|
الام الناشطة مارثا كالو رائدة المرأة تصاب بقصف الانتينوف هيبان - جبال النوبة !
ايليا أرومي كوكو
الحوار المتمدن-العدد: 3867 - 2012 / 10 / 1 - 07:26
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
الام الناشطة مارثا كالو رائدة المرأة تصاب بقصف الانتينوف هيبان - جبال النوبة !
في وقت متأخر من يوم الاثنين الماضي اخطرتني شقيقتي حسنات بأن عملية استئصال رحم كامل سيجري لها في ام درمان بمستشفي اسيا يوم الخميس الموافق 28 / 9/ 2012م . طار قلبي و خواطر شتي جالت بفكري فعملية استئصال الرحم كله يعني الحياة او الموت لحسنات اختي و بالاحري هو ايقاف قصري للولادة و الانجاب في المستقبل . و بالثلاثاء رحلت علي جناح السرعة الي الخرطوم . هو وقت لأقف مع اختي فهي ستحتاجني بجوارها امس الحاجة . انها تعبر لوحدها الجسر بين الحياة و الموت . حتماً في لحظات التجربة ستتذكر وستفتقد أمها و اخوانها و كل أهلها في هيبان . و انا في حيرة من أمري مشتت الذهني بين عملية أختي و مصير كل الذين تقطعت بهم سبل الحياة في جبال النوبة . فأهلنا في جبال النوبة يواجهون كابوس الموت بين اللحظة و الحين انهم بين مطرقة الحرب و سندان الجوع تختلف الاسباب و المبررات و يبقي الموت هو الغاية الاسمي الهدف الكبير في سبيل ابادة شعب جبال النوبة . انتهت عملية اختي بسلام فحمدت الله حمداً كثيراً . لكن قبيل اكتمال الفرحة في ثغري علمت بأن فضائية الجزيرة اوردت خبراً مفاده أن هيبان مدينتي قد قصف بالانتينوف و أمطرت بنحو خمس او سته قنابل . اليوم يوم سوق الخميس فهل استهدفت الانتينوف سكان هيبان و باغتتهم في يوم سوقهم . فيا تري ما حجم الكارثة التي ستحل بأهلنا لا قدر الله وسقطت القنابل علي البشر من أهلنا في زحمة يوم سوق الخميس الذي اعرفه في هيبان . باتت التكهنات مفتوحة علي اسوأ الاحتمالات . ربي و الهي الطف و أرحم شعبك في هيبان و لتكن مشيئتك . طار النوم من عيوننا و بتنا ككرة تتقاذفها الهواجس التي شلت افكارنا و نحن ساهرين في غرفة حسنات التي تئن و تصر الاسنان من وجع و الم العملية . و من هول الالم المبرح اطلقت حسنات دعابة بعد حقنها بالمسكن الثالث قائلة : ( هذه المسكنات زي المويه بتمشي في اتجاه و الالم في اتجاه اخر . اليوم هو يوم الجمعة الموافق 29 / 9 / 2012م الكل من كل الاتجاهات يخابر و يهاتف و السؤال واحد : مافي تفاصيل عن هيبان ؟ و الجواب دائماً واحد مافي أي تفاصيل و مافي زول اتصل من هيبان . ليظل باب التخمين مفتوحاً علي مصراعيه . و بعيد ظهر الجمعة يأتي من يقول بأن القنابل سقطت في السوق و الخسائر كبيرة لتتسع باب التنبوءات من جديد . و يأتي اخر مخابراً ببعض من الشك و اليقين في التفاصيل يوجد اثنين من القتلي و خمسة من الجرحي . القتلي أمرأتان هن : مارثا كالو و زوجة يوحنا كلا الجرحي الخمس غير معرفين . جاء مساء الجمعة بطيئ يثقل خطواته و الكل مفزوع مفجوع من الصدمة رهين لسماع اخبار عن اسماء الجرحي وقتها داهمني صداع نصفي مفاجئ و فار الدم في جبهتي الايمن . كنا في جلسة اسرية احتل طاولتها الكارثة في هيبان وسط جو من الحزن و الكآبة . خرجت احدي الاخوات من الغرفة و عادت صائحة تقول بالله كيف يمكننا تصديق و استيعاب او قبول موت مارثا كالو بالانتينوف ؟ تم اختتام الجسلة بصلاة ليذهب الكل الي سريرة . في تلك الليلة الظلماء جفي النوم عيوني . لم انم و بقيت في سهادي و أرقي متقلباً في سريري بين الصداع النصفي و سكب الدموع الحارة في مناجاتي و ضعفي و قلة حيلتي . خرجت الي الشارع بعد منصف الليل اردد ترانيمي و اشدو بنظم مزاميري مبتهلاً في صلاتي و نسكي و تضرعاتي ليخف جذوة الانفعال العاطفي و تسكن حدة الصداع النصفي و عندما دب دبيب النوم الي جفوني في الهزيع الثالث أويت الي فراشي قرير العين بنفسي راضية و روح مطمئنة و نوم هادي . و في صباح السبت قبيل مغادرتي الخرطوم علمت من احد الاخوة بان القتلي أمرأة واحدة و ان الله كتب لمارثا كالو عمر جديد في سفر الحياة لكنها جرحت في بعض من اجزاء جسدها ووجهها لكنها بحمد الله لاتزال حية ترزق . الام مارثا كالو المرأة الرائد و الناشطة الاولي في هيبان و الشي بالشي يذكر اتذكر انني كتبت في مكان ما عن زيارة الرئيس الاسبق جعفر النميري الي هيبان في بدايات حقبة حكمه في العام 1970م قبله او بعده بقليل . و ما اتذكره جيداً من تلك الزيارة و انا طفل صغير هو كلمة الرئيس النميري الخاص بحل مشكلة المياه جزرياً في هيبان . و عن قريب ستشرب هيبان الماء النظيف من مواسير