|
براءة الأطفال أهم من سخافة الأنبياء وأتباعهم
سامي الذيب
(Sami Aldeeb)
الحوار المتمدن-العدد: 3857 - 2012 / 9 / 21 - 11:41
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أحاول كل يوم أن أبعد نفسي عن التفكير في سخافات الأنبياء وأتباعهم الذين يعيثون في الأرض قتلا وفسادا وحرقا وتدميرا.
أقرأ الصحف واستمع إلى الراديو والتلفزيون ولا أرى إلا أخبارا عن أناس لا أعرف من أين أتوا، من المريخ أم من القمر، يهيجون ويموجون في شوارع القاهرة وتونس وإسلام أباد وجاكارتا وغيرها من العواصم العربية والإسلامية، وهم يصرخون "الله أكبر". وقد وصل هذا الهيجان والموجان إلى عواصم غربية ومع نفس الصراخ. كل ذلك بسبب فلم سخيف يستعرض بعض لقطات حقيقة من حياة النبي محمد، وفقا لبعض الباحثين انظر هذا المقال: وديع طعمة : صحة ما جاء بفلم محمد – فلم صغير يُصيب أمة محمد بمقتل http://blog.sami-aldeeb.com/?s=%D9%8A%D9%8F%D8%B5%D9%8A%D8%A8&searchsubmit
ووفقا لما سمعت ورأيت، والله أعلم، هناك صحيفة فرنسية هزلية قامت بنشر بعض الرسومات السخيفة عن النبي محمد أرعبت المسؤولين الفرنسيين الذين سارعوا إلى إغلاق سفاراتهم وقنصلياتهم في الدول العربية والإسلامية تخوفا من غضب المسلمين بسبب تلك الرسومات!
ناهيك عما يحدث يوميا من قتل وتدمير وحرق وتهجير في سوريا أو العراق وأفغانستان وغيرها تحت وقع صرخات "الله أكبر". وأمام هول ما يحدث، افرك عيني بشدة وأتساءل: هل هذا حلم أم حقيقة؟ هل هم يلعبون، أم انهم جادون؟ وماذا يريدون؟ وهل يحسبون عواقب ما يفعلون؟
وبسبب ما ذكرته من أحداث ترى مجلس الأمن ورؤساء الدول يجتمعون مرارا وتكرارا لبحث الوسائل لتفادي تفاقم الأمور. حتى إن السكرتير العام للأمم المتحدة أخذ موقفا حول الفلم السخيف المذكور وكأن ليس له عمل إلا هذه السخافات.
كل هذه الأحداث تجرني يوميا وتحاول أن تنسيني ما عاهدت نفسي به، ألا وهو الدفاع عن براءة الأطفال. كل هذا ينسيني انه يتم يوميا ختان 86400 طفل ظلما (طفل كل ثانية على اقل تقدير) أكثريتهم الساحقة مسلمين بسبب غبي اسمه إبراهيم ختن نفسه عندما كان عمره 99 سنة وفقا للتوراة. وفي نهاية كل يوم أتساءل متى سوف يهتم التلفزيون بهؤلاء الأطفال الأبرياء ليعرض لنا صورهم ويسمعنا صراخهم وطلبهم النجدة أمام جزارين يدّعون انهم يبترونهم محبة لهم؟ يا لها من مهزلة! وتصور أخي القارئ أن المسلمين واليهود تكاتفوا في ألمانيا حتى يتصدوا لقرار محكمة ألمانية تدين الختان بدلا من أن يتكاتفوا للسلام في فلسطين! لقد تكاتفوا لكي يستمروا في همجية الختان على الأطفال الأبرياء! وقد عرض التلفزيون مظاهراتهم المشتركة بدلا من إسماعنا صراخ الأطفال الذين يعتدون عليهم يوميا!
ألا تتفقون معي بأن ختان الأطفال يستحق أكثر تغطية إعلامية من الأحداث التي تجري في شوارع القاهرة وتونس وإسلام أباد وجاكارتا وغيرها من العواصم العربية والإسلامية؟ فمن يقومون بتلك المظاهرات بسبب فلم سخيف أو رسومات سخيفة عن النبي محمد ومن يقومون بالقتل والتدمير والحرق والفساد في سوريا والعراق وغيرها أناس بالغون يعون ما يفعلون ولم يعظهم عقلهم إلى جادة السبيل والتصرف السليم. ولكن ما ذنب هؤلاء الأطفال الذين يبترون يوميا؟ ومن يهتم بصراخهم؟ ومن يمنع يد الجزارين عنهم؟ ولماذا لا يجتمع مجلس الأمن ورؤساء الدول لكي يضعوا حدا لهذه الهمجية التي تجري كل يوم دون أن يرفع أحد إصبعه احتجاجاً؟
لو أن العالم اهتم بإلغاء همجية الختان ضد الأطفال الأبرياء كما يهتم بسخافة الأنبياء واتباعهم لكان العالم اليوم أكثر سلاما ورأفة ومحبة. فالمجتمع لبنات، أولها الفرد. وإن أنت بنيت صرحا من لبنات مبتورة ومعذبة ومعتدى عليها منذ نعومة صغرها، أليس من الطبيعي أن يكون كل الصرح معرضا للتردم والانهيار على رأس أصحابه؟
كيف لك أن تطالب كبيرا أن يرحم أخاه الكبير عندما هو ذاته لا يرحم طفله ويقوم بتعذيبه صغيرا؟ إن الكبير بفعله هذا قد اسكت ضميره ولم يعد عنده واعز يمنعه من التعدي على غيره. والطفل البريء المعذب عندما يكبر سوف ينتقم من المجتمع الذي بتره وعذبه صغيرا. وهكذا ندخل في دوامة من البتر والتعذيب يروح ضحيتها الكبار والصغار.
كل فعل له ردة فعل. عذب الصغار دون رأفة، مدعيا أنك تحبهم، وسوف تبني مجتمعا مبني على مبدأ التعذيب، دائما مع نفس الادعاء أنك تحب المجتمع، ولكنك في حقيقة الأمر تعيث فسادا في الأرض. أنظر إلى هؤلاء المقاتلين الذين يندفعون في المعارك في سوريا على سبيل المثال. كل منهم يدعي انه يجب بلده ويدافع عنه. فما هو الفرق بين هؤلاء المقاتلين الذين يقتلون ويدمرون حبا وبين الأهل الذين يعذبون أطفالهم يوميا أيضا حباً؟ وما الفرق بين من يهيجون ويموجون في شوارع القاهرة حبا للنبي محمد فيقتلون ويحرقون ويدمرون وبين الأهل الذين يدعون أنهم بختانهم أطفالهم يفعلون ذلك حبا بهم؟ أليس هؤلاء المقاتلون والمتظاهرون هم نفسهم الذين تم الاعتداء عليهم صغارا، فيعيدون كبارا ما أصابهم صغاراً؟ مجرد سؤال!
---------------------- سوف أتابع في مقالي القادم الجدل الطبي فيما يخص ختان الذكور والإناث. يمكنكم تحميل كتابي ختان الذكور والإناث عند اليهود والمسيحيّين والمسلمين http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=131&action=arabic وطبعتي للقرآن بالتسلسل التاريخي مع المصادر اليهودية والمسيحية http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=315&action=arabic اذا أردتم المناقشة أو وجدتم صعوبة في تحميل كتاب اكتبوا لي على عنواني التالي [email protected] صدر كتابي عن الختان بالإنكليزية ويمكن طلبه من دار النشر http://www.thebookedition.com/male-and-female-circumcision-sami-a-aldeeb-abu-sahlieh-p-83457.html
#سامي_الذيب (هاشتاغ)
Sami_Aldeeb#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جرموا تشويه الأديان!
-
مسلسل جريمة الختان 70: الختان والتهاب المسالك البوليّة
-
مسلسل جريمة الختان 69: الختان وضيق الغلفة
-
مسلسل جريمة الختان 68: الختان والإيدز (المصادر الغربية)
-
مسلسل جريمة الختان 67: الختان والإيدز (المصادر العربية)
-
مسلسل جريمة الختان 66: الختان والإيدز (تجربة شخصية)
-
فيلم مسيء لمحمد: اقترح دواء ناجع وسريع
-
نزول بابا نويل من المدخنة والقرآن من السماء
-
مسلسل جريمة الختان 65: الختان والسرطان
-
أنت ملحد ولا مسيحي؟
-
مسلسل جريمة الختان 64: الختان للوقاية من الأمراض الجنسيّة
-
مسلسل جريمة الختان 63: الختان والوقاية من الأمراض
-
نحن على أبواب ردة عظمى وحروب ردة
-
هل القرآنيون مهرجون؟
-
ضعوا القرآن في المتحف مع الموميات
-
مسلسل جريمة الختان (62): كفاك إهداراً للوقت... عن الختان
-
مسلسل جريمة الختان (61) : الختان والاستمناء
-
مسلسل جريمة الختان (60) : الختان والنظافة
-
مسلسل جريمة الختان (59) : الختان والزواج
-
مسلسل جريمة الختان (58) : الختان والشذوذ الجنسي
المزيد.....
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|