان الغابة. وانتظر الجد أول شَدّة قوية بالذهاب إلى النوم والحلم بالطعام.
بعد هذا بيومين، سُمع نقر على الطبل فى الشرق معلنا حفل الأسد. جذب العنكبوت الصغير بقوة الخيط المربوط حول خصره. فى تلك اللحظة بالضبط، دوَّى طبل آخر فى الغرب معلنا احتفال أنثى الفيل، وجذب العنكبوت الغربى خيطه بقوة. وفجأة قُرع طبل فى الشمال حيث كانت تبدأ وليمة القرد. وجذب العنكبوت الثالث خيطه بقوة. وفى غضون دقائق قليلة، أعلنت أتان الوحش بدء حفلها بالطبول الجنوبية. وبالطبع، جذبت تلك العنكبوتة خيطها بقوة كذلك.
صرخ العنكبوت الجد: "آخ! سأتجه شرقا! أوه، إنه الغرب! آه، إنه الشمال! لا، إنه الجنوب ... توقفوا! كل عنكبوت يوقف الشدّ! أنتم تعصروننى وتشقوننى إلى نصفين! توقفوا من فضلكم!"
كان أحفاده أبعد من أن يسمعوا صرخاته، وأخذوا يجذبون أشد فأشد، وصارت الخيوط أضيق فأضيق، وصار الخصر السمين للجد أصغر فأصغر، إلى أن انقطعت أخيرا كل الخيوط الأربعة الناعمة كالحرير!
والآن صار الخصر الضخم للعنكبوت الجد نحيفا، وظل هكذا إلى يومنا هذا.








9
المرآة
(كوريا)
كانت هناك عائلة من المزارعين تعيش فى الريف. وكان فى هذه العائلة زوج شاب وزوجة شابة، وكان على الزوج أن يذهب إلى المدينة للقيام ببعض الأعمال. سألته زوجته: "هل تشترى لى مشطا للشعر؟"
"أىّ شىء لزوجتى العزيزة"، أجاب.
ولأن الزوجة كانت تعرف أن زوجها شارد الذهن، أرادت أن يتذكر المشط. وفى تلك الليلة كان يسطع قمر جديد فى السماء، مجرد هلال رفيع من الضوء. وكان ذلك هو الشكل الأمثل للمشط الذى كانت ترغب فيه. قالت له: "يا زوجى ، انظرْ إلى القمر. إنه تماما مثل المشط الذى أريده. إذا نسيت، انظرْ إلى القمر وستتذكر".
بقى الشاب عدة أسابيع فى المدينة، ولأنه كان مشغولا جدا فى أعماله فقد كان من الطبيعى أن ينسى كل ما يتعلق بالمشط. وعندما جاء موعد عودته إلى البيت، حانت منه التفاتة نحو سماء الليل. لم يعد القمر هلالى الشكل مثل المشط، بل صار كرة كاملة الاستدارة من الضوء الأصفر.
سأل الزوج الشاب نفسه: "ما هو الشىء، الذى كان من المفترض أن أحضره لزوجتى؟ "شئ ما له شكل القمر...."
ذهب إلى صاحب دكان وقال: "أريد أن أشترى لزوجتى شيئا مستديرا مثل القمر، شيئا ستحبه زوجتى".
نظر صاحب الدكان حوله وقال: "هذه المرآة مستديرة. وستحب زوجتك رؤية نفسها فيها".
كانت المرايا نادرة جدا فى كوريا فى ذلك الزمن البعيد، ولم يكن الزوج الشاب قد رأى مرآة من قبل. اشتراها ومشى عائدا على الطريق الطويل إلى المزرعة. وكان القمر ساطعا فى سماء الليل، عندما وصل. أعطى المرآة لزوجته. نظرت فيها ورأت صورة شابة جميلة.
"إيهيئ إيهيئ"، بكتْ الزوجة: "لقد طلبتُ مشطا وأحضر لى زوجى شابة فى بيتى".
كانت والدتها فى الغرفة، ونظرت فى المرآة. وبالطبع رأت وجهها المجعد، وقالت: "أنتِ بنت سخيفة، هذه ليست شابة. هذه امرأة عجوز ومحترمة. ومن الممكن أن تكون والدته."
"أنت مخطئة"، قالت الزوجة. "إنها شابة جميلة".
"لا، أنت مخطئة"، أجابت الأم. "انظرى! إنها امرأة عجوز ذات شعر أبيض!".
وبينما كانت السيدتان تتجادلان، دخل الغرفة صبى صغير يأكل كعكة من الأرز! التقط المرآة ورأى صبيا آخر يأكل كعكة من الأرز. ظن الصبى أن الشخص الغريب سرق طعامه". "أرجعْ لى كعكتى!"، صرخ الصبى. رفع قبضته وهزّها فى وجه الغريب. ردّ عليه الغريب بهزّ قبضته فى وجهه فى الحال. أصيب الصبى بالذعر وبدأ يبكى.
جاء الجد مسرعا إلى الغرفة، على ضجيج الطفل الباكى والسيدتين المتجادلتين وسأل: "ماذا جرى؟".
قال الصبى إن شخصا غريبا سرق كعكته. غضب الجد وقال: "أرنى هذا الوغد، لا أحد يسرق من حفيدى وينجو بفعلته!". خطف المرآة ورأى رجلا عجوزا مغتاظا بعينين مشتعلتين.
قال الجد: "اسمعْ أيها العجوز يجب أن تخجل من نفسك لأن تسرق من طفل. سألقنك درسا لن تنساه!"
كوَّر قبضته ولَكَمَ صورته فى المرآة. تحطمت المرآة على الأرض! أخذ الجد، والجدة، والصبى، والزوجة، والزوج يحملقون مندهشين فى قطع الزجاج المحطمة المتناثرة فى كل أنحاء الغرفة.
"أعتقد أن اللص قد ذهب"، قال الصبى.
قال الزوج: "وأنا أعتقد أننى من الآن فصاعدا سأترك زوجتى تتسوق بنفسها".
وقالت الجدة: "سأحضر المكنسة".
خرجت الزوجة مسرعة إلى مدخل البيت ونظرت إلى أعلى، إلى سماء الليل. ربما لم يكن هناك سوى مجرد سحابة تمرّ، ولكنْ بدا لها أن القمر كان يغمز لها!














10
دامون وﭙيثياس
(اليونان القديمة)
منذ وقت طويل جدا، كان يحكم جزيرة صقلية حاكم قوىّ اسمه ديونيسيوس. كان ديونيسيوس قاسيا بقدر ما كان قويا، وخلق لنفسه الكثير من الأعداء بين اليونانين. لهذا كان يخاف دائما من أن يتم اغتياله.
وكانت مخاوفه مبررة. فقد خطط شاب يونانى اسمه ﭙيثياس لقتل المستبدّ وتحرير صقلية من ديكتاتوريته. قُبِضَ على ﭙيثياس قبل أن يستطيع تنفيذ خطته، وعلى أىّ حال حُكِم عليه بالإعدام.
سأل الملك ديونيسيوس:"هل لديك شىء تقوله قبل أن تقابل الجلاد [منفذ حكم الإعدام]؟"
"نعم"، قال ﭙيثياس. "أطلب أن تمنحنى خمسة أيام أخرى. والداى يعيشان على بعد عدة أميال ناحية الغرب. إنهما كبيران وليس لديهما سوى القليل. أريد أن أسَّوى أعمالى، أبيع منزلى، وآخذ المال إليهما. ذلك سيخفف ألم سنواتهما الأخيرة وأستطيع أن أودعهما كما ينبغى للابن أن يفعل".
"وكيف لى أن أعرف أنك ستعود بعد خمسة أيام؟" سأل الملك."سيبدو من المنطقى أن تهرب من هذا البلد وتحاول أن تنقذ حياتك البائسة".
"أنا أعدك" أجاب ﭙيثياس". أنا لا أثق بكلمة قاتل"، قال ديونيسيوس. "يجب أن يحلّ مكانك شخص آخر. شخص يتطوع بتقديم بحياته للجلاد إذا لم تعد فى الوقت المحدد. هل لديك مثل هذا الصديق؟"
"نعم"، قال ﭙيثياس.
"نعم"، كرر شاب وهو يتقدم إلى الأمام من داخل حشد من المتفرجين." اسمى دامون، صديق ﭙيثياس. سأبقى فى زنزانته حتى يعود، وإنْ لزم الأمر سأموت من أجله".
"أنت صديق أحمق"، قال ديونيسيوس". لأننى لن أتردد عن الأمر بقتلك عند الغروب بعد خمسة أيام من الآن، إذا لم يعد ﭙيثياس إلى هنا".
ركض ﭙيثياس إلى بيته، وقام بالترتيبات اللازمة لبيعه. ثم سَوَّى أعماله، وبعد مرور يومين من الخمسة أيام الثمينة بدأ مسيرته الطويلة إلى قرية طفولته.. واستغرق يوما آخر للوصول إلى النهر وعبور الجسر الذى يوصل إلى كوخ والديْه. مرّ اليوم الرابع فى حزن على والديْه اللذين كانا حزينين جدا. حتى السماء بكتْ فى تلك الليلة، وسقطت أمطار غزيرة لساعات. وفى صباح اليوم الأخير، مشى ﭙيثياس فى طريق موحل عائدا إلى النهر.
انقبض قلبه عندما وصل إلى حافة الماء. كان الجسر قد انجرف أثناء العاصفة. كان التيار أسرع من أن يخاطر بالسباحة، ولم تكن هناك قوارب قريبة، ولم يستطع الوصول إلى الضفة الأخرى.
عندما وصلت الشمس إلى ذروتها أحضر ديونيسيوس دامون من زنزانته.
"لن يأتى صديقك لينقذك"، قال الملك. "ربما يجب أن أقتلك الآن".
"سيكون ﭙيثياس هنا قبل أن تغرب الشمس"، أجاب دامون بهدوء.
مرتْ ثلاث ساعات أخرى ولم يصل ﭙيثياس.
"كنتَ أحمق عندما حللتَ محله"، صرخ الملك. "أترى؟ إنه يحبّ حياته أكثر من حياتك!"
"أنت مخطىء يا مولاى"، قال دامون. "إنه يحبنى حتى أكثر مما أحبه، سيأتى".
بعد ذلك بساعتين كانوا يقتادون دامون إلى المقصلة.
"أرأيت؟ لقد خذلك"، قال ديونيسيوس باحتقار."تماما مثلما قلتُ إنه سيفعل."
"أنا أثق به حتى فى الوقت الحالى"، قال دامون.
رفع الجلاد فأسه القاسى عاليا فى الهواء، ولكنْ قبل أن يستطيع أن يوجِّه الضربة القاتلة، سُمع صوت من بعيد: "أطلقوا سراح دامون، أنا هنا!"
جرى ﭙيثياس إلى ميدان البلدة وانهارعند قدمىْ الملك. لقد ركض عدة أميال على طول النهر ليجد جسرا آخر ليعبره.
"أنا هنا"، لهث. "أطلقوا سراح صديقى".
وجد ديونيسيوس نفسه متأثرا بصورة غريبة. "لم أرَ مطلقا صداقة مثل الصداقة التى بين دامون وﭙيثياس. لن يموت أحد منهما! يجب السماح لصداقتهما بأن تعيش".














11
الأميرة التى لا تبكى
(حكاية مُبتكرة)

هناك الكثير من القصص عن الأميرات اللائى لا يضحكن، لكنْ هل سمعتم قصة عن أميرة لا تبكى؟ أنا أيضا لم أسمع، وأعتقد أنه قد حان الوقت لتكون هناك واحدة. وها هى:
كانت هناك أميرة جميلة تضحك دائما حتى عندما تكون حزينة. فقد أنزلت جنية شريرة لعنة على الطفلة عند ولادتها جعلتها لا تبكى أبدا. هكذا كانت تضحك على كل شيء وغالبا ما كان هذا مخجلا.
استدعت الملكة، يائسة، غجرية حكيمة لتطلب نصيحتها. نظرت المرأة العجوز فى كرتها البلورية لفترة وبعدها قالت بصوت قديم قدم الزمن: "إذا بكت الأميرة مرة واحدة سوف تنتهى اللعنة إلى الأبد. وستكون الأميرة قادرة على البكاء مثل أى شخص عادى".
عرض الملك منح مكافأة كبيرة من الأراضى والذهب لأىّ شخص يستطيع أن يجعل الأميرة تبكى دون أن يؤذيها.
وصل الكثير من الأشخاص إلى بوابة القلعة لعرض حلولهم الذكية. أخذت امرأة تحكى قصصا مأساوية وتُغَنِّى أغانىَ حزينة طوال يومين وليلتين. ولكن الأميرة، بالرغم من أنها كانت متعبة قليلا، ظلت سعيدة مثل طائر طنان.
وأخذ رجل كريه المظهر فى تقليد وجوه مرعبة جدا، كافية لإخافة أىّ طفل إلى درجة البكاء. ولم يزد ذلك الأميرة إلا ضحكا وطلبا للمزيد.
اقترح أحد مستشارى الملك إجبار الأميرة الصغيرة على إلقاء كل لعبها المفضلة من أعلى برج فى القلعة. ابتسمت الأميرة وهى تجمع أفضل لعبها، وأخذت تضحك وهى تحملها وتصعد بها السلالم الملتوية إلى قمة أعلى برج. وأخذت تصفِّر وتصيح فى سعادة وهى ترمى لعبها وعرائسها، واحدة وراء أخرى، وتشاهدها وهى تتحطم إلى قطع صغيرة ملقاة على الطريق.
وقف الملك والملكة فى حزن، وبكيا بشدة على ابنتهما. وعندما سمعتهما الطفلة يبكيان لم تستطيع منع نفسها من الضحك الشديد.
وذات صباح مشرق ذهبتْ إلى باب القلعة طفلة صغيرة ذات ثياب قديمة ووجه متسخ، حاملة معها سلة صغيرة. كان اسمها ﭽيليان وكانت تعيش مع أمها فى الغابة. وكانوا فقراء مثل خيال المآتة، فقد كانوا فى منتهى النحافة. والأسوأ من ذلك أن والدة ﭽيليان كانت مريضة جدا. رنت ﭽيليان الجرس بشجاعة وفتح لها الحارس الباب الخشبىّ الثقيل.
قالت ﭽيليان بصوت خائف: "إننى جئت لأجعل الأميرة تبكى".
رافقها الحارس إلى الداخل، حيث نظرت الملكة إلى چيليان بعطف وقالت لها: "أعطينى وعدا بأنك لن تؤذيها".
قالت ﭽيليان: "أعد جلالتك بذلك".
ذهبت ﭽيليان إلى غرفة الأميرة وجلستا وحدهما. وسرعان ما انتشر خبر زيارة هذه الطفلة الفقيرة فى كل مكان فى القلعة، وتجمّع كل المستشارين، والنبلاء والنبيلات، وخدم المطبخ والإسطبل، ليكونوا إلى جانب الملكة وراء باب غرفة الأميرة. ولم ينتظروا طويلا حتى سمعوا صوت بكاء الطفلتين، وسرعان ما تحول إلى صراخ وصياح!
لم تستطع الملكة أن تتحمل أكثر من ذلك ففتحت الباب. ويالها من مفاجأة! فقد رأت ﭽيليان والأميرة تجلسان على الأرض وبينهما سلة الطفلة الفقيرة وكل منهما تحمل سكينة تقشير فى يد وفى اليد الأخرى بصلة كبيرة ناضجة. وكانت ﭽيليان تُعَلِّم الأميرة كيف تقشر البصل. وسالت الدموع على وجه كل من الأميرة الصغيرة وﭽيليان. وفى النهاية وبعد وقت طويل، كانت الأميرة تبكى، كانت تبكى فعلا!
انتهت اللعنة الشريرة إلى الأبد، وأصبحت الطفلة الآن تضحك عندما تكون سعيدة وتبكى عندما تكون حزينة. وأخذت ﭽيليان الأرض والذهب، وعاشت فى راحة هى ووالدتها التى ستكون سعيدا أيها القارئ عندما تعرف أنها الآن بصحة جيدة تماما.
وكان أفضل شيء أن أرض ﭽيليان كانت إلى جانب القلعة، وكانت ﭽيليان هى والأميرة تلعبان كل يوم تقريبا. وفى العديد من السنوات اللاحقة، كان الناس أحيانا يشاهدونهما فى مطبخ القلعة معا وهما تصنعان شوربة البصل. وبالنسبة للأميرة فقد كبرت وهى مغرمة جدا بالبصل، منذ ذلك اليوم المهمّ الذى تعلمت فيه كيف تبكى.















