أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عقيل الناصري - القطار الأمريكي وسباق المسافات الطويلة (6)















المزيد.....


القطار الأمريكي وسباق المسافات الطويلة (6)


عقيل الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 3860 - 2012 / 9 / 24 - 21:27
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الانقلاب التاسع والثلاثون- 1963
القطار الأمريكي وسباق المسافات الطويلة (6)
وفي الآونة الأخيرة ازداد تسليط، الأضواء الجديدة على هذه العلاقة ودور القوى الخارجية في الإطاحة بثورة 14 تموز وذبحها كواقع و مثل يحتذى به، نورد بعضاً مما عثرنا عليه، ونقول:
*** ينقل أكرم الحوراني، الشخصية القيادية البعثية السابقة في سوريا عن لسان السفير الأمريكي في لبنان آرمان ماير، في أحدى الحفلات رداً على انتقادات بعض النواب اللبنانيين بالقول : "... إن من حق حكومتي أن تؤيد حزب البعث الحاكم في سورية والعراق، لما أظهره من شجاعة في ( مكافحة الشيوعية) ولكن من حقها أيضاً ألا تدير ظهرها للرئيس عبد الناصر خوفاً من أن يضع المنطقة في الجو الشيوعي لاعتقادها أنه قادر وحده أن يفعل ذلك إذغ تخلفت عن تأييدها له في بعض نواحي السياسية التي يتبعها ومن هنا كان اعتراف الولايات المتحدة بنظام الحكم الجديد في كل من العراق وسورية بعد الانقلابين الآخيرين وتسلم البعث في البلدين المتجاورين ودعم سياسة الحكومتين السورية والعراقية التي يرمي مكافحة الشيوعي... ".
***[... وقد قيل أن الاستخبارات المركزية الأمريكية كان لها اليد الطولى في الإطاحة بعبد الكريم قاسم. وقد ذكر الصحفي مراد العماري أن دين راسك، سكرتير الدولة الأمريكية اجتمع بهاشم جواد وزير الخارجية العراقي، الذي كان يحضر دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة في خريف 1962 وبحث معه الموقف الصلب الذي اتخذه رئيس حكومة العراق في تأييد كوبا في أزمة الصواريخ وقال له: (سوف نحطم رأس زعيمكم) وخرج هاشم جواد من الاجتماع وبعث على الفور ببرقية إلى الزعيم تضمنت استقالته دون ذكر فحوى حديث المستر راسك، لكن الزعيم رفض الاستقالة واستدعى وزير الخارجية إلى بغداد... ] .
ورغم غموض نهاية النص عن مآل الحديث وخاتمته وماهية الطريقة التي سيحطمون بها (رأس الزعيم)، لكن التأكيد على هذه الرابطة التي نسجت بين القوى الغربية وقوى الانقلاب كانت صحيحة. وهذا ما اعترف به طالب شبيب نفسه في مذكراته، والاعتراف سيد الأحكام كما قيل، وإن ألقى التبعة على الآخرين، عندما قال:
[... وليس من شك أن بعض المداخلات المشبوهة كانت تحصل بالقرب منا وحولنا ولكن ليس معنا إطلاقاً، وأقصد مع القيادة القطرية . وأتذكر على سبيل المثال العلاقة الودية التي كانت تجمع بين علي عبد السلام وكل من صالح مهدي عماش ورشيد مصلح التكريتي وكذلك تردده على أحمد حسن البكر وعبد السلام عارف وأعطى لنفسه رتبة عسكرية (ما هو موقعه حتى يعطي لنفسه لكن الدلائل تشير إلى أن مجلس قيادة الثورة منحه هذه الرتبة- الناصري)، لبسها ثم جُرد منها ودارت حوله قصص كثيرة من أعمال تهريب كبرى وصفقات مشبوهة وعلامات استفهام كثيرة. وبعد عام 1968 في عهد البكر - صدام، قتل في سياق الملاحقات لتصفية الحسابات وسد ثغرات الفضائح ووجدت جثته مقطعة...].
