|
السعوديون والحوار المتمدن الخجول
نصر مشعل
الحوار المتمدن-العدد: 1121 - 2005 / 2 / 26 - 12:54
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
لا يمكن لأي نهج ديني أن يصنع حوارا متمدنا.. هذا ما أثبته التاريخ في الوسط يقف الأستاذ عبدالله بن محمد الفوزان بجلابيته البيضاء، وأمامه مجموعة من الشبان الصغار يرتدون ذات الزي، وفي الخلف يجلس الداعية الإسلامي، والكاتب الصحفي، للرد على آراء واقتراحات الفوزان محاولا التقاط أطراف النقاش الحضاري، في برنامجه( الكلمة لك) على شاشة الmbc .. يطرح موضوع الحلقة عن الإرهاب بطريقة بسيطة جدا وبدائية، أشبه بحكايا ألف ليلة وليلة ( كان يا ما كان في قديم الزمان) وتذكرنا بمعلمتنا وهي تمطرنا بوابل نصائحها الأمومية الرقيقة( كيف يجلس الشطار؟ هل يجوز أن نرمي الأوراق في الشارع؟ألا يغضب الله حين نعصي أمنا يا حبيباتي؟ أليس من العيب سرقة قلم رفيقنا؟) ..طبعا والرد دوما هو :كلا ( وممطوطة) ودون أن تدري بوجود طالب فقير لا يملك ثمن قلم بينما تغص حقيبة صديقه بالأقلام والبسكويت المطلي بالشوكولا! بهذه الطريقة المهذبة جدا يبدأ الفوزان مناقشته المتمدنة( المتأخرة نصف قرن عن ركب الحضارة.. كما الحال في كل الدول العربية) بملامح موشاة بالحنان تارة والتأثر تارة أخرى، ولهجة تنز طيبا وأسى، وحركات افتعالية بين كر باتجاه جمهوره الممثل بالشبان الصغار وفر باتجاه مضيفيه المتنورين، محاولا استجداء العواطف أكثر منها محاكمة منطقية وجدلية، أو اعتصار أجوبة هو يريدها، ويمكن تلخيص طرحه حول الإرهاب بالنقاط التالية وكما نطقها حرفيا: - بربكم أليس من الحرام أن يقتل هؤلاء الأرهابيون أطفالهم وأبناءهم وجيرانهم؟! - دين الإسلام يحرم قتل قطة.. قطة صغيرة( مع استشهاده بحادثة المرأة التي حبست قطتها فأدخلها الله النار لأنها لا هي أطعمتها ولا هي أطلقتها تأكل من خشاش الأرض) - لماذا يورط هؤلاء الإرهابيون بلادهم في صراعات لا ناقة لهم فيها ولا جمل؟! كيف.. كيف يمكن لنا أن نعيد هؤلاء المجرمون إلى فصيل الإسلام؟ هذا هو نموذج عن جميع الطروحات والقضايا التي يطرحها معد البرنامج، بطريقة تربوية ساذجة، فيما تسمر عيون ضيوفه ترقبا للإجابة الخاطفة والسريعة، حيث يملك هو القدرة على استشفاف ما يريد وبتر الرأي الآخر في لحظة حرجة لا يريد منها تسمية الأمور بمسبباتها.. بل هكذا بطريقية غيمية سديمية لا تفصح لا عن سبب المشكلة ولا عن طريقة مناقشتها وحلها.. وهذا أشبه بديمقراطية الزعامات العربية عندما يوهمون الآخرين بديموقراطيتهم) مصرحين للعالم بأنهم يسمحون لشعوبهم بممارسة كرة القدم! ويسمحون لهم بالصلاة الجماعية أيام الآحاد والجمع! وشراء ما يريدون ! أليست هذه الديموقراطية بعينها؟؟! ويبدأ ضيوفه الباحثين عن الحقيقة الادلاء بدلائهم بطريقة أقرب لتعاليم تلقنوها في طفولتهم، وبصيغة ركيكة، ولو أن بعضهم يعزف أحيانا على الوتر الحقيقي، ويقترب من الهدف وعندها يفرمله عبدالله الفوزان بطريقة لا تخلو من الدهاء رغم تصنع ملامح الطيبة