يوسف ميرة
الحوار المتمدن-العدد: 3848 - 2012 / 9 / 12 - 17:11
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
في الأمس اتخذت أحد الجماعات السلفية من الفيلم المسيء لمحمد وسيلة لمهاجمة القنصلية الأمريكية وقتل من فيها، وكتابة عبارة "الله أكبر" على باب الجدران التي هدمت بالكامل واعتبروا هذه الجريمة جهادا من أجل الدفاع عن محمد وعن العقيدة، كيف يمكن لمن يدعي أن دينه دين التسامح والتعايش، أن يرد على فيلم مصور بارتكاب جريمة؟ مع العلم أن الفيلم في الأصل هي فكرة يحملها المخرج وقام بتصويرها، وبالتالي فإنه من الواجب أن نرد على خطأ الفكرة بالحجة لا بارتكاب الجرائم.
بهذه التصرفات لم يتبث هؤلاء صحة دينهم وإنما أثبتوا للمخرج ولباقي العالم الغير المسلم بالطبع، بأن هذا الأخير على صواب وأن الإسلام يحرض على قتل غير المسلمين وبالتالي من حقهم اعتبار المسلمين إرهابيين.
لكن ما لم أفهمه هو كون هؤلاء تحركوا للرد على تصرفات قام بها مخرج فيلم واعتبروها إهانة للإسلام وللعروبة، ولم يتحركوا حينما تقوم إسرائيل مثلا بقصف المسلمين أو حينما يموت المسلمين في بورما أو حينما تقوم بعض الجهات باستعمال الدين ليس فقط من جهة محمد بل من جهة ما هو أكبر منه قداسة وهو الله في استغلال البشرية، وهذا ما يتبث بأن هؤلاء يقدسون الأموات فقط من أجل الأموات وليس من أجل الأحياء، لا يهمهم أن يموت المسلمين من طرف الأمريكان سواء بالحرب أو بالتجويع أو من طرف المسلمين أو بالأحرى المستغلين للدين الذين يسيطرون على عقول الناس، ولكن يهمهم الأمر حين يقوم أحد من هؤلاء القتلة بالحديث عن الإسلام أو بتشويه سمعة أحد مقدساته.
وهذا ما يفسر الإشكالية المطروحة عند المسلمين والعرب بصفة عامة والمتعلقة بانعدام الانسجام بين الواقع المادي الذي يعيشه هؤلاء وبين أفكارهم الرمزية، فهم يعتبرون أنفسهم أفضل الشعوب بفضل تاريخهم الرمزي، لكن في الواقع وهو مالا يتنازع فيه اثنين أنهم أسوء الشعوب معيشة وتنظيما.
#يوسف_ميرة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