والموما إليه (علي عبد السلام) كان ضمن كتلة عُرفت بـ(كتلة بيروت) التي ضمت: د. ناصر الحاني ولطفي العبيدي، وتأسست في الأصل من أجل الإطاحة بحكم الزعيم قاسم وكانت لها صلات قوية بالقوى الغربية ومراكزها التجسسية في المنطقة، منذ محاولة انقلاب الشواف عام 1959. يُعرفنا بها طالب شبيب، مستمراً بالقول:
[... والفكرة الوحيدة التي ظلت عالقة في ذهني هي ما تم كشفه عن الاجتماعات التي عقدت في دار الحاني في بيروت وداري الملحقين الثقافيين الأمريكي والبريطاني في بيروت أيضاً برفقة عبد الرزاق النايف رئيس حكومة 17 تموز 1968، ولطفي العبيدي وربما اجتمع معهم أحد الأشخاص الثلاثة عماش أو حردان أو صدام. وقد نشر لطفي العبيدي في الصحافة اللبنانية في نهاية الستينيات صور شيكات مسلمة إلى قيادة سلطة 17 تموز 1968، مما أدى بالمخابرات العراقية إلى شن حملة اغتيالات وملاحقات شملت كتلة العبيدي/ الحاني/النايف في كل مكان داخل وخارج العراق... ]. هذه العلاقة لم تأتِ من العدم بل [في سياق علاقات قديمة تربط بين العبيدي والحاني وبين عماش وتصل هذه الصلة إلى صدام حسين عندما أقام في القاهرة... ].

القطار الامريكي:
النص أعلاه يوضح بدون لبس، وبصراحة وجود مداخلات مشبوهة بالقرب من القيادة القطرية ومن حولها. أنه يصب في ذات الاتهام الشهير الذي سبق لعلي صالح السعدي أن أطلقه قبل ما يقارب من أربعة عقود، عندما قال:
[... جئنا بقطار أمريكي وخرجنا بآخر بريطاني، والذي كان من نتائجه ما نحن عليه من تداعيات وانهيارات في عدة مجالات. فبعد ثورة 14 تموز... دب الصراع داخل الصف الوطني وتغلبت التعارضات الثانوية لغياب روح التعددية الديمقراطية في البلاد، رغم كلام الجميع عن ضرورات الحوار، ولذلك بدأت عوامل الفتن والصراعات الدامية بين القوى الوطنية وذبحت من بعضها البعض أضعاف أضعاف ما تم ذبحه على يد الاقطاعية والملكية والقوى الاستعمارية، بل أضعاف ما سقط من شهداء على الجبهة الأمامية ضد التوسعية الاسرائيلية في أثناء المشاركات بحرب الدفاع عن أرض فلسطين.
هذا العامل الذاتي الأول هو الذي مكن التدخلات الاقليمية بأشكالها المتعددة وما ترتب عليها من مغامرات انقلابية جديدة على حد تعبير علي صالح السعدي الأمين القطري للقيادة القطرية عام 1963 وكان نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية حين قال: أن حزبه دخل بغداد بقطار بريطاني وخرج من بغداد بقطار أمريكي... ].
