|
قراءة نفسية لانتفاضة المسلمين ضد الفيلم المسيئ
احمد عسيلي
الحوار المتمدن-العدد: 3852 - 2012 / 9 / 16 - 18:28
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
اختلفت كثيرا ردود المسلمون حيال الفيلم المسيء للرسول محمد و الذي لم يشاهده احد و لم يطلع عليه سوى القليل من الناس.....و كانت اكثر الاسئلة تواردا عقب المظاهرات المنددة بذلك الفيلم هي حول العقلية الاسلامية التي لم تنتفض بهذه القوة و العنف في شوارع مدنهم ضد القنصليات السورية مثلا و التي يقتل نظامها كل يوم العشرات من السوريين (المسلمين في غالبيتهم المطلقة)..و لم يتحركوا الا بالقليل الذي يرفع العتب فقط لنصرة اخوة لهم في الدين بينما يقوموا باغتيال السفير الامريكي نفسه من اجل فيلم.....مجرد فيلم لم يحضروه ................................................. طبعا هذا التساؤل و الحيرة مشروعة جدا لان في هذا السلوك تناقض كبير يستدعي البحث في طريقة تفكير المسلمين و الاماكن الحساسة في عقليتهم التي تدفعهم الى التحرك بينما الاماكن غير الحساسة التي لا يأبهون لها الا قليلا... و قبل محاولة الاجابة عن هذا التساؤل يجب ان يلفت نظرنا ان المظاهرات تلك و خاصة العنيفة منها خرجت من مناطق و دول متخلفة بمعظمها و خاضعة اما لحكم دكتاتوري(السودان) او لحكم خرج توا من ذاك الحكم(ليبيا) او دول فقيرة جدا(اندونيسيا و مصر) بينما نجد مثلا ان مسلمي بريطانيا قاموا بالرد على هذا الفيلم بأسلوب غاية في التحضر و الرقي حين قاموا بطبع عشرات الالوف من نسخ القران و من السيرة النبوية ووضعوها بكيس انيق ووزعوها في شوارع لندن على الناس بشكل مجاني هذا الاختلاف ايضا في ردتا الفعل بين مسلمي ليبيا و مسلمي بريطانيا يستدعي ايضا التأمل و التفكير ......................................................... (قضيت عمري كله في الدفاع عن الملا البرزاني و ليس في الدفاع عن كردستان) هذا ما قاله مناضل كردي كان مسؤول عن الحماية الشخصية للملا مصطفى البرزاني كما اوردها الكاتب جوناثان راندل في كتابه امة في شقاق و اعتقد ان هذه الجملة هي جملة مفتاحية للعقلية الشرقية بشكل عام... فهذا المناضل الكردي الذي افنى حياته من اجل قضية كردستان يعترف في ايام كهولته ان قضيته كانت البرزاني و ليست كردستان.....فهو لا يعرف معنى كلمة كردستان و لا اثر لها في نفسه بقدر اثر (الطوطم) مصطفى البرزاني هنا مكمن العقلية الشرقية....فالعقل الشرقي مازال عاجزا عن ادراك كنه القضايا الكبرى و المجردة من مفهوم الوطن كمكان للإحساس بالحماية و الاستقرار و الدين كتوجه الى الله من خلال طقوس هذا الدين او الطائفة كوجهة نظر في تفسير و قراءة هذا الدين و بسبب هذا العجز الفكري تم صياغة كل المفاهيم السابقة و جعلها مجموعة من الطوطميات........و هذا الطوطم هو الممسك بزمام الجماعة من جهة و الطمأنينة النفسية و الحاجة الى هدف من جهة اخرى فالإسلام ليس هو الدين ذو العقيدة التوحيدية و الاركان و المبادئ بمقدار ما هو الرسول محمد......و التشيع ليست هي كربلاء و عقيدة الندم عن التخلي عن الحسين و التعهد على الدفاع عن المظلومين بل اصبحت السيستاني و خامنئي و السنة ليست قراءة في تشريعات الدين و بعض الاجتهادات بل هي ابو بكر و عمر....و ربما ايضا اسامة بن لادن او القرضاوي ........................................................... اذن نستطيع القول ان العقلية الشرقية قائمة و مبنية على اسس الطوطمية هذه و هي تبقى في حالة تماسك و استقرار طالما ان طوطميتها لم يتعرض لها احد....