قلم رصاص يرسم بالاحمر

ثامر ابراهيم الجهماني

الحوار المتمدن-العدد: 3856 - 2012 / 9 / 20 - 14:29
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    

قلم رصاص يرسم بالاحمر
......مهداة للشهيد محمد أبو العيون المحاميد .
تسللت البرودة الى اطراف اصابعه ، وارنبة انفه . راح يفكر كفيه وينفخ فيهما ، علّه يدب فيهما بعض الدفء .
تذكر جرحه النازف وأدرك انه المنبع الوحيد للحرارة .
سرت قشعريرة طاغية في جسده القوي ، حاول التململ ، لم يستطع فالمكان ضيّق ،أدرك انه براد الموتى ....مازال ازيز الرصاص يطن في اذنيه ، .....آه الرصاص ...ليتني املك قلم رصاص .واوراق ...كنتُ سأخط أجمل الرسائل ..بوح عشق ووداع ..
رسالة لامي كي لاتبكي .
رسالة الى رف
اقي في درعا البلد .
رسالة الى العالم برغباتي .
قصيدة شعر لعينيكِ غنيتها .
الساعات تمر ثقيلة ، دب الخدر في الاطراف السفلية لم يعد يشعر بها. زاغت العينان كأن ضغطه صار كمصعد بناء هرم .
لاحت في تلابيبه ضرورة وجود قلم الرصاص ...لكنه يرسم بالاحمر ، انه دمه الطاهر فكتب بالدم على جدران الصندوق القبر البارد آخر كلماته .
- (( وضعوني هنا حياً ....أني عايش هسّع ، ورح أموت بعدين ....بس بعدني بدي الحرية . أمانة سلمولي على أمي ..)) .
اراد ان يكتب أكثر ..لكنه اكتفى فقد اختزل التاريخ والمستقبل .
لكنه راح يتذكر ويحث ذاكرته على النهوض ..بعد ان تشوشت لديه بعض الحواس ..أدرك ان جسده ليس له . خجل ان يكتب قصيدة لعيني حبيبته . فقرر ان يغنيها .
دندن بصوت شجي فيض من روحه المترعة العطشى وقال : الجامع العمري في الثالث والعشرين من آذار ..احتوانا ..فجاء اللصوص اخرجوا ارواحنا . ومن داوى جراحنا قتلوه ..آه ....ما اصعب ان تموت وحيدا يا وطني ....آه ما اصعب ان تموت ببطئ ...لا اخشى الموت بل هو الملل والوحشة ....
لجل عيونك ياحرية ...
تذكر انه لم يذكر حبيبته في الاغنية فغنى للوطن .والحرية ولاطفال درعا ...كان متيقناً انهم يربتون على الباب لفتحه ، كأنه لاح لديه بصيص نور ...ابتسم اتسع الضوء أكثر فأكثر ، انبهر من شدة البياض ....لإجل عيونك يالحرية ..... فاضت روحه وهو يغني للوطن ...بس بعدني بدي الحرية .
*الشهيد محمد أبو العيون المحاميد ، 24 عام ، وضع بالبراد وهو حياً وقضى بعد أن كتب على جدرانه بالدم اصيب باجتياح القوات الاسدية للجامع العمري 23-3-2011 .

#ثامر_ابراهيم_الجهماني (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات