مجدى زكريا
الحوار المتمدن-العدد: 3856 - 2012 / 9 / 20 - 19:43
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
" لقد رحلت " قال الصوت على الهاتف, كان وقع هذه الكلمات بالنسبة الى ساندرا مدمرا اكثر من اية كلمات سمعنها من زوجها حتى الان. تقول : " لم استطع ان اصدق الخيانة ". وتردف قائلة : " ما كنت اخشاه دائما - ان يتخلى عنى زوجى من اجل امرأة اخرى- صار واقعا فظيعا ".
ان ساندرا البالغة من العمر 33 سنة ارادت فعلا ان تنجح زواجها : وكان زوجها قد اكد لها انه لم يكن ليتركها قط. تتذكر ساندرا : " لقد تواعدنا ان نبقى معا فى السراء والضراء. كنت متأكدة من صدقه. لكنه . . . تركنى ورحل. والان صرت وحيدة , ولم يعد لى من يؤنس وحشتى فى هذه الحياة ".
اما هيروشى فلن ينسى ذلك اليوم حين كشف النقاب عن علاقة امه الجنسية. يتذكر : " كنت فى ال11 من عمرى فقط , حين دخلت امى البيت كالعاصفة الهوجاء وابى وراءها يقول : " لا تتسرعى دعينا نناقش المسألة ". كنت اشعر ان الامور ليست مطلقا على مايرام. لقد تحطم ابى ولم يتخط المحنة تماما حتى الان. وعلاوة على ذلك , لم يكن عنده من يبوح له بمكنونات قلبه , فاختارنى انا. تخيلوا الوضع : رجل فى الاربعينات من عمره يلتفت الى ابنه الذى لم يتعد ال11 من عمره بحثا عن العزاء والتعاطف ".
سواء تعلق الامر بفضائح العلاقات الغرامية التى هزت الملوك , السياسيين . نجوم الافلام , والقادة الدينيين او بالخيانة والدموع ضمن عائلاتنا الخاصة. يستمر عدم الاخلاص الزوجى فى اخذ ضريبته. تذكر دائرة المعارف البريطانية الجديدة : " يبدو ان الزنا يجارى الزواج فى الانتشار ". ويقدر بعض الباحثين ان 50 الى 75 فى المئة من المتزوجين كانوا مرة غير مخلصين.
وتقول الباحثة فى موضوع الزواج زلدا وست ميدس انه رغم الكثير من الخيانات لا يجرى اكتشافها فان كل الادلة تشير ان العلاقات الغرامية فى ازدياد.
رغم ان الاحصاءات عن الخيانة الزوجية والطلاق تصدم. فهى لا تظهر تأثيرهما الكامل فى حياة الناس اليومية. فالى جانب المشاكل المالية الجمة , تأملوا فى فيض المشاعر الذى تشمله هذه الاحصاءات , من سيل الدموع الى معاناة الكثير من الحزن والتشويش , الحزن , القلق , والالم المبرح. بالاضافة الى ليالى القلق الطويلة المليئة بالكرب التى تقض على اعضاء تلك العائلات مضجعهم.
قد يتمكن الضحايا من تخطى المحنة , لكن ندوبهم ستبقى على الارجح زمانا طويلا. فالالم والضرر الناتجان لا يمكن ان يشفيا بسهولة.
يوضح كتاب كيفية متابعة المسيرة بعد الطلاق : " يحدث الانهيار فى الزواج ثورانا عاطفيا جامحا , ثورانا قد يؤدى احيانا الى اعماء بصيرتكم. فماذا ينبغى ان تفعلوا ؟ كيف ينبغى ان تواجهوا الامر ؟ كيف تتخطون المحنة ؟ فقد تتارجحون بين اليقين والشك , بين الغضب والشعور بالذنب , او بين الثقة والريبة".
هذا ماعاناه بيدرو بعد ان علم بعدم اخلاص زوجته. وهو يفضى بما فى قلبه قائلا : " عندما تحدث الخيانة . تغرقون فى فيض من المشاعر المشوشة ". واذا كان يصعب على الضحايا استيعاب الشعور بالانسحاق الذى يعانونه , فكم بالحرى عن الذين لا يعرفون من الموضوع الا قشوره ؟ تقول ساندرا : " لا احد يفهم فعلا كيف اشعر. فعندما افكر ان زوجى مع اخرى . اشعر بألم حقيقى فى جسدى , الم يستحيل وصفه لأى امسان ". وتضيف : " اشعر احيانا باننى سأفقد رشدى. فيوما اشعر بأننى املك زمام الامر ويوما اخر يفارقنى هذا الشعور , يوما اشتاق اليه , واخر اتذكر فيه كل الاحتيال والكذب والذل ".