ويتوجه للداعية والصحفي .. طبعا لإنقاذ الفكرة من الرقابة الدينية والسلطوية أكثر منها لإثراء النقاش كي لا يخرج البرنامج عن سراط التقاليد، وسأورد بعض تعليقات وأجوبة ضيوفه الصغار الأكثر صدقا بسبب عفويتها وأنقلها بحرفية وأمانة مع لحظة مقاطعة الفوزان : - الإرهابي مكبوت بالبطولة والجهاد.. فلا يستطيع في بلده أن يحارب شارون أو أمريكا، فيفجر بلده( فرملة) - صلحوا ما علمتمونا إياه فمثلا قلتم لنا إن أبا الطيب المتنبي هو إنسان كافر وسيء، ولكني شاهدت ندوة عنه.. إنه جيد ولقد أحببته، وليس كما تعلمناه( فرملة) - لهم أسبابهم السياسية والاقتصادية وجذورهم الفكرية.. وهذه أسباب لا علاقة لأمريكا وإسرائيل بها- هؤلاء الإرهابيون يرون سلبيات العالم العربي ولا يرون إيجابياته! - لا أحد يستمع لهم وليس لديهم فرص عمل( فرملة) - إنهم إرهابيون ولكن بحسن نية- الحل هو أن نتعلم لغات الآخرين فأنا مثلا أشعر باحتقار الأوربيين لي لمجرد أنني خليجي أو أطلق لحيتي..- نحن تعلمنا أن هذا حلال وهذا حرام ولكن لا نعرف ليش هذا حلال، وليش هذا حرام! وبعد الفرملة يتوجه الفوزان يزدرد مفرداته بلهجته المحلية إلى الصحفي والداعية فتأتي تعليقاتهم شحيحة ممزوجة بتربية ضاربة أطنابها في التعاليم الدينية، مستشهدين بأقوال وآيات قرآنية لا علاقة لها بالموضوع: - هذا غير صحيح فأنا سافرت إلى فرنسا وقوبلت بكل احترام مع أنني أطلق لحيتي.. لا ..لا اللحية ليست معيار- نحن أحسن الخلق ونملك الحقيقة المطلقة.. اسمعوا منا فقط لأننا نحن الصح - هؤلاء الإرهابيون لا نعتبرهم من مجاهدي إفغانستان( زلة لسان غير مقصودة)- لا يمكن أن نعتبر كل اليهود والنصارى كفار لأنه يوجد بينهم من هو فهمان ومتكلم ويجب أن نستمع له.. فلسطين شيء آخر.. فلسطين ضمير العالم، وليس له علاقة بموضوعنا- يجب أن تعامل مع القضايا الكبرى بترو مثل قضية أفغانستان وفلسطين. ومثل أي مظهر حضاري يرتطمون به يفاجأ الخليجيون عموما والسعوديون خصوصا بالحوار المتمدن متأخرين جدا.. ويكتشفون الحوار الحضاري .. فمن القراءة السريعة السابقة يمكننا استشفاف ما يريده هذا البرنامج( إقناع العالم بديموقراطيتنا ولكن على طريقتنا الخاصة) فالحوار السابق هو نموذج لحوار الساحة العربية عدا فروق بسيطة جدا، تظهر واضحة بين بلد وآخر تبعا لمزاج السلطة.. سياسية كانت أو دينية والموضوع يخص السلطة الدينية وبالتحديد السلطة السعودية، فالنقاش الديني هو نقاش عقيم، ولا يمكن أن يصنع حوارا موضوعيا لأنه محكوم سلفا بالتبعية الدينية أيا يكن هذا الدين.. إسلاميا .. مسيحيا.. وثنيا... يهوديا ولا يمكن لأي كتاب مقدس أن يطرح على طاولة النقاش لأنه منزل.. ووالإرهاب ما هو إلا نتيجة حتمية لدخول الدين وجلوسه على طاولة السياسة إلى جانب العلم والفكر والحضارة والتمدن، ألم يدمر جورج بوش العراق بسبب نداءات ربانية تدعوه إلى نشر الديمقراطية؟! ألم تبح التوراة لليهود بذبح كل من يقف في طريقهم؟! ألم يفرز الإسلام أشد المغالين في الإرهاب ؟! ومن خلال الحوار