|
أنؤمن ببعض الكتاب ونكفر بالبعض الاخر؟
احمد داؤود
الحوار المتمدن-العدد: 3847 - 2012 / 9 / 11 - 15:24
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تتمسك كافة الكتب المقدسة بصحة مارود فيها،بل وتصبغ علي ذاتها المشروعية وكافة صفات الخير ،بينما تنظر بعين الشك والتوجس الي ما يخص الاخر المختلف ،وعلي الرغم من انها تؤكد بانها منزلة من اله الكون ،وتحث اتباعها الي عبادة الخالق الواحد ،الا انها تختلف في ماهية تلك العبادة ،كما انها تختلف في محتوي بعض الحقائق التي تذكرها. فان كان القران يشير الي ان والد مريم العزراء هو عمران ويقول في الاية الثانية عشر من سورة التحريم " مريم ابنت عمران التي احصنت فرجها " . يذهب الانجيل خلاف ذلك ويؤكد بانه الياقيم حسب ما ورد في كتاب تعليقات علي القران . وبينما تعلن التوراة بان ابنة فرعون هي من اخذت النبي موسي من النهر ، يرفض الاسلام ذلك ،ويقول بانهم عائلته ،ولئن ذكر التوراة موت احد الفراعنة اثناء مكوث موسي بارض مدين حسب ما ورد في كتاب الدكتور مورس بوكاي" القران الكريم،التوراة ،الانجيل والعلم ...دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة"و اشار الي ان موسي كان يبلغ من العمر ثمانين عاما ،واكد بانه اصطحب معه مايعادل ستمائة الف رجل باسرهم ،فان القران لا يشير الي ذلك . واذا ما اثبت التوراة بان المكان الذي جنحت اليه سفينة النبي نوح في مكان ما نحو جبل "ارارات" يدحض القران ذلك ويعلن بانه "الجودي". وبينما يطلق القران علي احد ابني ادم "قابيل" تشير التوراة الي انه "قايين" وفيما يبين القران بان هارون هو شقيق مريم العذراء ،فان الانجيل الذي يعتبر رسالة المسيح لايذكر ذلك ،بل وينحو الي الفصل بينهما . وعلي الرغم من ان القران يقول في سورة مريم الاية 23 ان المسيح ولد تحت نخلة ،ويشير الي انه تكلم في المهد "ال عمران 46 والمائدة 110 ومريم 29" وانه خلق من الطين طيرا وهو صبي " ال عمران 49 والمائدة 110 " الا ان الانجيل يذهب خلاف ذلك حسب ما ورد في كتاب "تعلقيات علي القران" حيث يؤكد بانه ولد في مزود،كما ان اول معجزة اجراها المسيح كانت في عرس قانا الجليل وهو في الثلاثين من عمره وليس طفلا حسب ما يؤكد القران. ويعزي القران ايضا ما فعله جدعون الي طالوت في الاية 249 من سورة البقرة"فلما فصل طالوت بالجنود قال ان الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني.." في تناقض صريح مع التوراة التي تذهب خلاف ذلك . ولكن الاختلاف لاينتهي عند ذلك الحد فقط، بل اننا نجد الاختلاف حتي داخل الكتاب الواحد،ففي الوقت الذي توجد بعض النصوص التي تحث المؤمنين الي فعل امرما تاتي نصوص اخري وتناقض ذلك الامر،ففي القران علي سبيل المثال بعض النصوص التي تحث المؤمنين للاعتراف بالكتب السماوية الاخري وتدعوهم للايمان بها وتعلن " انا انزلنا التوراة فيها هدي ونور" "واتيناه الانجيل فيها هدي ونور" وتشير الي " ان الذين امنوا والذين هادوا والنصاري والصابيئن من امن بالله واليوم الاخر وعمل صالحا فلهم اجرهم عند ربهم ولاخوف عليهم ولاهم يحزنون" وتؤكد بانه "لانفرق بين احدا من رسله " بيد ان هنالك نصوص اخري تذهب خلاف ذلك وتعلن بان " الدين عند الله الاسلام " ، وتبين انه " من يبتغي غير الاسلام دينا فلم يقبل منه " وتحث الي قتال اصحاب المعتقدات الاخري وتخييرهم مابين الاسلام والجزية والحرب وتؤكد" قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ" وتشدد علي ضروة عدم مولاتهم وتوضح " ومن يتولهم فانه منهم". وبينما تشير بعض النصوص الي ان الله خلق السموات والارض في ستة ايام وتؤكد علي لسان الاله "ولقد خلقنا السموات والارض ومابينهما في ستة ايام ومامسنا من لغوب" الا ان هنالك نصوص اخري تذهب خلاف ذلك ،وتبين انه خلق السموات والارض في ثماني ايام ، حيث تقول تلك النصوص"قل ائنكم لتكفرون بالذي خلق الارض في يومين وتجعلون له اندادا.وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها اقواتها في اربعة ايام سواء للسائلين . ثم استوي الي السماء وهي دخانٌ فقال لها وللارض ائتيا طوعا وكرها قالتا اتينا طائعين .فقضاهن سبع سموات في يومين واوحي في كل سماء امرها وزيناالسماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم " حيث تشير هذه الاية الي انه خلقت السموات والارض في يومين ،وجعل فيها رواسي وقدر فيها اقواتها في اربعة ايام ،وقضاهن سبع سموات في يومين ،واذا ما جمعت هذه الايام تصبح ثمانية وهي تختلف مع النص القائل بان السموات والارض ومابينهما خلقتا في ستة ايام . وفيما يشير انجيل لوقا الي ان الله رفع المسيح الي السماء واكد في الاصحاح الرابع وعشرون "وبينما هو يباركهم ،تركهم ورفع الي السماء" فان انجيلي يوحنا ومتي لايشيران الي ذلك. ولئن اشارت الاناجيل الثلاثة "لوقا ،متي ،مرقس" الي رواية تاسيس القربان المقدس فان انجيل يوحنا لايذكر ذلك حسب ما اورده مورس بوكاي في كتابه السابق. ويثير مثل هذا الاختلاف الذي تضج به الكتب المقدسة عدة تساؤلات،كما انه قد يدخل الانسان في دوامة الكفر والالحاد ،ورغم ان البعض يرجع ذلك لعدة اعتبارات منها وجود عملية النسخ الا ان مثل تلك الحجج فشلت في كشف القناع عن ذلك الاختلاف. واذا ما سلمنا بان الكتب السماوية مرسلة من اله الكون سنجد انفسنا محاصرين بالسؤال "كيف يعقل ان يناقض الاله ذاته فيمنح بعض رسله اشياء وياتي في مكان اخر لينفي ذلك" ومثل هذا الزعم يجعل من الاله متناقضا وهو مالايتصوره العقل. اما اذا قلنا بانها ليست مرسلة من ذات الاله او شككنا في صحتها سنصطدم بالمتحدثين باسم الاله والذين يتهمونا بالكفر والزندقة ويطالبون باراقة دمائنا..لذلك سنوجه لهم هذا السؤال " من نصدق ..الانجيل والتوراة ام القران ...وهل نؤمن ببعض الكتاب ونكفر بالبعض الاخر" .
#احمد_داؤود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماوراء رفض العلمانية ؟
-
اله وانسان ام الهان وانسان
-
هل يصلح ماجاء في الكتب المقدسة بان يكون دليلا لاقناع الاخرين
...
-
الجماعات الدينية ...الاهتمام بالمظاهر الخارجية للدين وتجاهل
...
-
معا من اجل تحرير المراة
المزيد.....
-
الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض
...
-
من هم المسيحيون الذين يؤيدون ترامب -المخلص-؟
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرتا اعتقال نتنياهو وجال
...
-
الأميرة المسلمة الهندية -المتمردة- التي اصطادت النمور وقادت
...
-
تأسست قبل 250 عاماً.. -حباد- اليهودية من النشأة حتى مقتل حاخ
...
-
استقبل تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024 بجودة عالية
-
82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
-
82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
-
1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
-
أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|