|
التحالف الديمقراطي الثوري
محمد دوير
الحوار المتمدن-العدد: 3861 - 2012 / 9 / 25 - 19:05
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
من المرات القليلة التي تجتمع فيها قيادات الحركة اليسارية المصرية علي طاولة واحدة تحت ضغط واقع جديد يكاد يعصف بثوابت اجتماعية وثقافية وسياسية منذ عصر دولة محمد علي.فيما تم تدشينه من تيار جديد أطلق عليه التحالف الديمقراطي الثوري الذي يعلن عن هوية سياسية وإيديولوجية ذات طابع اشتراكي واضح المعالم والأهداف ، وهو التحالف الأبرز لليسار في العقود الأخيرة بعدما تنكست أو كادت تحت عصف رياح بعضها يرجع لأسباب موضوعية عالميا وإقليميا ومحليا وبعضها الآخر يعود إلي أسباب ذاتية . وهذا الإعلان هو بمثابة إعادة نحت مسار جديد للثورة المصرية لأنه يمثل تراكم نوعي في مطالب وتوجهات تلك الثورة وإمكانية فتح آفاق طريق ثوري حقيقي لانطلاق قوي اليسار المصري وتحولها من حالة التنظير الجاف إلي حالة التنظيم والالتحام مع القوي الشعبية والجماهيرية التي تنتظر من قوي ذات رؤية علمية واضحة أن تنحاز إليها في مطالبها وتخفف عبء الحياة اليومي عن كاهلها. ويبدو لي أن اليسار المصري في هذه المرة عازم بواقعية السياسي علي خوض غمار تجربة جديدة عليه تماما ، إذ يعمل في ظل تحالف إسلامي حاكم ويتحرك بضغط شديد وعنيف من قواه الشبابية التي عركت تجربة الثورة المصرية منذ ساعاتها الأولي. وهذين العاملين، التحالف الإسلامي الحاكم وبروز جيل يساري شاب ، ، كفيلان بالتأكيد بتغيير ملحوظ في بنية اليسار المصري، واعتقد أن تغييرا جذريا سوف يطرأ علي مستوي التنظيم والخطاب والتوجه لدي هذا التيار الذي ظل يحمل رؤى وتصورات ومفاهيم غاية في الأهمية ولكنها ظلت رهينة المحبسين ، النظام والتشرذم . هذه إذن لحظة تاريخية، يتلاقي فيها الذاتي " قيادات وشباب اليسار " بالموضوعي " ثورة شعبية يعقبها تحالف إسلامي حاكم يفشل كل يوم في إدارة الدولة في الاتجاه الصحيح ويمهد لدولة دينية " . تلك اللحظة بالتأكيد كان لابد لها أن تتجلي في روح جديدة وعمل تنظيمي وتحالفي أكثر واقعية يتجاوز خلافات الماضي ونزاعات المواقع والتفاصيل الدقيقة المملة أحيانا لواقع رتيب بطيء تحولت معه الأطر التنظيمية إلي مقدسات لا يتقرب إليها المؤمنون حقا بمستقبل الاشتراكية. والسؤال المباشر الذي يطرح نفسه الآن ، ما مستقبل هذا التحالف الديمقراطي الثوري ؟ وبأي معني يكون ديمقراطيا ثوريا ؟ والسؤالان مرتبطان بعضهما البعض ، بمعني أنه كلما تحققت معاني ودلالات الاسم بمكوناته الديمقراطية والثورية زادت فرصته للبقاء في المستقبل، مما يعني بشكل واضح ومحدد أن الحالة الثورية المصرية الراهنة قد تتخذ طابعا اجتماعيا ثوريا لا يقف عند حدود الإصلاح الاقتصادي الجزئي بل توجيه قوانين وفلسفة الدولة تجاه الفقراء والمعدمين والعمال والفلاحين ، وهو تحول لو قدر له النجاح بفضل نضالات اليساريين سوف يعيد رسم الخريطة الاجتماعية المصرية لمرة الثانية في هذا القرن بعد تجربة عبد الناصر. وللحقيقة أقول ، أنه يبدو لي فيما أرصده من المشهد السياسي الراهن أن تحديات الواقع وأجندة الثورة أكبر بكثير من قدرات وقوي اليسار المصري الذي لا زال يعاني من حالة الضمور والتقزم التي وضع نفسه فيها منذ منتصف الستينيات، وإن لم ينتبه القائمين علي رسم ملامح هذه الوحدة اليسارية وفق العلاقة تقدير العلاقة بين القدرات الذاتية المحدودة حتي الآن – عتادا وعدة – وتلاحق وسرعة تجاذب أطراف الحركة السياسية المصرية في نواحي شتي ، وما يفرضه هذا التجاذب من احتمالات هيمنة قضايا ثانوية علي أخري أساسية ، بمعني آخر ما لم نستطيع إنتاج حالة ثورية يسارية تدرجية لا تتعجل النتائج ولا تنتظر تعبئة جماهيرية لصالحها في زمن قصير؛ إن لم ننتبه إلي ذلك فسوف نخسر الوحدة ونخسر الوجود الفاعل ذاته. وبناء عليه تأتي أهمية ودور شباب اليسار وفهمه لطبيعة دوره الثوري الحقيقي الذي قد لا يكتفي بالضرورة بالمركز علي حساب الأطراف أو بالمظاهرة والاحتجاج علي حساب بناء كوادر في مواقع الإنتاج الصناعي والزراعي والفئوي. هنا القضية باختصار شديد تشير إلي أن القاهرة والإسكندرية وأي من المدن الكبري قد تصنع حالة ثورية تظاهرية مبدعة تضغط علي متخذ القرار هنا أو هناك . ولكن كل قري ومدن ونجوع مصر هي التي تخلق حالة تغيير مجتمعي ثوري حقيقي. لقد انتقلت الثورة من الميدان إلي الإنسان ومن ثنائية النشطاء السياسيين والحكام إلي ثنائية أخري هي السلطة الحكمة وممثيلها في الجغرافيا السياسية والسلطة الضاغطة وممثليها أيضا من قوي شعبية تتواجد في مجال عملها وسكنها وتدافع عن ثورتها من حيث تعمل أو تحيا أو تعيش. وتلك في تقديري مهمة صعبة وجليلة ، ولكنها ليست مستحيلة طالما نحلم بوطن للعدل والحرية والمساواة.
#محمد_دوير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رؤية معاصر للدولة في الاشتراكية
-
جدل العلاقة بين الدين والاشتراكية
-
اللإخوان.. وصناعة الوهم
المزيد.....
-
-سقوط مباشر واحتراق آلية-.. -حزب الله- يعرض مشاهد لاستهدافه
...
-
صنعاء.. تظاهرات ضد الحرب على غزة ولبنان
-
فصائل العراق المسلحة تستهدف إسرائيل
-
الديمقراطيون.. هزيمة وتبادل للاتهامات
-
القنيطرة.. نقاط مراقبة روسية جديدة
-
عرب شيكاغو.. آراء متباينة حول فوز ترامب
-
مسؤول أميركي: واشنطن طلبت من قطر طرد حركة حماس
-
إعلام سوري: غارات إسرائيلية على ريف حلب
-
بعد اشتباكات عنيفة بين إسرائيليين وداعمين لغزة.. هولندا تقرر
...
-
هجوم بطائرة مسيرة يوقع قتيلًا و9 مصابين في أوديسا
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|