وفي الموضوعة ذاتها يشير هاني الفكيكي/ القيادي البعثي السابق، في مذكراته وبلغة أكثر وضوحاً وإدانة إلى حادثة لها دلالتها غير المباشرة بارتباط بعض العناصر القيادية العسكرية والمدنية لحزب البعث (حسب وصف طالب شبيب) بالدوائر الخارجية الغربية، لكنه هنا يوجه اتهامه إلى القيادة القومية، بشخص ميشيل عفلق، عندما يقول: [... وفي منتصف شباط تشكلت لجنة من المقدم محمد يوسف طه وجعفر قاسم حمودي والمقدم علي عريم لجرد محتويات جناح عبد الكريم قاسم وضبط الوثائق والملفات الرسمية هناك. وكنت مع علي السعدي في مكتبه في وزارة الداخلية حين اتصل جعفر قاسم تلفونياً ليعلمنا بعثورهم على إظبارة تخص الدكتور إيليا زغيب، الأستاذ المنتدب للتدريس في جامعة بغداد وبتوصية وتزكية من ميشيل عفلق والقيادة القومية. استخدمنا د. زغيب لسنوات في نقل بعض الرسائل بيننا وبين القيادة القومية وكان طالب شبيب هو صلة الوصل به في بغداد. وحين درسنا الملف وجدناه مليئاً بتقارير مديرية الأمن العامة والاستخبارات العسكرية التي تشير إلى علاقة زغيب بوكالة الاستخبارات الأمريكية، وتعاونه مع حزب البعث وتطلب من قاسم الموافقة على اعتقاله وإبعاده من العراق. غير أن قاسم كتب على بعضها أمره بإبقائه ومراقبته بدقة.
اتصلنا، علي وأنا، فوراً بطالب شبيب وعرضنا عليه الأمر وأعلمته بعزمنا على اعتقال زغيب، لكنه نصح بالتريث وعدم التسرع في تصديق كل ما تدعيه دوائر الأمن والاستخبارات... في الوقت نفسه اتصلت بدوائر الأمن والسفر وطلبت إليها منع زغيب من مغادرة العراق ووضعه تحت المراقبة، غير أننا اكتشفنا مساء ذلك اليوم أنه غادر العراق عن طريق الرطبة البري... ] (التوكيد منا - الناصري).
وحول علاقة زغيب بميشيل عفلق، يتحدث طالب شبيب نفسه عمّ يبعث على الريبة:
[... كنا أنا وأديب الجادر نتهامس ونلمح لبعضنا بشكوك حول احتمال أن تكون للرجل (زغيب - الناصري) علاقة بحكومة الولايات المتحدة الأمريكية، بل وصلنا إلى قناعة بأنه لا يمكن أن يكون بعيداً عن ذلك. ونظرنا إلى هذا الأمر على أنه مفروغ منه، دون أن يكون لدينا أي دليل. وكانت أجواء السياسة والثقافة والأدب ومحافلها في بيروت حينذاك حافلة بسياسيين عرب من مختلف الجنسيات وبسماسرة سياسيين من كل الأصناف. ولم يكن وجود شخص مثل إيليا زغيب وسط تلك الأجواء غريباً. لكن الذي أثار استياءنا واستغرابنا فيما بعد واعترضنا عليه بشدة، ولم نكن لنرضى به في أي حال، هو أنه وبعد استقالة الوزراء البعثيين من حكومة الجمهورية العربية المتحدة (البيطار والحوراني وقنوت وحمدون) وردت أنباء من دمشق أفادت أن رجال عبد الحميد السراج والمكتب الثاني اللبناني يستهدفون الآن الأستاذ ميشيل عفلق. فطلبنا إليه نحن أعضاء القيادة القومية للحزب المتواجدين في بيروت أن يغير مسكنه، وعرضنا عليه أن ينتقل إلى واحد من بيوتنا، فاعترض قائلاً: إن بيوتكم جميعها معروفة للمكتب الثاني. وأن (ميشيل عفلق) سيدبر الأمر بمعرفته. وكم كانت المفاجأة مزعجة عندما علمنا أنه يسكن أو يختفي في دار إيليا زغيب في جبل لبنان... بدار موظف في مؤسسة ثقافية أمريكية تدور حولها أقاويل كثيرة بين الأوساط السياسية والشعبية العربية... أثق أن المخابرات الأمريكية لا تضيع الفرصة لكسب مثل هذا الشخص... ].(التوكيدات منا- الناصري)
هنا ينفي طالب شبيب، الشكل الظاهري فحسب للموضوع وما فيه من اتهام لنفسه رفاقه، لكنه يؤيد ضمنياً بأن زغيب [... يحتمل أن تكون له علاقة بحكومة الولايات المتحدة، بل وصلنا إلى قناعة بأنه لا يمكن أن يكون بعيداً عن ذلك، ونظرنا إلى هذا الأمر على أنه مفروغٌ منه دون أن يكون لدينا أي دليل... ]. لكنه في الوقت نفسه نفى أن تكون القيادة القطرية قد استخدمته كصلة ارتباط بحجة مخالفته للوائح الحزب، ولكن الوقائع الحسية تلغي هذا الاحتراس الذي يبديه شبيب؟! لكنه يشير بقوة إلى الصلة القوية التي تربط ميشيل عفلق بزغيب. إن مخالفة اللوائح الحزبية التي اختفى وراءها تبرير شبيب، كانت حجة ساذجة، لأنه يعلم أن صالح مهدي عماش سبق وأن نقل مثل هذه الرسائل عن طريق مسؤول C.I.A. في بغداد إلى محمد المهداوي في الولايات المتحدة أثناء حكم الزعيم قاسم، وهناك العديد من أمثالها قد تمت.
*** ومما يؤكد عمق العلاقة [... التاريخية بين البيت الأبيض الأمريكي وقادة حزب البعث منذ ظهور الحزب، ما رواه برهان الدين باشا أعيان وزير خارجية العراق في حكومة نوري السعيد في العهد الملكي... وقد جمعتني مع الوزير العراقي جلسة عامة عام 1972 بحضور الدكتور معروف الدواليبي وفيها يروي القصة الآتية - وكان الشعب السوري على معرفة بأجزاء منها - وهي:
في عام 1957 استطاع الحزب الشيوعي التسلل إلى صفوف الحكم الوطني في سورية في عهد حكومة التجمع القومي التي تولى رئاستها صبري العسلي وظهر ذلك من إسناد منصب رئاسة الأركان للواء عفيف البزرة (البزري) الدمشقي الشيوعي، خلفاً للواء توفيق نظام الدين المحسوب على الحكم الوطني... وهذا التبديل أثار الإدارة الأمريكية. فقررت الولايات المتحدة إجراء عمل مشترك مع الحكومتين العراقية والتركية بصفتهما عضوين في حلف بغداد للتخلص من السيطرة الشيوعية التي هيمنت على سوريا وبصورة خاصة على الجيش. فأجرى الرئيس الأمريكي ايزنهاور اتصالات سرية وشخصية مع القيادتين التركية والعراقية بواسطة وزير خارجيته المستر دَلَسْ وأبلغهما بإرسال نائب وزير الخارجية المستر دَلَس، رسالة وصفت بأنها مهمة وفضل أن تكون شخصية بدلاً من إرسالها بالبريد الرسمي حتى لا يتسرب شيء عن مضمونها. وفي الموعد المحدد غادر نوري السعيد بغداد وكنت برفقته إلى تركيا - والكلام لباش أعيان - وتم اللقاء بنائب الوزير الأمريكي نيابةً عن المستر دَلَس وزير الخارجية.
وأضاف باش أعيان يقول: إن المبعوث الأمريكي بدأ الحديث عن مهمته الخطيرة في هذا الظرف الدقيق الذي تجتازه المنطقة ولا سيما سورية بالذات التي أضحت في عداد البلدان الشيوعية وذلك في أن تقوم القوات العسكرية العراقية بعملية عسكرية محدودة للإطاحة بالحكم السوري والتخلص من العناصر الشيوعية. هذه المعلومات كانت معروفة في سوريا خلال تلك الفترة، لكن المجهول منها الآتي:
طلب الرئيس ايزنهاور - كما قال هندرسون - الحفاظ على سلامة بعض السياسيين البارزين خلال تلك العملية. وتابع باش أعيان حديثه يقول: وبما أني أعرف جميع السياسيين السوريين من الرعيل الأول الذين ضحوا في سبيل سيادة سورية، فقد توقعت أن يكون الذين عناهم هندرسون هم هؤلاء الوطنيين المخلصين أمثال شكري القوتلي ولطفي الحفار وصبري العسلي وخالد العظم ورشدي الكيخيا وميخائيل ليان وحسني البرازي والدكتور منير العجلاني وغيرهم. ولكن المفاجئة الكبرى التي لم أتصورها أن يكون هؤلاء الثلاثة هم أقطاب حزب البعث العربي الاشتراكي، ميشيل عفلق وصلاح البيطار وأكرم الحوراني.. لذلك تأكد لنا من الموقف الأمريكي هذا أن البعث له دور مهم بارز في القضايا العربية المصيرية ولا سيما قضية الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية... ].
