|
طريق الشعب بدل طريق اوسلو
جورج حزبون
الحوار المتمدن-العدد: 3859 - 2012 / 9 / 23 - 20:29
المحور:
القضية الفلسطينية
طريق الشعب بدل طريق اوسلو
حين يطالب ( يوسي بيلين ) في مقال له قبل يومين في رسالة الى الرئيس الفلسطيني ابو مازن ، بانهاء والغاء اتفاقات اوسلو ، فان الامر غير عادي بالمطلق ! فهذا الرجل هو مهندس اتفاقات اوسلو مع المفاوضان المباشران ( يئير هيرشفيلد ورون بوندوك ) ، وهو وزير عدل سابق ورجل بيرس ، وفيما بعد زعيم حزب ( ميريتس ) اليساري ، وهو الاكثر معرفة بدقائق الامور ، وهو رجل موثوق وصادق ، ومعنى ما طالب به واضح، هو ان القيادة الراهنة في اسرائيل ، لم تعد ملتزمة بتلك الاتفاقات ، بل قامت بخرقها باستمرار ، وان المجتمع الاسرائيلي يجنحح نحو اليمين وحتى الفاشية ، وان استمرار الاستناد الى تغير داخلي مضيعة وقت والى تغير اقليمي ليس واقعي الان ، والى تغير دولي ليس منظورا في الافق . يبدو تماما ان قيادة السلطة الوطنية الفلسطينية تستشعر ذلك ، وتتوجه للامم المتحدة لاخذ اعتراف بدولة ولو ليست عضو ، في محاولة لتاكيد وضع يقره العالم بواقعية ، ولعله السبب في ذلك الحصار الاقتصادي والسياسي على الشعب الفلسطيني ، ومحاولة تفجير حالة مجتمعية للفت الانتباه بتقديم القضية الفلسطينية على انها عملية انسانية ، وتطلع شعب الى تحسين وضعه الاقتصادي ،وطمس الحق الوطني والسياسي ، وهي حالة تشترك فيها القوى المتنفذة في الجامعة العربية الى جانب اميركا واوروبا . والغاء اوسلو ليست عملية ميكانيكية تخضع لمزاج عكرته عمليات الاستيطان المستمرة ، ودوام السيطرة الاحتلالية على مناطق ( ج) التي كان مقررا الانسحاب منها قبل خمسة عشر عاما ، والسيطرة على الاغوار مما جعل عملية اقامة دولة مستقلة حسب شعار دولتين لشعبين غير ممكنة الان ، بل ان الغاء مضمون تلك الاتفاقات يعني التخلي عن مناطق تحت الولاية الفلسطينية ، تاكد للعالم ان هناك وطن لشعب محتل في القرن الواحد والعشرين ، وانه يناضل بما امكنه لاستعادة حقه في وطنه ، ولقد كانت احدى قرارات المجلس الوطني الفلسطيني الثالثة عشر تقول : بقيام دولة على اي جزء يتم تحريره ، وان العبرة ليست بالاتفاق المشؤوم فقد الغي واقعيا ، فقد عاد الالاف الى الوطن ، واصبح هناك كيان فلسطيني واقعي يراد تدميره ، مهما حسنت النوايا . ولكن العبرة في ادراك ان الاتفاق ملغي ، والمطلوب اعادة صياغة قيادة فلسطينية منسجمة مع مضمون المرحلة ومتوافقة معها ، ودون العودة الى استخدام مفردات قد تبدو غير معاصر ، لكن منهج واشكال النضال باقية واختيار الانسب مرحليا يكون ضمن برنامج مرحلي ، ينتاسب مع اهمية التلائم مع الممكن والوضع السياسي العالمي ، وان كانت الدعوة الى اطلاق اسلوب النضال الشعبي السلمي ، لكنه غير فعال خاصة اذا نظرنا الى ما حصل الاسابيع الماضية من تحركات شعبية ليست ضد الاحتلال ، بل ضد اجراءات السلطة ! التي عليها الادراك الواقعي وليس النظري ان وحدة القيادة والشعب واعادة بناء شكل السلطة هي المقدمة الوحيدة لتوجه حقيقي نحو طريق الكفاح الوطني الشامل لانهاء الاحتلال . لقد فرض النضال الوطني الشعبي عبر الانتفاضة الاولى على اسرائيل الاقرار بعدم قدرتها على مواصلة احتلالها بنفس الاسلوب ، فتوجهت عبر اوسلو حيث وفر لها انهاء الانتفاضة والتخلص من عبء ادارة اكثر من ثلاثة ملاين انسان وتحمل مسؤلية امورهم المختلفة،وسارعت منظمة التحرير بالموافقة والتوقيع ، متوقعة بحسن نوايا