|
سوريا: هل تتعرض الطائفة العلوية لخطر الإبادة؟
نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 3858 - 2012 / 9 / 22 - 12:46
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
كان تهجير الأقليات والقضاء عليها، واحداً من السمات والنتائج المميزة والبارزة لعملية "نشر الديمقراطية" (رجاء ممنوع الضحك)، التي أخذتها الولايات المتحدة على عاتقها، وزعمت أنها بصدد تحقيقها في منطقة لم تعش، يوماً، إلا على القمع والاستبداد والتنافر المجتمعي والديكتاتورية، والاضطهاد القبلي والديني والسياسي عبر قرون خلت. وقد تجلى ذلك بداية في عملية "تحرير" العراق، التي نجم عنها، وكما هو معلوم للجميع، ورافقها حملة منظمة لتهجير جماعي لكل الأقليات غير المسلمة وتحديداً، الأقلية المسيحية، التي يقال بأنه لم يبق أي من أفرادها في العراق "الديمقراطي" الجديد.
ويؤسفنا القول، أيضاً، أنه ومنذ بداية ما يسمى بالثورة السورية، باتت الاغتيالات وحوادث القتل والاختطاف الجماعي والتصفيات الجسدية والهجوم على شخصيات عامة ورسمية وقيادات عسكرية، تتخذ منحى طائفياً بغيضاً، وفاقعاً، ما افقد هذه "الثورة" المزعومة أية مصداقية على المستوى الشعبي في سوريا، وبالتالي تعرضت لانتكاسات على صعيد ذاك التأييد الجماهيري الذي كان من المفترض أن تحظى به لو كانت فعلاً "ثورة" سليمية ووطنية وديمقراطية وعلمانية الهوى والاتجاه، غير أن مضامينها الطائفية سلبتها الكثير من زخمها، ما دفع زعماءها للاستعانة بالأجنبي وتبني الخيار العنفي والمسلح حين ظهر أنها أعجز عن إخراج مجرد ثلاثة متظاهرين سلميين. وكانت حمص، بؤرة ذاك الحراك المسلح المدعوم خليجياً، وتركياً وأطلسياً، مركزاً لحملة من التصفيات الطائفية ضد الأقليات، وتم تهجير المكوّن المسيحي منها على نحو واسع، في ذات الوقت الذي فتحت فيه السفارات الغربية باب الهجرات الجماعية لهذا المكون، ما يفصح عن تنسيق، وتناغم عجيب، وغير بريء، بين أطراف العدوان، في الداخل والخارج، على إنجاز هذه العملية والمهمة، وهي تفريغ هذه المنطقة من كل الأقليات العرقية والإثنية والدينية، وتسليمها جاهزة و"مقشرة" للتيارات الظلامية والسلفية التي بوجودها فقط ستزدهر وتنتعش دولة بني إسرائيل في ظل أجواء ومناخات التخلف والجهل والانغلاق والتخاريف والأباطيل والقحط والخرابيط التي لا يقرها شرع ولا دين.
غير أن الهدف الأول، والغاية المنشودة، من كل ذلك، والصيد الثمين، والجائزة الكبرى، وكما تبدى لاحقاً، في عملية طلبنة ووهبنة وسلفنة المنطقة وأخونتها، برمتها، والمدعومة أمريكياً، يكمن في تهجير وإبادة الطائفة العلوية في سوريا، وتطهير سوريا منها، وهذا هدف معلن، وغير خفي، وكله وفق تقارير رسمية وغير رسمية كثيرة منشورة على الشبكة العنكبوتية ويتم تداولها في الغرف السرية، والبالتوك، وتسجيلات "ثورية" علنية، دخلت في أدبيات "الثورة" وخطابها اليومي وتراثها "الفذ" ولم يعد من الممكن التفريق بينهما، أو فصله عنها، ولا يأنف أصحابها من التغني به، ولم يأت من فراغ وله مرجعياته السياسية والاستراتيجية مهما حاول "بلاشفة" ونصابو "الثورة" وأبواقها ومشعوذوها ذوو الخلفيات و"الأصح العاهات" الماركسية قول غير ذلك وتمويهه بالخطاب "الثوري" الزائف العريض الفضفاض، ولاسيما بعد الدعم، والتبني، والتحذير الرسمي للنظام الرسمي العربي وجامعة نبيل العربي، من "الهلال الشيعي" الذي بدأ في التشكل في سماء المنطقة، ولا بد، بالتالي، من القضاء عليه، ووظفت لذلك مليارات الدولارات النفطوية، لضخ الكراهية والحقد ضد هذه الأقليات وتأثيمها، ومن ثم، التهيئة والإعداد العملي للقضاء عليها وإبادتها عن بكرة أبيها، عبر إدخال قطعان الوهابيين المرتزقة القتلة المأجورين، الذين يطلق عليهم ياسين الحاج صالح، وصبحي الحريري، وعبد الرزاق عيد، ولؤي حسين (فتى روبرت فورد المدلل)، لقب "الثوار" السلميين (رجاء ممنوع الضحك بتاتاً وللمرة الثانية).