و بالتالي فان مقتل الوف من المسلمين في سوريا او حتى ميانمار لم تحرك بهم شيئا لان اساسهم الطوطمي لم يمس لكن حين سمعوا......مجرد سمع ان هناك فيلما يهز هذا الاساس فحدث ارباك لكياناتهم كلها مما جردهم من التعقل و دفعهم الى بعض التصرفات الصبيانية في الشرق تحديدا بينما لم يفعلوا هذا في الغرب لانهم ارتقوا فكريا و استطاعوا الفصل بين الدين و بين رموز هذا الدين........فجاء رد الفعل منطقي جدا و عقلاني جدا ................................................................ اذا كان الواقع كذلك فما الحل؟ ربما بدئت المقالة هذه بربط فكرة الطوطم و الدكتاتورية في العصر الحالي كي أقول ان الدكتاتورية تغزي هذا الاسلوب في التفكير من خلال طريقين 1-طريق طوطمة الوطن.......فمن المعرف ان كل الدكتاتوريات تختصر الوطن في شخص الحاكم......فسوريا هي حافظ الاسد او بشار الاسد....(و الذي يستمد مشروعيته من خلال هذه العلاقة مع ابوه حافظ)....و ايضا ليبيا هي القذافي او احد نسله....و يجري تغذية علق المواطن في تلك البلدان منذ الصغر على هذا الاختصار....فيترعرع الانسان و هو اما متمسك بتلك الفكرة فيصبح مواطن صالح او يعارض شخص الحاكم لكن بنفس الية التفكير مع استبدال شخص الذي يمثل الوطن فقط....اي طوطم الوطن. 2-محاربة الثقافة الحقيقية و التي تثري عقل الانسان و تدفعه الى التأمل و المرونة و استبدالها بثقافة التدجين و ثقافة القطيع.....و اذا نظرنا الى الرموز الفكرية او الدينية في تلك البلدان نجدها شخصيات سطحية و خاوية الا من التسبيح بحمد السلطان و البحث في التراث او الدين عن الافكار التي تحض على هذا الامتثال( البوطي و علي عقلة عرسان او اسكندر لوقا كنموذج عن الشخصيات العامة في سوريا و التي كانت تحوز على رضى الحاكم) .............................................................. اذن لا حل لمعضلة القضاء على هذه الظاهرة و جعل العالم الشرقي يتشرب عقيدة حرية التعبير و بالتالي جعل ردات فعله هذه متوازنة و عقلانية الا بالقضاء على الدكتاتوريات الشرقية قضاء حقيقيا و نهائيا و ليس باستبدال دكتاتورية بأخرى كما فعلت الولايات المتحدة الامريكية في النموذجين العراقي و الافغاني
#احمد_عسيلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل من مستقبل للعلمانية
-
الثورة السورية و اللغة-ا-الحيونة
-
في مفهوم (الاب الاوروبي)
-
المثقف و البيك اب
-
الثورة السورية و الكاريزمات القزمة
-
خطة عنان.........و خيارات النظام السوري
-
الوطن ........و اثر الفراشة
-
د.اياس حسن و يوتوبيا المثقفين في الساخل السوري.......دراسة م
...
-
الدولة السورية و مجهر الثورة
-
المجتمع السوري يعود الى حلبة الصراع
المزيد.....
-
الرئاسة المصرية تكشف تفاصيل لقاء السيسي ورئيس الكونغرس اليهو
...
-
السيسي يؤكد لرئيس الكونغرس اليهودي العالمي على عدم تهجير غزة
...
-
السيسي لرئيس الكونغرس اليهودي العالمي: مصر تعد -خطة متكاملة-
...
-
الإفتاء الأردني: لا يجوز هجرة الفلسطينيين وإخلاء الأرض المقد
...
-
تونس.. معرض -القرآن في عيون الآخرين- يستكشف التبادل الثقافي
...
-
باولا وايت -الأم الروحية- لترامب
-
-أشهر من الإذلال والتعذيب-.. فلسطيني مفرج عنه يروي لـCNN ما
...
-
كيف الخلاص من ثنائية العلمانية والإسلام السياسي؟
-
مصر.. العثور على جمجمة بشرية في أحد المساجد
-
“خلي ولادك يبسطوا” شغّل المحتوي الخاص بالأطفال علي تردد قناة
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|