هذا التعاون مع القوى الخارجية يتماشى ونسق التفكير الأمريكي للإطاحة بحكم الزعيم قاسم. ومما يعزز هذا الاستنتاج، رأي السفارة البريطانية في بغداد الذي جاء فيه:
[...أنه كان من الواضح منذ زمن طويل بأن إزاحة قاسم ممكنة بانقلاب عسكري فقط أو بالاغتيال أو كليهما]. وبعد [30 سنة من الانقلاب (على قاسم) كشفت الحكومة البريطانية بصورة رسمية عن أسرارها وحقيقة كون الانقلاب قد تم بمساندة الـ C.I.A. ومساعدة حكومة مكميلان البريطانية (راجع مثلاً جريدة الغارديان 01/01/1994)... ].
*** ولإكمال هذا السياق إلى نهايته، نذكر هنا بعضاً من الآراء التي كتبتها السفارة المذكورة أعلاه يوم الانقلاب وما قبله ببضعة أيام حول ذات الموضوع :
كتب السفير البريطاني، قبل الانقلاب بعشرة أيام، تقريراً لحكومته جاء فيه ما يلي:
*** [إن القائم بالأعمال الأمريكي قال له يبدو أن قاسم بالنسبة اليهم قد خرج عن طوره في التهجم على الولايات المتحدة الأمريكية في كل مناسبة ممكنة تقريباً... ويعتقد أن وزارة الخارجية الأمريكية قررت أنه حان الوقت للرد على تهجمات قاسم .
*** المؤامرات ضد قاسم من قبل مجموعات ضباط الجيش مستمرة ومعظم المجموعات ذات تعاطف قومي أو بعثي، ومعظمهم عنده درجة من التأييد إما من ج. ع. م. أو من الأردن. (تقرير في 7 شباط)
*** شركة نفط العراق قللت من إنتاجها ومن أرباحها بسبب مصادرة قاسم من طرف واحد لمعظم مناطق الاستثمار
*** إن استبدال السلطة ربما لن يكون هادئاً وحتى عدة أيام أو عدة ساعات من الاضطراب، وسوف تكون خطرة على المواطنين البريطانيين.
*** بعثت البعثة البريطانية في الناتو في 7 شباط برقية جاء فيها أن ممثل الولايات المتحدة قال أن التقييم الأمريكي كان: إن قاسم ضعف في كل النواحي منذ الثورة... داخلياً لقد فقد القوة، وهناك احتمال أن السخط الداخلي قد يصل نقطة عندما لا تتدخل القوات المسلحة لإنقاذه.
*** كما أن وجهة نظر أمريكا: أنه ينبغي ألا يقلل البريطانيون من شأن قابلية أوعزم القادة الجدد، على اظهار الشجاعة والعزيمة في تدبير وتنفيذ انقلابهم.