السابق ألا نجد أن غرابة في طريقة الطرح وطريقة العرض وطرح الحلول: 1- المسلمون عموما والخليجيون خصوصا والسعوديون عل الأخص هم أحسن خلق الله لأنهم يملكون الحقيقة المطلقة( هذا ما قاله حرفيا الداعية الديني في تلك الحلقة) المثل السابق يساق ويضاف إلى سيل القناعات الهشة لجميع المتدينين دون استثناء، فالمسلمون خير أمة أخرجت للناس، والمسيحيون هم أبناء الله، واليهود شعب الله المختار.. ما الذي يبقى إذا ؟! لا يبقى سوى أن نتأقلم ضمن حيز هذه القناعات وندافع عنها كي نضمن البقاء. 2- وحتى نضمن البقاء والتميز عن الجنس البشري لا بد من إيجاد معادلات تمكننا من القوة فالبقاء للأقوى، وهنا الطامة الكبرى، حيث نقع ضحايا صراع أبدي بين الخير والشر، بين تعاليم الله المثالية، والتفنن في خلق البدع الشخصية والفتاوى الفردية كي نحافظ على أنانيتنا. ولا بد هنا من اللجوء للحديد والنار، وبعد سنوات ليست بالقليلة سيوافينا كتاب غينيس عن أفظع جريمة بشرية في التاريخ، وسنفاجأ بكمية القذائف والقنابل والصواريخ التي انهارت فوق العراق.. أهذه تعاليم المسيح؟ وسنرى كمية الدم التي سفكها اليهود على مر التاريخ. وهل هذه أيضا من سفر موسى، وسنعرف مقدار الكبت الهائل وتكفير الأمم الأخرى من قبل المسلمين ( فهل هذه من تعاليم القرآن؟) 3- من خلال النقاش السابق نجد أن المشكلة وأسبابها واضحة، ( فالإرهابي إنسان منبوذ ليس لديه فرصة عمل ولا أحد يستمع له، ويعاني من الكبت، ويريد الجهاد فلا تسمح له السلطة بذلك فينقلب عليها، والإرهابي لديه فهم خاص للحياة ويريد طرحه فلا يجد المناخ الملائم، كما أن الخطاب الديني متشدد بشكل كبير قاد إلى التشدد ثم الغلو ثم التطرف ثم الإرهاب( هذا ما عبر عنه الصحفي المتنور) كما أن الإرهابي يرى سلبيات العالم العربي، وغالبا هو إنسان جاهل فهم تعاليم الدين بشكل خاطئ، وقد يكون مدعوما من الموساد حسب رأي أحدهم، كما أن الإرهابي لا ينتمي لمجاهدي أفغانستان!!! كما لاحظنا السؤال يحمل الجواب سلفا، والطرح يولد حل المشكلة.. هكذا بكل بساطة كان الحل، يجب أن نستمع لهؤلاء الإرهابيون ونحترم مشاعرهم وآراءهم، ويجب تعديل الخطاب الديني، وعلينا أن نتعلم لغة وحضارة الآخرين، وأن ننفتح على بقية الشعوب.. ( مع ملاحظة أن قضية فلسطين هي ضمير العالم وليست من نقاط نقاشنا!! كما أننا أحسن أمة لاننا نعرف ونمتلك الحقيقة، مع التأكيد على أن هؤلاء الإرهابيون ليسوا من مجاهدي أفغانستان!! الطرح والنقاش بدا ناقصا، ولا يمكن لنظام عربي عموما وخليجي خصوصا وسعودي على الأخص الإحاطة به بشكل علماني وسليم، لعدة أسباب - 1- التناقض الفكري، وليس العملي، بخصوص النظرة الاستعلائية ( مع أنها آتية من الدرك الأسفل) للحضارات الأخرى، وهي تكفير كل الأمم غير الإسلامية، فمن الغرابة تكفير الأمة الأوربية والأمريكية، للوقوع في تناقض رهيب، فمن غير المنطق تكفير أمة حضارية كأوربا وأمريكا في ذات الوقت حيث تتعايش فيه دولة مثل السعودية مع ذات الحضارتين الكافرتين!، زيادة على قدرة هذه الحضارتين على التحكم المنقطع النظير في أمور مملكة غنية كالسعودية وإخضاعها شاءت أم أبت لأهوائها السياسية والاقتصادية ، بخنوع تام ورضا كامل، وهذا ما يسبب الفصام الداخلي في أعماق السعوديين وعدم قدرتهم، أو شللهم بالأحرى أمام توضيح الحقيقة وهي( الوقوع بين مطرقة الغرب الكافر والغني بمظاهر الرفاهية والترف وسندان الحكومة المستبدة القابع إلى الأبد تحت ظل العباءة ( العباءة بالمعنى المجازي) فلا يمكن لوسط إنطوائي مقتنع بذاته أن يصنع هامشا حضاريا. 3- من المحال تقدم مجتمع خطوة واحدة يزدري المرأة وينظر إليها باحتقار، وهي نصف المجتمع، ومع الضغوطات الأمريكية على المملكة لتغيير هذه النظرة ، فقد أصدرت السعودية قرارا يسمح فيه للمرأة بالمشاركة في منتدى جدّة الاقتصادي بالصوت فقط، أي إبداء الرأي من وراء الكواليس!! كما يسمح للنساء الأمريكيات بحضور هذا المنتدى مع الرجال!! وفي المقابل أصدر قرارا آخر يجبر العريس على دفع 1300ريال سعودي كضمانة، حتى لا يختلط الرجال بالنساء خلا ل حفل العرس!! 4- الصراع الداخلي والمد والجزر بين التعاليم الدينية الصارمة والدعوة الوهابية من جهة ومظاهر الحضارة والتقدم وازدياد بهرجة الحياة( المحرمة برأيهم) وتفشي أساليب الترف من جهة أخرى، وهذا يدعو إلى تماش حذر وخجول مع تيارات الحضارة، ومن هنا تولدت رؤيا هشة وخجولة ومحاولة مصالحة مريضة مع الذات من جهة والتقدم التكنولوجي من جهة أخرى( فلا مانع أن يتابع الرجال أفلاما جنسية على الفضائيات ولكن ذلك محرم على النساء، ولكن خجلا يمكنهن متابعة لقطات فيديو كليب لا يقل عهرا عن أفلام الجنس، ومن الكفر أن تسبح المرأة في البحر بالمايوه، ولكن لا مانع من الاستحمام البحر بالدشداشة والعباءة والحجاب !! 5- الخوف الشديد من بطش السلطة الحاكمة، إذا صار إلى تسليط الضوء على الحقيقة من قبل المتنورين ، والعلمانيين، ولهذا يفضي برنامج الكلمة لك إلى الخواء، بسبب عجزه التام عن الدخول في التفاصيل الصغيرة إذ يكفي القول بأن سبب الإرهاب هو الوضع الاقتصادي السيء، وعدم وجود فرص عمل، والكبت، وعدم القدرة على الجهاد ضد الكفرة، واحتقار الإنسان والمرأة والليل الحالك، والجو الأغبر، والغيوم السديمية والجرذان، والدوشات والفضائيات والراقصات والملاهي الليلية وتجارة المخدرات والعهر بالعقول والفساد والخواء الروحي وتحكم الأمريكيين بحكوماتنا والخنوع والذل والخطاب الديني المتطرف والجنة الموعودة والنار الموؤودة.. ووووو. ولكن ماهو سبب كل هذا؟! هنا يأتي دور المثل الأعلى والوجه الطيب المتألم عبدالله بن محمد الفوزانو( فرملة) الدكتور نصر مشعل- سوريا [email protected] السعوديون والحوار المتمدن الخجول لا يمكن لأي نهج ديني أن يصنع حوارا متمدنا.. هذا ما أثبته التاريخ في الوسط يقف الأستاذ عبدالله بن محمد الفوزان بجلابيته البيضاء، وأمامه مجموعة من الشبان الصغار يرتدون ذات الزي، وفي الخلف يجلس الداعية الإسلامي، والكاتب الصحفي، للرد على آراء واقتراحات الفوزان محاولا التقاط أطراف النقاش الحضاري، في برنامجه( الكلمة لك) على شاشة الmbc .. يطرح موضوع الحلقة عن الإرهاب بطريقة بسيطة جدا وبدائية، أشبه بحكايا ألف ليلة وليلة ( كان يا ما كان في قديم الزمان) وتذكرنا بمعلمتنا وهي تمطرنا بوابل نصائحها الأمومية الرقيقة( كيف يجلس الشطار؟ هل يجوز أن نرمي الأوراق في الشارع؟ألا يغضب الله حين نعصي أمنا يا حبيباتي؟ أليس من العيب سرقة قلم رفيقنا؟) ..طبعا والرد دوما هو :كلا ( وممطوطة) ودون أن تدري بوجود طالب فقير لا يملك ثمن قلم بينما تغص حقيبة صديقه بالأقلام والبسكويت المطلي بالشوكولا! بهذه الطريقة المهذبة جدا يبدأ الفوزان مناقشته المتمدنة( المتأخرة نصف قرن عن ركب الحضارة.. كما الحال في كل الدول العربية) بملامح موشاة بالحنان تارة والتأثر تارة أخرى، ولهجة تنز طيبا وأسى، وحركات افتعالية بين كر باتجاه جمهوره الممثل بالشبان الصغار وفر باتجاه مضيفيه المتنورين، محاولا استجداء العواطف أكثر منها محاكمة منطقية وجدلية، أو اعتصار أجوبة هو يريدها، ويمكن تلخيص طرحه حول الإرهاب بالنقاط التالية وكما نطقها حرفيا: - بربكم أليس من الحرام أن يقتل هؤلاء الأرهابيون أطفالهم وأبناءهم وجيرانهم؟! - دين الإسلام يحرم قتل قطة.. قطة صغيرة( مع استشهاده بحادثة المرأة التي حبست قطتها فأدخلها الله النار لأنها لا هي أطعمتها ولا هي أطلقتها تأكل من خشاش الأرض) - لماذا يورط هؤلاء الإرهابيون بلادهم في صراعات لا ناقة لهم فيها ولا جمل؟! كيف.. كيف يمكن لنا أن نعيد هؤلاء المجرمون إلى فصيل الإسلام؟ هذا هو نموذج عن جميع الطروحات والقضايا التي يطرحها معد البرنامج، بطريقة تربوية ساذجة، فيما تسمر عيون ضيوفه ترقبا للإجابة الخاطفة والسريعة، حيث يملك هو القدرة على استشفاف ما يريد وبتر الرأي الآخر في لحظة حرجة لا يريد منها تسمية الأمور بمسبباتها.. بل هكذا بطريقية غيمية سديمية لا تفصح لا عن سبب المشكلة ولا عن طريقة مناقشتها وحلها.. وهذا أشبه بديمقراطية الزعامات العربية عندما يوهمون الآخرين بديموقراطيتهم) مصرحين للعالم بأنهم يسمحون لشعوبهم بممارسة كرة القدم! ويسمحون لهم بالصلاة الجماعية أيام الآحاد والجمع! وشراء ما يريدون ! أليست هذه الديموقراطية بعينها؟؟! ويبدأ ضيوفه الباحثين عن الحقيقة الادلاء بدلائهم بطريقة أقرب لتعاليم تلقنوها في طفولتهم، وبصيغة ركيكة، ولو أن بعضهم يعزف أحيانا على الوتر الحقيقي، ويقترب من الهدف وعندها يفرمله عبدالله الفوزان بطريقة لا تخلو من الدهاء رغم تصنع ملامح الطيبة ويتوجه للداعية والصحفي .. طبعا لإنقاذ الفكرة من الرقابة الدينية والسلطوية أكثر منها لإثراء النقاش كي لا يخرج البرنامج عن سراط التقاليد، وسأورد بعض تعليقات وأجوبة ضيوفه الصغار الأكثر صدقا بسبب عفويتها وأنقلها بحرفية وأمانة مع لحظة مقاطعة الفوزان : - الإرهابي مكبوت بالبطولة والجهاد.. فلا يستطيع في بلده أن يحارب شارون أو أمريكا، فيفجر بلده( فرملة) - صلحوا ما علمتمونا إياه فمثلا قلتم لنا إن أبا الطيب المتنبي هو إنسان