12
شارب الأسد
(أفريقيا)
ذات مرة، عاش زوج وزوجة فى قرية صغيرة هناك فى أثيوبيا. ولم يكن الزوج سعيدا فى الزواج وكان يعود إلى البيت عادة متأخرا بعد عمله فى الحقول. وفى بعض الأحيان كان يمتنع تماما عن العودة إلى البيت.
أحبته زوجته، غير أنها لم تكن بدورها سعيدة تماما فى هذه العلاقة، وأخيرا ذهبت لتتحدث مع الرجل الأكبر سنا والأوفر حكمة فى القرية. وكان هذا الرجل المسن قد قام بتزويجهما قبل ذلك بسنتين والآن طلبت منه الزوجة أن يُنهى الزواج.
أصغى كبير القرية بصبر إلى كلماتها المريرة وأجاب بعطف: "الانفصال ليس دائما الخيار الأفضل. وأنا أعرف طريقة أفضل. سأقوم بتحضير جرعة دواء سرية سوف تغير زوجك إلى رجل محبّ مطيع. سيعود إلى البيت فى موعده المحدد وسيحاول دائما أن يسعدك".
"قُمْ من فضلك بتحضير هذا الدواء الرائع فى الحال!"، صاحت المرأة. لأنها كانت فى الحقيقة تريد أن تبقى متزوجة.
"آه، هذا شيء ليس من السهل عمله"، أجاب الرجل الحكيم. "ينقصنى أحد المكونات الرئيسية وهو شارب واحد يؤخذ من شوارب أسد حى. إذا استطعتِ إحضار شارب كهذا، سأصنع جرعة الدواء".
"سوف آتيك به"، قالت بإصرار.
فى الصباح التالى، حملت المرأة قطعة كبيرة من اللحم النئ ونزلت إلى النهر حيث يأتى الأسد فى كثير من الأحيان ليشرب. اختفت وراء مجموعة من الشجيرات وانتظرت بهدوء إلى أن ظهر الأسد. أصيبت المرأة بفزع شديد وأرادت أن تهرب، غير أنها وجدت فى نفسها الشجاعة لإلقاء اللحم إلى الحيوان الجائع. التهم الأسد قطعة اللحم الكبيرة فى ثلاث بلعات وسار ببطء عائدا إلى الأشجار. أطعمت المرأة الأسد فى الصباح التالى وفى كل صباح فى ذلك الأسبوع. وخلال الأسبوع الثانى بدأت تزحف خارجة من المخبأ وجعلت الأسد يرى مَنْ الذى يقوم بإحضار إفطاره. ومع الأسبوع الثالث بدأت تقترب وتقترب من الأسد وهو يأكل، وبعد مرور أربعة أسابيع استطاعت أن تجلس بجواره وهو يأكل. وهكذا صار من الممكن، ذات يوم، أن تقترب المرأة منه بلطف وأن تنتف شاربا واحدا من ذقنه.
أسرعت إلى الرجل الحكيم بالجائزة وناشدته أن يصنع الدواء السرى فى الحال! أذهله أن يرى الشارب وطلب أن يعرف كيف حصلت عليه.
وعندما سمع الحكاية، قال الرجل المسن: "أنت لا تحتاجين إلى السحر لتغيير أحوال زوجك. أنت شجاعة بما يكفى لانتزاع شارب واحد من أسد حى. وكانت هذه مهمة خطرة احتاجت إلى مهارة وشجاعة وصبر. وإذا كنت تستطيعين تحقيق هذا، أفلا تستطيعين أن تستعملى نفس الشجاعة والفطنة والصبر لتحسين أحوال زواجك؟
"لا تغضبى من زوجك، بل أوضحى له كل يوم أنك تحبينه حقا. وأوضحى له برقة أنك، أيضا، تستحقين الاحترام والحب. شاركيه مشاكله وأشعريه أنه مرغوب فيه. وامنحيه الوقت ليتغير ولاحظى ماذا سيحدث".
عادتْ المرأة إلى بيتها وبدأت العمل بالنصيحة. وببطء ولكنْ بثبات، بدأت العلاقة تتحسن. وفى غضون سنة واحدة صارت حياتهما معا حياة سعادة دامت طول العمر.







13
كيف غادر الناموس كامبارا
( جُزُر الفيچى)
فى قديم الزمان، ذات مرة، اجتاح الناموس جزيرة صغيرة فى المحيط الهادى، اسمها كامبارا. كان سكان الجزيرة فى حرب دائمة مع هذه الحشرات المزعجة. وازدادوا قلقا من أن تلسعهم، خاصة فى الليل. كانت نساء القبيلة يقمن بطحن لحاء الشجر لعمل ستائر من شبكات دقيقة لإبعاد الناموس.
وعندئذ حدث أن أميرًا من جزيرة أونياتا أبحر عبر جنوب المحيط الهادى بحثا عن كنوز لقومه. ورسا فى جزيرة كامبارا. ورحب به زعيم القبيلة كضيف رفيع المقام. وبعد وليمة كبيرة، أرشدوا الأمير إلى غرفة النوم، كانت محاطة بشبكات ناموس ملونة جميلة.
"قلْ لى، يا زعيم كامبارا"، قال الأمير، "لماذا تعلقون مثل هذا القماش الرائع فى كل مكان حول الغرفة؟"
"للناموس"، أجاب الزعيم.
"ناموس؟" ... ما هو الناموس؟" سأل الأمير.
"أصدقاؤنا الليليُّون ... الصغار. إنها حشرات طائرة صغيرة .... تغنى لنا كل ليلة لننام"، قال الزعيم . فقد كان محرجا جدا لدرجة أنه لم يستطع أن يقول الحقيقة.
"ما أجمل هذا"، قال الأمير."ليس لدينا شىء مثل الناموس فى جزيرة أونياتا".
"سيء جدا"، قال الزعيم. "لدينا أكثر مما نحتاج".
تثاءب الأمير، وبمجرد أن بدأ فى السقوط نائما، امتلأ هواء الليل بطنين وأزيز الآلاف من الناموس الجائع الذى يطير خارج الستائر. "مثل هذا الصوت اللطيف"، تمتم الأمير، "كنز نادر، حقا".
فى الصباح التالى سأل الأمير الزعيم ما إذا كان يستطيع أن يأخذ بعض الناموس معه ويعود به إلى أونياتا.
"سيكون عليك أن تأخذه كله"، أجاب الزعيم. "حيث إنهما عائلة مترابطة جدا ولا يمكنها أن تتحمل الفراق".
"ولكنْ ماذا عن شعبك؟" سأل الأمير القلق. "ألن يكونوا تعساء إذا أخذتُ كل ناموسكم اللطيف؟"
"نعم، سيكونون كذلك"، أجاب الزعيم، "ولكن إذا أعطيتنا شيئا فى المقابل، أعتقد أنهم سيكونون راضين".
"عندى صدفة محارة سحرية فى زورقى الصغير"، قال الأمير المتلهف. "انفخْ فيها مثل البوق وسيسبح السمك إلى الشاطئ ويترك نفسه للصيد، شعبك لن يجوع أبدا!"
"إنها صفقة رابحة"، قال زعيم كامبارا بسعادة. "ناموسنا مقابل صدفتك السحرية!"
نصب أهل كامبارا مصيدة للناموس، مستخدمين سلة ضخمة محكمة النسج بحيث لا تستطيع أصغر الحشرات الإفلات منها. ووضعوا خنزيرا مذبوحا طازجا فى السلة وانتظر الزعيم خلف شجرة مجاورة ومعه الغطاء.
بدأت الشمس تغرب والناموس يخرج فى أسراب باحثا عن ضحايا. بعض الحشرات وجدت الخنزير، ولم يمض وقت طويل حتى كانت كل ناموسة فى الجزيرة فى السلة تستمتع بالوليمة. قفز الزعيم خارجا من وراء الشجرة، ووضع غطاء السلة وربطها بإحكام بأغصان طويلة.
أبحر الأمير عائدا إلى جزيرة أونياتا والسلة فى زورقه الصغير. وفكر كَمْ سيكون شعبه سعداء بصوت الناموس الذى يبعث على الاسترخاء.
كان زعيم كامبارا سعيدا أيضا. نفخ فى صدفة المحارة وأخذ سكان الجزيرة فى جمع السمك استعدادا لوليمة احتفالية.

14
جريتل الذكية
(ألمانيا)
كان يا مكان، فى سالف العصر والأوان، كانت هناك طباخة اسمها جريتل تعمل لدى عمدة القرية. ذات يوم قال العمدة: "جريتل جهزى دجاجتين جيدتين على العشاء، فأنا أنتظر ضيفا مهما جدا".
ذهبت جريتل إلى السوق واشترت طائريْن سمينيْن مذبوحيْن بالفعل. وبمجرد عودتها إلى المنزل قامت بحشو الدجاجتيْن بالزبيب ولب الخبز، ثم دهنتهما بالزبدة. وبدأت تشويهما على نار هادئة. لم يمض وقت طويل حتى أصبح لونهما بُنِّيًّا ورائحتهما شهية. ولكنها لم تستطع تقديمهما فالضيف لم يكن قد وصل بعد.
"من العار ألا تؤكلا الآن"، قالت جريتل لنفسها."إنهما ساخنتان جدا وطريتان ورطبتان" أراهن أن طعمهما رائع! ولكنْ لا يستطيع المرء أن يحكم بالنظر فقط، يجب أن آخذ قطمة، فقط القليل جدا حتى لا يعرف العمدة.
انتزعتْ واحدا من الأجنحة والتهمتْه. "آه، إنه طيب المذاق!" فهى من أفضل الدجاج الذى طهيته فى حياتى. ولكن الطائر يبدو مضحكا بجناح واحد بارز، من الأفضل أن آكل الآخر أيضا، بحيث لا يلاحظ العمدة أىَّ شىء غير سليم".
بعد أن أكلتْ الجناح الثانى، نادت على العمدة لترى ما إذا كان زائره قد وصل.
"ليس بعد"، أجاب من الغرفة الأخرى.
"يا إلهى، بدأ الطائران يبردان. لن أستطيع أن أضعهما مرة أخرى فى الفرن وإلا سيحترقان ويتجعدان. ربما كان ضيفه لن يأتى بعد كل هذا. أنا أفترض أنه لا بأس فى أن آكل باقى الدجاجة وهى لا تزال ساخنة".
التهمتْ الدجاجة، مستمتعة بكل قطمة لذيذة المذاق. الحقيقة أنها وجدتْها لذيذة جدا حتى أنها انتزعت جناحا من الطائر الثانى لترى ما إذا كان مذاقه جيدا مثل الآخر"أوه، إنه أفضل!"
قبل أن تنتبه جريتل، كانت قد أكلت الأخرى أيضا. وبينما كانت تمسح الدهن عن ذقنها نادى العمدة.
"أسرعى يا جريتل، فأنا أرى ضيفى قادما على الطريق".
"حاضر... سيدى العمدة "، قالت جريتل فى تردد.
"سأقدِّم ... العشاء خلال لحظة..."
كان العمدة يستمتع بمهمة تقطيع الطيور فبدأ يسن أكبر سكين عنده على الحجر.
أعلنت دقة رقيقة على باب المطبخ وصول الضيف. كان قد جاء من الباب الخلفى عن طريق الخطأ. فتحت جريتل الباب، فقط فتحة صغيرة. وقالت: "بسرعة، اُنْجُ بحياتك! لقد دعاك العمدة على العشاء، ولكنه فى الحقيقة يخطط لقطع أُُذُُنَيْك! استمع، يمكنك أن تسمعه وهو يسنّ سكينه فى الغرفة الخارجية".
كان الرجل مصدوما وقال: "شكرا لك على تحذيرى". وبعد ذلك جرى عائدا على الممر فى اتجاه الطريق.
نادتْ جريتل على العمدة: "أسرعْ يا سيدى. ضيفك سرق الدجاجتين وهو الآن يهرب بهما".
"لم يترك لى واحدة؟" صرخ العمدة.
"لا، لقد أخذ الاثنتيْن"، قالت هى.
ممسكا بالسكين الكبيرالمسنون، جرى العمدة وراء ضيفه وصرخ قائلا: "أنا فقط أريد واحدة! أتسمعنى؟ هذا كل ما أريد!"
كان العمدة المسكين لا يريد سوى واحد من الطائريْن اللذيذيْن، لكنّ الضيف ظن أنه يريد فقط واحدة من أذنيْه. لذلك استمر فى الجرى!
15
آه شونج يصطاد شبحا
(الصين)
كان آه شونج شجاعا وذكيا، وذات ليلة قرر أن يصطاد شبحا. انتظرَ إلى أن صار القمر يسبح عاليا فى السماء المظلمة. ثم سار بهدوء على طول الممر المؤدِّى إلى أعمق جزء فى الغابة.
رأى ظلا يتسلل خارجا من وراء شجرة. وعندئذ لمس كتفه إصبع بارد. وقال هامسًا: "لو سمحت، هل تعرف الطريق إلى المدينة؟".
رغم شجاعته، شعر آه شونج بقشعريرة. "من أنت؟" سأل.
" شبح، طبعا"، جاء الرد الهادئ. "ومن أنت؟"
"أوه، أنا أيضا شبح"، كذب آه شونج. "وبما أننى فى طريقى إلى المدينة، لماذا لا ترافقنى؟"
"رائع"، قال الشبح. وبدأ يطفو إلى جانب الرجل. "مَنْ تنوى أن تخيف الليلة؟"
"لم أقرر بعد"، قال آه شونج. الذى كان بدأ يعرق. "سأنتظر لأرى مَنْ الذى لا يزال مستيقظا حتى هذه الساعة المتأخرة. ماذا عنك؟"
ضحك الشبح ضحكة مكتومة وقال: "حسنا، هناك شخص يُدْعَى آه شونج، كنت أنوى أن أرعبه لبعض الوقت. وسأزوره الليلة. كم تبعد المدينة؟"
"حوالى، ث- ث- ثلاثة أميال"، تهته آه شونج.
"دعنا نحمل بعضنا بالدور"، اقترح الشبح. "هذا سيجعل الرحلة تمر بسرعة".
"حسنا"، قال آه شونج. وتسلق على ظهر الشبح.
حمله الشبح مسافة ميل، وكان يشكو طوال الطريق. "أنت أثقل شبح قابلته فى حياتى".
"أنا متُّ فقط فى الأسبوع الماضى"، أوضح آه شونج. "الأشباح الجديدة دائما ثقيلة".
عندما أصبح الشبح متعبا جدا بحيث لا يستطيع أن يحمل الرجل أبعد من ذلك، تبادلا الدور. كان وزن الشبح لا يزيد عن وسادة من الريش. وصلا إلى نهر ضحل، بدأ آه شونج يخوض فيه، وهو يطرطش بصوت مرتفع مع كل خطوة.
"لماذا تُحْدث كل هذه الضوضاء عندما تمشى؟" سأل الشبح.
"لأننى جديد على أن أكون ميتا"، أجاب آه شونج الذى غدا خوفه أقل فأقل من الشبح. "قلْ لى"، أكملَ، "ما هو أكثر شيء يجب علينا نحن الأشباح أن نخاف منه من البشر؟"
"البصاق!" صاح الشبح. "إذا بصق علينا إنسان، نفقد قوتنا ونهرب".
بعد فترة قصيرة، أصبحت المدينة على مرمى البصر. سأل الشبح عن عنوان منزل آه شونج. قال رفيقه "اتبعْنى، أنا أعرف بيته جيدا، فأنا كنت أعيش فى هذه المدينة".
وصلا إلى بوابة آه شونج الخارجية وقال الشبح: "راقبْ بانتباه وسأريك طريقة جيدة لتخويف البشر".
حَوَّل الشبح نفسه بسرعة إلى حصان وقال: "سأذهب إلى غرفته واشتكى من رداءة نوعية الشوفان التى يطعمه لحيواناته"، لا بد أن رؤية حصان يتكلم ستفقده صوابه!"
"فكرة رائعة"، صاح آه شونج، بينما قفزعلى ظهر الحصان الشبح وبصق على رقبته! "آه شونج يستطيع أن يستخدم حصانا يتكلم فى كل أعمال مزرعته، حتى لو كان يشتكى من الشوفان!"
هكذا اصطاد آه شونج الشبح وظل حصانا على مدى سنوات.
ويقال إن الشبح ليس فى مستوى رجل بارع.