*** قال السيد سترولنغ / مدير قسم الشرق الأوسط في الخارجية الأمريكية للسفير البريطاني في واشنطن أن: [الثورة لو أنتجت نظاماً ذا طبيعة بعثية فإن سياساته سوف تكون مقبولة على الأرجح من قبل حكومة الولايات المتحدة ويبدو أن هناك فوائد من الاعتراف المبكر. وفي الوقت نفسه فإن الأمريكان كانوا في الماضي يفضلون انتظار الاعتراف بنظام جديد في العالم العربي من قبل عدد من الدول العربية قبل أن يمنحوا الاعتراف أنفسهم... فإنهم سيفضلون الاستمرار في اتباع هذه الممارسة لكي لا يعطوا الانطباع أنهم كانوا وراء الثورة وأن قادتها كانوا تابعين إلى الولايات المتحدة...] وقال أيضاً أن [المصالح الغربية تكمن في المحافظة على النظام العراقي الجديد، الذي ربما كان أفضل ما يمكن أن نملك في العراق في الوقت الحاضر... ]. (التوكيدات منا- الناصر ي).
أما بصدد علاقة وتقييم بعض قادة الانقلاب ببريطانيا، فيمكن تتبعها من خلال جملة من البرقيات السرية والكتب الرسمية التي رفعتها السفارات البريطانية إلى جهاتها الرسمية العليا: منها البرقيتين السريتين رقم 98 و105 المؤرختين في 8 و9 شباط 1963 على التوالي، التي رفع الحظر عنهما، وتلك البرقية المرسلة من السفير البريطاني السابق في العراق التي يقول فيها:
[... هذه المؤامرة بالذات تبدو، من المعلومات القليلة التي أملكها، وكأنها قد بدأت في وقت وجودي... وسألني رئيس تحرير أزفيتسيا وهو نصف مازح، ما الجزء الذي نملكه في الثورة العراقية الجديدة، لذلك أجبته، بالطبع بأني كنت مسؤولاً شخصياً عنها...] (راجع الملحق رقم 9).




الهوامش والتعليقات:

-أكرم الحوراني، المذكرات، المجلد 6، الفقرة 162، مصدر سابق.
2 - مير بصري، اعلام السياسة، مصدر سابق، ص 243

3- يحاول شبيب إبعاد الشبهات التي حامت حوله من قبل بعض رفاقه القياديين في الحزب.
4- د. علي كريم سعيد، مراجعات، مصدر سابق، ص 289. ويشير ذات المصدر، واستناداً إلى محمد جمال باروت، مصدر سابق، إلى أن هذه الكتلة عرضت على قادة حركة القوميين العرب مشاركتها في انقلاب أبيض قادم، لكن الحركيين رفضوا لشكهم بارتباطات العبيدي والحاني. وبعد نجاح انقلاب تموز 1968 وطرد كتلة البكر - صدام لكتلة الحاني/النايف/ العبيدي/الداود، أظهرت الاعترافات والتهم المتبادلة أسراراً كثيرة تؤكد أن الاستخبارات الأمريكية نشطت في العراق ليس من قناة واحدة. ويشير عامر عبد الله في مقابلته المنشورة في مجلة أبواب، مصدر سابق، إلى: [مما رواه لي سعدون غيدان لاحقاً أنهم (يقصد غيدان والنايف والداود - الناصري)، عند التخطيط للانقلاب، سألوا عني، فلما قيل لهم إنني في موسكو سلموا أحمد حسن البكر رئاسة الجمهورية، والله أعلم]. ص 226، الجزء الثاني.
لقد أُشيع في بغداد آنذاك أن هذه الكتلة كانت تبحث عن قوة حزبية أو شخصية سياسية معروفة، تتعاون وإياه في إدارة دولة الانقلاب؛ وأن الأشاعة نوهت إلى أن سعدون غيدان طلب من الحزب الشيوعي التعاون معهم. لكن قيادة الحزب الموجودة في بغداد في حينه رفضت العرض لشكوكها بالمجموعة. وبهذا الصدد يشير الوزير والشخصية الديمقراطية محمد حديد في مذكراته إلى :"... وفي عداد رجال الأعمال كان لطفي العبيدي من الموصل الذي كان على علاقات مع رجال أعمال خارجيين ، حتى قيل أن أحدهم هو روبرت أندرسون، الوزير الأمريكي السابق الذي كان يحاول الحصول على امتياز لاستثمار الكبريت، وكان أحد الداعين للانقلاب، والمصادفة كنت قد حجزت للسفر إلى لبنان في 18/ 7/1968، وكان على متن الطائرة أيضاً ، لطفي العبيدي نفسه. وخلال السفرة جاءني إلى مقعدي وسألني عن راي في التغيير ... وعند وصولنا إلى بيروت وجدت وليم ليكلاند الأميركي الذي كان في العراق سابقاً في استقبال لطفي العبيدي مع عراقيين آخرين، مما عزز الاشتباه لديَّ بما قيل عن أن الاتقلاب كان بتحريض وتعاون أميركيين طمعاً بإمتيازات النفط والكبريت فضلاً عن السير مع السياسة الاستراتيجية الأمريكية...". ص. 486، مصدر سابق.
