عمر قاسم أسعد
الحوار المتمدن-العدد: 3851 - 2012 / 9 / 15 - 10:51
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حاكم ، جلاد ، لص
كثير منا يتذكر لعبة ( حاكم جلاد لص مفتش ) ، كنا نلعبها في طفولتنا وخاصة في المدرسة أثناء حصص التربية الفنية ،
اللعبة لمن لم يتذكرها أو لم يمارسها عبارة عن أربعة أوراق صغيرة كتب على كل ورقة ( حاكم ، جلاد ، لص ، مفتش ) ترمى الأوراق على الطاولة ويختار كل منا ورقة يفتحها ، اللاعب ( الحاكم ) يسأل : أين المفتش ؟ يجيب اللاعب ( المفتش ) بحضرتك ، يأمره اللاعب ( الحاكم ) بالقول : إعرف لصك ، ويكون أمام المفتش خياران بين لاعبين أحدهم ( لص ) ولاخر ( مفتش ) وإن توفق المفتش بمعرفة اللص يأمر ( الحاكم ) ( الجلاد ) بضرب اللص عدد محدد من الضربات التي يحددها ( المفتش ) ، وإن لم يوفق المفتش بمعرفة اللص يامر ( الحاكم ) ( الجلاد ) بضرب المفتش بعدد من الضربات يحددها اللص ، وعادة ما تكون أداة الضرب ( المسطرة ) أو ما تيسر من أداة تفي بالغرض .
هكذا طفولتنا بكل برائتها وفرحها ، نمارس ألعاب لم نكن نظن أنها ستحاكي واقعنا المستقبلي ، كبرنا ولم نعد نمارس الحكم ولا الجلد ولا التفتيش ولا اللصوصية ،كبرنا ومورس علينا دور الضحية ، وليس لدينا خيار إلا أن نبقى كذلك ،
دورنا الواقعي فرض علينا من قبل حكام ولصوص وجلادين ومفتشين ، كبرنا وظننا اننا خرجنا من اللعبة إلا أن الحاكم بقي حاكم ، واللص بقي لص ، والجلاد بقي جلاد ، ومحاكم التفتيش ما زالت تفتش عن أحرار لجلدهم ،
بقينا مواطنين يحكمنا ذات الحكام وذات اللصوص وذات الجلادين، هم يتبادلون الأدوار كما يحلو لهم ويضعون قواعد اللعبة طبقا لأهوائهم ، ونحن كما نحن يمارسون علينا أدوارهم .
كبرنا وأدركنا أن كل من حولنا حكام وجلادين ولصوص ، وبقينا كما نحن بلا سلطة وأننا شعب مسحوق تحت وطئة حاكم أوحد وعصابة من اللصوص والجلادين الذين ينهشون لحومنا ويمتصون دمائنا ويسمسرون على جثثنا في قبورنا ،
كبرنا وما زلنا تابعين خانعين للحكام الذين كتموا على انفاسنا وإن حاولنا التكلم سبقت أحرفنا سياط الجلادين .
ليس هناك أفظع من ان تعيش في وطن يحكمه ( لصوص وجلادين ومحاكم التفتيش ) ،
فهل نعلن أننا لن نمارس أدوار اللعبة غصبا وقهرا ؟، هل نعلن أننا لن نكون ضحية ؟
قد حان الوقت أن ندخل لعبتنا التي سنضع قوانينها وأن نكتب على كل الاوراق أننا حكاما سنمارس سلطتنا في وطن يخلو من اللصوص والجلادين والمفتشين .
عمر قاسم أسعد
#عمر_قاسم_أسعد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