تعترف احدى ضحايا الخيانة الزوجية : " احيانا , تنتابكم مشاعر الغضب البحته ". انها ليست النقمة على الخطأ الذى ارتكب والاذية التى حصلت من جرائه فحسب . بل بالحرى , كما اوضحت صحافية , " الامتعاض مما كان يجب ان يكون ولكنه دمر ".
ومن المشاعر الشائعة ايضا التقليل من القيمة الذاتية والشعور بعدم الكفاءة. يعترف بيدرو : " تخالجكم المشاعر التالية : " ألست جذابا كفاية ؟ هل ينقصنى شئ ؟". وتبدأون بتشريح انفسكم للعثور على العيب ". تؤكد زيلدا وست ميدس من المجلس الوطنى البريطانى للارشاد الزوجى فى كتابها الحب , الاكرام و والخيانة : " ان اصعب الامور التى تواجهونها . . . هى تقويض احترامكم للذات ".
عادة تعقب تلك المشاعر مباشرة نوبات من الشعور بالذنب. تقول احدى الزوجات المكتئبات : " اعتقد ان النساء يعانين كثيرا من الشعور بالذنب. فأنت تلومين نفسك وتتساءلين : اى خطأ اقترفت ؟
ويظهر زوج جرت خيانته وجها اخر لما يدعوه هو العواطف المتقلبة. يوضح : " يصبح الاكتئاب جزءا جديدا من من حياتكم مثل الطقس الردئ ". وتتذكر امرأة انه لم يمض يوم لم تذرف فيه الدموع عندما تركها زوجها. وتروى قائلة : " استطيع ان اتذكر بوضوح اول يوم لم ابك فيه. كان قد مضى على رحيله انذاك بضعة اسابيع. وكان سيمضى عدة اشهر اخرى ايضا قبل ان يأتى الاسبوع الذى لن اذرف فيه الدموع. وهذه الايام والاسابيع الخالية من الدموع اصبحت معالم وسمت طريقى نحو الشفاء ".
ما لايدركه كثيرون هو ان غالبا ما يكون الزانى قد وجه الى رفيق زواجه ضربة مرة مزدوجة. بأية طريقة ؟ تعطينا ساندرا جوابا : " كان ذلك صعبا على فهو لم يكن زوجى فقط بل صديقى ايضا - افضل صديق لى - لسنوات كثيرة ". نعم , فى معظم الحالات تلتفت الزوجة الى زوجها طلبا للدعم عندما تنشأ مشكلة. والان , لم يصبح هو مصدر مشاكل مؤذية فحسب بل توقف عن كونه ايضا مصدرا مهما جدا للدعم. فبضربة واحدة , سبب الما جسيما وسرق من زوجته موضع اسرارها التى تثق به.
نتيجة لذلك فان الشعور العميق بالخيانة والثقة المزعزعة هو من المشاعر الاشد سحقا التى يعانيها رفقاء الزواج الابرياء. توضح مشيرة زواج لماذا يمكن ان تشل الخيانة الزوجية الشخص عاطفيا اللى هذا الحد : " نحن نستثمر الكثير جدا من طاقاتنا , امالنا , احلامنا , وتوقعاتنا , فى الزواج . . . باحثين عن شخص نستطيع ان نثق به ثقة كبيرة , شخص نشعر انه يمكننا ان نعتمد عليه. فاذا سلبت منكم فجأة هذه الثقة , يمكن ان يشبه الامر بيتا من الورق فى مهب الريح ".
من الواضح تماما , كما هو مذكور فى كتاب كيفية متابعة المسيرة بعد الطلاق , ان الضحايا يحتاجون الى المساعدة فى تحليل ما ينتابهم من مشاعر عارمة . . . وقد يحتاجون الى تقرير اية خيارات يمكن ان يقوموا بها وكيف يفعلون ذلك ". ولكن ماهى تلك الخيارات ؟
هل المصالحة هى الجواب ؟ , قد تتساءلون. او ينبغى ان احصل على الطلاق ؟قد يكون مغريا الاستنتاج بتسرع ان الطلاق هو الحل لمشاكلكم وخصوصا اذا ساد التوتر العلاقة الزوجية. قد تحللون : ان الكتاب المقدس هو الذى يسمح بالطلاق المؤسس على عدم الاخلاص فى الزواج. من جهة اخرى , قد تفكرون ان الكتاب المقدس لا يصر على الطلاق. لذلك قد تشعرون بأنه من الافضل ان تتصالحوا مع رفيق زواجكم وتعيدوا بناء زواجكم وتقووا دعائمه.
الطلاق او عدم الطلاق من رفيق زواج غير مخلص هوقرار شخصى. ولكن كيف تعرفون ماذا تفعلون ؟
من فضلكم , افحصوا اولا بعض العوامل التى قد تساعدكم لتقرروا هل المصالحة ممكنة.
" يتبع "
#مجدى_زكريا (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