5- د. علي كريم سعيد، مراجعات، مصدر سابق، ص 288.
6- تصريحات نايف حواتمة لمجلة النور، مصدر سابق، ص 21، علماً بأنه لم يكن دقيقاً في تعبيره الذي نص على أن جميع هذه القوى كانت تدعو لفظياً للحوار. أن واقع الصراع آنذاك كان عنفي ولم تجر أية محاولة جدية بين هذه القوى للتحاور، والوحيد الذي كان يغرد خارج السرب هوعبد الكريم قاسم، حيث ُرصد في خطاباته تكرار للمفاهيم الاخلاقية حول الوحدة الداخلية والتضامن وإنهاء الاحتراب. هذه القوى كانت تبحث عن الطرق السهلة عبر قطع الرؤوس وليس التحاور والسجال ثم الاقتناع بالحلول القائمة على القاسم المشترك.
7 - هاني الفكيكي، مصدر سابق، ص 225، 269.
8- د. علي كريم سعيد، مراجعات، ص 271 - 272، مصدر سابق. كذلك فيصل حبيب الخيزران، مصدر سابق الحلقة السادسة، جريدة الزمان في 26/07/ 2001.
9 - المصدر السابق ص 270
10 - هذه الاسماء شاركت في التهيئة لانقلاب في سوريا بالتعاون بين المخابرات الامريكية والبريطانية والحكومة العراقي في عام 1956، وسُلمت الأسلحة لهم بواسطة ضابط الاستخبارات العراقي الرئيس صالح مهدي عماش آنذاك. راجع وقائع المحكمة العسكرية العليا الخاصة بمحاكمة رجال العهد الملكي، كذلك راجع ولبركرين ايفلاند، مسؤول المخابرات الأمريكية في الشرق الأوسط 1950 - 1980 في كتابه حبل من رمال، قصة اخفاق أمريكا في الشرق الوسط، ترجمة د. سهيل زكار، دار طلاس، الطبعة الثانية، دمشق 1985
11- مطيع النونو، ص 239، مصدر سابق
12- البرفسور كمال مجيد، النفط والاكراد، مصدر سابق ص 35، ويشرح المؤلف هنا أيضاً مختلف القوى المساهمة بالانقلاب بالقول: [إستغلت الدول الغربية تخاذل الحزب الشيوعي وأخذت زمام المبادرة لإسقاط قاسم وتحطيم المد الثوري. فقامت بتمويل وتسليح البعثيين لمهاجمة الشيوعيين واغتيالهم. واتفقوا من الجهة الأخرى مع شاه إيران على تعبئة وتحريك الزعامات الكردية المختلفة ضد عبد الكريم قاسم. فقام هؤلاء بحمل سلاح الشاه واستمروا في محاربة الحكومة حتى الثامن من شباط 1963 حين نجح الانقلاب البعثي - العارفي الذي نال تأييد ومساندة جمال عبد الناصر والبرازاني]. كذلك راجع نص مقالة جريدة الغارديان، في الملحق رقم 11.

