أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مجدى زكريا - الطبيعة تغير وجه التاريخ














المزيد.....

الطبيعة تغير وجه التاريخ


مجدى زكريا

الحوار المتمدن-العدد: 3864 - 2012 / 9 / 28 - 21:18
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


تحمل صفحات التاريخ فى طياتها احداثا بارزة كان للطبيعة اثر بالغ فى مجرياتها. واليك فى مايلى واقعتان تشهدان على صحة ذلك.
لو لم تهب العاصفة . . .
عام 1588, ارسل فيليب ملك اسبانيا اسطولا من السفن عرف بالأرمادا الاسبانية بهدف اجتياح انكلترا, لكن الطبيعة وقفت عائقا فى وجهه فباءت خططه بالفشل. فكيف حصل ذلك ؟
حين دخلت الارمادا الاسبانية بحر المانش تصدى لها الاسطول الانكليزى, الذى تميزت سفنه بسهولة المناورة, وألحق بها بعض الاضرار. بعدها, توجهت الارمادا الى مرفأ كاليه ورست قربه كى تنقل على متنها فرقا من الجنود وتكمل خطتها الرامية الى اجتياح انكلترا.
اذاك, عمد الانجليز تحت جنح الظلام الى اضرام النيران بالعديد من سفنهم, التى اندفعت دون طاقم بفعل الريح والتيار المؤاتى نحو السفن الاسبانية الراسية. فما كان من الاسبان الا ان قطعوا الكثير من مراسيهم وتوجهوا الى عرض البحر تحاشيا للنيران, لكن فعلتهم هذه عادت عليهم لاحقا بكارثة عظيمة.
بعد تلك الحادثة فى كاليه, اتجه الاسطولان نحو بحر الشمال مبحرين مع الريح. ولما كان الاسطول الانكليزى قد استنفد ذخيرة البارود, انسحب الى ساحل انكلترا, اما الارمادا الاسبانية, التى كانت الرياح تعاكسها والانكليز يقفون حاجزا بينها وبين اسبانيا, فقد اضطرت الى التوجه شمالا والابحار حول اسكتلندا, ثم جنوبا لتجتاز ابرلندا وتعود اخيرا الى اسبانيا.
فى ذلك الاثناء, كان الاسبان يعانون نقصا حادا فى الطعام والمياه, وسفنهم المتضررة تحمل على متنها العديد من الجرحى عدا عن المصابين بداء الاسقربوط. لذلك خضعوا جميعا لتقنين شديد فى الطعام, فتضوروا جوعا واخذت قواهم تخور اكثر فأكثر.
وبعد ان دار الاسطول الاسبانى حول اسكتلندا, تعرض الى عاصفة هوجاء من المحيط الاطلسى دفعت عددا كبيرا من سفنه نحو الساحل الايرلندى. فكان من البديهى فى هذه الحال ان يرموا مراسيهم بانتظار الرياح المؤاتية. ولكن بما ان العديد منها كان قد قطع فى مواجهة سابقة مع العدو, فقد تحطمت 26 سفينة غلى الساحل الايرلندى وتوفى 5,000 الى 6,000 شخص تقريبا.
فى نهاية المطاف, عادت الارمادا ادراجها الى اسبانيا وقد بلغت حصيلة قتلاها زهاء 20,000. ولا بد ان الاحوال الجوية هى التى كانت وراء خسارتها فى الارواح والعتاد. هذا ما اعتقده على الارجح الهولنديون المتحالفون مع الانكليز. ففى وقت لاحق, صنعوا ميدالية لأحياء ذكرى زوال الارمادا الاسبانية نقشوا عليها الكلمات التالية : " يهوه نفخ فتبددوا ". معبرين عن ذلك بالاعتقاد الشائع ان الله هو المسؤول عن الكوارث الطبيعية.
وتهطل الامطار
كان للطقس تأثير حاسم ايضا فى مجريات معركة واترلو عام 1815, ما احدث منعطفا هاما فى مثار الاحداث العالمية. فقد جاء فى السجلات ان عدد ضحايا المعركة فى ساحة واترلو, الواقعة على بعد 21 كيلو مترا جنوب بروكسل البلجيكية, بلغ اكثر من 7,000 بين جريح وقتيل فى مجرد ساعات قليلة. كان دوق وليغنتون البريطانى قد اختار هو بنفسه ساحة المعركة, واتخذ من الامكنة المرتفعة فيها موقعا له. ورغم ان جيش نابليون فاق قوات ولينغتون عددا, فقد لزم ان يهزم القائد الفرنسى اعداءه قبل حلول الظلام لأن ولينغتون كان يتوقع وصول امدادات عسكرية من الجيش البروسى فى تلك الليلة. لكن الطبيعة لعبت مرة اخرى دورا بارزا فى تطور الاحداث.
ففى تلك الليلة التى سبقت المعركة, هطل وابل من الامطار الجارفة. ويتذكر معظم الجنود ان تلك الليلة كانت الاتعس فى حياتهم, فمع ان بعضهم تمكنوا من نصب خيام صغيرة, كانت الاسرة داخلها مبلولة تماما كما لو انها وضعت فى قعر بحيرة, حسبما عبر احدهم متحسرا. اضف الى ذلك ان الارض المشبعة بالمياه تحولت الى شبه مستنقعات. وكان نابليون قد خطط ان يستهل المعركة عند بزوغ الفجر ليضمن الانتصار على غريمه فى وقت باكر, لكنه لم يستطع شن هجومه الا بعد عدة ساعات.
كان السبب الرئيسى وراء هذا التأجيل حالة الارض التى لزم ان تجف بعض الشئ قبل ابتداء المعركة. كما عمل الوحل على تخفيف فعالية المدافع التى اعتبرت السلاح المفضل لدى نابلبيون. فقد صعب تحريك هذه الاليات الثقيلة, وبالتالى بات العدو بعيدا عن مرمى الجيش الفرنسى. من ناحية اخرى, كان من المفترض ان ترتد القذائف المدفعية عن الارض لتلحق بالخصوم اضرارا اضافية. لكن ذلك لم يحصل لان الارض الرطبة والموحلة امتصت معظم طاقة القذائف. وهكذا, انتهت هذه المعركة بكارثة جراء رداءة الطقس. فقد منى الجيش الفرنسى بهزيمة نكراء وارسل نابليون الى المنفى. لا شك انه فى هاتين الواقعتين كان للطبيعة الكلمة الفصل فى سير الاحداث التى هزت العالم. وهذه التطورات مهدت السبيل لقيام الامبراطورية البريطانية.
ملحوظة : فى كثير من الامور العظيمة التى هزت العالم سواء كانت الحروب الكبيرة وسقوط وقيام دول وامبراطوريات, وحتى ظهور اديان. يكون البشر مجرد ادوات فى ايدى قوى اعظم منهم لا يدركونها ولا يعرفون شيئا عنها, تحركهم من خلف الستار, لتتخذ الامور وجهة معينة ولتغيير الاحداث. هذا هو التاريخ وهكذا سيكون المستقبل, لادخل للبشر فيه.



#مجدى_زكريا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القبور - نافذة الى المعتقدات القديمة (2-2)
- القبور - نافذة الى المعتقدات القديمة (1-2)
- الزواج ام المساكنة - ايهما ؟
- الازهار - تخبر ان احدا يهتم
- فى طرفة عين
- العمل التجارى الكبير يضيق قبضته
- الخيانة الزوجية - اختيار الطلاق (3)
- الخيانة الزوجية - هل المصالحة ممكنة ؟ (2)
- الخيانة الزوجية - نتائجها المأساوية (1)
- موت الولد - لماذا يسمح به الله ؟
- الفن الاباحى - هل هو مجرد تسلية ؟
- الاناء الاضعف - هل هى اهانة للنساء ؟
- مستقبل ورجاء للأيمان به
- الشعر - فن التصوير بالكلمات
- من قراءاتى - كلمات وطرائف
- كل الطرق تؤدى الى روما
- الثرثرة - كيف نتجنب الحاق الضرر (2-2)
- الثرثرة - لماذا تروق لكم ؟ (1-2)
- ميثاق الحقوق الاميركى - درس فى الحريات (2-2)
- ميثاق الحقوق الاميركى - درس فى الحريات (1-2)


المزيد.....




- وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق ...
- جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
- فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم ...
- رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
- وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل ...
- برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية ...
- الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في ...
- الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر ...
- سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - مجدى زكريا - الطبيعة تغير وجه التاريخ