أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - تعدد الزوجات جريمة













المزيد.....

تعدد الزوجات جريمة


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3864 - 2012 / 9 / 28 - 03:55
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


في زمانهم، كان أجدادنا القدماء يبيعون ويشترون بعضهم بعضاً كالبهائم في أسواق النخاسة، مكبلين بالسلاسل والأساور الحديد من أيديهم وأرجلهم، وأحياناً من ورقابهم، مخافة الهرب. في زمانهم، كان ذلك عادياً ومقبولاً وتقر به وتنظمه وتصونه وتعاقب من يخرج عنه آدابهم وأخلاقهم وعاداتهم وتقاليدهم وأعرافهم وقوانينهم ودساتيرهم وكتبهم المقدسة، على كثرتها. في زمانهم، كان أجدادنا القدماء يتزوجون من بناتهم وأخواتهم وسباياهم، مثنى وثلاث ورباع وخماس وسداس وعشار...لأقصى ما تستطيع أن تملك أيمانهم، أي لأقصى ما يستطيع أن يمسك منهن بقوة قبضة ساعده الأيمن، سواء عن طريق السبي بحد السيف، أو الشراء من الأسواق بحر ماله، أو الحصول عليهن بطرق أخرى أكثر رحمة وإنسانية عبر الإهداء أو الهبة أو الزواج المشهر. في زمانهم كذلك، ما كان أجدادنا القدماء يرون عورة أخلاقية في عرض الأطفال والصبايا والفتيات والنساء الإماء سبايا الحروب والقنص عرايا في الأسواق لمن يدفع أكثر من الزبائن؛ وما كانوا يرون عيباً أخلاقياً في الفحش والعهر والدعارة التي كانت منتشرة في كل بيت في ذلك الزمان، لأن الرجل منهم ما كان يرى عيباً في أن يكرم ضيفه أو يهاديه بإحدى جواريه أو إمائه أو محظياته اللائي كانت تملك يمينه الكثيرات منهن، وكان هو نفسه بالطبع يستطيع أن يعتليهن جنسياً، بجوار زوجاته المتعددات، كيفما ووقتما وأينما شاء دون أي شعور بالظلم أو الافتئات أو العيب. كل ذلك وأكثر، في زمانهم وعرفهم، كان عادياً وعادلاً وأخلاقياً. كان عصر قوامه القوة الغاشمة؛ كان الرجل بألف امرأة، يستطيع أن يشتري ويعاشر ألف ألف طفلة وامرأة، لا زوجات أربعة فقط.

ثم جاء العصر الحديث بمفاهيم حديثة وثقافة حديثة حررت الإنسان من الرق والعبودية لأخيه الإنسان، وعتقت المرأة من وصاية وسيطرة وجشع الرجل وأعطتها الشخصية المعنوية والقانونية الكاملة والمستقلة في مساواة تامة مع الرجل. انتهى عصر الجواري والعبيد، العصر الذي كان باستطاعة الإنسان فيه أن يبيع ويشتري ويمتلك إنساناً آخر مثله، يعتدي عليه وينتهك حقوقه ويعامله في كل شيء معاملة الكائن البشري من الدرجة الثانية. انتهى إلى غير رجعة التفريق والتمييز بين البشر على أساس لون البشرة أو الجنس، بحيث لم يعد يوجد أي فرق أو ميزة ما بين الإنسان الأبيض أو الأسود، أو بين الذكر أو الأنثى. لأول مرة في التاريخ يصبح الكل سواسية كأسنان المشط حقيقة- مواطنون متساوون في كل الحقوق والواجبات. ثقافة العصر الحديث تساوي في كل شيء بين الرجل والرجل، والمرأة والمرأة، والرجل والمرأة، تحمي الجميع وتحفظ حقوق الجميع وتلزم الجميع أيضاً بتأدية واجباتهم بالشكل الذي تقره وتنظمه وتصونه وتعاقب من يخرج عنه الآداب والأخلاق والعادات والتقاليد والأعراف والقوانين والدساتير الحديثة والمعاصرة، والمواثيق والمعاهدات والاتفاقيات الدولية. ثقافة العصر الحديث ألغت الرق والعبودية (اتفاقية إلغاء الرق والعبودية، 1926)، وألغت أيضاً كافة أشكال التفرقة والتمييز ضد المرأة (اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، 18 ديسمبر 1979). نفس هذا العصر الحديث هو الذي وضع "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، 1948"، الذي ينص في المادة 1: "يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاً وضميراً وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء"؛ وفي المادة 2: "لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء"؛ وفي المادة 4: "لا يجوز استرقاق أو استعباد أي شخص، ويحظر الاسترقاق وتجارة الرقيق بكافة أوضاعهما"؛ وفي المادة 7: "كل الناس سواسية أمام القانون...كما أن لهم جميعاً الحق في حماية متساوية ضد أي تميز يخل بهذا الإعلان وضد أي تحريض على تمييز كهذا."