16
ذئب البرارى يسرق الربيع
(حكاية هندية أمريكية)
منذ زمن بعيد، كانت ثلوج الشتاء الباردة تغطى الأرض طوال عشرة أشهر كل سنة، بينما كان الصيف الدافئ يستمر فقط بضعة أسابيع قصيرة. كان الناس يجمعون أىَّ طعام يستطيعون العثور عليه خلال الفصل القصير، ولكنه لم يكن يكفى أبدا ليبقى طوال الشتاء. وكانت صرخات الجوع المؤلمة تُسمع فى كل كوخ.
كان ذئب البرارى، أذكى الحيوانات، جائعا أيضا، وقرر إرجاع فصل اسمه الربيع. وكانت حارسة الفصول امرأة عجوزا تعيش فى كوخ على بعد عدة أميال شمالا. كانت تحب الشتاء للغاية وكانت تحتفظ بالربيع، والصيف، والخريف، مربوطين فى أكياس من جلد الأيائل معظم السنة.
استدعى ذئب البرارى كل الناس، وطلب الشخص الهادئ، وصاحب الذراع القوىّ، وصاحب المخالب الحادة، للسفر معه إلى كوخ المرأة العجوز. وتقدم الشخص الهادئ وصاحب الذراع القوى إلى الأمام. عندئذ فقط سُمِعَتْ زمجرة قوية آتية من حافة الغابة، كان دُبٌّ رمادى اللون يقف على ساقيْه الخلفيتيْن، يلوِّح بكفيْه مُظْهِرًا مخالبه الطويلة الحادة.
"وصل صاحب المخالب الحادة"، قال ذئب البرارى، "والآن تبدأ رحلتنا. الشخص الهادئ سيقوم بإحضار ملء كفِّه من عصارة سائل الشجر. وصاحب الذراع القوىّ سيحمل طعامنا".
مشى ذئب البرارى والشخص الهادئ وصاحب الذراع القوىّ وصاحب المخالب الحادة شمالا عدة أيام حتى رأوا أخيرا كوخا قديما على قمة جبل.
"هذا بيت المرأة العجوز"، همس ذئب البرارى. "أيها الهادئ، ستدخل الكوخ وتُذيب عصارة سائل الشجرة على النار. تظاهرْ بأنك تدفئ يديْك. وعندما تصبح العصارة ملساء ولزجة، اسألْ المرأة العجوز أىّ كيس من الأكياس الثلاثة يحتوى على الربيع. سوف تشير إليه وعندئذ تبدأ الكلام. إن صوتها صاخب وكلماتها يمكن أن تقيِّدك فى مكانك.
أوقفْ كلماتها عن طريق دفع العصارة فى فمها بقوة ولن تستطيع أن تتكلم. وتستطيع أنت أن تقذف بكيس جلد الأيل إلى الخارج".
"فهمت، يا صديقى، ذئب البرارى". قال الهادئ.
"يا قوىّ الذراع"، أكملَ ذئب البرارى، "التقطْ الكيس واقذفْ به بعيدا أسفل الجبل. المرأة العجوز يمكنها أن تجرى بسرعة".
"سأرميه بعيدا"، قال صاحب الذراع القوىّ.
"ما هو عملى؟" زمجر صاحب المخالب الحادة.
"عليك أن تمسك بالكيس الذى سيقذف به قوىّ الذراع وتمزقه بمخالبك الحادة"، شرح ذئب البرارى.
"أجل"، زمجر الدب الرمادى، "سأفعل ذلك".
تسلق الهادئ والقوىّ الذراع الجبل واقتربا من الكوخ. تسلل الهادئ إلى الداخل وبدأ يدفئ يديْه فوق النار التى تطقطق. بدأت عصارة الشجر تلين.
جلست المرأة العجوز تنظر إلى النار، تنتظر أن يتكلم زائرها. عندما أصبحت العصارة دافئة ولزجة. سأل الهادئ أىّ كيس من الأكياس الثلاثة المصنوعة من جلد الأيائل يحتوى على الربيع. أشارت إلى أقرب كيس إليها. فتحتْ فمها واسعا لتبدأ كلامها المرتفع الصوت. ودون تردد دفع الهادئ العصارة فيه وظل يثبِّته هناك رغم مقاومتها.
وعندما التصقتْ بإحكام قفز عاليا، التقط الكيس، وألقاه إلى الخارج! قفزت المرأة العجوز وراءه، لكنّ قوىّ الذراع كان سريعا ورماه بعيدا أسفل الجبل. ركضت المرأة العجوز وراءه، ولكنّ صاحب المخالب الحادة أمسك به ومزقه إلى قطع صغيرة!
تحررتْ رياح الربيع الدافئة. ظهرت شمس فى السماء تطارد سحب الشتاء الرمادية بعيدا. وأخيرا، وبعد طول انتظار، عاد الربيع من جديد.

17
التشيريميا
(جواتيمالا)
منذ آلاف السنين، كان يعيش ملك هندى أمريكى من شعب المايا، وكانت لديه ابنة جميلة. كان اسمها الأميرة نيما-كوكس، وكانت طفلة سعيدة. ولكنْ كلما كبرت كانت تغدو حزينة بطريقة غامضة. أحبّ الملك ابنته وحاول أن يجعلها تضحك من جديد. أهداها أحجارا كريمة ونظم حفلات مسلية أحياها أفضل الموسيقيين فى البلاد، ولكن لا شيء جعلها تبتسم. واستشار الملك مستشاريه.
"إنها فى سن الزواج، أيها الملك النبيل. إذا تزوجت زواجا سعيدا، سيختفى حزنها"، قالوا.
أعلن الملك أن الأميرة نيما-كوكس ستختار زوجها بنفسها. وطلب من كل النبلاء أن يزوروهم وأن يستعرضوا قوتهم ومهارتهم. وأضاف أنه سيكون من المفيد، أن يكونوا وُسَماء.
وصل ثلاثة وثلاثون شابا مرتدين ملابس جيدة النسج. من الذهب، والريش فى اليوم المحدد. استعرض كلٌّ منهم موهبته فى مسابقات على المهارة، والفكر، والفن، ولكن لم ترض الأميرة بأحد. فى الحقيقة، لم تبتسم ولو مرة.
فى نهاية اليوم وصل شاب نبيل من أفقر عائلة. كان يرتدى ملابس بسيطة وكان له وجه حنون. وكان كنزه هو صوته، وكانت هديته أغنيته. ابتسمت الأميرة لأول مرة طوال عام. كان صوته أحلى صوت سمعتْه فى يوم من الأيام. طرد الملك كل المتقدمين للزواج، وطلب من المغنى أن يبقى للعشاء. أثناء الوليمة، طلب الشاب يد نيما-كوكس للزواج.
"سأتزوجك"، قالت، "عندما تستطيع أن تغنِّى أعذب وأصفى من طائر مغرد".
"إذن يجب أن أتعلم أسرار الطيور"، قال الشاب. "من فضلك امنحينى أربعة أشهر لأتعلم".
وافقت الأميرة، ورحل الشاب النبيل، مسافرا فى أعماق الغابة. بقى هناك يستمع إلى غناء الطيور، ويحاول أن يجعل صوته مثلها. تدرب ليلا ونهارا، لكنه بعد ثلاثة أشهر كان مستعدا للاستسلام. غناؤه لم يكن على مستوى العذوبة الطبيعية للطيور. كان حزينا جدا حتى أنه بكى.
فجأة ظهرت روح الغابة وسألته عن سبب دموعه. وعند سماع قصته، قالت له الروح أن يقطع غصنا من شجرة مجاورة، وأن يجوف داخلها. وأوضحت له كيف يجعلها على شكل أنبوبة وأن يفتح ثقوبا للأصابع فى جانبها.
"انفخْ فى أحد أطرافها وحرِّكْ أصابعك أعلى وأسفل الثقوب"، قالت.
جَرَّبَها، وصدر من العصا صوت حقيقى لطائر مغرد!
"هذه تشيريميا "، قالت روح الغابة. "تعلَّمْ العزف عليها قبل أن تعود إلى أميرتك". واختفتْ فجأة تماما مثلما ظهرتْ.
بعثت موسيقى التشيرميا الحياة فى الغابة، طوال آخر شهر لتدريبه. كان النبيل يتدرب ساعات بأن يسمع الطيور تغنى ثم يردد بالضبط على الناى أصواتها الصافية.
فى اليوم الأخير سافر عائدا إلى القصر وعزف أغانيه الجديدة. ذهلت الأميرة نيما-كوكس وقالت إنها أعذب الأصوات، أعذب حتى من أصوات الطيور المغردة. وتزوَّجا فى اليوم التالى وكانا مليئيْن بالبهجة.
ومنذ ذلك الوقت، يصنع شعب المايا التشيريميا ويعزف عليها.






18
عادات طبيعية
(أفريقيا)
منذ زمن طويل، وفى أعماق الغابة، كان القرد والأرنب يتناولان معا وجبة. كان القرد يستمتع بقضم الموز الناضج الأصفر فيما كان الأرنب يقرقش الأوراق الخضراء الريانة.
وفيما كانا يأكلان، مارس كل منهما العادات الأكثر طبيعية بالنسبة له. هرش القرد؛ أولا رأسه، ثم صدره، ثم ذراعيْه، و- بالطبع- رجليْه. وظل يهرش ويهرش طوال الوجبة بكاملها.
وفيما كان القرد يهرش، أدار الأرنب رأسه، أولا إلى اليمين، ثم إلى اليسار، ثم إلى ورائه، ثم إلى أعلى. وظل يراقب خشية هجوم من عدو، ولم يكفّ مرة واحدة خلال الوجبة عن النظر حوله.
أخيرا قال القرد: "من فضلك، توقَّفْ عن الاستدارة بعيدا عنى عندما أتكلم. هذا ليس سلوكا مهذبا".
"انظرْ مَنْ ذا الذى يشكو بشأن حُسْن السلوك، قال الأرنب. "لقد ظللتَ تهرش طول الوقت. الهرش أقل أدبا من استطلاع الأعداء".
"إذن سأتوقف عن الهرش"، قال القرد. "من السهل علىَّ أن أبقى ساكنا".
"من السهل بالنسبة لى بنفس القدر تماما أن أتوقف عن الاستطلاع"، قال الأرنب. "فى الحقيقة، أراهن على أننى أستطيع أن أبقى ساكنا فترة أطول مما تستطيع".
"أراهن على أنك لا تستطيع"، قال القرد. "والخاسر سوف يطعم الفائز لمدة أسبوع".
"موافق"، صاح الأرنب. "الذى يتحرك قبل الآخر يخسر".
وهكذا جلس كل منهما فى مواجهة الآخر، دون هرش أو استطلاع. مرت عشر دقائق، ثم عشر دقائق أخرى. ازداد كل منهما قلقا، غير أن أيًّا منهما لم يتحرك. وبعد مرور ثلاثين دقيقة، صار الوضع لا يطاق. أحس القرد بحكة شديدة فى الجلد إلى حد أنه أحس بالرغبة فى الصراخ! وأصيب الأرنب بالفزع من أعدائه إلى حد أنه كان يرتجف!
وأخيرا قال القرد: "دعنا نحكى لبعضنا قصصا لتمضية الوقت".
"موافق"، قال الأرنب. "ابدأ أنت".
"قصتى"، بدأ القرد. "تدور حول الزمن الذى انفصلت فيه عن أمى عندما كان عمرى ثلاثة أشهر فقط. كنت أصغر من أن أكون فى الغابة وحدى وكدتُ أُقتَل.
"فى البداية، تلقيتُ خبطة على رأسى من فرع شجرة يسقط. كان صغيرا، ولكن لا بد أنه كان يمكنك أن ترى الورم على رأسى. كان هنا بالضبط ...". حكّ رأسه بمخلبه، وهرش الحكة المفزعة. "عندئذ أسرعتُ إلى عش الدبابير وقرصنى الدبور فى صدرى، وهنا على ذراعى ..." وبالطبع هرش هاتين الحكتين أيضا.
حاولتُ الهرب، ولكن زلت قدمى وسقطت على نبات متسلق وكادت رجْلى تنكسر. وأصابنى انتفاخ كبير هنا بالضبط ..." ويهرش ويهرش ويهرش.
أدرك الأرنب أن القرد كان يحاول خداعه فقال: "والآن سأحكى لك قصتى. ذات ليلة عندما كنت صغيرا، خرجت أمى لتقوم بمشوار وطلبت منى أن أسهر لحراسة إخوتى الكثيرين وأخواتى الكثيرات. وكانت ليلة مظلمة إلى حد أنه حتى القمر ظل مختبئا خلف السحب، وظللتُ أقفز مع كل صوت فى الغابة.
"فى البداية، سمعتُ غصنا يطقطق فى مكان ما إلى يمينى ..."، وانتهز الفرصة لينظر إلى يمينه. "ثم سمعتُ صرخة غريبة تأتى من مكان ما على يسارى ..."، ودار إلى اليسار.
"وسرعان ما رفرف طائر ضخم بجناحيه خلفى ..."، ونظر خلفه. "ولكن عندئذ بالضبط سقط شيء ما من الأشجار فوقى ...". ونظر إلى السماء فوقه.
بدأ القرد يضحك وقال: "أعتقد أنه لا يمكننا تغيير العادات التى هى طبيعية بالنسبة لنا".
"لا"، ضحك الأرنب. "لا يمكن. انتهت المراهنة. سيكون علينا فقط أن نطعم أنفسنا فى الأسبوع القادم".















19
الإناء السحرى
(الصين)
ذات مرة، كان حطاب فقير ولكنْ مثابر، عائدا من الغابة إلى المنزل، ومعه فأس مشدود إلى ظهره وفجأة، وجد نفسه أمام إناء كبير قديم مصنوع من النحاس الأصفر. كان أكبر إناء رآه فى حياته.
"ياله من إناء جميل!"، تعجب. "ولكنْ كيف سأحمله إلى المنزل؟ إنه أثقل من أن أحمله... انتظرْ، أنا أعرف..." فكَّ حزام كتفه وأسقط الفأس الثقيل فى الإناء. وبدأ يربط طرف الحزام فى مقبض الإناء، والطرف الآخر حول خصره. ثم بدأ العمل الشاق وهو جرّ الإناء الثقيل على الطريق إلى بيته الصغير.
كانت زوجة الحطاب مسرورة جدا عند رؤية الإناء. "ياله من يوم سعيد، يا زوجى، أنت وجدت إناءً قديما رائعا وفأسا آخر".
"لا ، يا زوجتى، أنا وجدت إناء فقط كان الفأس عندى من قبل".
"ولكنْ هناك فأسان فى الإناء"، قالت.
نظر الحطاب فى الداخل، وصارعاجزا عن الكلام. كان هناك فأسان متماثلان يرقدان جنبا إلى جنب. وبينما كان ينحنى إلى أسفل لإخراجهما، سقطت قبعتة المصنوعة من القش من رأسه فى الإناء. والآن صارت هناك قبعتان إلى جانب الفأس.
"يا زوجتى! الإناء مسكون بالأرواح الشريرة!"
"أو أنه سحرىّ!" قالت بسعادة. "هيا نضع عشاء الليلة داخله ونرى ماذا سيحدث".
عشاء واحد أصبح اثنيْن.
"بسرعة" قالت الزوجة. "أحضر مدخراتنا من الجرة الموجودة على الرف!"
حفنة العملات المعدنية تضاعفت.
"إنها سحرية!" صاح الحطاب. "ماذا سنضع بعد ذلك؟"
"النقود، طبعا"، قالت الزوجة العملية.
"دعنا نصبح أغنياء مادمنا نستطيع". وضعا النقود المعدنية مرارا داخل الإناء، فكانت الكمية تتضاعف كل مرة. بعد ذلك بساعة، كل شيء لديهما؛ جرَّة، سلة، محفظة، صندوق، حذاء، صار مليئا بالنقود. لقد صارا حقا من الأغنياء!
"زوجتى العزيزة" قال الحطاب، "يمكننا أن نبنى بيتا جميلا وتكون لدينا حديقة خضروات كبيرة، ومن الآن فصاعدا لن يكون علىَّ أن أعمل عملا شاقا. أنا سعيد جدا لدرجة أننى أستطيع أن أرقص!"
بعد ذلك أمسكها من خصرها وبدأ يرقص فى أنحاء الغرفة الصغيرة. فجأة، انزلق على بعض القطع النقدية المتناثرة وسقطت الزوجة عن طريق الخطأ داخل الإناء! حاول أن يسحبها إلى الخارج- ولكنه كان قد تأخر جدا. كان لديه الآن زوجتان. قفزتا خارج الإناء ونظرت كل منهما إلى الأخرى عن قرب. كان من المستحيل التمييز بينهما.
"ماذا فعلت أنا؟" صرخ الحطاب. "هل يستطيع الرجل أن يعيش مع زوجتين فى الوقت نفسه؟"
"ليس فى بيتى"، قالت الزوجة الأولى.
"ليس فى بيتى"، قالت الزوجة الثانية.
ابتسمتْ المرأتان وأمسكتا بالحطاب وجعلتاه يدخل فى الإناء. قفز حطابان إلى الخارج.
"هل يمكن لعائلتيْن أن تعيشا فى نفس المنزل؟". سأل كلا الرجليْن.
"لا"، قالت الزوجة الأولى.
"لا"، قالت الزوجة الثانية.
نصف المال مُنح للزوجيْن الجديديْن وقاما ببناء بيت أنيق. وكان بجوار بيت الزوجيْن الأوليْن الجديد الجميل. ومنذ ذلك الزمن، لاحظ أهل القرية الشبه القوىْ بين قريبىْ الحطاب وزوجته، واللذيْن لا بد أنهما هما اللذيْن جلبا لهما كل هذا المال!
