كافر وسيء، ولكني شاهدت ندوة عنه.. إنه جيد ولقد أحببته، وليس كما تعلمناه( فرملة) - لهم أسبابهم السياسية والاقتصادية وجذورهم الفكرية.. وهذه أسباب لا علاقة لأمريكا وإسرائيل بها- هؤلاء الإرهابيون يرون سلبيات العالم العربي ولا يرون إيجابياته! - لا أحد يستمع لهم وليس لديهم فرص عمل( فرملة) - إنهم إرهابيون ولكن بحسن نية- الحل هو أن نتعلم لغات الآخرين فأنا مثلا أشعر باحتقار الأوربيين لي لمجرد أنني خليجي أو أطلق لحيتي..- نحن تعلمنا أن هذا حلال وهذا حرام ولكن لا نعرف ليش هذا حلال، وليش هذا حرام! وبعد الفرملة يتوجه الفوزان يزدرد مفرداته بلهجته المحلية إلى الصحفي والداعية فتأتي تعليقاتهم شحيحة ممزوجة بتربية ضاربة أطنابها في التعاليم الدينية، مستشهدين بأقوال وآيات قرآنية لا علاقة لها بالموضوع: - هذا غير صحيح فأنا سافرت إلى فرنسا وقوبلت بكل احترام مع أنني أطلق لحيتي.. لا ..لا اللحية ليست معيار- نحن أحسن الخلق ونملك الحقيقة المطلقة.. اسمعوا منا فقط لأننا نحن الصح - هؤلاء الإرهابيون لا نعتبرهم من مجاهدي إفغانستان( زلة لسان غير مقصودة)- لا يمكن أن نعتبر كل اليهود والنصارى كفار لأنه يوجد بينهم من هو فهمان ومتكلم ويجب أن نستمع له.. فلسطين شيء آخر.. فلسطين ضمير العالم، وليس له علاقة بموضوعنا- يجب أن تعامل مع القضايا الكبرى بترو مثل قضية أفغانستان وفلسطين. ومثل أي مظهر حضاري يرتطمون به يفاجأ الخليجيون عموما والسعوديون خصوصا بالحوار المتمدن متأخرين جدا.. ويكتشفون الحوار الحضاري .. فمن القراءة السريعة السابقة يمكننا استشفاف ما يريده هذا البرنامج( إقناع العالم بديموقراطيتنا ولكن على طريقتنا الخاصة) فالحوار السابق هو نموذج لحوار الساحة العربية عدا فروق بسيطة جدا، تظهر واضحة بين بلد وآخر تبعا لمزاج السلطة.. سياسية كانت أو دينية والموضوع يخص السلطة الدينية وبالتحديد السلطة السعودية، فالنقاش الديني هو نقاش عقيم، ولا يمكن أن يصنع حوارا موضوعيا لأنه محكوم سلفا بالتبعية الدينية أيا يكن هذا الدين.. إسلاميا .. مسيحيا.. وثنيا... يهوديا ولا يمكن لأي كتاب مقدس أن يطرح على طاولة النقاش لأنه منزل.. ووالإرهاب ما هو إلا نتيجة حتمية لدخول الدين وجلوسه على طاولة السياسة إلى جانب العلم والفكر والحضارة والتمدن، ألم يدمر جورج بوش العراق بسبب نداءات ربانية تدعوه إلى نشر الديمقراطية؟! ألم تبح التوراة لليهود بذبح كل من يقف في طريقهم؟! ألم يفرز الإسلام أشد المغالين في الإرهاب ؟! ومن خلال الحوار السابق ألا نجد أن غرابة في طريقة الطرح وطريقة العرض وطرح الحلول: 1- المسلمون عموما والخليجيون خصوصا والسعوديون عل الأخص هم أحسن خلق الله لأنهم يملكون الحقيقة المطلقة( هذا ما قاله حرفيا الداعية الديني في تلك الحلقة) المثل السابق يساق ويضاف إلى سيل القناعات الهشة لجميع المتدينين دون استثناء، فالمسلمون خير أمة أخرجت للناس، والمسيحيون هم أبناء الله، واليهود شعب الله المختار.. ما الذي يبقى إذا ؟! لا يبقى سوى أن نتأقلم ضمن حيز هذه القناعات وندافع عنها كي نضمن البقاء. 