وما كنا لنأخذ كل تلك التسجيلات والتقارير والدعوات على محمل الجد، أو أن "نشيلها" من أرضها، والشبكة العنكبوتية مليئة وتغص وتعج بفيض مما هو أصلي وبما هو زائف، لولا أنها تترافق مع خطوات عملية ولوجستية ظاهرة وملموسة لمس اليد ونراها يومياً، وباتت تأخذ منحى دموياً خطيراً وجدياً مؤرقاً للجميع يصيب أذاه أبناء هذه الطائفة الكريمة الأبرياء الآمنين. ولتحقيق هذا الهدف يتجمع اليوم، وكما قلنا في مقال سابق، الآلاف من المسلحين الطالبان والوهابيين والخلايجة والأتراك والشيشان..إلخ، وتقدر أعدادهم، وفق شهود عيان محليين، بين 10-20 ألف مسلح، وذلك في القوس الجبلي الوعر الممتد من مدينة سلمى إلى مدينة كسب على الحدود التركية، حيث يقوم هؤلاء بعمليات إرهابية وقتل واختطاف، إضافة إلى جرائم فظيعة ضد البيئة تتمثل بإحراق شامل وواسع للغابات الكثيفة في هذه المنطقة وتبدو ألسنة اللهب العالية جراء ذلك بادية للعيان، وكنت قد نشرت، أمس مساءً، على صفحتي على الفيسبوك صوراً لها(1). وجديد الأمر، ووفق شهود عيان، وسكان من تلك المنطقة، أقابلهم بشكل يومي، باتوا يتحدثون عن تمدد الإرهابيين، وتسللهم رويداً رويداً، ً وتغلغلهم يومياً في تلك الغابات والأحراش، واتباعهم سياسة القضم المتدرج للقرى العلوية الغافية على تلك السفوح، واحتلوا، منها، حتى الآن، أربعين منها، وفق ما نقله لي أحد أبناء هذا القرية، وتم تهجير جميع سكانها، بعد حرق منازلهم(2)، ويتعرض سكان هذه المنطقة، من العلويين، لعمليات قتل ممنهجة وواسعة، كان آخرها يوم أمس عبر اقتحام والاعتداء على قرية بللوران" العلوية" (مع الأسف الشديد من الجميع لهذا الخطاب الكريه وما أجبرنا على المر إلا الأمرّ منه)، وتم قتل الشاب هيثم معلا، والتنكيل بجثته، وجرح اثنين آخرين، هما إيراهيم كوشاري، وعلي برهوم، مع انتشار المسلحين بشكل علني، بسياراتهم وأسلحتهم، ورفعهم للعلم التركي، هذه المرة، في المناطق والقرى "المحررة" حسب زعمهم، والمطهرة من سكانها "العلويين".
والأمر بات يثير مخاوف جدية، وهؤلاء المسلحون، وعلى ما يبدو ينتظرون ساعة الصفر، أو ظرف ما، وقرار دولي، أو ربما لحين اتضاح وضع ومصير مدينة حلب، للانقضاض على بقية القرى بوقت متزامن وواحد، ومن ثم التوجه جنوباً باتجاه مدينة اللاذقية التجمع الأكبر للطائفة العلوية، وحيث الخلايا الوهابية النائمة، والأسلحة المكدسة والمتفجرات التي عثر بالأمس على 30 كغ منها من مادة السيفور شديدة الانفجار مع أسلحة أخرى قدرت قيمتها بـ25 مليون ليرة سورية (حوالي 400$ ألف).
والسؤال الذي بات مطروحاً، حالياً، على نطاقات واسعة في المحيط، ويتداوله الجميع، لم يعد فيما إذا كان السكان العلويون من أبناء هذه المنطقة سيتعرضون لعمليات ثأر وانتقام، ومن ثم، لتهجير وتطهير وإبادة شاملة، أم لا، بل، تحديداً، متى سيتم ذلك بالفعل؟ (1)- صور من عمليات إحراق الغابات. https://www.facebook.com/photo.php?fbid=406378686083590&set=a.151127828275345.40204.100001343876483&type=1 (2)- تم احتلال وحرق مدينة بيت حليبية اليوم صباحاً، وقبلها قرية الكنديسية. (3)_ غيض من فيض الدعوات للتطهير الذي تدعو له "الثورة السلمية" ضد العلويين. http://www.youtube.com/watch?feature...&v=LujT2R4A5TM
http://www.kfshat.com/layout_half.ph...w1topic&id=603
http://www.alhurra.com/content/special-report-whats-alawaites-fate-amid-secterian-tension/208991.html (4)- غيض من فيض، أيضاً، لتدفق المرتزقة الوهابيين الطالبان إلى سوريا http://www.breakingnews.sy/ar/article/7454.html
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أمة من الرعاع
-
نضال نعيسة: أمنيتي أن نجد منظمات ونقابات وطنية لتمثلنا وتداف
...
-
ماذا عن أفلام العرب والمسلمين؟
-
مقابلة مع تلفزيون الخبر
-
متى تبدأ غزوة اللاذقية؟
-
صرخات سورية: وخواطر غير قومية
-
أردوغان: يُصلِّي، أم يُصلَّى عليه؟
-
الرحمة والمغفرة لقناة الدنيا
-
أوقفوا عرض مسلسل ابن تيميه باب الحارة
-
سوريا: من ينصف هؤلاء؟
-
الفاشية البعثية
-
سوريا المعادلات المستحيلة
-
حكى مرسي
-
أردوغان الطبل الأجوف
-
السيد وزير التربية: توقفوا عن مناكفة الشعب السوري
-
رياض حجاب: مجنون يحكي وعاقل يسمع
-
حلب: سحق بالجملة للميليشيات الأطلسية- الأردوغانية-الخليجية
-
فقاعة رياض حجاب
-
عن أية دولة علوية يتحدثون؟
-
انشقاق رياض حجاب: متى سيسقط النظام السوري؟
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|