20
آدا والأوغاد
(هولندا)
عاش فى قديم الزمان، فى هولندا، مُزارع اسمه يوهان. ومن المؤسف أنه لم يكن ذكيا جدا. وكان أذكى شيء فعله هو أنه أحبّ آدا، لأنها كانت ذكية ذكاءً يكفى لشخصين. تزوَّجا وأقاما فى مزرعة فى الريف.
وذات يوم، طلبتْ آدا من يوهان أن يأخذ أسمن بقرة إلى المدينة ليبيعها ليس بأقل من مائة جيلدر (الجيلدر هو الاسم الهولندى للدولار). رحل مبكرا فى الصباح، يقود البقرة بحبل. بعد حوالى ميل على الطريق، مر بفندق صغير حيث كان ثلاثة محتالين يريدون أن يأكلوا.
"هيا نحتال على يوهان فنأخذ بقرته"، قال واحد. "إنه غبىّ وسيكون من السهل خداعه".
وافق الآخران وفكروا بسرعة فى خطة. ركضوا ثلاثتهم إلى الحقل وأخذ كل منهم مكانه على الطريق على بعد نصف ميل من الآخر. عندما مر يوهان بالنصاب الأول، قال الرجل: "يا لها من حصانة عجوزة جميلة لديك، هل ستأخذها إلى المدينة؟"
"هل أنت أعمى؟" سأل يوهان. "أىّ شخص يستطيع أن يرى أنها بقرة".
استمر يوهان فى السير ووصل إلى الشخص الثانى الذى قال: "صباحك سعيد أيها المُزارع، من المؤكد أن الحصانة التى تقودها ممتازة، لماذا لا تمتطيها؟"
"لا، لا!" قال يوهان. "إنها بقرة! قالت لى آدا أن آخذ البقرة إلى السوق، وهذا ما أفعله".
"أنا أستطيع أن أعرف الحصان بمجرد أن أراه"، قال اللئيم ومشى بعيدا.
أصبح يوهان قلقا وفكر فى أنه ربما كان قد ارتكب خطأ فادحا، ولكنه مرة أخرى قال لنفسه أن هذا الحيوان الذى فى طرف الحبل يبدو بقرة أكثر منه حصانا.
تمشَّى الشخص الثالث وقال: "مرحبا، أيها الجار الطيب. هل هذه الحصانة للبيع؟"
"وهو كذلك"، قال يوهان لنفسه. "إنها حصانة بعد كل هذا".
"أنا سألت ما إذا كانت للبيع"، قال المحتال، "لأننى سأعطيك مقابلها ثلاثين جيلدر".
كان يوهان يعرف أن ثلاثين جيلدر سعر جيد بالنسبة لحصان عجوز وقال "إنها صفقة رابحة".
عندما عاد الرجل البسيط إلى المنزل، استشاطت آدا غضبا وأدركت أن زوجها لم يكن بيده حيلة أمام ثلاثة لصوص أذكياء وقررت أن تلقنهم درسا. فى الصباح التالى ذهبتْ إلى المدينة مبكرا ونصبتْ فخا. ثم عادت إلى المنزل وأعطت يوهان خاتما نحاسيا قديما وطلبتْ منه القيام بالضبط بما سيكون عليه أن يفعل.
بعد ظهر ذلك اليوم بدأ يوهان السير إلى المدينة، بدا الخاتم واضحا فى إصبعه بشكل لافت للنظر. وصل إلى الفندق الصغير ووجد الأوغاد الثلاثة فى الداخل. قبلوا عزومته على مرطبات بسعادة. وعندما جاء وقت دفع الحساب. أمسك يوهان يده ولف الخاتم فى إصبعه، وسأل: "بكم أدين لك؟"
"لا شيء"، قال صاحب الفندق الصغير. "كل شيء على ما يرام".
نظر الرجال الثلاثة إلى بعضهم فى ذهول، ولكنهم لم يقولوا شيئا. ذهبوا مع يوهان إلى الفندق الصغير التالى وشاركوه الطعام فى وجبة مكلفة وبعد أن أكلوا ملء بطونهم، لفَّ يوهان الخاتم. أسرع صاحب الفندق الصغير الثانى إلى الطاولة وشكرهم على المجيء، مضيفا بهدوء أن الحساب مدفوع بالفعل.
كان على هؤلاء الأنذال أن يعرفوا من أين حصل يوهان على هذا الخاتم المسحور. ظلوا يزعجونه بالأسئلة إلى أن أجاب: "اكتشفتْه زوجتى فى الحديقة. قالت إنه يساوى ثروة".
"سنعطيك فيه مائة جيلدر!"، قال قائدهم الوغد، "ما رأيك؟"
"ثروة!" قال يوهان. "إنها صفقة رابحة".
أخذ يوهان النقود إلى المنزل وكانت آدا سعيدة. "الآن لدينا مائة وثلاثون جيلدر من هؤلاء اللصوص"، أوضحت. "مائة مقابل ثمن البقرة وثلاثون زيادة لدفعها على الأكل والشرب الذى رَتَّبْتُهُ مع أصحاب هذه الفنادق هذا الصباح".
ولم يحاول هؤلاء الأوغاد الثلاثة خداع يوهان البسيط مرة أخرى.















21
البخيل
(الولايات المتحدة الأمريكية)
منذ سنين طويلة، عاش رجل ثرى ولكنْ بخيل فى مدينة كبيرة. وكان بخيلا جدا إلى درجة أنه لم يكن لديه أصدقاء. كان يعتقد أن الوقت أهمُّ بكثير من أن نضيعه مع الآخرين. فى الحقيقة، كان وحيدا وتعيسا، وفى أعماق قلبه كان يريد أن يغير طريقته.
وفى يوم من الأيام انتقلت عائلة فقيرة لتسكن بجواره، وقرر أن ُيقيم علاقة صداقة معهم.
"سأقدم لهم هدية، هدية جميلة حقا. ولكن يا ترى ما نوع الهدية التى يمكن أن أهديها لهم؟"
زار جيرانه الجدد ووجد أن الرجل وزوجته لديهما ثلاث فتيات صغيرات. "يسعدنى أن أهديكن هدية باسم الصداقة، ولكنْ عليكن أن تقلن لى ما هى الهدية التى ترغبن فيها"، قال البخيل.
"حلوى"، هتفتْ الابنة الصغرى
"كوكيز"، اقترحتْ الابنة الوسطى
"كعكة"، قالتْ الكبرى.
"لتكنْ كعكة"، قال البخيل، "وستكون أفضل كعكة يستطيع المال شراءها".
وبإذن من والديْهن، ذهبتْ الفتيات الثلاث مع جارهن إلى أغلى خباز فى البلدة. وكان الخباز قد انتهى لتوِّهِ من تزيين كعكة شيكولاتة رائعة، مكوَّنة من أربع طبقات ومغطاة بطبقة بيضاء سميكة مثلجة. أجمعت الفتيات على أنها أجمل كعكة فى الوجود!
سأل البخيل عن سعر الكعكة وشحب وجهه عند سماع الإجابة. "لكنْ"، قال للخباز، "كيف لى أن أعرف إذا كانت هذه حقا أفضل كعكة فى البلدة، هل هى مثلا فى حلاوة العسل؟"
"ليس بالضبط"، أوضح الخباز. "أنا أصنع الكعكة من السكر وليس من العسل".
وكان البخيل يعرف أن رطل العسل أقل تكلفة من الكعكة. قال: "نحن فقط نريد الأفضل!" هيَّا بنا يا بنات، سنشترى عسلا بدلا من كعكة السكر".
وعندما وصلوا إلى محل بائع العسل، سأل البخيل: "هل عسلك ناعم كالزبدة الطرية؟"
"لا"، أجاب بائع العسل. "بعض أقراص الشهد تكون مخلوطة بالعسل".
كان البخيل يعرف أن الزبدة أرخص من العسل وقال: "نحن نطلب الأفضل، هيا بنا يا بنات، سنشترى رطلا من الزبدة الناعمة بدلا من العسل المقرمش".
فى محل الألبان، سأل البخيل: "هل زبدتك الناعمة ذهبية اللون مثل عصير البرتقال الناضج؟"
"زبدتى صفراء اللون، ولكنها ليست ذهبية"، أجابت البائعة.
مُدْرِكًا أن البرتقال أرخص من الزبدة، قال البخيل: "سنشترى عصير برتقال ذهبيًّا بدلا من الزبدة الصفراء".
مَشَوْا إلى محل الفاكهة وسأل البخيل: "هل عصير برتقالك طازج مثل ماء النهر؟"
"عصيرى طازج"، قال التاجر، "لكنّ مياه النهر دائمة الحركة وهى الأعذب".
فكر البخيل أن الماء سيكون هو الصفقة الرابحة على الإطلاق! قال: "نحن نريد الأفضل هيا بنا يا بنات، سنشرب ملء بطوننا من ماء النهر العذب".
بدأت الطفلتان الصغريان تبكيان، وحتى الكبرى حاولت أن تمنع الدموع التى كانت تتدحرج على خدَّيْها أيضا. ابتعدتْ الفتيات عن جارهن وركضن إلى المنزل.
شعر البخيل ببرودة فى قلبه، وتجمعتْ دمعة فى زاوية عينه. جرى عائدا إلى المخبز، واشترى الكعكة ذات الطبقات الأربع وحملها إلى بيت جاره.
اجتاحه إحساس غريب وهو يطرق الباب... كان قلبه قد بدأ يخفق.

22
بوسانج پوهو
(الهند)
منذ زمن بعيد جدا، عاش ملك وأراد أن يتزوج زوجة رئيس وزرائه. كان اسمها ناندا، وكانت ذكية بقدر ما كانت جميلة. كانت ناندا أيضا تحبّ زوجها حبًّا عميقًا. ولكن الملك كان وغدا وقرر أنه يجب أن يقضى على حياة رئيس الوزراء. عندئذ يمكنه أن يجعل ناندا ملكته.
وضع بمهارة خطة شريرة. كان من المفترض أن وحشا أسطوريا اسمه بوسانج پوهو يعيش فى الجبال الوعرة المرتفعة فوق المملكة. اتفق الجميع على أنه حيوان قاتل ومن المستحيل أن يقبض عليه أحد. وفى الحقيقة لم يكن أحد قد رأى البوسانج پوهو، لكنّ مجرد ذكر اسمه كان يجعل حتى الأكثر شجاعة يرتجف. أمر الملك رئيس وزرائه بأن يقبض على الوحش حيًّا ويحضره إلى القصر فى غضون شهر واحد. "إذا فشلت فى المهمة"، أوضح الحاكم. "ستفقد رأسك".
أخبر رئيس الوزراء زوجته عن قسوة الملك. "سأموت إذا ذهبتُ وراء البوسانج پوهو، وسأموت إنْ لم أذهب. ماذا عساى أن أفعل، ياعزيزتى ناندا؟"
فكرتْ فترة طويلة وقالت: "عندى خطة. إذا اتبعتَها، سيكون كل شيء على ما يرام. غدا فى الصباح، أعلنْ أنك ستذهب للعثورعلى الوحش، ثم اركبْ حصانك واذهبْ إلى الجبال. وتحت غطاء الظلمة عُدْ إلى البيت وسأخبِّئك فى الغرفة الخلفية. وعندما يمر الشهر. ستكون لدينا مفاجأة فى انتظار الملك".
وافق زوجها، وبعد أن بدأ المطاردة، عاد إلى البيت وظل مختبئا الشهر بأكمله. وفى النهاية، زار الملك ناندا وسألها ما إذا كانت سمعتْ شيئا عن زوجها.
"آه، يا مولاى، أخشى أن يكون قد مات".
"لا تحزنى"، قال الملك. "لطالما أحببتُك وأريدُك أن تكونى ملكتى".
عندئذ سُمع ضجيج مرتفع آتيا من الفناء الأمامى.
"زوجى!" صاحت ناندا. "لقد عاد أخيرا! يجب أن تختبئ، جلالتك. أسرعْ، اصعدْ إلى داخل هذا البرميل!"
قفز الملك إلى داخله، غير مدرك أنه كان نصف ممتلىء بالعسل الأسود. وعندما أصبح مغطًّى بهذه المادة اللزجة. صاحت ناندا: "لا، لا يمكنك الاختباء هنا، سيراك، بسرعة، ادخلْ فى هذه الزكيبة!"
قفز الملك من البرميل إلى الزكيبة الكبيرة. وكان نصف ممتلىء بالقطن والريش، اللذين التصقا بالعسل الأسود. كان الملك مغطًّى من رأسه إلى قدميْه، وكان يبدو غريبا حقا.
"لا!" صرخت ناندا. "ذلك لن يجدى أيضا. سيجدك فى الزكيبة بسهولة. عليك أن تهرب وتنجو بنفسك!"
تسلق الملك خارجا من الزكيبة وجرى إلى الحوش. كان رئيس الوزراء ينتظره وصرخ: "البوسانج پوهو! لقد قبضت على البوسانج پوهو!" وملوِّحًا بسيفه فى الهواء، طارد الملك على طول طريق العودة إلى القصر.
تجمع أهل القرية فى الشوارع مبتهجين بينما كان يركض المخلوق القبيح، ذو الريش المنفوش. وكم كانوا سعداء بأنهم وجدوا أن البوسانج پوهو كان مجرد وحش أحمق فى نهاية الأمر. وليس شيئا مفزعا.
أخيرا وصل الملك إلى أمان قصره. لحق به رئيس الوزراء.
"أيها الوزير الأمين"، قال الملك المرتبك لاهثا. "أرجوك سامحنى. كنتُ مخطئا. أعِدُك بأن لا أسبِّب لك أو لناندا المتاعب مرة أخرى إذا وعدتنى بأن لا تقول للناس إننى البوسانج پوهو".
وافق رئيس الوزراء، وعاش هو وناندا الذكية معًا فى سعادة بالغة أعواما طويلة.