تعدد الزوجات، فكراً وتطبيقاً، كانت جزء لا يتجزأ من منظومة الرق والعبودية القديمة، تلك المنظومة الثقافية المبنية على حق القوة الغشوم في أن تسلب وتنهب وتقتل وتغتصب وتغنم كل ما تقدر عليه دون محاسبة أو مساءلة. كان لا يعيب الرجل أن تملك يمينه من الرجال مثله الآلاف خدماً وعبيداً له، ولا من الأطفال والنساء الجواري والمحظيات آلافاً مؤلفة أخرى، ولا من الزوجات أربعة. في الأساس كانت المساواة بين البشر منعدمة، من ثم لم تكن ثمة شائبة ضمير أو أخلاق في قيام علاقة قانونية واجتماعية موثقة ومعترف بها بين الأسياد والعبيد، بحيث يعاقب العبيد على الخروج أو محاولة الخروج منها بقسوة أشد مئات المرات من العقوبة التي يلاقيها اللصوص والقتلة هذه الأيام. في ظل نفس هذا النظام القديم الذي لا يقر ولا يقبل المساواة بين البشر، لم يكن يخالف الآداب والأخلاق والأعراف والقوانين السارية أن يجمع الرجل الواحد بين أكثر من امرأة واحدة، حتى أربعة، في وقت واحد.

على أساس المساواة التامة بين البشر رجالاً ونساءً، القانون الآن يجرم الرق والعبودية ويعاقب كل من يمارسهما أو يساعد فيهما. وحيث أن تعدد الزوجات، فكراً وتطبيقاً، جزء لا يتجزأ من منظومة الرق والعبودية، يصبح تعدد الزوجات جريمة لابد أن يعاقب عليها القانون.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرية الاعتقاد مطلقة في مشروع الدستور المصري!
- العاهرة والجنرال على ميزان القيمة
- أسطورة العرب
- من يكون المتطرف؟
- مربع سياسة ومربع دين، أيهما فوق الآخر؟
- نزاع قديم على السيادة بين الآلهة والعامة في مصر
- في معرفة الله...والنص
- أم عزباء أم امرأة عانس؟
- في الزواج وممارسة الجنس
- حقيقة الصراع السلمي حتى الآن على الوطن مصر
- الدين والديمقراطية والاستبداد
- شهوة الجسد
- حرية الجسد
- حرية الفكر والاعتقاد والإلحاد
- عدل ظالم...ومساواة حرام
- مساواة في الدين؟
- بكائية الخضيري على البرلمان المسكوب
- مرجعية الأزهر...لبنة في بناء قديم
- يوم الفرقان: الجمعة 28 يناير 2011
- الديمقراطية كفر بالله؟


المزيد.....




- جريمة تزويج القاصرات.. هل ترعاها الدولة المصرية؟
- رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر … ...
- دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
- السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و ...
- دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف ...
- كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني ...
- قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش ...
- تتصرف ازاي لو مارست ج-نس غير محمي؟
- -مخدر الاغتصاب- في مصر.. معلومات مبسطة ونصيحة
- اعترف باغتصاب زوجته.. المرافعات متواصلة في قضية جيزيل بيليكو ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - تعدد الزوجات جريمة