أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - طريف سردست - تاريخ إكتشاف أن العقل في الدماغ















المزيد.....


تاريخ إكتشاف أن العقل في الدماغ


طريف سردست

الحوار المتمدن-العدد: 3860 - 2012 / 9 / 24 - 08:29
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


في البداية لم يكن يعرف الانسان بوجود الدماغ، كعضو من الاعضاء الحيوية او وظائفه، وكانت قدراتنا على التفكير والاستنتاج معضلة مذهلة بالنسبة لهم..
المصريين القدماء (2500 قبل الميلاد) كانوا يعتقدون ان العقل في القلب وان الدماغ مجرد " حشوة" لافائدة منها. لهذا السبب، في عملية تحنيط الجسد، كانوا يسحبونها عن طريق الانف ويرمونها، على الرغم من ان التحنيط نفسه يهدف لحفظ الجسد في عملية الانتقال الى العالم السفلي، وكانوا يحتفظون بالقلب لكونه مركز الروح والعقل. من القرن 1600 قبل الميلاد توجد لدينا وثيقة عن طبيب مصري يصف فيها، لاول مرة، الدماغ اناطوميا. هذه الصحيفة من ورق البردي يطلق عليها Edwin-Smith papyrus, وفيها وصف لتموضع الفصوص وللغشاء الدماغي والسائل الدماغي. إضافة الى ذلك يصف الطبيب 26 نوع من اصابات الدماغ وطرق معالجتها.

في الواقع جرى العثور على جماجم تعود الى ماقبل 2000 عام وفيها ثقب يدلل على انه جرى بطريقة منظمة، بواسطة سكاكين واحجار حادة. هذه الحالات تدعى Trepation. الاركيولوجيين يعتقدون ان هذه العمليات جرت بالترابط مع طقوس دينية وجرى العثور على امثلة عنها في جميع انحاء العالم. بعض هذه الجماجم كانت الثقوب مدورة بشكل منتظم مما يدل على ان صاحب الجمجمة بقي على قيد الحياة وان العظام نمت جزئيا. فتح الجمجمة وكشف الدماغ للعلاج ، وعلى الاخص وجع الرأس المزمن، لطرد الجان والعفاريت من الرأس، كان منتشرا في القرون الوسطى وإستخدمت أدوات خاصة لثقب الجمجمة.

الفيلسوف الاغريقي العظيم اريسطوطاليس كان يعتقد ان العقل والتفكير يحدث في القلب وان وظيفة الدماغ ان يبرد الدم. ديموقريطس كان يعتقد ان الروح منقسمة ثلاثة اقشام: العقل في الرأس والمشاعر في القلب واللذة في الكبد. مؤسس الطب الاغريقي هيبوقريطيس Hippocrates, كتب في وصفه لمرض الصرع وعلاجه:" علينا ان نعلم انه، ليس من أي مكان أخر عدا الدماغ تأتي المتعة والرغبة باللعب والضحك والحزن والاسى والشك والتبلبل والتشكي. ومن هذا العضو نفسه نصبح مجانين او ندوخ والرعب يستولي علينا، للبعض في الليل وللبعض الاخر في النهار، كما نحلم ونهتم بالقضايا الغير مناسبة، كل هذه تىمور تصدر عن الدماغ عندما يكون مريضا". (On the Sacred Disease

550 قبل الميلاد استنتج الطبيب والفيلسوف الاغريقي Alkmaion, ان الانسان، على خلاف الحيوان، قادر على التفكير المنطقي وان الدماغ وليس القلب هو المكان الذي تحدث فيه عملية التفكير والتعقل. بعد حوالي 300 سنة قام قام الطبيبان والفيلسوفان الاغريقيان Herofilos & Erasistratos, بتشريح الجثث البشرية. ومع بعض قاموا بوصف الدماغ والقلب ووضع خارطة الشبكة العصبية. وفي النهاية استنتجوا، ان دماغ الانسان يختلف عن دماغ الحيوان في كونه كبير بشكل ملحوظ. الطبيب الاغريقي غالينوس، (Aelius Galenus or Claudius Galenos, AD 129 - c. 200) آشار الى أهمية الدماغ، والعلاقة بين الاعصاب والعضلات والدماغ، من خلال شبكة عصبية ووضع ترقيم للمنظومة العصبية المتجهة الى الدماغ عند الرقبة (nervus cranialis/nervi craniales). كما آشار الى ان الاعصاب تنشط العضلات من خلال هرمون اطلق عليه اسم pneumata psychikon. في القرون الوسطى جرى تطوير نظرياته من قبل pneumata psychikon.