ان الاحتلال جاد حين يوقع اتفاقا ! فكان ان اخرج من مازق ، دخلت اليه القيادة الفلسطينية ، عمقته حركة حماس عبر انشقاقها وتكريس امارة غزة . لقد اكدت تجربة الانتفاضة الثانية ، انها لم تدرك طبيعة المرحلة وان الدخول الى الشكل المسلح افضل ما يناسب الاحتلال الذي استغله لزيادة قمع وقتل الشعب الفلسطيني ، بذريعة الدفاع عن المدنين ! وفي حضور تجربة ناجحة ، بمقياس الانتفاضة الاولى ، لا داعي للتنقيب عن اسلوب ، خاصة وانها انتفاضة انطلقت شعبيا ، وفرضت اساليب متوافقة مع كل موقع ومدينة وقرية ، وان القيادة الموحدة كان دورها مقتصرا على التوجيه السياسي ، وفي قراءة للوضع العربي الراهن ، فان انطلاق حركة شعبية سلمية تستطيع ان توفر تضامن عالمي مهم وعربي كبير ايضا بالاستفادة من حركات الثورات العربية الشعبية . لكن هذا يحتاج الى كسب ثقة الانسان المناضل واحساسه انه شريك في الوطن وليس مستخدم ! فليست النائحة الثكلى كالمستاجرة !؟ ولا يحتاج الامر الى البحث في موضوع حل السلطة ، فهي قيادة مستوجبة ، لكن شكل تعاملها وخطة عملها ، وعناوين قادتها ليست مؤهلة لقيادة مرحلة كفاح وطني ، ربما هذا ما ادركه الرئيس ابو مازن الملوح بالاستقالة باستمرار ! فعلى كافة قوى منظمة التحرير الفلسطينية اعداد كوادرها لمرحلة جديدة ، دون حاجة لدولة مراسم والقاب ومسميات ، ما انزل الله بها من سلطان ! وانتخاب قيادات اخرى تحظى بثقة المواطن ، والاستجابة الى حاجاته المعيشية ، والتدرج بالصيغة الجديدة نحو مرحلة جديدة نضالية في تارخ هذا الشعب الذي لم يضطهد في التاريخ الحديث شعب مثله ، فاطلقوا للشعب يده ، واسقطوا سلطة البرتوكولات ، واعيدوا للشعب دوره بقيادة ممثله الشرعي الوحيد ، ولنعتبر اوسلو طريق تم اجتيازه ، تقدمنا عبره خطوة بانجاه دحر الاحتلال دون ان نجعله قيدا ، ولنواصل طريق استكمال الاستقلال الوطني .
#جورج_حزبون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الراهن الفلسطيني والانتخابات المحلية
-
الشرعية الثورية والشرعية الانتخابية
-
عن اليسار والشيوعية والثورة
-
رؤية لخطة طريق الثورة المضادة
-
اليقظة العربية والصحوة الاسلامية
-
حكاية اسد
-
عن الختان وثقافة القهر
-
الكم والكيف في الثورات العربية
-
الدولة الدينية بدعة
-
اغتيال ابو عمار
-
الاممية والقومية الروسية
-
الاسلام السياسي الى اين ؟!
-
حول الخلافة الاسلامية
-
وجوه فلسطينية قلقة
-
الديمقراطية هي الحل !!
-
مصر ..اين السبيل ؟
-
اليد الخفية في الثورة العربية
-
نحو عولمة اسلامية
-
شرق اوسط برعاية تركية
-
على درب ايار
المزيد.....
-
تحليل للفيديو.. هذا ما تكشفه اللقطات التي تظهر اللحظة التي س
...
-
كينيا.. عودة التيار الكهربائي لمعظم أنحاء البلاد بعد ساعات م
...
-
أخطار عظيمة جدا: وزير الدفاع الروسي يتحدث عن حرب مع الناتو
-
ساليفان: أوكرانيا ستكون في موقف ضعف في المفاوضات مع روسيا دو
...
-
ترامب يقاضي صحيفة وشركة لاستطلاعات الرأي لأنها توقعت فوز هار
...
-
بسبب المرض.. محكمة سويسرية قد تلغي محاكمة رفعت الأسد
-
-من دعاة الحرب وداعم لأوكرانيا-.. كارلسون يعيق فرص بومبيو في
...
-
مجلة فرنسية تكشف تفاصيل الانفصال بين ثلاثي الساحل و-إيكواس-
...
-
حديث إسرائيلي عن -تقدم كبير- بمفاوضات غزة واتفاق محتمل خلال
...
-
فعاليات اليوم الوطني القطري أكثر من مجرد احتفالات
المزيد.....
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
المزيد.....
|