2- وحتى نضمن البقاء والتميز عن الجنس البشري لا بد من إيجاد معادلات تمكننا من القوة فالبقاء للأقوى، وهنا الطامة الكبرى، حيث نقع ضحايا صراع أبدي بين الخير والشر، بين تعاليم الله المثالية، والتفنن في خلق البدع الشخصية والفتاوى الفردية كي نحافظ على أنانيتنا. ولا بد هنا من اللجوء للحديد والنار، وبعد سنوات ليست بالقليلة سيوافينا كتاب غينيس عن أفظع جريمة بشرية في التاريخ، وسنفاجأ بكمية القذائف والقنابل والصواريخ التي انهارت فوق العراق.. أهذه تعاليم المسيح؟ وسنرى كمية الدم التي سفكها اليهود على مر التاريخ. وهل هذه أيضا من سفر موسى، وسنعرف مقدار الكبت الهائل وتكفير الأمم الأخرى من قبل المسلمين ( فهل هذه من تعاليم القرآن؟) 3- من خلال النقاش السابق نجد أن المشكلة وأسبابها واضحة، ( فالإرهابي إنسان منبوذ ليس لديه فرصة عمل ولا أحد يستمع له، ويعاني من الكبت، ويريد الجهاد فلا تسمح له السلطة بذلك فينقلب عليها، والإرهابي لديه فهم خاص للحياة ويريد طرحه فلا يجد المناخ الملائم، كما أن الخطاب الديني متشدد بشكل كبير قاد إلى التشدد ثم الغلو ثم التطرف ثم الإرهاب( هذا ما عبر عنه الصحفي المتنور) كما أن الإرهابي يرى سلبيات العالم العربي، وغالبا هو إنسان جاهل فهم تعاليم الدين بشكل خاطئ، وقد يكون مدعوما من الموساد حسب رأي أحدهم، كما أن الإرهابي لا ينتمي لمجاهدي أفغانستان!!! كما لاحظنا السؤال يحمل الجواب سلفا، والطرح يولد حل المشكلة.. هكذا بكل بساطة كان الحل، يجب أن نستمع لهؤلاء الإرهابيون ونحترم مشاعرهم وآراءهم، ويجب تعديل الخطاب الديني، وعلينا أن نتعلم لغة وحضارة الآخرين، وأن ننفتح على بقية الشعوب.. ( مع ملاحظة أن قضية فلسطين هي ضمير العالم وليست من نقاط نقاشنا!! كما أننا أحسن أمة لاننا نعرف ونمتلك الحقيقة، مع التأكيد على أن هؤلاء الإرهابيون ليسوا من مجاهدي أفغانستان!! الطرح والنقاش بدا ناقصا، ولا يمكن لنظام عربي عموما وخليجي خصوصا وسعودي على الأخص الإحاطة به بشكل علماني وسليم، لعدة أسباب - 1- التناقض الفكري، وليس العملي، بخصوص النظرة الاستعلائية ( مع أنها آتية من الدرك الأسفل) للحضارات الأخرى، وهي تكفير كل الأمم غير الإسلامية، فمن الغرابة تكفير الأمة الأوربية والأمريكية، للوقوع في تناقض رهيب، فمن غير المنطق تكفير أمة حضارية كأوربا وأمريكا في ذات الوقت حيث تتعايش فيه دولة مثل السعودية مع ذات الحضارتين الكافرتين!، زيادة على قدرة هذه الحضارتين على التحكم المنقطع النظير في أمور مملكة غنية كالسعودية وإخضاعها شاءت أم أبت لأهوائها السياسية والاقتصادية ، بخنوع تام ورضا كامل، وهذا ما يسبب الفصام الداخلي في أعماق السعوديين وعدم قدرتهم، أو شللهم بالأحرى أمام توضيح الحقيقة وهي( الوقوع بين مطرقة الغرب الكافر والغني بمظاهر الرفاهية والترف وسندان الحكومة المستبدة القابع إلى الأبد تحت ظل العباءة ( العباءة بالمعنى المجازي) فلا يمكن لوسط إنطوائي مقتنع بذاته أن يصنع هامشا حضاريا. 