23
چاك الصغير وﭽون الكسلان
(فرنسا)
ذات مرة، كان هناك توأمان اسمهما چاك الصغير وﭽون الكسلان، يملكان مخبزا، وكانا متشابهين جدا إلى درجة أنه كان يصعب التمييز بينهما. وكان الاختلاف الوحيد الحقيقى بينهما أن چاك الصغير كان نشيطا ويعمل بكد، بينما كان ﭽون الكسلان كسلانَ جدا.
وكان چاك الصغير أيضا فتى سعيدا، لا يبالى بالعالم. كان يغنِّى فيما كان يعمل وكان يضحك بينه وبين نفسه فيما كان يستريح، ولم يره أحد فى يوم من الأيام متجهِّما. وكان ﭽون الكسلان، من ناحيته ماهرا بقدر ما كان كسلانَ.
ذات يوم توقف الملك عند المخبز وطلب رغيف عيش طازجا. قام چاك الصغير بخدمته بسعادة بالغة، كان يبتسم، ويغنِّى، ويضحك، وهو يأخذ رغيفا ساخنا من الفرن ويلفه فى ورقة بنية.
"هل أنت دائما سعيد هكذا؟" سأل الملك.
"آه، نعم يا مولاى!"، ضحك چاك الصغير. "لم أر يوما حزينا فى حياتى كلها".
بدا الملك عابسا وقال: "كل شخص لديه مشاكل. إنها سنة الحياة. ويمكننى أن أرى أنك لست استثناءً من القاعدة. سأسألك ثلاثة أسئلة صعبة. إذا لم تُجِبْ عليها حتى ظهر غدٍ سيتم حرق مخبزك تماما.
بدا چاك الصغير قلقا وارتعش صوته وسأل: "ما هى الأسئلة جلالتك؟"
"أولا، كمْ أساوى أنا؟ ثانيًا، كمْ وزن القمر؟ ثالثًا، فيم أفكِّر الآن؟ أمامك حتى ظهر الغد".
غادر الملك. وبدأ چاك الصغير يبكى لأول مرة منذ أن كان طفلا رضيعا. دخل ﭽون الكسلان وسأل تُرَى ماذا عسى أن تكون المشكلة. شرح له چاك الصغير، وعندئذ بدأ أخوه يضحك.
"دعنى أذهب إلى القصر وأجيب على الأسئلة بدلا منك". قال ﭽون الكسلان. "أنا متأكد من أننى أستطيع إنقاذ مخبزنا".
فى اليوم التالى، عندما ارتفعت الشمس عاليا فى السماء دخل ﭽون الكسلان إلى القصر بابتسامة تغطى وجهه.
"هل أجبت عن أسئلتى؟"، سأل الملك.
"نعم، يا مولاى"، قال ﭽون الكسلان. "كلها إجابات جيدة".
"ممتاز"، أجاب الملك. تذكَّرْ ماذا سيحدث إذا فشلت. دعنا نبدأ. أولا، عليك أن تخبرنى كمْ أساوى".
"تسعًا وعشرين قطعة فضية"، قال التوأم. لقد بِيعَ المسيح بثلاثين قطعة وأنت تساوى أقلّ منه بقطعة واحدة".
"إجابة جيدة"، وافق الملك. "والآن، قلْ لى ما وزن القمر".
"وزنه رطل، جلالتك".
"رطل؟ لماذا رطل فقط؟" سأل الملك.
"لأن القمر، يا مولاى، يتكون من أربعة أرباع، وأربع أرباع الرطل تساوى رطلا كاملا".
"جيد جدا". قال الملك. "لقد أصبتَ مرتيْن. ولكنْ لتنقذ مخبزك. يجب أن تقول لى فيم أفكِّر الآن".
"هذا أسهل سؤال، أيها الملك، أنت تفكِّر فى أننى چاك الصغير الخباز، ولكنك مخطئ، أنا أخوه ﭽون الكسلان!"
أدرك الملك أن أذكى الرجال قد خدعه بحيلته وبدأ يضحك. وأعطى ﭽون الكسلان مكافأة مجزية، وأرسله إلى المنزل.
حافظ الأخوان التوأمان على مخبزهما على مدى سنوات طويلة سعيدة.
24
القرع العسلى الضخم
(أفريقيا)
منذ زمن طويل، فى قرية فى غرب أفريقيا، أخذ قرع عسلى يكبر إلى أن صار بالغ الضخامة ولهذا سماه القرويون "فيجْبا". وكان "فيجْبا" اسما مناسبا جدا، فهذه الكلمة تعنى "الشيء الضخم". ولم يحدث من قبل مطلقا فى تاريخ القرية أن كبر قرع عسلى ليصل إلى هذه الضخامة! كان يرقد على الأرض غير أنه كان يرتفع بطول رجل أو امرأة. وكان مستديرا مثل بيت صغير، وكان برتقاليا كالشمس الساطعة. وهكذا كان أروع قرع عسلى نما فى يوم من الأيام فى كل أفريقيا!
وذات يوم قرر مُزارع وابنه أن القرع العسلى جاهز للحصاد. وأحضرا أكبر سكين عندهم إلى الحقل وأخذا يقطعانه ويفتحانه.
"آخ!"، صرخ القرع العسلى. "هذا يؤلمنى. أبعدا سكينكما عنى".
"لا"، أجاب المُزارع. "نحن سنصنع منك شوربة لكل القرية. وسوف تقام وليمة على شرفك هذه الليلة مباشرة، ويجب أن نقوم بإعدادك كطبق رئيسى".
"أكْلى ليس الطريقة الملائمة لتكريمى. خُذا سكينكما بعيدا واتركانى فى حالى!"
"أنت ناضج"، أوضح المزارع. "يجب أن نأكلك قبل أن تفسد". وبدأ فى تقطيع الساق إلى شرائح بسكينه الحاد.
"أنا الآن غاضب!"، قال القرع العسلى. "ينبغى أن أقوم بتلقينكما درسا".
وببطء شديد فى البداية، بدأ القرع العسلى يتدحرج نحو المزارع وابنه. كان على منحدر حادّ وفى الحال بدا أنه يزداد سرعة.
سقط السكين من يد المزارع الذى أخذ يصرخ: "اِجْرِ، يا ولد، اِجْر!" وهربا بعيدا، يجريان نحو القرية فى الأسفل.
أسرع فأسرع تدحرج القرع العسلى الضخم وراءهما. وسرعان ما كان الأب والابن يجريان باندفاع بالغ هابطيْن على المنحدر، وكانا يتعثران على الصخور، ويتفاديان الأشجار وهما يهربان. وكان القرع العسلى وراءهما مباشرة، وكان يقترب منهما أكثر مع كل دحرجة. هرس كوخا مهجورا، ودمّر مجموعة من الأشجار. وارتطم بعنف بتل صغير وسوّاه بالأرض!
صار الرجل وابنه منهكيْن ولم يستطيعا أن يجريا أكثر من ذلك. وظل القرع العسلى يطير هابطا منحدر الجبل، مقتربا أكثر فأكثر. وأخيرا، وصل الأب والابن إلى صخرة ضخمة خشنة، وسقطا وراءها متكوِّميْن. ولم يستطع القرع العسلى أن يبطئ، وارتطم بالصخرة ارتطاما جبارا! وانشقت من منتصفها إلى نصفين عملاقين ....
***
وهذا هو الجزء الذى يصعب تصديقه من القصة. ويعتقد الناس أنه مجرد هراء وأنه لا يمكن أن يكون قد حدث بالفعل. غير أننا، أنت وأنا، نعلم أن أىّ شيء يمكن أن يحدث فى قصة، وأحيانا، من الأفضل أن يكون أغرب! وهذا ما حدث:
النصف الأسفل من القرع العسلى صار الأرض.
النصف الأعلى صار السماء.
البُزُور صارت كل النجوم اللامعة. وطوال حياتهما، لم يقم المزارع ولا ابنه مطلقا بقطع وفتح قرع عسلى مرة أخرى.





25
زحافة الحفيدة
(روسيا)
عاش رجل اسمه إيڤان مع والده المسنّ وابنته الصغيرة، وفى ذلك الوقت، منذ زمن بعيد، كان الناس يعتقدون أن كبار السن ليست لهم فائدة. كانوا يُؤخذون إلى الغابة، ويتركون وحدهم تماما. والآن، حيث إن الرجل العجوز كان ضعيفا فلم يعد يستطيع كسب عيشه. ربطه إيڤان فى زحافة ابنته.
سألت الفتاة: "إلى أين تأخذ جدى؟"
"إلى الغابة"، أجاب إيڤان.
"ولكن لماذا يا أبى؟ إنه أضعف من أن يقطع الأشجار أو يقطف التوت".
"لا يهمّ لماذا، يا ابنتى. هذا شىء يجب أن أفعله".
"هل يمكننى أنا أيضا أن آتى؟" سألت الفتاة.
"نعم، ولكن لا تسألى المزيد من الأسئلة".
جرتْ الفتاة وراء الزحافة، متوقفة هنا وهناك لقطف الأزهار البرية لجدها. وعندما وصلوا إلى منتصف الغابة، قال إيڤان: "أنا آسف لتركك هنا يا أبى، ولكنك تعرف كيف يفكر أهل قريتنا".
"لا يمكنك أن تترك جدى فى الخارج هنا"، قالت الفتاة. "سيتضوَّر جوعا، أو تقتله الذئاب".
"إنه عجوز ولم يعدْ يمكنه العمل. ليس عندى خيار، يا ابنتى".
فكرتْ الفتاة لحظة وقالت: "ولكننا لا نستطيع ترك زحافتى هنا، لأنك عندما تكبر، سأحتاجها لحملك إلى الغابة".
تجهَّم إيڤان ثم أدرك حقيقة قول الفتاة. "أنتِ على حقٍّ يا ابنتى، دعينا نأخذ الجد إلى المنزل. ولكن لا تخبرى أحدا من جيراننا أنه مازال معنا".
خبَّأوا العجوز فى غرفة خلفية، وأبقوْا أمر وجوده سرا عظيما.
بعد فترة قصيرة اجتاحت المنطقة مجاعة مفزعة. صار الأكل نادرا، وجاع الناس. وصار ما يأخذه إيڤان إلى والده المسن أقل فأقل. ولم يشتك الرجل العجوز.
استمرتْ المجاعة وأكل أهل القرية آخر ما تبقَّى من قمح وشعير، حتى أنهم أكلوا تقاوى الغلال ولم يعد لديهم ما يزرعونه فى الربيع. ولم يكن هناك أىّ أمل فى النجاة.
أحضر إيڤان لوالده قطعة صغيرة من الخبز الجاف وأخبره أن الناس يتضوَّرون جوعًا.
"كلام فارغ"، قال الجد. "خذ السقف المصنوع من القش من مخزن المحصول وانفضه جيدا. وستجد أن هناك أكثر من حفنة من الحبوب متبقية فى السقف. "ازرعْ الحبوب وستحصل على محصول سليم".
فعل إيڤان ما قيل له وسرعان ما كان لديه محصول جيد من الشعير. كان أهل القرية ممتنِّين وسألوه من أين أتى بهذه النصيحة الممتازة.
"من أبى، إنه فعلا رجلا حكيم".
"أبوك ميت"، قال واحد من أهل القرية.
"جدى لم يمت"، أوضحت ابنة إيڤان. لقد خبَّأناه، ولكننا لم نخبّئ حكمته. لقد أنقذ جدى حياتنا كلنا!".
وهكذا خرج الجد من مخبئه. ومنذ تلك المرة فصاعدا، كان يجرى تكريم كبار السن واحترامهم فى تلك القرية.


26
خُوان ونبات الماجواى
(المكسيك)
كان خُوان يعيش فى الريف، وكان فقيرا جدا. كانت ثروته الوحيدة هى نبات ماجواى. وهذا النبات الذى يُنطق اسمه هكذا "ماج-واى"، اعتاد المكسيكيون أن يستخدموه لصنع مشروب متخمَّر اسمه ﭙولكى. ويُستخدم أيضا لصنع شراب مُسْكر اسمه التكيلا. وكان النبات ينمو ليصل طوله إلى تسعة أقدام وارتفاعه إلى عشرين قدما!
كان ماجواى خُوان أضخم نبات فى المكسيك كلها، وكان يعتنى به جدا. كان يغرف ماء العسل من وسط النبات مستخدما القرع العسلى ويبيعه لزبائنه الكثيرين. أحبّ خُوان النبات وفى كثير من الأحيان كان يُسْمَع وهو يقول إنه يصنع أحلى عصير فى العالم.
سَمِعَ ذئب البرارى هذا التفاخر وقرر أن يذوق. فى وقت متأخر، ذات ليلة، تسلل إلى فناء خُوان وشرب من وسط النبات. رشف ملء فمه من ماء العسل ولم يكن قادرا على أن يصدق كم كان لذيذا! تجرَّع المزيد وأخذ يقلَّب عينيْه فى بهجة! ولم يستطع ذئب البرارى أن يمنع نفسه فشرب كل العصير، وبعد ذلك هرب فى الظلام.
رأى خُوان آثار أقدام ذئب البرارى فى الصباح التالى. "يجب أن أوقف ذئب البرارى عند حدّه"، قال، "وإلا فإنه سيعود كل ليلة ليشرب من نباتى".
قطع خُوان أعمدة طويلة مستخدما منجلا ضخما يسمى "ماتشيتى" لعمل سور. دبَّّب الأعمدة من أحد الطرفيْن ووضعها على الأرض حول نبات الماجواى من كل ناحية. بعد ذلك، فتح فتحة صغيرة فى السياج الدائرىّ قريبا من الأرض، ستكون الفتحة بالضبط على مقاس ذئب البرارى الذكىّ ليمر منه.
تسلق خُوان سطح بيته الصغير وانتظر هبوط الليل. سطع نصف قمر فى السماء، وأمدّه بالضوء الكافى لرؤية اللص وهو يهرول إلى الفناء فى جوًّ من الثقة. شمشم ذئب البرارى السياج الجديد ولفَّ حوله ثلاث مرات قبل أن يلمح المدخل الصغير. وتسلل إلى الداخل بسرعة.
نزل خُوان بهدوء إلى الأرض، والتقط هراوة ثقيلة وزحف فى اتجاه النبات. ومن داخل السور كان يستطيع أن يسمع الجرعات الشرهة لذئب البرارى من داخل السياج.
"الآن، نلتُ منك"، قال خُوان لنفسه. "لن تشرب من نباتى الماجواى مرة أخرى أبدا!". حطم جانب السياج بالهراوة، وصاح بأعلى صوته: "الليلة ستموت يا ذئب البرارى!"
قفز ذئب البرارى مباشرة فى الهواء. أعلى من السياج! لكنه سقط فى الحال، داخل السياج، وبدأ يجرى فى دوائر. يدور ويدور، أسرع فأسرع، وظل يفوته المدخل الصغير. كان يتحرك بسرعة كبيرة!
بدأ خُوان يضحك. إنه لم ير من قبل شيئا مضحكا كهذا! ضحك أكثر وأكثر. وسقطت منه الهراوة، وسقط على الأرض، يضحك، ويقهقه، ويعوى. ضحك بشدة حتى أن عينيه بدأتا تغرورقان بالدموع ولم يستطع أن يرى ما كان يحدث.
أبطأ ذئب البرارى جريه فى دوائر وأخيرا وجد الباب. أخرج أنفه، ثم كل رأسه. مسح خوان عينيه الغائمتين ووجد الهراوة ورفعها إلى أعلى فوق رأسه وحاول إنزالها لأسفل. لكنه لم يستطع. وقف مشلولا بالضحك، بينما كان ذئب البرارى يتلوَّى خارجا من الحفرة وهرب أسرع من أىّ وقت مضى.
ظل خُوان يضحك خمس دقائق أخرى قبل أن يستطيع أخيرا أن يتوقف وينزل الهراوة. "كمْ أرعبتُهُ!" قال خُوان، وهو مازال يقهقه. "لن يعود أبدا! الآن أستطيع أن أنام فى سلام".
وكان ذلك صحيحا. فقد أصيب ذئب البرارى بالرعب، وظل بعيدا عن ماجواى خُوان بعد ذلك إلى الأبد.