العرب، قبل الاسلام، كغيرهم لم يكونوا يعرفون ان العقل في الدماغ وانما كانوا يعتقدون، كبقية الامم، ان العقل والتفكير مكانهم في القلب. وليس مايدل على ان الوضع تغير بعد الاسلام. في القرآن والحديث نجد نصوص تعزز تصوراتنا انه في ظل الاسلام، وبفضله، استمر الاعتقاد بأن القلب مركز الحكمة والعقل والتبصر والقسوة وهو اعتقاد العامة ووافقهم عليه القرآن، حيث نجد ان الاية 179 من سورة الاعراف تقول بوضوح لالبس فيه:
وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ

وفي الاية 47 من سورة الحج، نجد التالي:
أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ .

وفي صحيح مسلم ::
و حدثني ‏ ‏حرملة بن يحيى التجيبي ‏ ‏أخبرنا ‏ ‏ابن وهب ‏ ‏قال أخبرني ‏ ‏يونس ‏ ‏عن ‏ ‏ابن شهاب ‏ ‏عن ‏ ‏أنس بن مالك ‏ ‏قال ‏ ‏كان ‏ ‏أبو ذر ‏ ‏يحدث ‏
‏أن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏ ‏فرج سقف بيتي وأنا ‏ ‏بمكة ‏ ‏فنزل ‏ ‏جبريل ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏ففرج صدري ثم غسله من ماء ‏ ‏زمزم ‏ ‏ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانا فأفرغها في صدري ثم أطبقه.
والاعتقاد ان العقل في القلب موجود حتى في الانجيل، رجاع متى الاصحاح 15:13 وانجيل يوحنا الاصحاح 40:12، حيث يقول " ويفهموا بقلوبهم".

وفي لسان العرب نجد ان الدماغ مجهول الوظيفة والعقل هو ماتعقله بقلبك، يقول:.
والعَقْلُ: القَلْبُ، والقَلْبُ العَقْلُ، وسُمِّي العَقْلُ عَقْلاً لأَنه يَعْقِل صاحبَه عن التَّوَرُّط في المَهالِك أَي يَحْبِسه، وقيل: العَقْلُ هو التمييز الذي به يتميز الإِنسان من سائر الحيوان، ويقال: لِفُلان قَلْبٌ عَقُول، ولِسانٌ سَؤُول، وقَلْبٌ عَقُولٌ فَهِمٌ؛ وعَقَلَ الشيءَ يَعْقِلُه عَقْلاً: فَهِمه.
في نفس المعجم نجد ان الدماغ والمخ لاعلاقة لهم بالتفكير بل لايعرف لهم اي وظيفة فيقول:

الدِّماغُ: حَشْوُ الرأْسِ، والجمع أَدْمِغةٌ ودُمُغٌ. وأُمّ الدِّماغِ: الهامةُ، وقيل: الجلدة الرَّقِيقةُ المشتملة عليه.

ويحاول البعض القفز على هذه الاشارات من خلال الادعاء ان آية " لنسفعن بالناصية" تشير الى ان العقل في الرأس، من حيث يدعون ان معنى الناصية هو مقدمة الجبهة. وعلى الرغم من ان هذا استشهاد بالتغاضي عن بقية الايات المعارضة لذلك، إلا انه لايوجد مايدل على ان العرب فهموا الناصية بهذا المعنى. في الرحمن 41 تقول الاية " فيؤخذ بالنواصي والاقدام" ومن هنا المعنى الاخذ بالنواصي والاقدام من اجل الاذلال، يوم القيامة. والسفع هو الجذب بشدة، والعرب كانوا يأخذون بالناصية، وليس هناك مايشير الى معنى اخر. وللمزيد راجع الرابط هنا
http://www.alzakera.eu/fardiga/Ijaz-0016.htm