3- من المحال تقدم مجتمع خطوة واحدة يزدري المرأة وينظر إليها باحتقار، وهي نصف المجتمع، ومع الضغوطات الأمريكية على المملكة لتغيير هذه النظرة ، فقد أصدرت السعودية قرارا يسمح فيه للمرأة بالمشاركة في منتدى جدّة الاقتصادي بالصوت فقط، أي إبداء الرأي من وراء الكواليس!! كما يسمح للنساء الأمريكيات بحضور هذا المنتدى مع الرجال!! وفي المقابل أصدر قرارا آخر يجبر العريس على دفع 1300ريال سعودي كضمانة، حتى لا يختلط الرجال بالنساء خلا ل حفل العرس!! 4- الصراع الداخلي والمد والجزر بين التعاليم الدينية الصارمة والدعوة الوهابية من جهة ومظاهر الحضارة والتقدم وازدياد بهرجة الحياة( المحرمة برأيهم) وتفشي أساليب الترف من جهة أخرى، وهذا يدعو إلى تماش حذر وخجول مع تيارات الحضارة، ومن هنا تولدت رؤيا هشة وخجولة ومحاولة مصالحة مريضة مع الذات من جهة والتقدم التكنولوجي من جهة أخرى( فلا مانع أن يتابع الرجال أفلاما جنسية على الفضائيات ولكن ذلك محرم على النساء، ولكن خجلا يمكنهن متابعة لقطات فيديو كليب لا يقل عهرا عن أفلام الجنس، ومن الكفر أن تسبح المرأة في البحر بالمايوه، ولكن لا مانع من الاستحمام البحر بالدشداشة والعباءة والحجاب !! 5- الخوف الشديد من بطش السلطة الحاكمة، إذا صار إلى تسليط الضوء على الحقيقة من قبل المتنورين ، والعلمانيين، ولهذا يفضي برنامج الكلمة لك إلى الخواء، بسبب عجزه التام عن الدخول في التفاصيل الصغيرة إذ يكفي القول بأن سبب الإرهاب هو الوضع الاقتصادي السيء، وعدم وجود فرص عمل، والكبت، وعدم القدرة على الجهاد ضد الكفرة، واحتقار الإنسان والمرأة والليل الحالك، والجو الأغبر، والغيوم السديمية والجرذان، والدوشات والفضائيات والراقصات والملاهي الليلية وتجارة المخدرات والعهر بالعقول والفساد والخواء الروحي وتحكم الأمريكيين بحكوماتنا والخنوع والذل والخطاب الديني المتطرف والجنة الموعودة والنار الموؤودة.. ووووو. ولكن ماهو سبب كل هذا؟! هنا يأتي دور المثل الأعلى والوجه الطيب المتألم عبدالله بن محمد الفوزانو( فرملة) الدكتور نصر مشعل- سوريا [email protected]
#نصر_مشعل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الكرملين يكشف السبب وراء إطلاق الصاروخ الباليستي الجديد على
...
-
روسيا تقصف أوكرانيا بصاروخ MIRV لأول مرة.. تحذير -نووي- لأمر
...
-
هل تجاوز بوعلام صنصال الخطوط الحمر للجزائر؟
-
الشرطة البرازيلية توجه اتهاما من -العيار الثقيل- ضد جايير بو
...
-
دوار الحركة: ما هي أسبابه؟ وكيف يمكن علاجه؟
-
الناتو يبحث قصف روسيا لأوكرانيا بصاروخ فرط صوتي قادر على حمل
...
-
عرض جوي مذهل أثناء حفل افتتاح معرض للأسلحة في كوريا الشمالية
...
-
إخلاء مطار بريطاني بعد ساعات من العثور على -طرد مشبوه- خارج
...
-
ما مواصفات الأسلاف السوفيتية لصاروخ -أوريشنيك- الباليستي الر
...
-
خطأ شائع في محلات الحلاقة قد يصيب الرجال بعدوى فطرية
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|