لطيفة حساني
الحوار المتمدن-العدد: 3859 - 2012 / 9 / 23 - 02:34
المحور:
الادب والفن
سكتَ الكلامُ فقالتِ الأوراقُ
قد كادَ يقتلُها بنا الإشفاقُ
صاحَت بملءِ جراحِنا صَفحاتُها
تنساقُ حيث دروبُنا تنساقُ
قلَّبتُ صمتيَ في السماءَ وسرِّها
فتوحدَت بوجومِها الأعماقُ
جيشٌ يقاتلُني ولكنْ خفيةً
لا فرَّ مما عدَّتِ الأغساقُ
جيشٌ خفيٌّ لا أرى آثارَهُ
إلا بروحٍ ما لها تِرياقُ
هدمٌ، خرابٌ، كلُّ طعناتِ الظُّبَى
في ليل يأسٍ عسفُهُ محَّاقُ
ما لي أُتمتمُ في سُرادقِ وحدَتي
وأماميَ الأجواءُ والآفاقُ؟
غنِّي على غصنِ الرُّؤى شبَّابةً
في شجوِها يتمثَّلُ المشتاقُ
بقصيدةٍ هيَ مِن رمادِ توهُّجي
هي بعضُ وجهٍ ملَّهُ الإحراقُ
باقٍ من الصَّلصالِ نايٌ مترَعٌ
بصدًى غريبٍ نارُهُ إشراقُ
يُصغي للحنهِ واغلٌ في أرضهِ
ويَتيهُ فيه البحرُ والعشَّاقُ
لي في الهوى طيرٌ أسيرٌ متعَبٌ
ضاقَت بمُهجةِ قلبهِ الأطواقُ
ناديتهُ في جُنحِ ليلِ تغرُّبي
وإذا النداءُ تباعدٌ وفراقُ
فأضفتُهُ للعابرينَ على الرُّؤى
ريحاً تناستْ تُربها الأحداقُ
إني رميتُ البحر خلفَ البحرِ كي
لا يستفزَّ وجيبَهُ الإشفاقُ
ظلي وراءَ عباءةٍ ضوئيةٍ
صنَّاعها الأنفاقُ والآفاقُ
ضدانِ كلهما فؤادٌ متعَبٌ
متأهبٌ لرحيلهِ مشتاقُ
ما دامَ طيري في الغمامِ ديارهُ
قلبي جناحٌ للسَّما توَّاقُ
ما همَّهُ شوكٌ تراقصَ في المدى
فهوَ الطبيبُ وروحهُ الترياقُ
غنيتُ ملء الصمتِ، ملءَ ترقُّبي
فتفجرتْ من كبتتي الأطواقُ
ما هزَّتِ الأنواءُ بحراً هادئًا
إلا انتضَت أسماكَهُ الأعماقُ
لا تحسبوا صمتَ السماءِ مسرمَداً
كم ضجَّ منهُ البرقُ والأغداقُ
مِن دمعنا ووجومِنا وشُرودنا
ينسابُ نهرٌ سلسلٌ رقراقُ
لما تأهَّبنا لرحلةِ غربةٍ
فيها الفَدافدُ والعراءُ رفاقُ
يا ثمْرةَ الشعرِ المقيمةَ في السَّما
طابَ السناءُ وطابتِ الأذواقُ
ماءُ القصيدةِ دمعتانِ لشاعرٍ
قد ألهبَتها غزَّةٌ وعراقُ
في نهرِ دجلةَ أُغرقت سفنُ الرَّجا
لما تجندلَ في الضُّحى العِملاقُ
في يوم عيدٍ ضاعَفوا خَيباتنا
من ملَّ منها الضَّعفُ والإخفاقُ
وجروحُ غزةَ في فؤادي نَزفُها
وبدَمعها كأسي الحزينُ دِهاقُ
غنَّيتها في صمتِ شعري حُرقةً
فتقرَّحت بجِمارها الأَحداقُ
حِصنٌ منيعٌ لا رياحَ تهزُّهُ
ما دامَ فيه الدِّينُ والأخلاقُ
حملُ البياضِ مع السوادِ تعادَلا
وكلاهُما بسباقهِ سبَّاقُ.
#لطيفة_حساني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