داخل البيوت . فقد ابصر السيد الرئيس اثناء القاء خطابه بنت صغير تحمل صفيحة ماء علي رأسها فتكرم بأضافة الماء النظيف الي خطابه الشهير في هيبان . كما تحدث في ذاك اليوم السيد وزير الصناعة و هو من ابناء جبال النوبة الاشاوس تحدث محمود حسيب مخاطباً أهل هيبان بما كان يردده في كل جولاته بصحبة صديقه الوفي النميري عندما يخاطب أهله ب ( أهلي و عشيرتي ) يا أهل هيبان أهل الجبل الاسود و أهل القمة الشماء . و ما اتذكره جيداً ترجل الام مارثا كالو صوب منصة الرئيس جعفر النميري تلقي كلمة المرأة او بالاحري كلمة أهل المنطقة كلها . لا اتذكر ما جاء في كلمتها لكنني ظللت اتذكر دائماً هيبتها و ثباتها و هي تتقدم بشجاعة لتعلو منصة الرئيس داحضة المقولة التي تقول ( المرأة كان فأس ما بتشق الرأس ) و كم من رؤوس اينعت و تم قطافها علي ايدي النساء الحرائر . و قد انتظمت مارثا و اخواتها في الانشطة النسوية في العهد المايوي و انتظمن في تنظيماتها لأجل خير المرأة الريفية في كل ريفي هيبان كمشاعل للتوعية بدور المرأة في شتي مناحي الحياة الاجتماعية و الاقتصادية وفي العملية التربوية و التعليمية . و عملن في كتيبة مايو في المشاريع الزراعية و نحن من ذاك جيل نتذكر مشروع فول كتيبة مايو في هيبان . كما نشطت مارثا مع رصيفاتها في العمل الكنسي و الروحي و هو دور مهم جداً في التنشئة و التطور الايجابي لأنسان تلك المناطق المتخلفة اذ كنا يجلن و يجبن سفوح و قمم الجبال القريبة و البعيدة مبشرات بالكلمة و الانجيل مناديات بالحياة الافضل . فكيف نستوعب او نصدق ان تقتل أمنا الامنة في كوخها في انتظار مجيئ السيد . و بأي عقل او منطق نستطيع ان نفهم معني قتل أمهاتنا و أطفالنا الصغار الابرياء في جباريكهم او في مراعي الاغنام . ما ذنب اؤلئك و شأنهم في الحرب لينتهي بهم المطاف في عمليات ابادة نوعية تستهدف حياتهم ووجودهم ؟ نسأل الله عاجل الشفاء للجرحي و الامن الاطمئنان من الخوف و الارهاب لكل أهلنا في ريفي هيبان و كل جبال النوبة و جنوب كردفان و نسأله السلام لكل السودان و لجبال النوبة الاستقرار في مساوة و عدل و مواطنة حقيقة قاسمه المشترك الحقوق و الواجبات . و المجد لله في الاعالي و علي الارض السلام و بالناس المسرة .
#ايليا_أرومي_كوكو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحكم الذاتي والرقابة الدولية لوقف اطلاق النار بجنوب كردفان
...
-
أسباب فشل د / كمال عبيد و سفر قطاع الشمال لأمريكا
-
أسباب فشل د كمال عبيد و سفر قطاع الشمال لأمريكا
-
دانيال كودي لم يكن قساً و هذا محض افك و افتراء علي القسوس و
...
-
الرسالة الثانية لشعب جبال النوبة الي سيادة الرئيس عمر حسن اح
...
-
من روائع جبران : ليس من يكتب بالحبر كمن يكتب بدم القلب
-
من روائع الكلام ( كلمات توزن بماء الذهب ) : اشكر حسّادك
-
ربيكا نمر تظلم أختها سوسن أرنو ظلم ذوي القربي بمدرسة كمبوني
...
-
الزعيم جون قرنق في الخالدين ذكري تدوم و أمال تخيب و تتراجع .
...
-
حديثك مع نفسك سر قوتك و مفتاح لنجاحك !
-
شجرة الجتروفا لأنتاج الوقود الحيوي هي شجرة الكوسترل الضار في
...
-
المورينقا شجرة الحياة او (( الروّاق)) في بوادي كردفان
-
من روائع الكلام : حفظ النفس من السوء للإمام الشافعي
-
رائعة ابي القاسم الشابي ارادة الحياة ( و ارادة الشعب في كرام
...
-
الملحمه قصيدة ثورة شعب رفض الظلم في اكتوبر ابريل لأشراقة فجر
...
-
شعب النوبة و الانقسنا يتسأل : نستطيع الهروب من القنابل لكن ك
...
-
حساب عام لحرب الارض المحروقة و التطهير العرقي لأثتية النوبة
...
-
انتقال الامبرطور الانقولاوي : خليل كودي و شقيقته كلتوم الي ا
...
-
أثر الخطاب العنصري و إسقاطاته في روح التعايش السلمي في السود
...
-
نحو عام من الحرب و الزمان مكان و شعب في جبال النوبة .
المزيد.....
-
سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي:
...
-
أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ
...
-
حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال
...
-
-أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
-
متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
-
الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
-
الصعود النووي للصين
-
الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف
...
-
-وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب
...
-
تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|