13- كل هذه النقاط مستلة من د. حامد البياتي، أسرار انقلاب8 شباط، مصدر سابق
14- يراد هنا بالخطاب الذي ألقاه الزعيم قاسم، أمام مؤتمر المهندسين قبيل الانقلاب، والذي ندد فيه بالسفارتين البريطانية والامريكية على تدخلاتهما في الشأن الداخلي، إذ ساهمتا في طبع منشورات سرية ضد السلطة الوطنية. كما هاجم الحكومة الامريكية على صرفها الاموال لرؤساء العشائر والاغوات الاكراد بغية توسيع نطاق الحرب الكردية وعدم الاستجابة للعفو الذي أصدره الزعيم قاسم. ويذكر اسماعيل العاراف، إستناداً إلى خطاب الزعيم الذي أكد فيه أن السفارة البريطانية وزعت نصف مليون دينار في منطقة كردستان وحدها. وقد عكست صحف تلك الفترة احتجاجات الزعيم بعنوان (القائد يحذر واشنطن) التي تعمل من أجل الاطاحة بالحكم والتدخل في القضية الفلسطينية. وكان رد فعل الأمريكان هو التهديد بإسقاطه إذا لم يغيّر من سياسته المناهضة لجوهر سياستهم الامبريالية في المنطقة.
15- نص التقرير المؤرخ في 28 كانون ثاني/ يناير لدى د. حامد البياتي، أسرار انقلاب 8 شباط ، ص 139، مصدر سابق، كذلك راجع الملحق رقم .



#عقيل_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانقلاب التاسع والثلاثون- 1963 القطار الأمريكي وسباق المساف ...
- الانقلاب التاسع والثلاثون- 1963،القطار الأمريكي وسباق المساف ...
- الانقلاب التاسع والثلاثون- 1963،القطار الأمريكي وسباق المساف ...
- الانقلاب التاسع والثلاثون- 1963 القطار الأمريكي وسباق المساف ...
- القطار الأمريكي وسباق المسافات الطويلة (1-10)
- من تاريخية العنف المنفلت في العراق المعاصر :4-4)
- من تاريخية العنف المنفلت في العراق المعاصر : (3-4)
- من تاريخية العنف المنفلت في العراق المعاصر انقلاب 8 شباط 196 ...
- من تاريخية العنف المنفلت في العراق المعاصر :
- 14 تموز والتيار الديمقراطي
- حوار عن قاسم وتموز
- (8-8) من تاريخية الانقلابية العسكرية في العراق المعاصر
- (7-8)من تاريخية الانقلابية العسكرية في العراق المعاصر
- (6-8)من تاريخية الانقلابية العسكرية في العراق المعاصر القسم ...
- (5-8)من تاريخية الانقلابية العسكرية في العراق المعاصر (الجمه ...
- (4-8)من تاريخية الانقلابية العسكرية في العراق المعاصر
- من تاريخية الانقلابية العسكرية في العراق المعاصر (3-8)
- من تاريخية الانقلابية العسكرية في العراق المعاصر القسم الثان ...
- من تاريخية الانقلابية العسكرية في العراق المعاصر القسم الثا ...
- رحيل آخر عمالقة رواد الفكر الديمقراطي في العراق المعاصر


المزيد.....




- السودان يكشف عن شرطين أساسيين لبدء عملية التصالح مع الإمارات ...
- علماء: الكوكب TRAPPIST-1b يشبه تيتان أكثر من عطارد
- ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
- مصادر مثالية للبروتين النباتي
- هل تحميك مهنتك من ألزهايمر؟.. دراسة تفند دور بعض المهن في ذل ...
- الولايات المتحدة لا تفهم كيف سرقت كييف صواريخ جافلين
- سوريا وغاز قطر
- الولايات المتحدة.. المجمع الانتخابي يمنح ترامب 312 صوتا والع ...
- مسؤول أمريكي: مئات القتلى والجرحى من الجنود الكوريين شمال رو ...
- مجلس الأمن يصدر بيانا بالإجماع بشأن سوريا


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عقيل الناصري - القطار الأمريكي وسباق المسافات الطويلة (6)