27
حظ الشيطان
(المجر)
فى قديم قديم الزمان، عاش فلاح شاب وقرر أن يذهب بعيدا فى العالم الواسع بحثا عن عروس وثروة. وبعد أن مشى أياما عديدة، وصل إلى جسر طويل وضيق مصنوع من الفضة اللامعة. وبدأ يمشى عبره، ولكن قبل أن يكمل خطوتيْن ظهر لا يدرى من أين رجل عجوز ذو لحية طويلة وقال: " يا بُنَىَّ، اخلعْ حذاءك واِمْشِ بخفة على هذا الجسر، إنه جسر الشيطان، وإذا سمعك وأنت آتٍ سيأخذك إلى العالم السفلى". وبعد أن قال هذا اختفى عن الأنظار.
خلع الفلاح حذاءه ومشى ببطء وهدوء على الامتداد الفضى. وعندما وصل إلى الطرف الآخر. قفز الشيطان إلى أعلى من تحت الجسر!
"سمعتك قادما، يا فتى"، قال الشيطان بابتسامة عريضة: "أوه، كنت تحاول جاهدا أن تكون هادئا، ولحسن حظك استطعتَ أن تكون كذلك، فأنا حتى لست غاضبا منك. أعرف أنك تبحث عن زوجة وسأساعدك على أن تجد زوجة جيدة. اِمْشِ عبر القرى الست الأولى ولا تتوقف حتى تصل إلى السابعة. فى القرية السابعة اذهبْ إلى البيت السابع. هناك ستجد رجلا لديه سبع بنات، اطلبْ السابعة لتكون عروستك. إذا وافقتْ عُدْ معها عبر الجسر وسأعطيك هدية زواج مناسبة".
وافق الشاب، وبقلب جريء، بدأ رحلته إلى القرية السابعة، وفى البيت السابع وجد الرجل وبناته السبع. كانت الأصغر ذكية وجميلة فى آن واحد. قررتْ أنها يمكن أن تحبه، ووافقت على عرض الشاب بالزواج. أرسل أبوها فى طلب القسيس، وعندما انتهتْ حفلة الزفاف، ذهب الزوجان الشابان إلى الجسر الفضى.
"هذا جسر الشيطان"، شرح الفلاح لعروسه. "علينا أن نخلع أحذيتنا ونمشِى فوقه بهدوء".
فعلا ذلك، ولكنْ فى منتصف الطريق، قفز الشيطان من أسفل. "سمعتُكما قادميْن، أيها الصديقيْن"، قال بابتسامة عريضة. "والخنازير السبعة فى نهاية الجسر هى هدية زواجكما. وبالطبع فى غضون سبعة أسابيع سآتى إلى بابكم وأسأل سبعة أسئلة. إن أجبتُما عليها بشكل صحيح، ستعيشان سبع سنوات من الحظ السعيد وإن أخطأتُما، ستتوالى سبع سنوات من المعاناة".
اقتاد المتزوِّجان حديثا الخنازير إلى البيت وبدآ بالأعمال المنزلية. مرتْ السبعة أسابيع بسرعة وأصبح الشاب قلقا جدا.
"لا تقلقْ، يا زوجى العزيز"، قالت الزوجة. "أنا سأجيب على أسئلة الشيطان العجوز".
كان منتصف الليل فى اليوم السابع من سابع أسبوع حين جاء الشيطان يطرق بابهما. "هل أنتما مستعدان للإجابة على السبعة أسئلة؟" قال.
"نعم"، أجابتْ العروس.
"أولا، ما هو الشيء الذى ليس لدى العالم إلا واحد منه؟"
"شمس واحدة فى السماء،" أجابتْ.
"وماذا عن اثنيْن؟" سأل الشيطان. "ما هو أهم شيء عند الإنسان ولديه اثنان منه؟"
"عينان ليرى كل شيء تحت الشمس".
"وثلاثة، ماذا يُشَكِّلُ ثلاثة؟"
"زوج، وزوجة، وطفل، ثلاثة، وهذا يُشكل عائلة".
"نعم"، أكمل الشيطان. "ولكن ماذا تقولين عن أربعة؟"
"عربة البضائع يجب أن يكون لها أربع عجلات لتمشى".
"وخمسة؟" سأل. "ماذا عن خمسة؟"
"أربع أصابع وإبهام تساوى خمسة، وهى تُستخدم للإمساك بفأس للبناء أو سيف للهدم".
"ستة هى التالية، ما إجابتك عن ستة؟"
"إذا كانت لديك ست دجاجات، لا تسأل عن دستة بيض"، قالتْ المرأة.
"وأخيرا، سبعة"، قال الشيطان. "ماذا تقولين عن آخر سؤال؟"
"زوجان شابان لديهما سبعة خنازير سمينة لن يحتاجا إلى التسوُّل من أىّ شخص آخر".
ابتسم الشيطان وقال: "لديكِ حكمة تتجاوز سنَّكِ أيتها الشابة. ردودك السبعة كانت صحيحة". ثم اختفى.
وبالفعل، استمتع الفلاح وزوجته الذكية بثروة جيدة على مدى السبع سنوات التالية وبعد ذلك بكثير. بل رُزِقا بسبعة أطفال مباركين.











28
مندوب السماء
(الصين)
ذات يوم، كان هناك نمر يمشى فى الغابة باحثا عن عشائه. لم يمر وقت طويل حتى قابل ثعلبا، ورغم أن الثعلب كان يبدو نحيفا وصعب المضغ إلا أنه قرر أن يأكله.
"استعدّ للموت، أيها الثعلب الصغير، أنا سيد الغابة وأنا جائع".
كان الثعلب ذكيا وقال: "أنت تمزح يا أخى النمر، أنت لا تستطيع أن تأكلنى، فأنا مهمّ جدا".
"ماذا تعنى بمهمّ؟" سأل النمر الجائع.
"أنا مندوب من السماء، لقد عُيَّنتُ لمراقبة كل الحيوانات، ومن ضمنها أنت أيضا، يا أخى النمر".
"أنتَ، تراقبنى؟"، زمجر النمر. "لماذا ينبغى عليك أن تراقبنى؟"
"لإبقاء الأرواح الشريرة بعيدا. منحتْنى السماء قوة خاصة لأحمى كل حيوانات الغابة".
"وكيف لى أن أعرف أنك تقول الحقيقة؟" سأل النمر المتشكك. "من الجائز أنك تخدعنى بحيلة فقط لتنجو بعظامك النحيفة".
"إذا كنت تريد دليلا على قوتى، ليس علينا إلا أن نتجول فى الغابة"، قال الثعلب.
"جميل جدا"، قال النمر، "ولكنْ عليك أن تمشى أمامى حتى تبقى تحت أنظارى. أنا أعرف كم أنت ماكر".
"كما تريد"، قال الثعلب بابتسامة ماكرة. "تماما كما تريد".
سارا فى الغابة، الثعلب الصغير فى المقدمة والنمر الكبير خلفه بالضبط. وسرعان ما ظهر قطيع من الغزلان. تجاهلتْ الغزلان الثعلب، ولكنْ بمجرد أن لمحتْ النمر، قفزتْ فى الهواء وهربتْ لتنجو بحياتها.
"همممم"، فكر النمر، "أن تجعل قطيعا كاملا يجرى، يتطلب قوة. ربما كان الثعلب حقا مندوبا من السماء".
بعد ذلك مباشرة التقيا بجاموسة ماء، وهى من أكبر حيوانات الغابة. عندما أدركتْ أن النمر كان قريبا، استدارتْ وجرتْ، تاركة وراءها ممرًّا من الأشجار والنباتات المتسلقة المحطمة.
"نعم"، فكر النمر، "مندوب السماء يستحق الاحترام".
واصلا السير فى الممر، لم يمضِ وقت طويل حتى رأيا الفيل. رأى الفيل الثعلب وتجاهله تماما.
"إذنْ!" زمجر النمر، "الفيل لا يخاف منك أيها الثعلب الصغير".
وعندما سمع الفيل زمجرة النمر الغاضب بدأ يشعر بالفزع. رفع زلومته عاليا فى الهواء، مُصْدِرًا صوتا عاليا، وهرب ضاربا الأرض بقدميه وهو يجرى.
شعر النمر بالخوف لأول مرة فى حياته وقال: "تماما كما كنت تقول طوال هذا الوقت، يا صديقى، أنت فعلا مندوب من السماء ولديك القدرة على إبعاد الأرواح الشريرة. ما كنت لآكل أحدا بهذه الأهمية".
"السماء مسرورة بقرارك الحكيم، يا صديقى النمر"، قال الثعلب. وتمتم فى داخله: "وأنا أيضا مسرور".



29
الملك الذى يصدق كل شىء
(النمسا)
كان هناك ملك يصدق كل شيء. إذا قال له أحد مستشاريه إن القلعة تطفو فى الهواء، كان يصدقه. إذا قالت له زوجته الملكة إنها كانت مدعوة لحفلة شاى فى قاع البحر، كان يصدق ذلك. إذا ادَّعَى بستانىّ البلاط أن أزهاره الجميلة نمت من بذرة إلى زهرة ناضرة فى يوم واحد، كان الملك يصدقه أيضا.
فى الحقيقة، لم يكن الملك يريد أن يصدق كل شىء. وهكذا قرر منح صندوق من الذهب ولقب "المستشار الأعلى للبلاط الملكى" لأىّ شخص يستطيع أن يحكى له ما لا يستطيع تصديقه. وتوعَّدَ أولئك الذين يحاولون ويفشلون بالحبس لمدة عام فى زنزانة تحت الأرض.
اصطفَّ الناس فى طابور طويل أمام باب القلعة، وكان كل منهم يأمل أن يفوز بالمكافأة. وبعد كل قصة عجيبة يسمعها الملك كان يقول: "نعم، أنا أصدق هذا. اذهبْ إلى الزنزانة الآن!"
مرت سنة ويوم وأخذ الملك يزداد إحباطا. لم يستطعْ ولا مرة واحدة أن يقول: "لا، هذا كذب، أنا لا أصدق!" وبالتالى أضاف إلى المكافأة صندوقا آخر من الذهب.
سمع مزارع عجوز اسمه ڤيلهيلم عن العرض السخى الذى يقدمه الملك، فقرر زيارته. "أوه أيها الملك العظيم، سأحكى لك عن مغامراتى الأخيرة العظيمة ولن تصدقها".
"عظيم"، أجاب الملك، "لكنْ إذا فشلت ......"
"بالطبع"، قال ڤيلهيلم، "لكنْ دعنى أحكى لك قصتى".
"فى الأسبوع الماضى زرعتُ الفول فى حديقتى. نمت واحدة من سيقان النبات بارتفاع مائة قدم!"
"أصدقك"، قال الملك.
"تسلقت ساق النبات، وعندما وصلت إلى القمة زاد ارتفاع الساق مائتى قدم.
"أصدقك"، قال الملك.
"ظل ساق النبات ينمو بمعدل مخيف وسرعان ما وجدت نفسى بين السحاب. ظهر طريق فقفزت من الساق وهبطت فى منتصف الطريق".
"أنا مازلتُ أصدقك"، قال الملك.
"مشيتُ على طول الطريق عدة أميال إلى أن وصلت إلى طائر ذهبى كبير. كان الطائر يتكلم وأمرنى بأن أتسلق فوق ظهره. فعلتُ ذلك، ارتفع الطائر فى الهواء وهو يحملنى إلى الجنة".
"أكملْ"، قال الملك، "أنا أصدق كل كلمة".
"كانت زيارة رائعة!" أوضح ڤيلهيلم. "وكانت الملائكة تملأ السماء بجمال رائع. رأيت أيضا عددا من أصدقائى الأعزاء الراحلين وكانوا يبدون سعداء للغاية. وعندئذ رأيت والدىَّ العجوزين، كانا يبدوان شابَّّيْن وبصحة جيدة، كانا يرتديان ثيابا ملكية وتيجانا من الذهب. وامتلأ قلبى بالبهجة".
"نعم، أصدقك"، قال الملك.
"ولكنْ بعد ذلك، آه أيها الملك الحكيم، رأيتُ والديْك. وتذكرتُهما منذ أن كنتُ صبيًّا". وأخشى أن أكون قد جئتُ بأنباء سيئة. فهما لم يكونا سعيديْن ولا بصحة جيدة. كانا نحيفين ويرتديان ثيابا قديمة بالية وكانا يشحذان المال.
"لا"، صرخ الملك. "هذا كذب! أنت لم تَرَهُما. أنا لا أصدقك!"
وهكذا أصبح مزارع ذكى اسمه ڤيلهيلم غنيًّا وحصل على لقب "المستشار الأعلى للبلاط الملكى".



30
العنكبوت الجائع
(أفريقيا)
كان العنكبوت جائعا! وكان دائما جائعا. وكان العنكبوت شرهًا أيضا. كل الحيوانات كانت تعرف هذا، وعندما يحلّ موعد الوجبة، كانت لدى العنكبوت حِيَلٌ كثيرة، وبالنسبة للعنكبوت فإن كل وقت كان موعدا للوجبة.
وذات يوم غادر ذكر السلحفاة بيته فى البِرْكة ومضى فى رحلة طويلة. سافر بِخُطًى بطيئة عبر الغابة وأخيرا وصل إلى بيت العنكبوت. كانا لم يتقابلا من قبل. وعلى مضض، دعا العنكبوت ذكر السلحفاة للبقاء لتناول الغداء. وكان العنكبوت يحبّ أن يتحادث مع الغرباء، لأنه كانت لديهم قصص شيقة يحكونها. غير أنه كان يكره إطعامهم لأنهم كانوا يأكلون الطعام الذى أراده لنفسه.
"صديقى ذكر السلحفاة"، قال العنكبوت. "لابد أنك تعبت بعد رحلتك الطويلة. انزلْ إلى النهر وأنعشْ نفسك. وسأقوم بإعداد الطعام وأنت هناك".
"ما أكرمك!"، قال ذكر السلحفاة. "سوف أُسْرِع لأننى جائع جدا". وسلك ذكر السلحفاة الممر إلى حافة الماء وألقى بنفسه فيه. كان شيئا جيدا أن يبرِّد جسمه وأن يحس بأنه نظيف من جديد. ثم زحف خارجا من النهر وأسرع عائدا إلى بيت العنكبوت. وكانت الروائح اللذيذة تملأ جو المكان. وكان موعد الأكل قد حان!
دخل ذكر السلحفاة ورأى الطعام على المائدة. "أشكرك على دعوتك لى للبقاء للغداء، أيها العنكبوت"، قال ذكر السلحفاة. "لم آكل يوما كاملا".
"أهلا وسهلا ومرحبا، يا ذكر السلحفاة"، قال العنكبوت عابسا. "لكننا فى هذه الناحية من البلاد لا نجلس إلى المائدة بأقدام مُوحِلة".
نظر ذكر السلحفاة إلى أقدامه. كانت مُوحِلة حقا. كانت أقدامه مبتلة من النهر وكان الممر كثيف التراب. أصيب بارتباك بالغ. واستأذن وسار عائدا فى نفس الطريق إلى النهر ليغسلها. جففها بعناية على الحشائش وأسرع عائدا إلى العنكبوت. غير أنه كان قد تأخر أكثر مما ينبغى. كان العنكبوت قد أكل كل الطعام. أصيب ذكر السلحفاة بخيبة أمل، غير أنه كان أكثر أدبا من أن يشكو. ونام جائعا فى تلك الليلة وغادر عائدا إلى بيته فى الصباح التالى أكثر جوعا أيضا!
بعد هذا بسبعة أشهر، قام العنكبوت برحلة طويلة. ووصل إلى بيت ذكر السلحفاة وسأل ما إذا كان يمكن أن يقضى ليلته عنده.
"بالطبع، يا صديقى العنكبوت"، قال ذكر السلحفاة. "إننى أتذكر كم كنت كريما معى!"
"أنا جائع جدا!"، صاح العنكبوت. "هل يمكن أن نأكل الآن فى التوِّ واللحظة؟"
"سأغوص إلى قاع البركة وأقوم بإعداد الوليمة"، قال ذكر السلحفاة. "انتظرْ هنا وسأنادى عليك عندما يكون كل شيء جاهزا". جمع ذكر السلحفاة أشهى وألذ طعامه، ووضعه على مائدة طويلة فى قاع البركة. ثم سبح إلى السطح، وقال: "من فضلك الحقْ بى، أيها العنكبوت. لقد تم تقديم الغداء".
قفز العنكبوت إلى الماء وحاول أن يغوص. لكنه كان خفيف الوزن إلى حد أنه لم يمكنه البقاء تحت الماء، وناهيك بأن يغوص إلى القاع. وكان ذكر السلحفاة قد بدأ يأكل بالفعل، ولهذا فإن العنكبوت أخذ يركل ويرتعش ويرشرش الماء بكل قوته. وبقى هناك فى الأعلى.
سبح ذكر السلحفاة إلى السطح وقال: "صديقى العنكبوت، انزلْ إلى القاع واستمتعْ بالوجبة. إنها شهية للغاية، إذا جاز لى أن أقول هذا".
وخطرتْ فكرة ببال العنكبوت! زحف عائدا إلى الشاطئ والتقط عدة زلطات ثقيلة. وحشاها فى جيوب معطفه لتجعله ثقيلا وتغوص به إلى القاع. ثم أخذ العنكبوت يقفز عائدا إلى البركة وغاص بسرعة إلى القاع. وكان نصف الطعام قد ذهب، غير أن ما بقى منه بدا لذيذا! وكان قد بدأ يأخذ قضمة كبيرة عندما قال ذكر السلحفاة: "صديقى العنكبوت، فى هذه الناحية من الغابة، يُعتبر من سوء السلوك أن تأكل وعليك معطفك".
لم يُرِدْ العنكبوت أن يكون غير مؤدب. ولهذا انزلق خارجا من معطفه وحاول الوصول إلى طبق شهى آخر من الطعام. ولكنْ قبل أن يكون بوسعه أن يمسك به، نَطَّ إلى السطح مثل فلينة! صرخ العنكبوت طافيا، وهو يراقب ذكر السلحفاة فى قاع البركة يأكل باقى الطعام.
وكما يقال فإن الجزاء من جنس العمل.

