ومع ذلك لم يمنع ذلك أن أول الأدوات لمعالجة أوجاع الرأس جاءت من طبيب اندلسي مسلم. في القرن 900 خطى الطب خطوة هامة على يد الطبيب الاندلسي ابو القاسم خلف بن عباس الزهراوي، الذي أبدع العديد من الادوات الطبية وبقيت كتبه مرجعا مهما، في أوروبا، على مدى اربعة قرون. في كتابه " التصريف لمن عجز عن التأليف" نجد رسومات لادوات لفتح الجمجمة. فقط منذ عصر النهضة (1600 ميلادي) بدأت دراسة الدماغ على اسس علمية صحيحة.

عام 1664 تمكن الطبيب الانكليزي توماس ويلليز Thomas Willis, من وصف الاقسام الداخلية للدماغ ، بمساعدة مشرط وجثة مسروقة وميكروسكوب. استنتاجاته نشرها في كتابه Cerebri Anatome, وفي نظريته يشير الى ان مختلف اقسام الدماغ تتحكم في مختلف انواع العقل. كما أكتشف شبكة دموية كبيرة في الجهة السفلى من الدماغ ولاتزال هذه الدورة تسمى دورة ويللز.

عامل السكة الحديدية فينيس غاغا Phineas Gage, اصيب، عام 1848، بحادث عمل. لقد اخترق قضيب حديدي صدغه وخرج من رأسه مخترقا في طريقه الفص الجبهوي للدماغ. بعد الحادثة اصبح فينيس عدائي وصار يرى الاشباح والخيالات. لهذا السبب استنتج الاطباء ان القسم الاكبر لمركز مقومات الشخصية موجودة في الفص الامامي الجبهوي. الاصابة جعلتهم يكتشفون ان اختلال الشخصية سببه ضعف الروابط بين المادة البيضاء lobotomi, وبين الفص الامامي.

والامريكي كارل لاشلي Karl S Lashley ، من خلال تجاربه على الفئران، اكتشف انه كلما أزال قسم من الدماغ كلما ساءت الذاكرة. ذلك عنى، بالنسبة اليه، ان الذاكرة ليست في مكان معين وانما منتشرة على طول القشرة الدماغية ومتتداخلة مع العديد من المراكز الدماغية. الذاكرة لاتملك مركزها الخاص.



#طريف_سردست (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاعتقادات الذكورية عن المرأة من المسيحيين الى المسلمين
- هل ينشأ السوبر إنسان؟
- نجاح الانسان في تصليح اخطاء الخلق
- إنجاز قبيلة الاسلام - وفشل الامة -4
- محمد بين محاباة العرب وكراهية الاعراب -3
- القبلية العنصرية في فكر محمد -2
- العنصرية في الثقافة الاسلامية -1
- راقبوا اليوم قذف الشياطين بالشهب
- القبط، بين عهد الرسول ونكث الصحابة
- الخطيئة من الفطرة الى قبيلة الاسلام والمسيحية
- السكر السم الابيض
- استخراج الطاقة من العدم وقانون حفظ الطاقة
- ذاكرة الخلية وعلاقتها بالسرطان
- دور العبيد في صعود وسقوط الاندلس
- ضريح الولي والميت كلب
- جرائم جوزيف ستالين
- أهل الشام فينيقيين أم عرب؟
- شعب مُذهل وطنه البحر ولم تلوثه الاديان
- مسلمون فاشيون ام الاسلام فاشي؟
- فضيحة مساجد ستوكهولم


المزيد.....




- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...
- محكمة مصرية تؤيد سجن المعارض السياسي أحمد طنطاوي لعام وحظر ت ...
- اشتباكات مسلحة بنابلس وإصابة فلسطيني برصاص الاحتلال قرب رام ...
- المقابر الجماعية في سوريا.. تأكيد أميركي على ضمان المساءلة


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - طريف سردست - تاريخ إكتشاف أن العقل في الدماغ