30
الدرس الأول
(البرازيل)
وقع صياد قوى اسمه جاهان فى حب امرأة شابة اسمها ميرّا. وعندما طلب منها أن تتزوجه، قالت: "يا جاهان، أنت رجل وسيم، ومحارب موهوب. ولكن تنقصك الحكمة. لا يمكن أن أتزوج رجلا غير حكيم".
"إذنْ أتعلَّمُ الحكمة!" أكّد جاهان.
زعيم القبيلة المجاورة العجوز كان يسمى تييرنو، وكان يقال إنه حكيم. جدَّف جاهان بزورقه الصغير فى النهر ليتعلم منه. وعندما وصل، أرشده أطفال القرية إلى مكان سكن تييرنو.
"جئتُ لأتعلم الحكمة"، أوضح المحارب.
"لتحصل على الحكمة، يجب أن ترغب فيها أكثر من أىّ شيء آخر فى العالم"، قال الزعيم.
"نعم"، قال جاهان، "أكثر من أىّ شيء آخر، هذا هو ما أريده".
"إذنْ سأعطيك الدرس الأول، تعالَ معى".
قاد تييرنو جاهان نحو النهر وطلب منه أن يركع على رُكبتيْه فى الماء الضحل. فعل ذلك، فدفع الرجل العجوز رأس جاهان تحت الماء وأبقاه هناك حتى أصبح الشاب نصف غريق! وأخيرا، تركه تييرنو يُفْلت من قبضته القوية، فنهض وهو يطرطش ويسعل.
"قلْ لى فيم كنت تفكر هناك ورأسك تحت الماء"، سأل الرجل العجوز.
"هواء أتنفسه!" صاح جاهان.
"هل أنت متأكد؟ هل فكرتَ بدلا من ذلك فى كم أنت شجاع، أو فى كم أنت صياد بارع؟"
"لا"، قال جاهان، فكرتُ فقط فى الهواء".
"هذا هو الدرس الأول. عندما تريد الحكمة بقدر ما أردت الهواء، ستصير رجلا حكيما!"
عاد جاهان إلى قريته وقابل ميرّا.
"هل علَّمك تييرنو كيف تكون حكيما؟"، سألتْ.
خفض جاهان رأسه وتحدث برقة. "لا، يا جميلتى ميرّا. علَّمنى أن الهواء أهمّ من الحكمة!"
"فى هذه الحالة"، قالت: "سأتزوجك".
لم يستطع جاهان أن يصدق ما سمعه! " لكننى سأستغرق سنوات عديدة قبل أن أكون حكيما. سأكون عجوزا وتضعف عيناى وساقىَّ".
"أعرفُ"، قالت ميرّا بابتسامة". ولكنك أظهرت لى أن لديك الآن صفتين أقدَّرهما مثلما أقدّر الحكمة- الأمانة والتواضع. إذن أنت قمت الآن بالخطوة الأولى نحو الحصول على الحكمة وأنا راضية".








32
ﭙيدير وعفريت الماء
(السويد)
ذات مرة، منذ زمن بعيد، طلب رجل عجوز أن يأتى ابنه، الذى كان اسمه ﭙيدير، إلى جوار فراش مرضه. "سأموت قريبا"، قال، "أنا آسف لأن ما أتركه لك ليس أكثر من لفة حبال. إنها حبال جيدة، وأنا متأكد أنك ستجد طريقة لتنجح بها فى حياتك".
مات والد ﭙيدير فى اليوم التالى. وبعد طقوس الدفن، مسح الفتى دموعه وحمل لفة الحبال إلى الغابة. وسرعان ما وردت على باله فكرة فاستخدمَ الحبال فى صُنْع مصيدة. لم يمض وقت طويل قبل أن يصطاد سنجابا صغيرا، وبعد ذلك بقليل، أرنبا مرحا. وضعهما كليْهما فى سلة من الخيزران، وذهب يبحث عن صيد أكبر، حاملا السلة معه.
كان ﭙيدير يعرف دُبًّا عجوزا كان يحب أن يأخذ غفوات طويلة فى كهف قريب من شاطئ بحيرة كبيرة. جلس الولد على صخرة ودلدل قدمه فى المياه الباردة بينما بدأ فى عمل مصيدة كبيرة بشكل يكفى لصيد دب! عندئذ بالضبط ظهر عفريت ماء قبيح وخطيرجدا يسبح خارجا من قاع البحيرة وقال: "لماذا قدماك النتنتان فى مياهى؟"
"أنا أصنع الآن أكبر مصيدة فى السويد"، قال ﭙيدير، "وسأصطاد كل عفاريت الماء التى تحاول الهرب من البحيرة".
عبس وجه العفريت وقال: "عار عليك يافتى، مجرد التفكير فى أنه يمكنك اصطيادى. أنا أسرع بكثير من أمثالك. فى الحقيقة، أنا أتحداك فى سباق إلى قمة تلك الشجرة التى هناك".
"آه، ليس لدى وقت لسباق سخيف الآن"، أوضح ﭙيدير، "لهذا، سأجعل ابن عمى الصغير يتسابق بدلا منى".
أطلق الفتى سراح السنجاب من السلة. فجرى إلى الشجرة وجلس على أعلى فرع فيها قبل أن يرمش عفريت الماء ثلاث مرات!
"ابن عمك متسلق سريع"، أقرَّ العفريت، "ولكنى أعرف أننى أستطيع أن أهزمك فى سباق على الأرض".
"أنا مشغول جدا بهذه المصيدة"، قال ﭙيدير، فيما كان يواصل عقد الحبل. "سأتركك تتسابق مع أخى الصغير".
فكَّ ﭙيدير أسر الأرنب من السلة. ألقى الأرنب أذنيْه إلى الوراء وانطلق عبر الشاطئ الصخرى نحو أرضية الغابة قبل أن يستطيع عفريت الماء أن يرمش بعينه مرتين!
"أخوك الصغير عدّاء سريع"، قال العفريت، "ولكننى مازلت قويا، أقوى مما تتخيل. أتحداك فى مباراة مصارعة".
"لن أنتهى أبدا من صنع هذه المصيدة إذا أضعتُ الوقت فى لعب ألعابك"، قال پيدير. "إذا أردتَ أن تتصارع، اذهبْ إلى الكهف وأيقظْْ جدى العجوز. سيكون سعيدا بقبول التحدى معك".
ركض عفريت الماء إلى الكهف وشد شارب الدب النائم وهو يصيح: "استيقظْْ أيها الرجل العجوز! حفيدك قال إنه يمكنك أن تصارعنى!"
هزتْ الجبل زمجرة غاضبة حيث كان الدب يستيقظ ويخرج متثاقلا من الكهف المظلم. ثم وقف على رِجْليْه الخلفيتين رافعا مخلبيه الضخمين إلى أعلى مستعدا للقتال.
رمش عفريت الماء مرة وجرى عائدا إلى حافة الماء. "جدك قوى، أعترف بهذا"، قال. ثم، بعد أن تردد لحظة، سأل العفريت: "ماذا تريد لتتركنى أنا وكل عفاريت الماء الأخرى وشأننا؟"
فكر ﭙيدير لحظة وقال: "نقود ذهبية كافية لملء قبعتى".
"أوافق"، قال عفريت الماء، وغطس فى قاع البحيرة العميقة.
فى نفس الوقت قطع ﭙيدير فتحة فى قبعته وحفر ثقبا فى الأرض. ثم قلب القبعة ووضعها فوق الحفرة. عندما عاد العفريت، أخذ يصبّ النقود الذهبية فى القبعة التى سقطت بالطبع ببساطة من خلال الثقب إلى الحفرة.
"إنها قبعة كبيرة للغاية"، دمدم عفريت الماء". علىَّ أن أغطس مرة أخرى لمزيد من النقود".
عاد فى المرة الثانية بكمية من النقود تكفى لملء كل من الحفرة والقبعة. وكان ﭙيدير مسرورا. "شكرا لك أيتها العفريت". قال پيدير. "الآن أنت وأصدقاؤك فى أمان. وفى أىّ وقت ترغب فيه فى سباق أو مباراة مصارعة، فقط أبلغْنى".
"لا، شكرا لك"، قال عفريت الماء. "إذا كنتَ تشبه وإنْ قليلا باقى عائلتك، سأبقى فى بيتى فى قاع البحيرة". وبعد هذه الكلمات استدار عفريت الماء وغطس بسرعة عائدا إلى أسفل، إلى المياه الباردة.















33
الماعزة و الصخرة
(التبت)
حدث ذات يوم، أن بائع حليب كان يقوم بعمله بِهمَِّة. قطع ذهابا وإيابا الشوارع المتعرِّجة، الضيقة للمدينة، حاملا كوزا من الفخار مليئا باللبن، وكان ينادى بأعلى صوته: "لبن للبيع! لبن طازج للبيع!". وكلما احتاج الناس إلى اللبن كانوا يفتحون له الباب. يصبّ البائع المتجول لبنه فى إناء الزبون، ويجمع نقودا معدنية قليلة ويواصل طريقه، ويصيح: "لبن طازج للبيع!"
سرعان ما جاء وقت الغداء وقرر البائع المتجول أن يستريح فى ظل صخرة كبيرة. وضع كوز اللبن الثقيل، نصف المملوء الآن، على مكان مسطح على قمة الصخرة، وبدأ يأكل ما كان معه من الجبن الصلب والخبز الداكن.
بعد قليل، جاء هابطا الطريق راعى ماعز يقود أمامه عددا صغيرا من الحيوانات التى تقول ماااء ماااء. وعند رؤية بائع اللبن صاح بصوت عالٍ وسعيد: "مرحبا!" أفزع الصوت المفاجىء ماعزة من القطيع وقفزت على الصخرة وقلبت كوز اللبن. سقط على الأرض وتهشم إلى قطع صغيرة.
غضب بائع اللبن بشدة وطلب الدفع مقابل كل من الكوز واللبن المفقود، ولكنّ راعى القطيع أوضح أن الخطأ لم يكن خطأه، كان خطأ الماعزة. تجادلا طويلا إلى ما بعد الظهر واتَّفقا فى النهاية على عرض قضيتهم أمام القاضى المحلى.
استمع القاضى إلى كل منهما بصبر، ثم قال: "من الواضح أن بائع اللبن قد قفد كوزه ولبنه دون خطأ منه. فبدون كوزه لن يكون قادرا على القيام بعمله وإطعام عائلته".
"من الواضح أيضا أن راعى الماعز لم يخطئ. لم يكن يقصد أىّ سوء بتحيته الودودة. وإذا باع ماعزه ليدفع التعويض، لن يستطيع أن يطعم عائلته.
"يقع اللوم إذن على الماعزة والصخرة. سأصدر الأمر بالقبض عليهما فى الحال. ستتم محاكمتهما غدا فى الظهيرة".
تم اعتقال الماعزة والصخرة وأخذهما إلى السجن. ذهبت الماعزة مسالمة، ولكن الصخرة كانت عنيدة وكان لا بد من أن يحملها عشرون رجلا قويا.
انتشر نبأ هذا الحادث الغريب سريعا فى أنحاء المدينة ورغب كل شخص فى أن يحضر محاكمة الماعزة والصخرة. وكان الناس يعلمون أن القاضى عادل، لكنّ ذلك بدا جنونا! وفى اليوم التالى كانت الساحة تغصّ بالمواطنين الفضوليِّين.
ابتسم القاضى عندما رأى الحشد وأمر الحراس بأن يغلقوا البوابات وأن يحبسوا كل الناس. ثم تحدث إلى المواطنين المحتشدين:
"كلكم جئتم لتشهدوا محاكمة الماعزة و الصخرة. ولكنْ، كما لا بد أنكم تدركون ليست لدينا قوانين لنحاكمهما بها. إذن، لابد أنكم فكرتم أننى أصبحت مجنونا، وقد جئتم فى الحقيقة لتشاهدونى وأنا أرتكب حماقات.
"أنا محبط منكم لأنكم تصورتم شيئا مخيفا كهذا عنى، وقررتُ تغريم كل منكم قرشا واحدا كعقوبة على "الأفكار غير اللائقة". وعليكم أن تدفعوا الغرامة لكى تغادروا الساحة".
ضحك الناس ودفعوا بسرور الغرامة الصغيرة. طبعا، أعطى القاضى كل القروش لبائع اللبن، الذى أصبح عندئذ قادرا على أن يشترى كوزا آخر، وأن يملأه باللبن الطازج، وأن يستمر فى الذهاب والإياب فى الشوارع المتعرِّجة، مناديا بسعادة: "حليب للبيع! حليب طازج للبيع!"






إشارات
الموضوعات المقدَّمة هنا (حيثما كانت ملائمة) مأخوذة من:
Margaret Read MacDonald, The Storyteller s Sourcebook: A Subject, Title, and Motif Index to Folklore Collections for Children. (Detroit: Gale/Neal-Schuman, 1982).

1 ﭽو العجوز والنجار (الولايات المتحدة الأمريكية)

سمعتُ لأول مرة مجرد الهيكل العظمى لهذه القصة التى أضع تحتها توقيعى من أمين مكتبة مدرسة ابتدائية فى بلنجهام، واشنطن، فى 1977. وقد قمتُ بتبسيط الحبكة وتقوية النهاية خلال عدة أعوام من حكايتها بصوت مرتفع. وربما كانت الرواية الأولى المسجلة منها واردة فى:
North Carolina Folklore, "A Job of Work" by Manly Wade Wellman, Volume III, ,No.1, July, 1955.
وقد روى هذه القصة للسيد ويلمان Wellman فى 1951 صياد نَحْل عجوز اسمه جرين Green عاش بالقرب من بات كيڤ Bat Cave فى مقاطعة هندرسون Henderson، نورث كارولاينا.

2 لعبة شد الحبل (أفريقيا)

K22.0.4. حكاية ممتازة لأطفال صغار يحتاجون إلى تشجيع الذات. وتوجد رواية أخرى لهذه الحكاية فى:
The Merry Little Fox and Other Animal Stories by Norah Montgomerie (New York: Abelard-Schuman, 1964), pp. 28-31.

3 طاقية الاستماع (الياپان)

D1067.2.1. بعد المشاركة فى هذه الحكاية، يسألنى بعضهم فى كثير من الأحيان عما إذا كانت هذه الطواقى موجودة فى الواقع، ومن أين يمكن الحصول على إحداها. ومن أجل رواية أخرى لهذه الحكاية، انظرْ:
The Magic Listening Cap: More Folk Tales From Japan by Yoshiko Uchida (New York: Harcourt, Brace, 1955), pp. 2-10.

4 السباق الأخير للأرنب (المكسيك)

K11.1. أحد تنويعات كثيرة "للسباق" يتم الفوز به باستخدام أقارب لخداع المُتَبجََِّح. ويكون السباق عادة بين أرنب برى وسلحفاة. وقد سمعت حكاية أخرى عن أسرة من النمل تخدع فيلا. وهناك مصدر جيد (سلحفاة المياه العذبة تهزم الأرنب البرى) هو:
Joel Chandler Harris s The Favorite Uncle Remus (Boston: Houghton Mifflin, 1984), pp.86-90.

5 ألكزاندر والقزم والماردة (الدنمارك)

H321.1. يعتبر تصوير الماردة شيئا مبهجا. مناسبة عظيمة للتعبير عن النجاح! وتوجد رواية أخرى فى:
A Book of Ogres and Trolls by Ruth Manning-Sanders (New York: Dutton 1972), pp.123-127.

6 الذئب الساحر (حكاية هندية أمريكية)

تم تسجيل أساطير شعب الأقدام السوداء من التاريخ الشفاهى قرب نهاية القرن التاسع عشر.
وهذه القصة تتكشف بكل سلاسة، إنها تقريبا تحكى نفسها، انظرْ:
Myths of the North American Indians by Lewis Spence (London: George G. Harrap, 1914).

7 السنيور الثعبان ذو الأجراس يتعلم الطيران (المكسيك)

هناك موضوع مشابه للتنويعة الأفريقية التى تطير فيها السلحفاة بالفعل، وتتكلم، وتسقط، انظرْ:
African Village Folktales by Edna Mason Kaula (New York: World, 1968), pp. 80-83.

8 وليمة العنكبوت الجدّ (أفريقيا)

J2183.1.3. قصة رائعة للفصل الدراسى. قمْ بتمثيل دور الراوى واجعل الأطفال يمثلون أدوار الحبكة. توجد رواية أخرى لهذه الحكاية فى:
The Hatshaking Dance and Other Tales From The Gold Coast by Harold Courlander and Albert Kofi Prempeh (New York: Harcourt, Brace, 1957) pp.18-19.

9 المرآة (كوريا)

J1795.2. اعرضْ مرآة (خيالية) واتخذْ كل تعبيرات الوجه الملائمة عندما تشارك فى هذه القصة. إنها مسلية! انظرْ:
The Story Bag: A Collection of Korean Folk Tales by So-Un Kim (Rutland, Vermont: Tuttle, 1955) pp.44-50.

10 دامون وﭙيثياث (اليونان القديمة)

قمْ بخلق الإثارة ببطء من خلال الحكى. اجعلْ الوقفة المشحونة بين سقوط الفأس ووصول ﭙيثياث تحبس الأنفاس. يوجد مصدر آخر فى:
Favorite Folktales and Fables by Joanna Strong (New York: Hart, 1950), pp. 67-71.

11 الأميرة التى لا تبكى (حكاية مُبتكرة)

أثناء إقامة ورشة لمؤلف شاب فى مدرسة ابتدائية، سألت الأطفال كيف كانوا سيحاولون جعلها تبكى بدون إيذائها. وتتضمن هذه القصة أفكارهم.

12 شارب الأسد (أفريقيا)

B848.21. توجد تنويعات عديدة حول هذا الموضوع فى الأدب الشعبى الأفريقى. وقد وجدت أن هذه ستكون قصة ممتازة لحفلات الزفاف والاحتفالات السنوية، انظرْ:
African Village Folktales by Edna Mason Kaula (New York: World, 1968), pp.142-145.

13 كيف غادر الناموس كامبارا (فيچى)

A2434.2.4. أثناء حكايتها فى معسكر صيفى، أزعجنا، أنا ومستمعىَّ الصغار سرب جائع من الناموس المزعج. ولحسن الحظ مازلت أتذكر هذه الحكاية، انظرْ أيضا:
Tales from The South Pacific Islands by Anne Gittens (Owings Mills, Maryland: Stemmer House, 1977) pp. 3-10.

14 جريتل الذكية (ألمانيا)

K2137. الأطفال الأكبر سنا يحبون البراعة والمزاح فى هذه القصة. وإذا استمتعتَ بالحل فإن مستمعيك سيضحكون! وتوجد رواية أخرى فى:
Grimm s Tales For Young and Old by Ralph Manheim(New York: Double Day, 1977), pp. 272-274.

15 آه شونج يصطاد شبحا (الصين)

إضافة هزلية إلى برنامج فى عيد جميع القديسين، خاصة إذا كانت العروض المختارة مخيفة بالفعل! ابتدع صوتا هامسا للشبح، انظرْ أيضا:
Folk Tales of China by Lee Wyndham (Indianapolis: Bobbs- Merrill, 1963), pp. 48-51.

16 ذئب البرارى يسرق الربيع (حكاية هندية أمريكية)

أحبّ الاتجاه الواحد لهذه القصة. فذئب البرارى يعرف ما يريد وكيف يحصل عليه. اِحْكِها فى أيام شتوية باردة. وتوجد تنويعة لهذه الحكاية من شمال غرب أميريكا فى:
The Talking Stone: An Anthology of Native American Tales and Legends by Dorothy DeWitt (New York: Greenwillow, 1979), pp. 113-117.

17 التشيريميا (جواتيمالا)

هذه الحكاية التى تفسر أصل التشيريميا شائعة فى جواتيمالا. وتوجد رواية أكمل فى:
The King of The Mountains, A Treasury of Latin American Folk Stories by M. A. Jagendorf and R. S. Boggs (New York: Vanguard, 1960), pp. 132-135.

18 عادات طبيعية (أفريقيا)

K263.1. تتمثل إحدى "عاداتى الطبيعية" على خشبة المسرح فى أخذ نَفَسٍ كامل (شهيق- زفير) بين المقدمة والقصة الفعلية. ما هى إحدى عاداتك الطبيعية؟ من المرغوب فيه تشجيع الپانتوميم من أجل هذه القصة! انظرْ:
More Favorite Stories Old and New for Boys and Girls by Sidonie M. Gruenberg (New York: Doubleday, 1984) pp. 105-108.

19 الإناء السحرى (الصين)

D1652.5.7.1. بعد هذه الحكاية أسمع فى كثير من الأحيان "واو! أريد أحد هذه الأوانى!" وهكذا يبدو أن الانشغال بالماديات سمة خالدة وعبر ثقافية. وتوجد رواية أخرى فى:
The Arbuthnot Anthology of Children s Literature by May Hill Arbuthnot (Chicago: Scott Forsman, 1961), pp. 333-334.

20 آدا والأوغاد (هولندا)

أحبّ عندما يجرى التفوق على أشخاص أشرار أن يكون هذا بالذكاء الأصيل بدلا من الحظ. وتوجد رواية أخرى فى:
The Buried Treasure and Other Picture Tales by Eulalie Steinmetz Ross (Philadelphia: Lippincott, 1958), pp. 127-134.

21 البخيل (الولايات المتحدة الأمريكية)

J2478. قصة قديمة لموضوع معاصر. هذه هى قوة القلب. وأنا أحكيها لمجموعات البزنيس الذين يقومون بتحسين "النتيجة الأخيرة". وهى مماثلة لحكاية يهودية موجودة فى:
More Wise Men of Helm by Solomon Simon (New York: Behrmen House, 1965), pp. 77-78.

22 بوسانج پوهو (الهند)

K1601. ها هى امرأة أخرى قوية وذكية تأتى من التراث الفلكلورى. أكثروا من هذا من فضلكم! انظرْ أيضا:
The Fables of India by Joseph Gaer (Boston: Little, Brown, 1955), pp. 18-20.

23 ﭽاك الصغير وﭽون الكسلان (فرنسا)

H711.1. حبكة شعبية شائعة يسأل فيها الملك دائما "كم أساوى؟" فهل هناك ما يدهش فى أن الملكيات صارت من الناحية الجوهرية شيئا من الماضى؟ سمعتُ هذه الحكاية لأول مرة باعتبارها قصة فلاح فرنسى وتوجد رواية مماثلة فى النرويج:
Norwegian Folk Tales by Peter Christen Asbornsen (New York: Viking, 1960), pp. 15-16.

24 القرع العسلى الضخم (أفريقيا)

A641.3. انعطاف مبهج فى الحبكة! لاحظْ كيف يتكثف الاستماع عندما تصل إلى "وهذا الجزء من القصة يصعب تصديقه..." وذات مرة سمعتُ شخصا من هاواى يروى حكاية مماثلة حول قرعة عملاقة وهذه الرواية الأفريقية توجد أيضا فى:
Guillot S African Folk Tales by Rene Guillot (New York: Franklin Watts, 1965), pp. 95-97.

25 زحافة الحفيدة (روسيا)

J121.3. عندما أحكى هذه القصة أعتمد على أنها توازن بين البراءة ومصاعب الحياة. ويتتابع صوتى، وإيماءاتى، وانفعالاتى وفقا لهذا. حاولْ ذلك، وتوجد رواية أخرى فى:
More Tales of Faraway Folk by Babette Deutsch and Avraham Yarmolinsky (New York: Harper & Row, 1963), pp. 63-68.

26 خُوان ونبات الماجواى (المكسيك)

أنا أجعل مكان هذه القصة وسط برنامج، وعندما أضحك بصدق مثل خُوان تحدث نتيجة مدهشة. لدى مستمعىَّ حرية أن يضحكوا من ناحيتهم، وهم يضحكون بالفعل! وتوجد رواية من الروايات الأصلية المكتوبة فى:
"The Little Animals of Mexico," contributed by Dan Storm to Coyote Wisdom (Texas Folk-Lore Society Publications, No. XIV 1938). It is reprinted in A Harvest of World Folktales edited by Milton Rugoff (New York: Viking, 1949), pp. 595-598.

27 حظ الشيطان (المجر)

قصة منطقية تحليلية! يبدو أن الطلاب الذين يتفوقون فى الرياضيات والعلوم يتمتعون بها بصفة خاصة. اطلبْ منهم أن يتوصلوا إلى إجابات مختلفة للأسئلة السبعة وتوجد رواية أخرى فى:
13 Devils by Dorothy Gladys Spicer (New York: Coward-McCann, 1967), pp. 25-32.

28 مندوب السماء (الصين)

J684.1.1. أحيانا يكون النمر، وأحيانا يكون الأسد، ولكن الثعلب هو الذى ينتصر دائما فى النهاية وهذه تشبه حكاية موجودة فى:
Favorite Children s Stories From China and Tibet by Lotta Carswell Hume (Rutland, VT: Charles E. Tuttle, 1962), pp. 67-68.

29 الملك الذى يصدق كل شىء (النمسا)

H342.3. توجد روايات عديدة لهذه القصة لكل منها تنويعاتها من الحكايات الطويلة المستخدمة لإجبار الملك على أن يقول: "هذه كذبة!" فى الفصل الدراسى، اطلبْ من الأطفال أن يتوصلوا إلى ترتيبهم الخاص للأكاذيب. اخترْ ملكا أو (ملكة) واطلبْ منه/ منها اختيار فائز، انظرْ:
Tales From Atop A Russian Stove by Higonnet-Schnopper (Chicago: Albert Whitman, 1973), pp. 21-29.

30 العنكبوت الجائع (أفريقيا)

العنكبوت، المحتال، يظهر عادة على القمة. ومن المسلى وأيضا من المنعش أن نرى التفوق عليه يتم بالحيلة! وحكاية هذه القصة تحسَّن أىّ موانع إيماءات قد تكون لدى المرء. وتوجد رواية أخرى فى:
The Cow-Tail Switch and Other West African Stories by Harold Courlander and George Herzog (New York: Holt, 1947), pp. 107-112.

31 الدرس الأول (البرازيل)

حكاية "متكاملة": جزئيا فلكلور وجزئيا قصة. أنا أحبّ الحقائق البسيطة التى تقدمها هذه القصة. وهى مؤثرة مع مجموعات الكبار ورجال الأعمال، وأيضا فى المدارس. وذات مرة طلبتْ منى طالبة بمدرسة ثانوية أن أرسل رفيقها إلى شيخ القبيلة العجوز، تييرنو، بأسرع ما يمكن!

32 پيدير وعفريت الماء (السويد)

بعد المشاركة فى هذه القصة، أخبرنى كهل سويدى أنه يوجد اسم أدقّ لعفريت الماء وهو Necken، انظرْ أيضا:
Fairy Tales From Sweden by Irma Kaplan (Chicago: Follett, 1967), pp. 200-208.

33 الماعزة و الصخرة (التبت)

J1141.3.4.1. فى بعض القصص تجرى محاكمة الصخرة وجلدها بالسياط لسرقتها نقود أحد الأطفال وهذه الرواية تشبه حكاية فى:
The Tiger s Whisker, and Other Tales and Legends From Asia and the Pacific by Harold Courlander (New York: Harcourt, Brace, 1959), pp. 24-28.









المؤلف فى سطور
پليزانت ديسپين
* رائد معترف به لنهضة الحكى فى أمريكا.
* قام من قبل بتدريس الأدب بجامعة ماساتشوسيتس وجامعة واشنطون.
* نشر أكثر من مائة قصة.
* يقيم فى سياتل ويسافر إلى مختلف أنحاء أمريكا يحكى قصصا متعددة الثقافات ويُلهم الأطفال ليكتبو قصصهم الخاصة.













المترجمة فى سطور
عزة خليل كلفت
(27 حكاية من أصل 33 حكاية)

* مترجمة مصرية حرة.
* من مواليد القاهرة 1989.
* تخرجت من قسم اللغة الإسپانية بكلية الألسن، جامعة عين شمس، القاهرة، 2010.
* تترجم عن اللغتين الإسپانية والإنجليزية.
* كتاب "الأميرة التى لا تبكى وحكايات أخرى هو كتابها الأول، وقد صدر عن المركز القومى للترجمة، القاهرة، 2010، [عن الإنجليزية].
* يصدر لها قريبا عن المركز القومى للترجمة، القاهرة، كتاب "حكايات حول المدفأة"، وهو مجلد ضخم يشتمل على حكايات شعبية إسپانية، تأليف: أنطونيو رودريجث ألمودوبر [عن الإسپانية].








المترجم فى سطور
خليل كلفت
(6 حكايات من أصل 33 حكاية)
* صدرت له عن المشروع القومى للترجمة، القاهرة، ثلاثة كتب من قصص الناشئة للكاتب الفرنسى برنار كلاڤيل هى: "أساطير البحر"، و ""أساطير الجبال والغابات""، و "أساطير البحيرات والأنهار" [عن الفرنسية].
* صدرت له عن دار الياس العصرية للطباعة والنشر، القاهرة، أربعة كتب من قصص الصغار والناشئة وهى: شخابيطو تشخبط تأليف: ريتا جولدن چيلمان [عن الإنجليزية]، و تيمور والتعبيرات، (بالاشتراك مع هويدا نور الدين)، تأليف: آنى جروڤى [عن الفرنسية]، و دينو.. الديناصور، تأليف: آنا ماريا روميرو يبرا [عن الإسپانية]، و ملك الغابة، تأليف: ميكيل بالبيردى [عن الإسپانية].










كلمة الغلاف
إن ما نحكيه ليس مجرد قصص، إنه النَّفَس الذى نتنفسه. ونحن نحكى القصص بكلمات. والكلمات نَفَس نقوم بصياغته فى شكل. وربما كانت تجربة الحياة الأكثر شيوعا والتى يتقاسمها الجميع هى أننا نواصل الشهيق والزفير. وهذه فى الحقيقة هى التى تبدأ عندها القصص وتنتهى.
وفيما يتعلق بهذه الحكايات المحددة، فقد قمتُ باختيارها على أساس "قابليتها للحكى"، وعالميتها، وكمالها الثقافى. فهى تُحْكَى ببساطة، وتشتمل بداخلها على مجال لتجربتكم وتعبيركم وأسلوبكم. وقد حاولتُ أن أوازن الكتاب بعدد مناسب من الحكايات من كل القارات الرئيسية، وضمَّنْتُهَ الحكايات الذكية والقوية للفتى والفتاة، للمرأة والرجل، للحيوان والبشر. وهى موجَّهة إلى كلٍّ من المبتدئين والمحترفين من المعلمين والأمهات والآباء (خبراء قصص وقت النوم!)، ورواة القصص. ولأننى أستخدم كلمات "حقيقية" فإن القصص سوف تكبر مع الأطفال الذين يسمعونها أو يقرأونها. وأملى أن لا يكبروا عليها فيفقدوا اهتمامهم بها.
پليزانت ديسپين



#عزة_خليل_كلفت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأميرة التى لا تبكى وحكايات أخرى - پليزانت ديسپين


المزيد.....




- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
- مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب ...
- فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو ...
- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزة خليل كلفت - الأميرة التى لا تبكى وحكايات أخرى - پليزانت ديسپين